الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
العربية
المؤلف | علي عبد الرحمن الحذيفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الصيام |
أمّةَ الإسلام، هذا شهرُ الصيام أحدُ أركانِ الإسلام، فضَّلَه الله على شهورِ العام، وأفاض فيه على المسلمينَ الخيراتِ والبركات، وضاعف فيه الحسناتِ، وتجاوز فيه عن الذّنوب العظام الموبقات، وأقال فيه العثراتِ، فهو شاهدٌ للمحسنين، وشاهد على المعرِضِين والعصاةِ المصرِّين.
أمّا بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حقَّ التقوى، فهي وسيلتُكم إلى ربّكم في هذه الدنيا وفي الأخرى.
أيّها المسلمون، اذكُروا نعَمَ الله عليكم إذ شَرَع لكم ما يرضَى به عنكم ويقرِّبكم إليه زلفى، ونهاكم عن الشّركِ والمعاصي التي تُبعِدكم عن ربِّكم وتوقِعكم في العذابِ الأليم.
شَرَع لكم ربُّكم ما يرفَع به الدّرجاتِ ويكفِّر به السّيّئات ويُعظِم به الأجورَ والحسناتِ، فشهادةُ أن لا إلهَ إلا الله وأنّ محمّدًا رسول الله قولُها باللّسان واعتقادُ ما دلَّت عليه والعمَلُ بمقتضاها ومحبّتُها والتمسُّك بها أفضلُ ما تقرَّب به المتقرِّبون إلى الله عزّ وجلّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ الله وأني رسولُ الله لا يلقَى اللهَ بهما عبدٌ غيرَ شاكٍّ فيهما إلاَّ أدخله الله الجنّة)) رواه مسلم، وتتضمّن أصلين عظيمَين أن لا نعبدَ إلاَّ الله وحدَه فلا ندعو معه غيرَه، والأصل الثاني أن لا نعبدَ الله إلاَّ بما شرَع.
وشرَع الله الصلاةَ توحيدًا لربِّ العالمين وذُلاًّ وخضوعًا ومحبّةً لله تعالى، يكفِّر الله بها الذنوبَ ويطهِّر بها القلوب، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرأَيتم لو أنّ نهرًا ببابِ أحدِكم يغتسِل منه كلَّ يومٍ خمسَ مرّات هل يبقى من درَنه شيء؟)) قالوا: لا، قال: ((فذلك مثَل الصّلواتِ الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا))
وعن حُمرانَ مولى عثمان رضي الله عنه أنّ عثمان توضّأ وقال: والله، لأحدِّثنَّكم حديثًا لولا آية في كتاب الله ما حدّثتُكُموه، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتوضَّأ رجلٌ فيحسِن وضوءه ثم يصلِّي الصلاة إلاَّ غفِر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها)) رواه البخاري ومسلم.
وشرَع الله الزكاةَ شُكرًا لله على نعمةِ المال وتطهيرًا للنّفس من الرذائل ومواساةً للفُقراء، قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة:103]. والزّكاةُ يحفَظ الله بها المالَ وينمِّيه عن عمرَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تلِفَ مالٌ في برٍّ وبحر إلاَّ بحبسِ الزكاة)) رواه الطبراني في الأوسط، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما خالَطَت الصّدقة ـ أو قال: الزكاة ـ مالاً إلاَّ أفسَدَته)) رواه البزار.
وبذلُ الصدقة حجابٌ من النار ففي الحديث: ((اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تصدَّق أحدٌ بصدقةٍ من طيِّب ولا يقبل الله إلاَّ الطيِّب إلاَّ أخذها الرحمنُ بيمينه وإن كانت تمرةً، فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكونَ أعظمَ من الجبل كما يربِّي أحدُكم فلُوَّه وفصيلَه)) رواه البخاري ومسلم.
وشرَع الله الحجَّ ومحا به الذنوبَ والآثام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العمرة إلى العمرةِ كفَّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنّة)) رواه البخاري ومسلم.
أيّها المسلمون، إنّ اللهَ تعالى لم يكلِّفكم بالفرائضِ والواجبات ولم ينهَكم عن المحرَّماتِ إلاَّ لنفعِكم وتطهيرِكم وسعادتِكم ولما فيه الخير لكم، وليصرفَ المكروهَ والشرَّ عنكم، قال الله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:6].
أمّةَ الإسلام، هذا شهرُ الصيام أحدُ أركانِ الإسلام، فضَّلَه الله على شهورِ العام، وأفاض فيه على المسلمينَ الخيراتِ والبركات، وضاعف فيه الحسناتِ، وتجاوز فيه عن الذّنوب العظام الموبقات، وأقال فيه العثراتِ، فهو شاهدٌ للمحسنين، وشاهد على المعرِضِين والعصاةِ المصرِّين.
