الشافي
كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...
العربية
المؤلف | عايد بن علي القزلان التميمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
وقد حذَّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أن يزاحم الناس على الحَجَر الأسود لئلا يؤذيهم، وهذا طبعاً ليس خاصاً بالحجر الأسود، بل قاعدة عامة في أن كل ما يترتب عليه التضييق على الناس وإيذاؤهم ينبغي اجتنابه...
الخطبة الأولى:
الحمد لله معيد مواسم الخير والغفران، القائل: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران:97]؛ الذي فرض على عباده حج بيته العتيق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.
أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
أيها المؤمنون: يقول ربنا في محكم التنزيل: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الحج:27].
عباد الله: الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ، وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً"(متفق عليه).
أيها المؤمنون: ومن رحمة الله أن أوجب الحج على عباده مرة واحدة في العمر حتى لا يشق عليهم؛ فعن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: "بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ"(رواه أَبُو دَاوُد 1721، وصححه الألباني).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة. وقد أجمع العلماء على أن الحج لا يجب على المستطيع إلا مرة واحدة.
عباد الله: ولا يخفى على المسلم أن نافلة الحج لها أجر عظيم؛ وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعلها بقوله: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ"(رواه الترمذي).
وإذا كان في أداء نافلة الحج تضييق على الحجاج الذين يؤدون فريضة الحج وخاصة في هذا العام، ينبغي تركها، وربما يترتب على هذه النافلة مفسدة بتضرر الآخرين من شدة الزحام، وقد حذَّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أن يزاحم الناس على الحَجَر الأسود لئلا يؤذيهم، وهذا طبعاً ليس خاصاً بالحجر الأسود، بل قاعدة عامة في أن كل ما يترتب عليه التضييق على الناس وإيذاؤهم ينبغي اجتنابه.
أخي المسلم: إن تركك لحج النافلة من أجل عدم التضييق على المسلمين؛ سيكتب الله لك أجر الحج وأنت في بيتك، وتأمَّل معي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول لأصحابه -رضي الله عنهم- في إحدى الغزوات: "إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ"، وفي رواية: "إِلَّا شَركُوكُمْ فِي الْأَجْرِ"(رواه مسلم).
بارك الله لي ولكم....
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعَل ثوابَ الحج المبرور الجنةَ دار السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبد الله ورسوله نبيُّ الرحمة سيِّد الأنام، اللّهمّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه الأئمّة الأبرار الأعلام.
أما بعدُ فيا أيها المسلمون: اعلموا أن المصلحةُ العامة والضرورة الشرعية تُؤيِّد القرارَ الحكيم الذي اتَّخذَته حكومة المملكة العربية السعودية بإقامة فريضة الحج هذا العام بعدد محدود للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة بسبب جائحة كورونا، وهذا يجسّد الحرص على سلامة حجاج بيت الله الحرام ورعايةً لمصالِحهم، وحِرصًا على سلامتهم.
وإن هذا القرار يأتي متوافقًا مع الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء بحفظ الضرورات الخمسة؛ وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وأن هذا القرار يأتي استنادًا للقاعدة الفقهية "درء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح". والامتِثالُ لهذا القرار واجبٌ شرعًا، والاستِجابةُ له دليلُ العقل والحكمة والأمانة والمسؤولية.
عباد الله:
صلوا وسلموا على رسول الله |