الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات |
الغشُ داءٌ خطيرٌ وشرٌّ مستطيرٌ، أينما وُجِدَ وحيثما حَلَّ، وما انتشر الغش في أمة إلا وأعاق تقدُّمَها وأثَّر في رخائها وازدهارها، وأحلَّ بها الدمارَ والهلاكَ والخسرانَ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وأصحابه.
أما بعدُ: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله -جل وعلا-، فربُّكم -سبحانه- يقول: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الْحَشْرِ: 7]، (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[الْمَائِدَةِ: 4]، (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الْمَائِدَةِ: 96]، (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[الْمَائِدَةِ: 108].
عبادَ اللهِ: لقد جاء الإسلام بالأصول العظيمة، لحماية المجتمع من الأخطار، ومن هذه الأصول: تحريم الغش بشتى صوره وبجميع مظاهره في كافة أنشطة الحياة، وجميع مجالاتها، فالغش في التصرفات كلها خُلُقٌ ذميمٌ وفعلٌ قبيحٌ، وجريمةٌ منكَرةٌ وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وهو إخلال بالحقوق وتضييع لها، وخيانة للأمة وضياع للأمانة وقلب للحقائق.
الغشُ داءٌ خطيرٌ وشرٌّ مستطيرٌ، أينما وُجِدَ وحيثما حَلَّ، وما انتشر الغش في أمة إلا وأعاق تقدُّمَها وأثَّر في رخائها وازدهارها، وأحلَّ بها الدمارَ والهلاكَ والخسرانَ، يقول جل وعلا: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)[الْأَعْرَافِ: 85]، ويقول -تعالى-: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ)[الشُّعَرَاءِ: 181]، ويقول سبحانه: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)[الْمُطَفِّفِينَ: 1]، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يعلنها دستورًا عامًّا كاملًا فيقول -عليه الصلاة والسلام-: "مَنْ غشَّنا فليس منَّا"(رواه مسلم).
عبادَ اللهِ: ومن المجالات التي تدخل تحت هذا الأصل، المعامَلات التجارية، والتعامُلات الاقتصادية، التي يجب أن تُبني على أصول جليلة وقواعد كريمة، ومنها الصدق والأمانة، والوضوح والإبانة، يقول جلَّ وعلا: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)[النِّسَاءِ: 58]، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التَّوْبَةِ: 119]، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صَدَقَا وبيَّنا بُورِكَ لهما في بيعهما، وإن كذَبَا وكتَمَا مُحِقَتْ بركةُ بيعهما"(رواه البخاري).
عبادَ اللهِ: إن الغش في التعاملات المالية جُرمٌ كبيرٌ مهما اختلفت صُوَرُه، وتعدَّدت أشكالُه؛ فهو أكلٌ للأموال بالباطل، وسرقة لأموال المسلمين، قال جل وعلا: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)[الْبَقَرَةِ: 188]، وقال -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)[النِّسَاءِ: 29]، مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على صُبرة طعام فأدخَل يدَه فيها، فنالت أصابعُه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحبَ الطعامِ؟ قال: أصابَتْه السماءُ يا رسولَ اللهِ. فقال عليه الصلاة والسلام: أفلا جعلتَه فوق الطعام؛ كي يراه الناسُ، مَنْ غشَّ فليس منها، -وفي لفظٍ:- مَنْ غشَّنا فليس منا، -وفي لفظ:- مَنْ غشَّنا فليس مني".
إخوةَ الإسلامِ: والغش يصدُق على كل إخفاء لعيب في السلعة، يكون بالإخلال في ذات السلعة أو عناصرها، أو بَخْس كميتِها أو وزنِها، أو الإخلال بصفة من صفاتها، والقاعدة في هذا أن الغش المحرَّم هو أن يعلم ذو السلعة مِنْ نحوِ بائعٍ أو مشترٍ فيها شيئًا، لو اطَّلَع عليه مُرِيدُ أخذِها ما أخذَها بذلك المقابِل، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب، وتدليس السلع، مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرًا من باطنه"، فعلى المسلم أن يتَّقي اللهَ -جل وعلا-، وأن ينصَح لإخوانه المسلمين، وأن يحذَر أشدَّ الحذر من غشهم وخداعهم والتحايل عليهم في أموالهم، قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا فيه عيب إلا بيَّنه"(أخرجه أحمد وابن ماجه)، وأخرجه البخاري موقوفًا على عقبة بن عامر، -رضي الله عنه-: "لا يحلُّ لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبَر به".
إخوةَ الإسلامِ: والغش محرَّم لكل أحد، لمسلم أو غير مسلم، كبير أو صغير، لعموم الأدلة الآمِرة بالصدق والأمانة، وبتحريم الغش والتحايل؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الْأَنْفَالِ: 27]، وقد جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار"(أخرجه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الصغير والكبير، وإسناده جيد).
فاتقوا الله -أيها المسلمون-، تمسَّكُوا بمحاسن الإسلام، تعامَلُوا بأخلاقه العظيمة، وصفاته الجليلة، راقِبوا ربَّكم، سرًّا وجهرًا، وتذكَّروا قوَل ربكم -جل وعلا-: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْمُطَفِّفِينَ: 1-6].
اللهم بارِكْ لنا في أقوالنا وفي أفعالنا، اللهم بارِكْ لنا في أقواتنا وأفعالنا وأقوالنا، إنَّكَ على كل شيء قدير.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحدَه، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه، وعلى آله وأصحابه.
أخي المسلم: كُنْ لإخوانِكَ المسلمينَ ناصحًا مُشفِقًا، برًّا رحيمًا، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الْحُجُرَاتِ: 10]، وأَحِبَّ لإخوانك المسلمين كلَّ خير ومعروف وإصلاح، وكن بعيدًا أشدَّ البعد عن الغش وعن الخداع والتحايل، وأَحِبَّ لإخوانك المسلمين ما تحبه لنفسك، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(متفق عليه).
ثم إن الله أمرنا بأمر عظيم؛ ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم؛ اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن الآل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم كن للمسلمين عونًا ومعينًا، اللهم كن لهم ناصرًا، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم فرِّج هموهم، اللهم نفِّس كرباتهم، اللهم أغنِ فقيرَهم، اللهم أغنِ فقيرَهم، اللهم أغنِ فقيرَهم، اللهم اشفِ مريضَهم، اللهم اشفِ مريضَهم، اللهم اشفِ مريضَهم، اللهم اجعلهم إخوةً متحابِّينَ، وعلى الخير متعاونينَ، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لموتى المسلمين، اللهم اغفر لموتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافِهم واعفُ عنهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقْه ونائبَه لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّقْهُما لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّقْهُما لما تحبه وترضاه، اللهم أصلح بهما العباد والبلاد يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه صلاح رعاياهم، اللهم إنك أنت الكريم، اللهم أكرمنا برضاك، اللهم أكرمنا برضاك، اللهم أكرمنا بعفوك، اللهم أكرمنا بعفوك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا من ذوي الأخلاق الجليلة، والصفات الحميدة، وأبعدنا عن كل خلق ذميم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، يا غني يا حميد أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسق ديارنا وديار المسلمين، اللهم اسق ديارنا وديار المسلمين، اللهم اسق ديارنا وديار المسلمين، اللهم اجعل ما أنزلت علينا من الغيث مباركا نافعا، اللهم اجعل ما أنزلت من الغيث مباركا نافعا على المسلمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أغنِ عبادَكَ بالغيث والمطر، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.