البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

نعمة الأمن أفضل نعمة بعد الإيمان

العربية

المؤلف علي عبد الرحمن الحذيفي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. شُكْر النعم يزيدها ويديمها .
  2. أعظم النعم الإيمان والتقوى .
  3. نعمة الأمن نعمة منسية رغم مكانتها وأهميتها .
  4. توضيح معنى الأمن بمعناه الشامل .
  5. لا يتحقق الأمن إلا في ظلال الإسلام .
  6. ما يقال عند رؤية الهلال .

اقتباس

وهذا الأمن لا يحقِّقه إلا الدينُ الإسلاميُّ العظيمُ؛ لأنه من عند الله العليم الحكيم، الرحمن الرحيم، وأما القوانين التي يضعها الناس بأهوائهم فلا تحقِّق شيئًا من هذا كله، والحمد لله أنَّ دستور بلادنا القرآن والسُّنَّة، وقد وعَد اللهُ بالأمن التام، لمن لم يظلم نفسه بالشرك والكبائر والإصرار على الصغائر...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله رب الأرض والسموات، بيده الخيرات، وبعفوه ورحمته يصرف الشرورَ والعقوباتِ، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ)[الشُّورَى: 25]، أحمد ربي وأشكره على نِعَمِه التي لا يُحصيها أحدٌ من المخلوقات، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، له أحسنُ الأسماءِ والصفاتِ، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ بالهدى ودين الحق، المؤيَّد بالبراهين والمعجِزات، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، الذين نصَرُوا الدينَ، حتى أشرَقَت شمسُ الإسلام إلى يوم القيامة، وتبدَّدَت الظلماتُ.

أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-، فتقوى الله خيرُ ما اكتسب العبد في حياته، وخيرُ ما يقدِّمه لنفسه بعد مماته، وتقوى الله تُصلِح السرَّ والعلانيةَ، وتُصلِح الدنيا والآخرة، قال عز وجل: (وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)[الْجَاثِيَةِ: 19]، وقال سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الْأَعْرَافِ: 96]، وقال عزَّ وجلَّ: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[الْأَعْرَافِ: 128]، وقال -تبارك وتعالى-: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)[الْقَلَمِ: 34]، فالتقوى ضمانٌ للخيرات، وحصنٌ من العقوبات، فأيُّ فوزٍ أعظمُ منها؟ وأيُّ درجةٍ أعلى من درجتها؟ قال سبحانه: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ)[الصَّافَّاتِ: 61].

أيها الناسُ: أذكِّركم بنعم الله -سبحانه وتعالى- عليكم، فتذكُّر النعمِ يزيد الإيمان، ويغيظ الشيطان، ويوجِب الشكر، والشكر يعصم من الكفر، قال -تبارك وتعالى-: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْأَعْرَافِ: 69]، وقال سبحانه: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[الْبَقَرَةِ: 231].

ولما قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- سورة الرحمن، بعد نزولها قال: "لَلْجِنُّ كانوا أحسنَ ردًّا منكم؛ ما قرأتُ: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِإلا قالوا: ولا بشيءٍ من نَعْمَائِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ، فلكَ الحمدُ"(رواه الترمذي من حديث جابر).

وإن أعظم النِّعم الإيمان والتقوى واليقين، ثم القرآن والعافية، عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سَلُوا ‌اللَّهَ ‌الْعَفْوَ ‌وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّهُ مَا أُوتِيَ عَبْدٌ بَعْدَ يَقِينٍ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ"(رواه الترمذي).

ومن أعظم النعم نعمة الأمن، قال الله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الْأَنْفَالِ: 26]، وقال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)[قُرَيْشٍ: 3-4]، وقال سبحانه: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 67]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ فَكَأَنَّمَا ‌حِيزَتْ ‌لَهُ ‌الدُّنْيَا ‌بِحَذَافِيرِها"(رواه الترمذي وقال: حديث حسن، من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري).

الأمن نعمة عظمى، يغفل عنها أكثر الناس، ولا يقومون بشكرها، ولا يتفكرون في منافعها، ولا يحرص الأكثر من الناس على حفظ أسباب هذه النعمة؛ من العمل بالطاعات، ومجانبة المحرمات.

نعمة الأمن بهجة الحياة، وحارسُ ما يخاف عليه الإنسان من الحرمات والمصالح، والمنافع والآمال، الأمن أخو الإسلام وقرينه، وتابِع الدين وخَدينُه، وصاحبُ الإسلام في كل زمان ومكان، فحيثما حلَّ الإسلامُ صَحِبَه الأمنُ ولَزِمَه، عن خباب بن الأرتِّ -رضي الله عنه- قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‌وَهُوَ ‌مُتَوَسِّدٌ ‌بُرْدَةً ‌فِي ‌ظِلِّ ‌الْكَعْبَةِ ‌وَقَدْ ‌لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ قَالَ: إِنَّكُمْ قُوْمٌ تَسْتَعْجِلُونَ، إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُمَشَّطُ أَحَدُهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا بَيْنَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ لَا يردُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الدينَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعدِيِّ بن حاتم: "لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ"، قَالَ حَاتِمٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ.

