الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
العربية
المؤلف | سامي بن خالد الحمود |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - أهل السنة والجماعة |
فهل نحن الآن نعيش مرحلة الهدنة والصلح؟ وهل سنشارك مع أمريكا أو أوروبا في قتال عدو مشترك؟ ثم من هذا العدو المشترك؟! هل هو الإرهاب على حد تعبير الأمريكين والأوربيين؟ أم هو المعسكر الشرقي روسيا والصين واليابان؟ أم هم الصفويون الرافضة؟..
أما بعد: هل اقتربت نهاية العالم؟ وهل نحن في آخر الزمان؟ متى تقوم الساعة؟.
قال بعض المحرفين: عام 2000م، وفي المسألة أقوال سخيفة أخرى, فقيل: 2008، وقيل: 2012، وقال نيوتن: 2060.
ونحن المسلمين نقول: لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يحدد نهاية العالم؛ لأن الله تعالى اختص نفسه بعلم الساعة, فلا يعلمه ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيٌّ مرسل، (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) [الأحزاب: 63].
وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن أمين وحي السماء جبريل -عليه السلام- سأل أمين أهل الأرض محمدًاصلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل", ومع ذلك فإن الله -جل وعلا- قد أطلع نبينا صلى الله عليه وسلم على كل أمارات وعلامات الساعة، وكشف له الأحداث العظيمة التي ستقع في آخر الزمان بين يدي الساعة.
وفي صحيح مسلم من حديث عمرو بن أخطب -رضي الله عنه- قال: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا".
عباد الله: لقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن هذا الواقع الأليم المر الذي تحياه الأمة اليوم ستقع بعده مرحلة أخرى بين يدي الملاحم الكبرى.
روى البخاري وغيره من حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ مَوْتِي" -أي: موت الحبيب صلى الله عليه وسلم-, "ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ" -كما وقع في عهد عمر- "ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ" -أي الطاعون كما وقع في طاعون عَمَواس في بلاد الشام وفيه قتل أبو عبيدة وغيره من الصحابة- "ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا" -قيل: إن هذا زمن الفتوحات وكثرة المال، وقيل إنه بسبب عدم القناعة والرضا, أو ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بحيث لا يكفي المالُ الكثيرُ لحوائج الناس- "ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ" -قال بعض أهل العلم إنها وسائل الإعلام بأنواعها، والتي لم يسلم منها بيت من البيوت- "ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً (أي راية) تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا" -يعني جيش الروم 960 ألف مقاتل-.
وفي لفظ آخر رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم: "ستصالحون الروم صلحًا آمنًا, فتغزون أنتم وهم عدوًا من ورائهم" -وتأمل أنه قال من ورائهم، ولم يقل من ورائكم- "فتَسلَمون وتَغنَمون ثم تنزلون بمرجٍ ذي تلول" -أي: مكان فيه خضرة ومياه- "فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول: غَلَبَ الصليب، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله، فعندئذ يغدر الروم وتكون الملاحم، فيجتمعون لكم في ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا".
وقد نقل ابن حجر عن اِبْن الْمُنَيِّر قوله: أَمَّا قِصَّة الرُّوم فَلَمْ يَجْتَمِع إِلَى الْآن وَلَا بَلَغَنَا أَنَّهُمْ غَزَوْا فِي الْبَرّ فِي هَذَا الْعَدَد فَهِيَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي لَمْ تَقَع بَعْدُ.
فهل نحن الآن نعيش مرحلة الهدنة والصلح؟ وهل سنشارك مع أمريكا أو أوروبا في قتال عدو مشترك؟ ثم من هذا العدو المشترك؟! هل هو الإرهاب على حد تعبير الأمريكين والأوربيين؟ أم هو المعسكر الشرقي روسيا والصين واليابان؟ أم هم الصفويون الرافضة؟.
الله أعلم، لكن أهل الكتاب يؤمنون إيمانًا جازمًا بهذه المعركة المشتركة, ويسمونها في كتبهم وعقائدهم بـمعركة: (هرمجدون) أو (هرمجيدو)، (هر) بالعبرية يعني: جبل و(مجدون) أو (مجيدو): هو وادٍ في فلسطين, وهو مذكور في بعض الأناجيل، وذكره عدد من مفكري الغرب, وقسسهم بل ورؤسائهم, كالرئيس الأمريكي الأسبق (ريجن)، حتى قال القسّ الأمريكي (جينيس وجرت): "كنت أود أن أستطيع القول بأننا ننتظر السلام أو سنحقق السلام، ولكنني أؤمن بأن معركة (هرمجدون) قادمة وسيخاض غمارها في وادي مجيدو في فلسطين".
