البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

المقابر والقبور

العربية

المؤلف سالم بن محمد الغيلي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحياة الآخرة
عناصر الخطبة
  1. من اعتقاد الجاهلية في الموتى .
  2. إخبار النبي عن أحوال أهل القبور .
  3. من أحكام وآداب المقابر والقبور. .

اقتباس

من الأحكام: أنه لا يجوز إنارة المقبرة باعتقاد أن ذلك يفيد الموتى؛ كما يفعل أهل البدع, ولا يجوز تشجيرها؛ كما يفعل النصارى, إذ يجعلون مقابرهم كالحدائق, ولا يجوز السكنى فيها كما في بعض الدول...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)[الفرقان: 1، 2], أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدٌ عبد الله ورسوله, صلى الله عليه وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب70-71].

عباد الله: كان الناس قبل الإسلام يدفنون موتاهم في المقابر؛ من أجل سترهم, ومن أجل روائحهم ونتنهم, وفي ظنهم أن تلك القبور هي نهاية الحياة, ونهاية كل حي, فلا حياة ولا رجوع ولا خروج, ولا بعث ولا نشور بعد تلك الحُفَرْ, هكذا كانوا يعتقدون!.

فلما جاء الله بالإسلام فإذا بالأمور تتكشف, وإذا بالحقائق تظهر, وإذا بالمفاجآت التي لم تكن في الحسبان, ولم يكن لأحد أن يعلمها ويدري بها؛ لولا أن الله أطلعنا عليها.

كانت في علم الغيب فأظهرها الله في كتابه, وعلى لسان رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-, فإذا به -صلى الله عليه وسلم- يفاجئ العالم بأن تلك الحُفَر ليست النهاية, وإنما فيها من العِبر والأهوال والأحوال ما يقوم له شعر الرأس والبدن.

وإذا به -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا بما فيها من السؤال والجواب, والنعيم والعذاب, والسعة والضيق, وإنها بداية لحياة تسمى حياة البرزخ, مختلفة تمامًا عن الحياة الدنيا.

إنها دار الأموات مليئة على أهلها ظلمة قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ هذِه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً علَى أَهْلِهَا، وإنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُنَوِّرُهَا لهمْ بصَلَاتي عليهم"(صحيح مسلم), ونفهم من هذا أن أهل القبور ينورها الله عليهم بالدعاء لهم, وبالصدقة عنهم.

إن تلك الحُفر فيها من العِبر وفيها من المواعظ ما تجعل العاقل يعمل لها ألف حساب, إن سكناها والمكوث فيها بين الأموات وتحت التراب بعيدًا عن الأولاد والزوجات والأهل والأصحاب, لا يمكن تصويره أو التعبير عنه إلا بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وإن حديث اليوم ليس عن بواطنها, وما فيها من الأحداث والآيات والعِظات, والحديث عن ظواهرها وما نراه منها, إن القبور في الإسلام لها أحكام وآداب تليق بالمسلم أن يعلمها ويدري بها, منها:

الزيارة للرجال: وهي سنة حث عليها -صلى الله عليه وسلم- للعظة والعبرة والاعتبار, والدعاء للأموات, وسؤال الله لهم المغفرة, قال -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوها"(صحيح مسلم), وكانَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كلَّما كانت ليلة عائشة -رضي الله عنها- "يَخرُجُ في آخرِ اللَّيلِ إلى البقيعِ"(صحيح النسائي للألباني).

هذه الزيارة المشروعة للعِظة وللدعاء والاستغفار للميت, وليست الزيارة للبدع والطواف حول القبور, ودعاء الأموات؛ لقضاء الحوائج,؛ كما يفعل الصوفية وعباد القبور وضعاف الإيمان؛ لأن الحي إذا مات لا ينفع ولا يضر, وليس بيده قليل ولا كثير, حتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته لا يجوز دعاؤهم, ولا الاستغاثة بهم, ولا طلب العافية والرزق منهم.

الميت في قبره لا يسمع من دعاه, ولا من استغاث به, ولا من طاف حول قبره, قال -تعالى-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)[فاطر: 13، 14].

