البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

حول كورونا

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. كل شيء بقضاء الله وقدره .
  2. المقصود ب \"كورونا\" وما أثير حوله من الشائعات .
  3. معالم التعامل الإيماني مع الأزمات .
  4. المقصود بالطب الوقائي في الشريعة الإسلامية وبعض أصوله .
  5. الطب العلاجي في الشريعة الإسلامية وتطبيقاته .
  6. الحذر من الانسياق خلف الشائعات .

اقتباس

أثيرت حوله الشائعات، حتى أحدثت تلك الشائعات في نفوس كثير من الناس الوساوس، حتى شكا لي أحد الأطباء من كثرة المراجعين له على عيادته لأتفه الأسباب؛ خوفا من فيروس "كورونا". وتبين أن الكثير من أفراد الأمة يعانون من هاجس الهلع، ألا نتقي؛ ما صح في مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم". ولن تنزل السكينة على القلب، حتى ...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

لا شيء يطمئن القلب حين الملمات، والأخبار المفجعة؛ مثل ذكر الله -تعالى-، والتوكل عليه، والإيمان بقضائه وقدره، وقد قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [التغابن: 11].

وقال تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[الحديد: 22].

وفي قوله سبحانه: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)[التغابن: 11].

يهدي قلبه للسكينة والرضا دون الفزع والسخط.

 قال عكرمة: "(وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) أي يسكن ويطمئن قلبه لقضاء الله وحكمه".

فالأمور كلها بيد الله، وطوع تدبيره وتسخيره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا عاصم إلا الله: (قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً)[الأحزاب: 17].

يقول سبحانه: (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)[الزمر: 38].

وقال أيضا سبحانه: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[فاطر: 2].

وكما علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: في سنن الترمذي، قال: "كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما، فقال: "يَا غُلَامُ! إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".

وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-:  قال صلى الله عليه وسلم: " كتب الله -تعالى- مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة".

وفي سنن أبي داود من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال ربي ماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة".

وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-:  عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك".

هذه النصوص تعنى بضبط القلب، حين الخوف والفزع، وتجعله يلجأ إلى خالقه، ويطمئن إلى قضاءه.

معاشر الإخوة: "كورونا" كلمة لاتينية تعني التاج (Crown) سمي الفيروس بهذا الاسم؛ لأن هذا الفيروس، يأخذ شكل التاج.

هكذا يظهر في المجهر الالكتروني، وهو فيروس أحدث ضجة كبيرة في البلاد، وجلت منه القلوب، وطارت بأخباره الركبان، وتناقلها الناس في المجالس، في وسائل التواصل الاجتماعي.

أثيرت حوله الشائعات، حتى أحدثت تلك الشائعات في نفوس كثير من الناس الوساوس، حتى شكا لي أحد الأطباء من كثرة المراجعين له على عيادته لأتفه الأسباب؛ خوفا من فيروس "كورونا".

وتبين أن الكثير من أفراد الأمة يعانون من هاجس الهلع، ألا نتقي؛ ما صح في مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم".

ولن تنزل السكينة على القلب، حتى يدع المبالغات، ويذكر الله الخالق البارئ: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ)[الفتح: 4].

فنحن -أيها الإخوة-: عندما نتعامل مع أي أزمة صحية وبائية، أو أزمة مالية، ينبغي أن يكون تعاملنا معها إيمانيا في المقام الأول، وتقنيا في المقام الثاني.

أما الأول، فينبغي -كما تقدم- الثقة بقضاء الله، والتوكل عليه، والاعتصام به، والتزام الاستغفار، والدعاء بالحفظ، وزوال السوء.

وينبغي أن يفوض المسلم أمره إلى ربه، راضيا طامعا معتمدا متوكلا، لا يرجو عافيته وشفاءه وسلامته إلا من ربه -تبارك وتعالى-، فلا تزيده الأحداث، ولا يزيده حلول المصائب إلا التجاءً واعتصاما بالله -سبحانه-: (وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[آل عمران: 101].

ومن مكملات الدعاء واللجوء إلى الله، حين الظروف الصعبة: التزام طاعته في أوامره ونواهيه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس -رضي الله عنهما- في الحديث الأنف: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ..".

الحفظ مقابل الحفظ: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)[الرحمن: 60].

المحافظة، وحفظ الله له في دنياه وآخرته، فإن قضى الله -تعالى- لأمر ما؛ فأصيب بمصيبة، أو نزلت به ضرة، فلن تكون إلا رفعة له عند ربه.

ولهذا يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-؛ كما في صحيح مسلم من حديث صهيب -رضي الله عنه-: "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ، وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ، إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فكانتْ خَيرًا لهُ، وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ؛ فكانتْ خَيرًا لهُ".

فالمؤمن في سرائه وضرائه، وفي شدته ورخائه، من خير إلى خير، ميزة عظيمة خص بها المؤمن دون غيره: "وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ"

نسأل الله من فضله، وأن يحفظنا من كل سوء وشر.

أيها الإخوة: المقام الثاني من مقامات التعامل مع هذا الحدث وأمثاله: بذل الأسباب الموصى بها من قبل المتخصصين، والتي تعين على الوقاية من المرض.