وأنتم ـ معشرَ المسلمين ـ في أوَّله، وما أسرعَ انقضاءَ آخره، فأرُوا الله من أنفسِكم خيرًا بفعلِ الطاعات والتوبةِ من المحرّمات؛ فإنّ هذا الشهرَ من أسباب مكفِّرات الذنوب، فرَضَ الله صيامَه، وسنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيامَه، وبشَّر على القيام بذلك أعظمَ البشائر، فاغتنموا هذا الشهرَ يا ذوي البصائر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلواتُ الخمس والجمُعة إلى الجمعَة ورمضان إلى رمضانَ مكفِّرات لما بينهنّ إذا اجتُنِبت الكبائر)) رواه مسلم والترمذي
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أيضًا قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبِه)) رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه)) رواه البخاري، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في ليلةِ القدرِ: ((فمَن قامها إيمانًا واحتسابًا ثمّ وفِّقَت له غفِر له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخّر)) رواه أحمد والطبراني. فانظر إلى ما أفاضَ الله في هذا الشهرِ المبارك على المسلمين من أسبابِ تكفير السيّئات ومضاعفةِ الحسنات.
شهرُ رمضانَ شهرٌ يتهيّأ فيه من أسبابِ الطاعات والبُعد عن المعاصي ما لم يتهيَّأ في غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخَلَ رمضانُ فتِّحَت أبواب الجنة وأغلِقَت أبواب جهنّم وسُلسِلت الشياطين)) رواه البخاري ومسلم، وعنه رضي الله عنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أوّلُ ليلةٍ من رمضان غلِّقَت أبواب النار فلم يفتَح منها باب، وفتِّحَت أبواب الجنة فلم يغلَق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغيَ الخير هلُمَّ وأقبِل، ويا باغي الشرِّ اقصُر، ولله عتقاءُ من النّار، وذلك في كلِّ ليلة حتى ينقضيَ رمضان)) رواه الترمذي.
فيا من يمنِّي نفسَه بالتوبة وهو مكِبٌّ على الذنوب وله عِبرةٌ بمن يغادِر الدنيا ولا يؤوب، ذهبت لذّاتُ الأيّام الخاليات، وبقِيت التّبِعات، وكتِب في صحيفَتِك ما عمِلتَ من سيّئاتٍ وحسنات. أتغترُّ ـ أيّها الإنسان ـ بالأجلِ؟! هل أمِنتَ الأمراضَ والعِلَل؟! كلُّ يومٍ مضى لن يعودَ أبدًا.
فبادِر ـ أيّها المسلم ـ بالتّوبةِ النصوح التي تنفعُ صاحبَها في يومِ يفرُّ المرء من أخيه وأمِّه وأبيه، لكلِّ امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه. أقبِلوا على إصلاحِ أنفسِكم وأعمالكم، صوموا عن الغيبةِ والنّميمة وقولِ الزور، واحفظوا أبصارَكم وأسماعكم وجوارِحَكم؛ فإنَّ الصومَ ليس هو الصوم عن الطعامِ والشراب والنكاح فحَسب، واستقبلوا شهرَكم الفضيل بأحسنِ الأعمال، واستقبلوه بالتوبةِ من قبيحِ الفعال، فمن قطَعَ رحمه فليصِلها، ومن فرَّط في واجبٍ فليقُم به ويلازِمه، ومن اقترَفَ سيّئة فليتُب منها إلى ربِّه، ومن آذى أحدًا منَ الخلقِ فليُقلع عن أذيّة الخَلق، ومن ظلَم مسلِمًا أو أحدًا فليؤدِّ إليه حقَّه قبل أن تأتيَ ساعةٌ لا ينفع فيها النّدَم، ومن ادَّعى دعوًى كاذِبة فليتُب إلى الله منها، ففي الحديث: ((مَن ادَّعى كذِبًا فهو في سخَط الله حتى ينزِعَ عن دعواه)).
وحافِظوا ـ عباد الله ـ على صلاة التراويح؛ فإنها سنّة مؤكَّدةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم: ، والقيامِ مع الإمام لتكونُوا ممّن قامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا، ففي الحديث: ((من قام مع الإمامِ حتى ينصرِفَ كتِبَ له قيامُ ليلة))، ولو صلّى في بيته فلا حرجَ عليه، ولكنّ صلاةَ التراويح أفضل.