ونحن نقول: انتظروا إنا منتظرون, نحن نعتقد بناء على الحديث السابق، إنه ستكون معركة مشتركة بين الروم (أي الأوروبيون والأمريكين) ومعهم المسلمون، وبين عدو آخر، فيغنم المسلمون بعد سلامتهم في هذه المعركة، ثم ماذا؟
تدبّروا الحديث جيدًا، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الروم سيغدرون بنا ثم يجمعون الجيوش ويعدون العدة لاستئصال المسلمين، وقد رُوي عند أحمد بسند ضعيف: أن المدة التي سيجمع الروم فيها الجيوش لاستئصال المسلمين مدة حمل المرأة أي في تسعة أشهر.
في هذه المرحلة الزمنية الخطيرة يحدث في الكون أمر عظيم وهو ظهور محمد بن عبد الله المهدي.
وقد بلغت أحاديث المهديّ مبلغ التواتر عند جماهير علماء الأمة، مما يفيد أن العلم به فرض لازم.. وهو رجل أجلى الجبهة أقنى الأنف من نسل المصطفى صلى الله عليه وسلم من أولاد السيدة فاطمة -رضي الله عنها- كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وصححه العلامة أحمد شاكر والعلامة الألباني من حديث عليّ أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" أي: يهيئه الله للخلافة في ليلة.. يعني ليس ببعيد، أن نبيت ليلة من الليالي، فنستيقظ في الصباح لنسمع نشرات الأخبار ووكالات الأنباء تقول: إن المهديّ -عليه السلام- قد ظهر.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكون النبوّة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوّة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكًا عاضّـًا، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكًا جبريًا -وهو ما تحياه الأمة الآن- فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".
وفي الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهما بسند صححه الألباني في السلسلة من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتُملأنّ الأرض جورًا وظلمًا، فإذا مُلأت الأرض جورًا وظلمًا، يبعث الله رجلًا مني، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيَمْلأ الأرض قِسطًا وعَدلًا، كما مُلِأت الأرض ظُلمًا وجورًا، فلا تُمسِك السماءُ شيئًا من قطرها، ولا تُمسِك الأرض شيئًا من نباتها، فيمكث فيكم سبعًا أو ثمانيةً فإن أكثر فتسعًا".
وربما يسأل سائل: لقد خرج الكثير من الكذابين والدجاجلة وادّعَى كلُّ واحدٍ منهم أنه المهديّ، فكيف نعرف المهديّ الحقيقي؟
لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعلامة صادقة، كما في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم "العجب أن ناسًا من أمتي يؤمّون البيت الحرام -أي: يقصدونه- لرجلٍ من قريش لجأ بالبيت الحرام، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِفَ بهم".. وفي صحيح مسلم من حديث حفصة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يعوذ بالبيت قومٌ ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة، فيخرج إليهم جيش، فإذا كانوا ببيداء من الأرض، خسف بهم".
نعم, يخسف الله بهذا الجيش، فيعلم المسلمون في الأرض أن الذي ظهر ببيت الله الحرام هو المهديّ عليه السلام، فتقبل إليه وفود المسلمين من أنحاء الأرض، وتبايعه على الجهاد في سبيل الله، ويعلن العالم كله الحرب على المهدي وأهل التوحيد، ويخوضون عدة معارك، ما هي هذه المعارك؟
في صحيح مسلم من حديث نافع بن عتبة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس -يعني إيران- فيفتحها الله، ثم تغزون الروم -يعني أوربا وأمريكا- فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال، فيفتحه الله ".
في الحرب على العراق كثر الكلام عن المهدي، ووجدته الرافضة مرتعًا خصبًا لنشر كذبهم وعقائدهم الباطلة، وسيعلم الرافضة أن المهدي -عليه السلام- ليس المهديّ المزعوم الذي ينتظرونه في سرداب سامراء، فيُخرجون إليه جيشًا فيهزمه المهديّ، ثم يخوض المهدي المعركة الفاصلة الحاسمة مع الروم.