أَمْنٌ طبَّق الأرضَ وذللَّها وظلَّلَها بظلِّه الظليلِ الوارفِ، فبدَّد المخاوفَ كلَّها، بحلول الإسلام في القلوب، وتطبيقه في حياة الناس، والأمن الذي يحبه الله ويرضاه، وشَرَعَه لنا، هو الأمن على الدين، فلا يُفتَن مسلمٌ في دينه، ولا يُغيِّره إلى غيره، والأمن على الدماء؛ فلا يُعتدى عليها، ولا تُسفَك وتضيع، والأمن على العقول من الْمُسكِرات والمخدِّرات، وأسباب الأمراض، والأمن على الحرمات والأعراض، فلا تُنتَهك ويَعَبث بها المفسدون المجرمون، والأمن على الأموال، فلا يُعتَدى عليها، ويتسلَّط عليها أحد، والأمن هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي هو حارس الدين، وقد جعَلَه بعضُ أهل العلم ركنًا من أركان الدين، والأمن حماية المجتمع من كل ضرر وشر، وإيصال كل نفع وخير إليه، كل فرد مسلم بحسب قدرته على ذلك.

وهذا الأمن لا يحقِّقه إلا الدينُ الإسلاميُّ العظيمُ؛ لأنه من عند الله العليم الحكيم، الرحمن الرحيم، وأما القوانين التي يضعها الناس بأهوائهم فلا تحقِّق شيئًا من هذا كله، والحمد لله أنَّ دستور بلادنا القرآن والسُّنَّة، وقد وعَد اللهُ بالأمن التام، لمن لم يظلم نفسه بالشرك والكبائر والإصرار على الصغائر، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82]، فالأمن في الدنيا بالحياة الطيبة المباركة السعيدة في كل شيء، قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النَّحْلِ: 97].

ومع الأمن التام فلهم الهدى التام، فلا يضلون، وفي الآخرة أخبَر اللهُ عنهم بقوله الحق: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)[الْحِجْرِ: 45-46]، والأمن يتَّسع به العمران، وتزدهر به الحياة، وتنتظم به التجارة، وتأمن معه السُّبُلُ، ويتبادَل معه الناسُ المصالحَ والمنافعَ في الأرض كلها، وتَنبَسِطُ معه الآمالُ التي تقوِّي العزائمَ؛ لتستبشر بالمستقبل، ومع الأمن يتعاون المجتمع، ويتراحم، ويتناصر، وبه تجتمع الكلمة، وترتفع الفُرقةُ، وتتيسَّر الأرزاق والأمور، وأعظم من منافع الدنيا ومرافق الحياة قوة الدين بالأمن، فبالأمن تقام شعائر الإسلام، فتقام الصلوات جماعةً، والجُمَع والأعياد، وتُجبى الزكاةُ، ويُقام الحجُّ، وتُقام الحدودُ، وتُحفَظ الحقوقُ للكل، ويُكبَت العدوُّ، ويُكَفّ المفسدُ عن إفساده؛ قال الله -تعالى-: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)[النِّسَاءِ: 103]، وقال سبحانه: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 238-239]، وقال تعالى: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)[الْبَقَرَةِ: 196]، فتبيَّن أنَّ نعمةَ الأمنِ مرتبطةٌ بالإسلام ارتباطَ الدوامِ واللِّزَامِ، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)[النُّورِ: 55].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ذي الجلال والإكرام، الْمَلِك القدوُّس السلام، أحمد ربي على عظيم الإنعام، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ذو العزة التي لا تضام، والْمُلك الذي لا يُرام، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضلُ مَنْ صلَّى وصام، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، الذين فازوا بأعلى المقام.

أما بعدُ: فاتقوا الله، اتقوا الله بالمسارَعة إلى الخيرات، والبعد عن المعاصي والموبقات، واجعلوا هذه الدار مكانًا للتزوُّد لدار القرار، التي لا يفنى نعيمها ولا يبيد؛ لتنجوا من نارٍ حرُّها شديدٌ، وقعرُها بعيدٌ، وطعامُ أهلِها الزقومُ والضريعُ، وشرابُهم الصديدُ، (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)[الْحَجِّ: 21-22].