وأكثِروا من تلاوةِ القرآن في هذا الشهرِ المبارك، فإنّه شهرُ القرآن، وفي الحديث: ((من قرأَ حرفًا من القرآنِ فله بكلِّ حرفٍ عشرُ حسنات، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))، والمناسبةُ بين هذا الشّهرِ والقرآنِ عظيمَة، فقد أنزلَ الله فيه القرآنَ رحمةً للناس، والقرآنُ غذاءُ القلوبِ والأرواح كما أنّ الطعامَ والشراب غذاء الأبدان، فإذا صام المسلم عن غذاءِ البدَن صفَت الروح وضعُفت النفسُ الأمّارة بالسّوء وتغذَّت الروحُ بالقرآن العظيم، فأحِلّوا حلالَه، وحرّموا حرامَه، وآمنوا به، وتدبَّروا آياته، وتفقَّهوا في أحكامه؛ لتكونوا من أهلِ القرآن الذين هم أهلُ الله وخاصّتُه، فمن عمِلَ بالقرآن فهو من أهلِه وإن لم يكن حافظًا لحروفه كلِّها، ومن لم يعمَل بالقرآنِ فليس من أهله وإن كان حافظًا للقرآن، قال الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) آل [عمران:133-136].
بارَكَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم، ونفعنا بهديِ سيّد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائر المسلمينَ من كلّ ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد للهِ معِزِّ من أطاعه واتّقاه، ومُذِلّ من خالف أمرَه وعصاه، أحمده سبحانَه وأشكره على ما أولاه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ربُّ العالمين لا إلهَ سواه، وأشهد أنّ نبينا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله، اصطفاه ربُّه واجتباه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد وعلى آله وأصحابه ومن والاه واتبع هداه.
أما بعد: فاتقوا الله، اتقوا الله أيها المسلمون، واخشوا يومًا ترجعون فيه إلى الله.
عبادَ الله، إنّ شهرَ رمضان جمع الله فيه من الخيراتِ والطاعات وأبوابِ الخير ما فيه حثٌّ على أنواع القرُبات، وسَدّ الله فيه من أبوابِ الذنوب والشرِّ ما فيه أكبرُ داعٍ للتوبة والإقبالِ على الرّبِّ الغفور الودود، فأكثِروا من الأعمال الصالحة فيه، فإنّ اللهَ يضاعفُ فيه الحسنات، واسُوا الفقراءَ والأيتام، فإنّ الله تبارَكَ وتعالى يقول في كتابه: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ) [البقرة:261].
ومِن أبوابِ الخيرِ فيه تفطيرُ الصائم بقدر ما تستطيعُ فاحرِص على ذلك، فإنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم: يقول: ((من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره من غير أن ينقُصَ من أجرِه شيء)).
وأكثِروا فيه من الدعاء والتضرُّع إلى الله تعالى، أكثِروا فيه من الدعاء لأنفسِكم بالمغفرة والتوفيقِ لطاعة الله ومجانبَةِ معاصيه، والدّعاء للمسلمين وولاةِ أمور المسلمين وجمع كلمةِ المسلمين على الحقّ والهدى ومجانبتهم كلَّ ما يسخِط الله عز وجل. ادعوا الله عزّ وجلّ أن يردَّهم إلى تحكيمِ كتابه وإلى سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وادعوا الله أن يؤلِّف بين قلوبهم. وعليكم أن تدعُوا اللهَ تعالى للمستضعَفين المضطَهدين من المسلمين الذين اضطُهِدوا من أعداء الإسلام، فإنَّ الدعاءَ في هذا الشهر المبارك دعاءٌ مستجاب، وادعوا اللهَ عزّ وجلّ أن يحفَظَ المسلمين من كيدِ أعداء الإسلام والمسلمين، فإنّه على كل شيء قدير.
أيّها الناس، عليكم بالإخلاصِ لله في أعمالكم في سرِّها وعلانيتها؛ فإنَّ الإخلاصَ هو روح الأعمال، قال الله تبارك وتعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة:5]، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، فمن أدرَكَه رمضانُ ولم ينتفِع به فمتى ينتفع؟! ومن أدركَته هذه الساعاتُ ومَن أدركته هذه الأيّامُ فمتى يرجِع إلى الله عزّ وجلّ؟! ومتى يتوب إليه؟! وليتذكَّر بأنّ الموت آتٍ وأنه قريب وأنه سيُقام ويعرَض عملُه على ربِّه، والله تبارك وتعالى يقول له: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) [الإسراء:14] .
عبادَ الله، إنّ الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه فقال عزّ من قائِلٍ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب:56، وقد قالَ صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى عليَّ صلاةً واحِدة صلّى الله عليه بها عشرًا)).
فصلّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين وإمامِ المرسلين.
اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلم تسليمًا كثيرا...