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق" -وهما موضعان شمال سورية بين حلب وتركيا-، سينزل الأمريكيون أو الأوربيون هناك، وانظر إلى القواعد العسكرية الأمريكية الآن في تركيا وفي قلب أوروبا، ثم قال: " فيخرج إليهم جيش من المدينة هم من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم للمسلمين: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا منّا نقاتلهم" -يعني أن بعض جيش الروم يسلمون, أو أنهم كانوا مسلمين، فيتركون جيش الروم وينحازون إلى المسلمين- قال: "فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيتقاتلون فيُقْتَلُ ثُلُثُ الجيش لا يتوب الله عليهم أبدًا" -قيل: لخيانتهم أو ردتهم- قال: "ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله ، ويبقى ثلث فيفتح الله له لا يفتنون أبدًا ".
وفي صحيح مسلم أن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ, وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمْ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ -أي: يقسمون على الموت- لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ -أي قام- إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ (الهزيمة) عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا... فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخُ، إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ".
هكذا ينصر الله عبده المهدي والموحدين معه على كتائب الروم، ويفتح الله لهم مدينة القسطنطينة بغير قتال، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر" قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق فإذا جاءوها لم يقاتلوها بسلاح ولم يرموا بسهم ، وإنما قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الذي في البحر، فإذا جاءوها الثانية قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الذي في البر، فإذا جاءوها الثالثة قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها".
قال الحافظ ابن كثير: "وبنو إسحاق في الحديث هم سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم، وهم من الروم سيسلمون في آخر الزمان، وسيجعل الله فتح القسطنطينة على يد طائفة منه ممن وحد الله وآمن بالصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
عباد الله: وأما المعركة الخامسة: والحاسمة التي يقودها المهدي، فإنها ستكون مع أنجس خلق الله من اليهود.
فإن المهدي والمسلمين يجتمعون لقتال الدجال واليهود, فينزل الله المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام- عند المنارة البيضاء شرقي دمشق على جناحي ملك, وتحين صلاة الفجر فيقدم المهدي عيسى للصلاة بالناس, فيأبى عيسى ويقدم المهدي ويصلي خلفه، ثم يواجه عيسى الدجال، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، فيهرب فيدركه عيسى عليه السلام عند باب لد الشرقي فيقتله بحربته، وتنطلق صيحات الجهاد في فلسطين، وينطق الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهوديّ ورائي فاقتله، فيقتل المسلمون اليهود، ويطهر الله الأرض من نجاستهم وقذراتهم.
عباد الله: وبعد ذكر هذه الملاحم والأحداث، هذه بعض الوقفات:
1/ إن الكلام عن الملاحم وعن المهدي، لا يجوز أن يكون مدعاة للتكاسل والتواكل أو الجلوس أمام نشرات الأخبار انتظارًا لخروج المهدي، بل إن هذا الكلام مجدد للأمل، معين على العمل، إن الأمل يدفع العقلاء للعمل، الأمل في موعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم بنصرة الإسلام وظهوره، يدفعنا للعمل لديننا، وإعداد أنفسنا وتربية أبنائنا، وإصلاح مجتمعاتنا، لنكون مؤهلين حقًا لحمل لواء الدين، وإنقاذ البشرية ولو بعد حين, وهناك فرق بين أعمار الأمم وأعمار الأفراد، ونحن مسؤولون عن أعمارنا فقط.
2/ يجب أن لا يصاب أحد منا بيأس أو قنوط حتى ولو اشتدت ظلمات الواقع، فهي إرهاصات بين يدي الفتح المقبل -إن شاء الله- (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) [الزمر:20].
3/ التزوُّد بالتقوى والعمل الصالح: كل علامات الساعة الصغرى التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم قد وقعت، وإرهاصات المهدي موجودة بين أيدينا الآن، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أن الله سيصلحه في ليلة، فالبدار بالتوبة، والتزود للآخرة (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197].
4/ حتى تنجو من الفتن، وتسلم من الدجال، وتلحق بركب الموحدين الأبطال، احرص -رعاك الله- على التسلح بالعلم الشرعي والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أقول ما تسمعون، وأسأل الله أن يعيذنا من الفتن.
