البحث

عبارات مقترحة:

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

المناسبات الإسلامية وآثارها

العربية

المؤلف عبدالله بن حسن القعود
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. الحكمة من تشريع مناسبات للمسلمين .
  2. من صور المناسبات الإسلامية .
  3. آثار المناسبات الإسلامية في حياة المسلم .

اقتباس

ومشروعية هذا القول عند ذبح النسك لها مغزاها وما تومي إليه، فهي أشبه بالعهد الذي يقطعه المسلم مع ربه، وهو يدخل في عبادته ونسكه، مرت بنا مناسبة الحج ودخل فيه من دخل، ومر فيه بحالات ومواقف كلها عبر ومدكر من بدايته بالتحرر من المخيط للإحرام، وإعلانه بعده للتجرد من كل ما سوى الله بإهلاله بالتوحيد، إلى نهاية قضاء مناسكه ..

 

 

 

 

الحمد لله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الظالمين، ويفعل ما يشاء، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله عبد الله حق عبادته، ودعا الناس إلى عبادة الله وحده ببصيرة حتى أتاه اليقين، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، وجميع من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: إن من نعم الله علينا نحن المسلمين أن شرّع لنا عبادات ومناسبات إسلامية كريمة تحرك الشعور الإسلامي في أهله، فتزيد في طاعتهم وتنبيههم وإقبالهم على ربهم، مناسبات تتوالى عليهم كثيراً فيعظمونها؛ فيخرج من عظَّمها منهم بطهر وصفاء ونقاء كيوم ولدتهم أمهاتهم.

وتلكم المناسبات كثيرة وعديدة في الإسلام، كالصلوات مثلاً، والزكاة والصوم، والحج وغير ذلكم من شعائر الإسلام مما يمر في السنة مرة، مثلاً كصوم رمضان والحج والأضحية، وصوم يوم عرفة لغير الحاج ويوم المحرم، أو في الأسبوع مرة كالجمعة، أو يتكرر في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، وما إلى ذلكم من شعائر الإسلام الظاهرة المتنوعة التي تتعاهد المسلمين بين حين وآخر.

وإنه ليجدر بالمسلم الذي أنعم الله عليه بالإسلام، وإدراك شيء من مناسباته الفاضلة، أن يستشعر أنها شرعت لحكم ومصالح، منها صقله وتنبيه وتذكيره، فقبل أيام مثلاً مرت بنا مشروعية التكبير علناً، ولدى ذبح النسك من هدي أو أضحية؛ لتذكرنا بمدلول ما نلفظ به كثيراً في صلواتنا وغيرها من قول: الله أكبر، لتذكرنا بأن الله أكبر من كل شيء، أكبر من الملوك، من المصالح، من المناصب، من الدنيا جميعها.

مرت بنا مناسبة الأضحية، وضحى منا من ضحى، وقال ما يشرع عند ذبحها من قول: (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163]

ومشروعية هذا القول عند ذبح النسك لها مغزاها وما تومي إليه، فهي أشبه بالعهد الذي يقطعه المسلم مع ربه، وهو يدخل في عبادته ونسكه، مرت بنا مناسبة الحج ودخل فيه من دخل، ومر فيه بحالات ومواقف كلها عبر ومدكر من بدايته بالتحرر من المخيط للإحرام، وإعلانه بعده للتجرد من كل ما سوى الله بإهلاله بالتوحيد، إلى نهاية قضاء مناسكه.

فيا أيها المسلمون: يا من تصلون وتزكون وتصومون وتحجون وتولون وجوهكم نحو ربكم وتسلمونها له، إن الخير كل الخير والطهر كل الطهر، بل والدين كل الدين، أن يصلي أحدنا وترى آثار صلاته عليه (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: 45] وأن يزكِّي أحدنا وترى آثار زكاته عليه (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة:103]

وأن يصوم أحدنا وترى آثار صيامه عليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183] وأن يحج أحدنا وترى آثار حجه عليه، بلزوم الحاج للعهد الكريم والمسلك القويم الذي كان عليه في الحج (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) [آل عمران:96]

فاتّقوا الله -أيها المسلمون- واغتنموا ما يمر بكم من مناسبات فاضلة، وسارعوا فيها إلى مغفرة من ربكم ورضوان، وإذا خرجتم منها فاخرجوا خروج الغانم الكاسب المغتبط بما أوتيه من توفيق لطاعة الله فيها، ولزوم العهد الذي كان عليه فيها من فعل الفضائل برغب واجتناب الرذائل برهب.

فالمسلم الحق ما يكاد يخرج من طاعة إلا ويدخل في طاعة أخرى، محياه ومماته لربه تعالى، إن تحرك فبالإسلام، وإن عمل فللإسلام، وهذه هي الحياة الطيبة، حياة الأنبياء وأتباع الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم-، حياة من وعدوا بقول صادق الوعد: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97]

نسألك اللهم أن تثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وأن تجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، ونستغفرك اللهم ونتوب إليك.