الحيي
كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان |
والمعاصي إذا حصلت في بلد؛ فهذا نذير خطر وإيذان بعقوبة الله....، ولنتذكر الأمم السابقة، ومنهم قوم سبأ، وما حل بهم من الدمار والهلاك بسبب المعاصي، فعلينا أن نشكر الله على ما أنعم به علينا في هذه البلاد، فبالشكر تدوم النعم، وبالمعاصي تزول النعم.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
نعيش هذه الأيام ذكرى توحيد هذه البلاد "المملكة العربية السعودية" -أعزها الله بالإسلام-. ولنا وقفات مع توحيد هذه البلاد، ومن هذه الوقفات ما يلي:
أولها: إن الله -عز وجل- أعز المملكة العربية السعودية عندما وجَّه الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى- بأن يكون دستور هذه البلاد القرآن والسنة، وتدعو إلى توحيد الله -عز وجل-، ومحاربة الشرك، وتحكيم الشريعة الإسلامية، مما كان ذلك سببًا في التمكين لهذه البلاد.
وهذه سنة إلهية، قال -تعالى-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج:40]، ويقول -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[النور:55].
ثانيًا: مع ذكرى توحيد هذه البلاد المباركة -بإذن الله-؛ فإننا نتذكر نعمة الأمن، وهي نعمة كبرى لا يعرف ذلك إلا مَن فقدها، فكم من بلاد في العالم لا تنام ليلاً، وأنت آمِن على نفسك وأهل بيتك.
ولنتذكر قبل توحيد هذه البلاد كانت الجزيرة العربية قبائل متناحرة، كل منهم يغزو الآخر ليلاً أو نهارًا، فيقوم بالهجوم على القبيلة المجاورة، ينهب المال، ويقتل الرجال، ويسبي النساء والأطفال، بل وكان هناك قُطّاع الطرق الذين يترصدون للمسافرين على الطرقات؛ فيسلبون الأموال، ويقتلون الرجال ويغتصبون النساء.
إلا أننا بعد توحيد المملكة وتطبيق الشريعة الإسلامية -بتوفيق الله لولاة الأمر-؛ أصبح الأمن واضحًا في هذه البلاد. وهذه البلاد -وفق الله ولاة أمرها- هي الوحيدة على مستوى العالم التي تُطبّق الشريعة الإسلامية، ما يجعلنا نفخر بهذا الأمر أمام العالم أجمع. نسأل الله أن يوفّق ولاة أمرنا، ويثبّتهم على ذلك.
ثالثًا: مع ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية فإننا نشكر الله -عز وجل- على النعم التي أنعم بها على هذه البلاد، فبعد أن كانت دولة فقيرة وأرضًا وصحراء قاحلة يسودها الجهل والأمية، لكن لما حَكّموا شرع الله -عز وجل-، ووحّدوا الله -عز وجل-، وحاربوا الشرك كله؛ أفاء الله -عز وجل- على بلاد الحرمين الشريفين آبار النفط المصدر الرئيسي للطاقة.
وإذ بهذه الدولة الفقيرة أصبحت من أغنى دول العالم، وتصدر البترول إلى جميع دول العالم، وما ذلك كله إلا لأنهم اهتموا بالدين ونشر العقيدة الإسلامية؛ فأغناهم الله (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأعراف: 96].
فكلما زاد شكر المسلم لله -تعالى- أقبل على عبادة الله، من توحيد الله، وصلاة، وزكاة وصوم، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، كلما حفظ الله له النعمة وزاده من نعمه: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 17].
رابعًا: إننا نحمد الله -عز وجل- على وحدة الصف واجتماع الكلمة على ولاة الأمر، وهذه من النعم العظيمة التي ينبغي أن نحافظ عليها بشكر الله، والمحافظة على الدين، والبعد عن المعاصي، وأن نكون يدًا واحدة مع ولاة أمرنا، وطاعتهم في المعروف، والدعاء لهم بالإعانة والتوفيق.
خامسًا: إننا نفخر في هذه البلاد بوجود الحرمين الشريفين على هذه البلاد الطاهرة، ونشكر لولاة أمر هذه البلاد ما تقوم به من خدمة للحجاج والمعتمرين والزوار، وما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمة للإسلام والمسلمين سواء داخل هذه البلاد أو خارجها.
فنسأل الله -عز وجل- أن يحفظ ويوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد، وأن يسدّد خطاهم ويهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين.
إن مما يؤسف له أن يحدث مع ذِكْرى توحيد هذه البلاد اعتداء بعض الشباب على الممتلكات العامة، أو الاعتداء على الأعراض؛ بزعم الاحتفال باليوم الوطني، بل ربما صاحَب ذلك رفع أصوات الغناء والموسيقى، ورمي العلم السعودي على الأرض الذي فيه كلمة التوحيد، وهذا ليس من حب الوطن في شيء، بل معصية لله -عز وجل-.
والمعاصي إذا حصلت في بلد؛ فهذا نذير خطر وإيذان بعقوبة الله (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[النحل:112]، ولنتذكر الأمم السابقة، ومنهم قوم سبأ، وما حل بهم من الدمار والهلاك بسبب المعاصي، فعلينا أن نشكر الله على ما أنعم به علينا في هذه البلاد، فبالشكر تدوم النعم، وبالمعاصي تزول النعم.
نسأل الله أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.