البحث

عبارات مقترحة:

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الغدر الحوثي – شعبان الخير

العربية

المؤلف راشد البداح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب -
عناصر الخطبة
  1. أهمية الأمن واستقرار المجتمعات .
  2. وحدة الكلمة واجتماع الصف وسط الأخطار .
  3. من أسباب تحقيق النصر .
  4. الاستعداد لمواسم الخيرات .
  5. فضل شهر شعبان والإكثار من الصيام فيه .

اقتباس

لماذا نلبثُ في الأرضِ عددَ سنينَ؟ أليسَ لنَعبُرَها ولنَعمُرَها بالعملِ الصالحِ. فالبِدارَ البِدار، ولندَعِ الأمانيَ والاغترارَ. أليستْ هذهِ الدنيا مزرعةً للآخرةِ؟ إذًا لماذا نُفرِّطُ بمواسمِ الخيراتِ؟ أتنتظرُ رمضانَ حتى تُفتحَ لكَ أبوابُ الجنةِ الثمانيةِ؟....

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

فلما جاءَ إِبْرَاهِيمُ -عليهِ السلامُ- لمكانِ البيتِ، قبلَ بناءِ الكعبةِ، دعا فقالَ: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا)[البقرة: 126]. فلما بَناها، وصارَ بلدًا تَهوِي إليهمْ أفئدةٌ منَ الناسِ دعا فقالَ: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا)[إبراهيم: 35]؛ فالأمنُ مطلبٌ قبلَ البناءِ وضرورةٌ بعدَ البناءِ.

وها نحنُ نعيشُ الأمنَ ببركةِ دعوةِ أبِينا إبراهيمَ، نعيشُهُ بمَملكتِنا "حَرَمِ الإسلامِ" يأوِي إليها مسلِمُو الآفاقِ، فيَجِدونَ نشرًا للسُّنةِ بحسنِ الإفادةِ، واستقبالاً بكرمِ الوِفادةِ. وكثيرٌ منْ علماءِ الأقطارِ دَرَجُوا وماتُوا هُنا.

قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الإِسْلاَمَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا"(رواهُ مُسلم: 390)؛ فلتبقَ بلادُنا المَصُونةُ حصنًا مَنيعًا، وجبلاً أشمَّ مُنيفًا، ومنارًا وذِمارًا.

ومملكتُنا -بحمدِ اللهِ- هي مملكةُ التوحيدِ والسُنةِ، وجماعتُها واحدةٌ: جماعةُ المسلمينَ، لا تتنازعُهم الفِرَقُ والأهواءُ، ولا تتوازعُهم الجماعاتُ والأحزابُ.

فليَحذَرْ وليَتذكرْ مَن يُثيرُ الفِتنَ، ويُشِيعُ الفاحشةَ في الذينَ آمنُوا، أننَا جميعاً أمامَ عدوٍ يتربصُ بنا جميعاً. والبلادُ بلادُنا، والأمنُ أمنُنا، فإذا ما انفرطَ عِقدُ الأمنِ -لا قدَّرَ اللهُ- فالجميعُ سيَخسَرُ.

وإن الحِفاظَ على دولتِنا المملكةِ العربيةِ السعوديةِ من أعظمِ الواجباتِ، بحراسةِ حدودِها وتوحيدِها، وصدِّ عواديَ عدوٍ تُديرُه يدٌ رافضيةُ النَّزعةِ، تطمعُ في وثنيةٍ جديدةٍ على أرضِ الحرمينِ – ولكنْ يَخسَؤُونُ-.

ألا وإنَّ ما يَتَخَوَّنُنا فيهِ جيرانُ السوءِ الحُوثيونَ منْ صواريخِهمُ الخاسئةِ واستهدافاتِهمُ الفاشلةِ جُرمٌ مُتكررٌ غادرٌ، واعتداءٌ سافِلٌ سافِرٌ. ولوْ أنهُم عمَّرُوا مَا دمَّرُوا، ورَصفُوا ما نَسفُوا، لكَانَ لهمْ أنفعَ، ولمجتمعِهِم أرْفَعَ.

أيُها المُرابِطونَ على ثُغورِنا الأبيَّةِ، والساهِرونَ في المَراصِدِ العسكريةِ، والدفاعاتِ الجويةِ: طِبتُمْ وطابَ جِهادُكمْ ورِباطُكمْ، سَداداً في الأمورِ، وسِداداً للثغورِ. سهِرتُمْ فنِمْنا، وذُدْتمْ فأمِنّا، نومُنا سُباتٌ، ونومُكمْ هَبّاتٌ. سِلاحُكمْ صَلاحُكمْ. ومُناجاتُنا نجاتُنا.

أيُّها المصلُّون: ألا إنَّنا كلَّنا مُطالَبونَ للخروجِ من أزَماتِنا الخانِقةِ إلى توبةٍ عامّةٍ، وتضرُّعٍ ودعاءٍ، واستنزالٍ لنصرهِ بطاعتِه، وبتواصٍ على الحقِ والصبرِ صَلاحًا وإصلاحًا، ونُصرةً لدينِ اللهِ بالأمرِ بالمعروفِ بمعروفٍ، وبالنهيِ عنِ المنكرِ بلا منكَرٍ: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج: 40].