الخطبة الثانية
بعد أن أعادت حثالة الدنمارك الحقيرة نشر الرسوم المسيئة للحبيبصلى الله عليه وسلم وأيدتهم حكومتهم، وتبجحت بدعمها لحرية الصحافة، والمكتبة الحكومية توثق هذه الرسوم لأنها أصبحت جزءًا من تاريخ الدنمارك, كم هو حقير أن يصرح وزير الداخلية الألماني -قاتله الله- بتأييده نشر هذه الرسوم, ويدعو صحف أوروبا لنشر هذه الرسوم تضامنًا مع صحف الدنمارك، ثم تعود وزارة الداخلية الألمانية لتنفي هذه التصريحات, إلى متى -يا عباد الله- الأمة تغلي وتكاد أن تنفجر، ولا تزال الشعوب تخرج إلى الشوارع، وتدعو في المساجد، وتنتظر مواقف جادة من الحكومات العربية والإسلامية؟ نعم، لا يصح أن نملي على الحكام آراءنا، إما أن تفعلوا كذا وإلا فلا خير فيكم، لكننا نطالب بتحرك إيجابي فعال بقدر الاستطاعة، ونقول: إن الأمر عظيم, والمسؤولية كبيرة, وسيُسأل عنها كلُّ من ولي أمر المسلمين بين يدي الله -جل جلاله- ولا أنسى أن أتحدث عن ما أملكه أنا وأنت، بالعودة إلى الله -تعالى- ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم في حياتنا, والرجوع إلى دينه وهديه، كما أؤكد على سلاح الشعوب الفعال، سلاح المقاطعة الذي نغيظ به الكفار، كما قال تعالى عن المؤمنين: (وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) [التوبة:120]، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) [الشورى:39]، إن المقاطعة الاقتصادية من الجهاد بمعناه العام، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني.
ثم نقول: هل للمقاطعة من ثمار؟ الإجابة: وهل يشك عاقل في ذلك؟، وقد نقلت لكم في الأسبوع الماضي بعض تصريحات المسؤولين الدنمركيين هذه الأيام.
ثم يخرج علينا بعض الناس على القنوات وفي الصحف، بكل برودة ويقول: لماذا نقاطع؟ قاطعنا في الماضي فماذا استفدنا؟ يا أخي! المقاطعة سبيل مقاومة ووسيلة ضغط، وليست الحل الوحيد للأزمة، وحتى على القول بأن أثرها ضعيف، فإن من قاطع بضائع المسيئين للنبي صلى الله عليه وسلم وقصد بذلك إظهار عدم موالاتهم وإضعاف اقتصادهم فهو مثاب مأجور -إن شاء الله تعالى- على هذا القصد الحسن.
وقد استمعت الأسبوع الماضي إلى كلمة لسماحة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى بمشروعية المقاطعة لتلك الدولة الحقيرة، وأقول لبعض الإخوة -هداهم الله-: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [الإسراء: الآية36]، و"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
عباد الله: اسمحوا لي ولو أطلت، فعلى أرض فلسطين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم كم هو مُقَطِّع للقلب أن يستمر الحصار على إخواننا في غزة! ومع الحصار لم تنقطع الهمجية الصهيونية البشعة عن الغارات البشعة على الأبرياء الآمنين، وإنك -والله- لتشعر بالخزي والعار وأنت تشاهد الطفلة الرضيعة وقد هشم رأسها، وأغرقت بدمائها، لتلقى ربها، وعند الله تجتمع الخصوم، (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير:9]؟
اللهم عليك بيهود, اللهم قيِّض لهم يدًا من الحق حاصدة، اللهم ردّ الأمة إليك ردًّا جميلًا، اللهم أيقظ الأمة من الرقاد، وأقم علم الجهاد، واقمع أهل الشرك والفساد.
ماذا يريد العالم اليوم؟ هل يريد من الفلسطيني أن يحاصر في أرضه، ويرى أطفاله يسحقون من حوله، ثم يقف موقف المتفرج ويصفق للقاتل، وإذا رد المجاهدون الشرفاء بما يستطيعون من صواريخ محدودة، قال المجرمون: كل هذه المشكلة بسبب بهذه الصواريخ أو الألعاب النارية الغبية كما يسخر بها وللأسف وزير الإعلام في السلطة الفلسطينية.
وحتى أكون صريحًا أقول: كم هو مخزٍ ما وصل إليه حال السلطة الفلسطينية من الفساد والاختلال والارتماء في أحضان إسرائيل وأمريكا، حتى خرج رئيس السلطة محرضًا الأعداء على أهله وإخوانه ليقول: "أعتقد جازمًا بوجود القاعدة في الأراضي الفلسطينية، وبالتحديد في غزة، وأن ذلك الوجود تم بتسهيل من حماس", وكأنه يعطي الاحتلال الصهيوني لشن المزيد من غارات القتل والإبادة على الأبرياء في غزة، بهدف تصفية خلافه مع حماس, نسأل الله أن يبرم لإخواننا في فلسطين أمر رشد.