ومن أحكام القبور والمقابر: تحريم زيارتها من النساء؛ لما في ذلك من المفاسد العظيمة, حتى وإن اختُلف في ذلك فإنه لا يجوز للنساء زيارة القبور, قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَعنَ زوَّاراتِ القبورِ"(حسنه الألباني في صحيح الترمذي).

ومن أحكامها: تحريم بناء المساجد عليها, قال أهل العلم ومنهم ابن عثيمين -رحمه الله-: "إذا بني المسجد على القبر يجب هدم المسجد, وإذا وضع القبر بعد المسجد فيجب إزالة القبر", قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ والنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"(صحيح البخاري ومسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ألَا وإنَّ مَن كانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ وصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، ألَا فلا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أنْهَاكُمْ عن ذلكَ"(صحيح مسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(رواه البخاري ومسلم).

ومن الأحكام: النهي عن الصلاة إلى القبور, أو الجلوس عليها, قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَجْلِسُوا علَى القُبُورِ، ولا تُصَلُّوا إلَيْها"(صحيح مسلم), وهي أيُّ صلاة غير الصلاة على الميت.

ومن الأحكام: النهي عن تجصيص القبور أو البناء عليها, قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لأبي الهياج الأسدي: "أَلَا أَبْعَثُكَ علَى ما بَعَثَنِي عليه رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟؛ أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ, وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ"(صحيح مسلم).

ومنها: الصمت عند القبر, وليس كما يفعل الناس اليوم من الضحك والأحاديث, وكأنهم في يوم نزهة, قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-: "خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وجَلَسنا حولَهُ؛ كأنَّما على رؤوسِنا الطَّيرُ"(صحيح أبي داود للألباني).

نسأل الله -تعالى- أن يختم لنا بخير, وأن يؤنس وحشتنا في القبور, وأن يجعلنا فيها من أهل الفرحة والسرور, قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه؛ كما يُحب ربُنا ويرضى.

عباد الله: من الأحكام: أنه لا يجوز إنارة المقبرة باعتقاد أن ذلك يفيد الموتى؛ كما يفعل أهل البدع, ولا يجوز تشجيرها؛ كما يفعل النصارى, إذ يجعلون مقابرهم كالحدائق, ولا يجوز السكنى فيها كما في بعض الدول.

ولا يجوز وضع الجريد الأخضر على القبور, وإنما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على قبرين أصحابهما يُعذبان, وكان يذهب إلى البقيع فلا يضع على القبور شيئًا.

ولا يجوز تخصيص يوم الجمعة أو يوم العيد لزيارة القبور, وإنما تزار في أي وقت يتيسر.

ولا يجوز نقل القبر من مكانه أو إزالته إلا بأمر شرعي وضرورة مُلحة, ولا يجوز الدفن في مقبرة مخصصة لجماعة معينة إلا بإذنهم.

ولا يجوز دفن الميت في ثلاث ساعات, قال عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ"(صحيح مسلم).

ولا تجوز قراءة القرآن على القبور وإنما الدعاء والاستغفار, ولا يجوز الكتابة على القبور لا الشعر ولا العبارات ولا اسم الميت.

ويجوز تسوير المقابر للحفاظ عليها وحمايتها, ويجوز الدفن ليلًا إذا تمكن أهله من الصلاة عليه وتكفينه وتغسيله؛ كما دفن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك الصديق وعمر -رضي الله عنهما- دُفِنَا ليلًا.

ويجوز دفن الاثنين والثلاثة  في قبر واحد عند الحاجة والضرورة الشديدة, ويجوز رفع القبر عن مستوى الأرض بقدر الشبر تقريبًا.

ويجوز رش القبر بالماء بعد الدفن من أجل أن يتماسك ترابه أو وضع الحصباء فوقه, ويجوز وضع الشواهد على القبر؛ لمعرفة معالمه, ولا فرق بين قبر الرجل وقبر المرأة.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللهم أحسن ختامنا, ويمن كتابنا, ويسّر حسابنا.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.