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ مُولينا، ومُنجينا، والصلاةُ والسلامُ على داعِينا وهادِينا.

أما بعدُ: عبادَ اللهِ: لماذا نلبثُ في الأرضِ عددَ سنينَ؟ أليسَ لنَعبُرَها ولنَعمُرَها بالعملِ الصالحِ. فالبِدارَ البِدار، ولندَعِ الأمانيَ والاغترارَ. أليستْ هذهِ الدنيا مزرعةً للآخرةِ؟ إذًا لماذا نُفرِّطُ بمواسمِ الخيراتِ؟ أتنتظرُ رمضانَ حتى تُفتحَ لكَ أبوابُ الجنةِ الثمانيةِ؟! لا تنتظرْ؛ فإنها لحياةٌ طويلةٌ إنْ بقيتَ تنتظرُ.

غدًا أو بعدَ غدٍ نَدخلُ شهرًا مَوسِمِيًا أشبهَ ما يكونُ بدورةٍ تأهيليةٍ لرمضانَ، ألا وهو شهرُ شعبانَ الذي يَغفَلُ عنهُ الناسُ، فلا يَصومُونَهُ. وقد كانَ نبيُكم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصومُ شعبانَ كلَّه إلا قليلاً، كما في الصحيحينَ (رواه البخاري 196، ومسلم 1156).

ولذلكَ فإنَ صيامَه آكدُ من صيامِ شهرِ المحرم؛ "لمواظبتهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على صومهِ، ولأن صومَه يُشْبِهُ سُنَّةَ فرضِ الصلاةِ قبلَها.. ولأنهُ شهرٌ مغفولٌ عنهُ"( تهذيب السنن لابن القيم: 3/ 318).

فاعقدِ العزيمةَ على أنْ تصومَ ثمانيًا وعشرينَ يومًا منْ شعبانَ، فإنْ ضعُفْتَ فصُمْ يومًا وأفطرْ يومًا، فإنْ عجَزْتَ، فصُمْ الاثنَيناتِ والخَمِيساتِ والبِيْضَ، فهذهِ أحدَ عشرَ يومًا. فإنْ كسِلْتَ فلا أقلَ منَ الاثنَيناتِ الشَّعبانيةِ، وعَددُهنَ أربعةُ أيامٍ.

وأما القرآنُ في شعبانَ؛ فقدْ قالَ سلمةُ بنُ كُهيلٍ: كانَ يُقالُ شهرُ شعبانَ شهرُ القُرَّاءِ (لطائف المعارف: ص: 135). (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[البقرة 223].

فاللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أعْمَارِنَا أواخِرَهَا، وخَيْرَ أعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا وخَيْرَ أيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاك. اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ. اللهم كَمَا هَدَيْتَنا لِلإِسْلاَمِ فلاَ تَنْزِعْهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحن مُسْلِمون.

اللهم سلم لنا رمضانَ الفائتَ، وسلِمْنا لرمضانَ الآتي. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا أغَنْى خَلْقِكَ بكَ، وأفْقَرَ خَلْقِكَ إليْكَ. اللَّهُمَّ أغْنِنَا عَمَّنْ أغْنَيْتَهُ عَنَّا، اللَّهُمَّ صُبَّ عَليْنا الخَيْر صَبَّا صَبَّا، ولا تَجْعَل عَيْشَنَا كَدَّا.

اللهم واحفظْ علينا دينَنا، وأعراضَنا ومقدساتِنا، وباركْ في أرزاقِنا واقضِ ديونَنا. اللهم ارزقْنا ونساءَنا مزيدَ العفافِ والثباتِ، ومزيدَ التبصُّرِ بكيدِ متبعِي الشهواتِ، الذين يريدونَ أن نميلَ ميلاً عظيمًا.

اللهم يا من حَفِظتَ بلادَنا طيلةَ هذهِ القرونِ، وكفيتَها شرَ العادياتِ الكثيراتِ المدبَّراتِ الماكراتِ، اللهم فأدِمْ بفضلِكَ ورحمتِكَ حِفْظَها من كل سوءٍ ومكروهٍ، وأدِمْ عليها نعمةَ النماءِ والرخاءِ.

اللهم عليكَ بالحوثيينَ والنُصيريينَ والمتربصينَ والقَتَلةِ المفسدينَ، وكلِ محارِبٍ للدينِ. اللهم صُد عنا غاراتِ إيرانَ المخذولةِ وعصاباتِهِم المتخوِنينَ. اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ.

اللهم سدِدْ جنودَنا في غاراتِهم، واحفظهُمْ في حراساتِهمْ وثكناتِهمْ وتفتيشاتِهمْ، واخلُفهُمْ في أهليهمْ بخيرٍ. اللهم وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِه لما فيهِ عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.