وليس بينكم وبين دار النعيم أو دار العذاب الأليم، إلا الموت، وكلٌّ مُلاقيه عمَّا قريب، قال الله -تعالى-: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)[الْأَحْقَافِ: 35].

عبادَ اللهِ: كان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويسأل ربه إذا رأى الهلال فيقول: "اللَّهُمَّ ‌أَهِلَّهُ ‌عَلَيْنَا ‌بِالْأَمْنِ ‌وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ"(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح من حديث طلحة -رضي الله عنه-)، وكان يدعو قائلا: "اللهم استر عوراتنا، وآمِنْ روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بكَ أن نُغتال من تحتنا"، ولنا فيه القدوة الحسنة، والحياة لا تطيب إلا بالأمن، ولا يتمتع الإنسان بالطيبات إلا بنعمة الأمن، وهل ينتفع الناس بالمعيشة مع فقد نعمة الأمن؟ فاسألوا اللهَ الأمنَ والإيمان والعافية، واحذروا المعاصيَ ومحرَّمَ الشهوات، وظلم النفس، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان؛ فإن الله حرَّم على نفسه الظلم، وجعله بين العباد محرَّمًا، ولو كان الظلم على كافر.

اشكروا الله، واشكروا الله على نعمة الأمن والاستقرار، فما نزلت النقم والعقوبات والغِيَر إلا بانفتاح أبواب الأهواء والشهوات، ولله -تعالى- سنن لا تتبدَّل، يسير عليها الكونُ.

وهل شقي بطاعة الله أحد؟ أو هل سعد بمعصية الله أحد؟ والله يحب الصالحين المصلحين، ويكره المفسدين، فأصلح أيها العبد ما بينك وبين الله -تعالى-، يصلح الله ما بينك وبين الناس، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطَّلَاقِ: 3]، وقال تعالى: (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)[الْكَهْفِ: 30].

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه به عَشْرًا"، فصلُّوا وسلِّمُوا على سيِّد الأولينَ والآخرينَ وإمامِ المرسلينَ، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهم بَارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنكَ حميدٌ مجيدٌ.

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعينَ، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدينَ، الأئمة المهديينَ؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن التابعينَ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم بمنِّكَ وكرمِكَ ورحمتِكَ يا أرحم الراحمين.

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهم أَذِلَّ الكفرَ والكافرينَ، يا ربَّ العالمينَ، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم أذِلَّ البدعَ، التي تضادُّ دينَكَ الذي ارتضيتَه لنفسك وارتضيتَه للمسلمين، إنك على كل شيء قدير.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، نسألك الأمن والإيمان، والعافية، اللهم اجعل هذه البلاد آمنة رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، اللهم فرِّج كربات المسلمين يا رب العالمين، اللهم تولَّ أمرَ كل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، إنك على كل شيء قدير، اللهم ارفع الشدائد والكربات عن المسلمين يا ربَّ العالمينَ، اللهم أطعم جائعهم، وآمِنْ يا رب العالمين خوفهم، إنك أنتَ الله لا إله إلا أنتَ، اللهم تب علينا وعلى المسلمين، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدًا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعذنا وأعذ ذرياتنا من إبليس وذريته وجنوده وشياطينه يا رب العالمين، اللهم أعذنا من شياطين الإنس والجن، اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم أعذ المسلمين وذرياتهم من الشيطان الرجيم، إنك على كل شيء قدير يا رب العالمين.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، اللهم واشف مرضانا ومرضى المسلمين، يا ذال الجلال والإكرام.

اللهم احفظ بلادنا من كل شر ومكروه، اللهم احفظ بلادنا من عدوان المعتدين، اللهم احفظ بلادنا من ظلم الظالمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكف المسلمين شر كل ذي شر إنك على كل شيء قدير، اللهم أبطل مخططات أعداء الإسلام، التي يكيدون بها للإسلام، اللهم أبطل مكر أعداء الإسلام، اللهم واحفظ حرمات الإسلام، إنك على كل شيء قدير.

اللهم عافنا في ديننا وعافنا في أبداننا، وعافنا يا ذا الجلال والإكرام في كل أمورنا، اللهم وفق عبدك خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه الصحة إنك على كل شيء قدير، اللهم وأعنه على كل خير يا رب العالمين، اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وأعنه على كل خير يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم أعذنا من مضلات الفتن وأعذ المسلمين، من مضلات الفتن يا رب العالمين، اللهم يا أرحم الراحمين احفظ بلاد وبلاد المسلمين إنك على كل شيء قدير.

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، نور عليهم قبورهم، اللهم ضاعف حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهم أغثنا، اللهم غيثا مباركا نافعا، إنك على كل شيء قدير.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].