إن شريعة الإسلام جاءت ببذل الأسباب، والدعوة إلى التداوي.

والتداوي والاستشفاء لا يتنافى مع التوكل على الله -تعالى-، بل إن بذل الأسباب من التوكل؛ لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب، وكل ما أمرنا الله به؛ امتثالا لأمره؛ توكلا عليه.

قال تعالى لمريم: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)[مريم: 25].

وقال لنوح: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا)[هود: 37].

وقال لموسى: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا)[الدخان: 23].

وقال للوط: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ)[الحجر: 65].

وقال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُواْ)[التوبة: 105].

وأمثالها من الآيات كثير.

وفي المسند والسنن من حديث أبي خزامة قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: "هي من قدر الله".

هذه هي أسباب، غير أن القلب مأمور بالارتباط بالله، لا بالسبب، فالله -تعالى- خالق كل سبب، الأسباب والمسببات، فوجب أن يكون التوكل عليه وحده؛ محل انعقاد القلب.

والتداوي الذي جاءت به شريعة الإسلام، يتناول نوعي الطب:

الطب الوقائي: الذي يكون قبل نزول المرض.

والطب العلاجي: الذي يكون بعد حلول المرض.

الشريعة جاءت فيها أصول العلاج؛ كالشفاء، وأصول التداوي.

ومن قرأ في نصوص الشرع تعرف على هذه الأصول؛ ففي مجال الطب الوقائي في صحيح البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "من ‏اصطبح ‏بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر".

وفي سنن الترمذي من حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء".

وفي صحيح البخاري من حديث عقبة بن عمرو بن ثعلبة -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قرأَ الآيتيْنِ من آخِرِ سُورةِ البقرَةِ في ليلةٍ كَفَتَاهُ".

كفتاه من كل آفة وسوء وشر.

وجاء في سنن الترمذي من حديث عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- قال: خرجنا في ليلةٍ مطيرةٍ، وظٌلْمةٍ شديدةٍ، نطلبُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي لنا فأدركته، فقال: "قل" فلم أقل شيئا، فقال: "قل" فلم أقل شيئا، قال: "قل" قلت: ما أقول؟ قال: "قلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، والمعوذتينِ، حين تُمسي ويُصبِحُ ثلاثَ مراتٍ، تكفيك من كلِّ شيء".

وجاء عنه عليه السلام في مسند الإمام أحمد وغيره من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: أنه كان لا يدعو هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".

هذه الدعوة تحصين تام، وحفظ كامل للعبد -بإذن الله تعالى- لكن من يعتني؟ من يحافظ؟ من يعلم أولاده؟ من يعلم زوجته؟

إنها روعة أذكار المساء والصباح، التي يغفل عنها الملايين من المسلمين.

معاشر الإخوة: في مجال الطب العلاجي، قال سبحانه في سورة النحل: (يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل: 69].

وجاء عنه عليه الصلاة والسلام إرشادات عظيمة، وتوجيهات كريمة، وعلاجات متنوعة، يطول المقام بذكرها، أو الإشارة إليها.

قد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء".

وفي صحيح مسلم من حديث جابر –رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ -بإذن الله عز وجل-".

وفي المسند من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله –عز وجل- لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله".

نمر مرورا سريعا على بعض النصوص الشرعية في مجال التطبيق، في الصحيحين من حديث ابن عمر –رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء".

وفي صحيح البخاري عن خالد بن سعد –رضي الله عنه- قال: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ، فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، فَقَالَ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا مِنْهَا خَمْساً أَوْ سَبْعاً، فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَفِي هَذَا الْجَانِبِ، فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا مِنْ السَّامِ، قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: الْمَوْتُ.

وفي صحيح البخاري: أن أم قيس بنت محصن أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابن لها، قد علقت عليه من العُذرة -أي ربطت عنقه لتخفيف وجع الحلق- فقال: "اتَّقوا الله؛ علامَ تَدْغَرون أولادكم بهذه الأعلاق عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشْفِيَة؛ منها: ذات الجَنْب".

ذات الجنب الآلام التي في الجنب.

أسأل الله -تعالى- أن يصرف عنها، وعن المسلمين الأدواء والأحزان.

وأستغفر الله فاستغفروه إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فإن الواجب على المسلم: أن لا ينساق مع إشاعات كاذبة، سواء في الواتسآب، أو غيره من وسائل التواصل.

وليس له أن يعين على ترويجها أيضا، فيرسلها إلى غيره، ترويج الأقاويل المرسلة التي لا أصل لها، إنما تحدث بين الناس رعبا وخوفا وهلعا؛ لا أساس له، ولا مسوغ له.

ومن تعرض لذلك فليتذكر يقينه بربه، وحسن توكله عليه.

أذكركم بأذكار الصباح والمساء، فإن الوقاية خير من العلاج، بمراحل، أما إن حلت مصيبة بمسلم تلقاها بالصبر والاحتساب، فصبره يعلي ذكره عند الله، ويغفر له به ما لا يخطر على بال، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 155-157].

فكل مصاب يهون في مقابل مصاب الدين، الذي هو أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهو نهاية الخسران الذي لا ربح بعده ولا معه.

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا.