الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
العربية
المؤلف | ناصر بن مسفر الزهراني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الحكمة وتعليل أفعال الله |
إنها بوابة عظمى? للدخول إلى? سوق القبائح، وميدان الفضائح، إنها شرارة توقد نيران الفواحش، وتحيي جذوة الرذائل، إنها مفتاح لقفل الشهوات، وباب للنزوات، وبوابة للعثرات، وتتابع الحسرات؛ ولئن كان الزنا والخنا، والفسق، والفساد، معاص منكرة، وفواحش مبغضة، وخبائث مخزية، فإن الخمر -بمشتقاتها- أم الخبائث، إنها أم عاهر خائنة، لا تلد إلا كل فحش وفجور، ومنكر وزور، وضياع ودحور، إنها) رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ..
القضايا الأسرية والاجتماعية التي تمر بي كثيرة جداً، وكثير منها تبعث الألم، وتورث الحسرة، وتشعل الأحزان؛ ولكن أشد القضايا مضاضة، وأبشعها قبحاً، وأخبثها أثراً، هي ما تكون بأسباب الخمور والمخدرات.
إن هذا الداء اللعين، والمرض الخبيث، يجر أربابه إلى فعال تستحي منها القبائح، وتخجل منها الرذائل؛ إنها قد تجر أربابها والمدمنين عليها إلى أمور مغرقة في التدني والانحطاط والخسة، والخروج من الإنسانية، مما يجعلني أنزه مثل هذا المنبر عن ذكر بعضها؛ فو الذي نفسي بيده! إن الجسم ليرتعد، والمشاعر تتمزق، والوجدان يتبدد، لمجرد الحديث بتلك القصص أو عنها، فكيف بمعاينتها أو معالجتها أو الاطلاع على تفاصيلها؟ وإن الإهمال الذي يحدث الآن للأبناء بل وللبنات -وهذه طامة كبرى- كان منه أن أصبحت هذه الخبائث تتداول حتى في صفوف بعض الطالبات.
إن الإهمال الكبير للأبناء والبنات، وتركهم فريسة للهو والفراغ، والشهوات والشبهات، وقرناء الشياطين، إنه سبب أكبر في ظهور أمور مفزعة، وأخلاقيات مخجلة، لو تهاونا بها وبعلاجها فسوف نصبح على واقع مُرٍّ، مفتَّتٍ مُهْتَرٍ، مسخوطٍ عليه.
إن علينا أن نكون في قمة الحذر والحيطة، والخوف والمتابعة والملاحظة، والنصح والتوجيه والتوعية والتربية لأجيالنا؛ فإنهم يصارعون المخاطر، ويتعرضون للمتالف، وتحيط بهم المخاوف.
إن من يتعاطى الخمر والمخدرات يشوه منظر الحياة، ويسيء لرونق الجمال، ويعكِّر صفاء الوجود، ويدمر كيان نفسه؛ إنها تصور الإنسان في أحط أشكاله، وأرذل أحواله، يوم يتخلى عن عقله، ويتنكر لفكره، ويتنصل من رجولته، ويبيع حياءه، ويقتل عفته، وينكس أعلام شرفه، يوم ينتقل من الإنسانية المكرمة إلى الحيوانية المهملة، والبهيمية السائمة.
إن الإنسان قد يُجَرُّ إلى أمور يظن أنها من متع الحياة، ومباهج الدنيا، وزينة الوجود، ولكنها وجه منير، وقلب حقير، وصورة حسنة، وحقيقة قبيحة، تبدأ تذوقا، وتنتهي تعلقا، وتنطلق ترفا فتصبح شغفا، وتتعاطى استحسانا فتكون إدمانا، وتؤخذ تقليدا فتتحول أمراً نكيداً، وذلاً شديداً ومقتاً أكيداً.
إنها بوابة عظمى للدخول إلى سوق القبائح، وميدان الفضائح، إنها شرارة توقد نيران الفواحش، وتحيي جذوة الرذائل، إنها مفتاح لقفل الشهوات، وباب للنزوات، وبوابة للعثرات، وتتابع الحسرات؛
ولئن كان الزنا والخنا، والفسق، والفساد، معاص منكرة، وفواحش مبغضة، وخبائث مخزية، فإن الخمر -بمشتقاتها- أم الخبائث، إنها أم عاهر خائنة، لا تلد إلا كل فحش وفجور، ومنكر وزور، وضياع ودحور، إنها( رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) [المائدة:90].
قل لي بربك: هل يرضى المسلم باللعنة، ويتهاون المؤمن بالمقت، ويوافق العاقل الطرد من رحمة الله؟! عن أنس _رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له" أخرجه الترمذي وحسنه.
إن الإنسان المسلم لا يشربها إلا في حالة قد نسي فيها إسلامه، وتنكر لإيمانه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" أخرجه البخاري ومسلم.
وروى الإمام أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن" أخرجه أحمد وصححه الألباني؛ وذلك أن الإدمان مرحلة يصبح فيها الإنسان عبداً للخمر، فلو كان ثمنها عرضه أو ربما حياته لجاد بها، فهي أقصى درجات التعلق والعبودية التي لا تصرف إلا لله.
وفي حديث آخر: "لا يدخل الجنة مدمن خمر" أخرجه ابن ماجة وصححه ابن حبان والألباني.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم: "إن على الله -عز وجل- عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال" قيل: وما طينة الخبال؟ قال: "عرق أهل النار. أو عصارة أهل النار" ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَن شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً" أخرجه الترمذي وحسنه.
والخمر اسم جامع لكل ما خامر العقل، أي غطاه، سكراً وتلذذاً من أي نوع كان؛ وقد ذكر علماء الشريعة والطب والنفس والاجتماع للخمر مضاراً كثيرةً، فمن مضارها أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ لأن صاحبها يتعلق بها ولا يكاد يفارقها، وإذا فارقها كان قلبه معلقا بها؛ ومن مضارها ما فيه من الوعيد الشديد والعقوبات، ومن مضارها أنها تفسد المعدة وتغير الخلقة، فيتمدد البطن، وتجحظ العيون، والسكر يسرع في تشوه الخلقة والهرم، وحدوث السل الرئوي، وتقرح الأمعاء، وإضعاف النسل أو قطعه بالكلية.
ومن مضارها فساد التصور والإدراك عند السكر، حتى يكون صاحبها بمنزلة المجانين، ثم هي بعد ذلك تضعف العقل، وربما أدت إلى الجنون الدائم؛ ومن مضارها إيقاع العداوة والبغضاء بين شاربيها وبين من يتصل بهم من المعاشرين والمعاملين؛ لأن قلوب أهل الخمر معلقة بها، فهم في ضيق وغم، كل كلمة تثيرهم، وكل عمل يضجرهم، لا يفرحون ولا يسرون بشيء إلا بالاجتماع عليها.
ومن مضارها قتل المعنويات والأخلاق الفاضلة، وأنها تغري صاحبها بالزنا واللواط وكبائر الإثم والفواحش؛ ومن مضارها أنها تستهلك الأموال، وتستنفذ الثروات، حتى تدع الغني فقيرا، وربما وصلت به الحال أن يبيع عرضه أو عرض محارمه للحصول عليها. صلوات الله وسلامه على من سماها أم الخبائث، ومفتاح كل شر.
ولقد كانت الدول الكافرة المتحضرة تحاربها أشد المحاربة، وتنشئ الجمعيات العديدة للتحذير منها، والسعي في نهي المجتمع عنها؛ لِما علموا فيها من المضار الخلقية والاجتماعية والمادية، ولقد سبقهم الإسلام في ذلك فحذر منها غاية التحذير، ورتب عليها من العقوبات الدنيوية والأخروية ما هو معلوم لعامة المسلمين، بل ما أعظم الفرق بين امتثال المسلمين لامتثال النهي عن الخمر بكلمة واحدة من ربهم جل وعلا: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:91]، وبين محاولات الغرب وأهله وما بذلوه من أجل نهي الناس عن الخمر!.
ومن ذلك: منعت حكومة أمريكا الخمر، وطاردتها في بلادها، واستعملت جميع وسائل المدنية الحاضرة كالمجلات والجرائد، والمحاضرات، والصور والسينما، لتهجين شربها، وبيان مضارها ومفاسدها، ويقدِّرون ما أنفقته الدولة في الدعاية ضد الخمر بما يزيد على 60 مليون دولار، وأن ما نشرته من الكتب والنشرات يشتمل على 10 بلايين صفحة، وما تحملت في سبيل تنفيذ قانون التحريم في مدة أربعة عشر عاماً لا يقل عن 250 مليون جنيه، وقد أعدم فيها 300 نفس، وسجن 532335 نفس، وبلغت الغرامات إلى 16 مليون جنيه، وصادرت من الأملاك ما يبلغ 400 مليون جنيه، ولكن كل ذلك لم يزد الأمة الأمريكية إلا غراما بالخمر، وعناداً في تعاطيها، حتى اضطرت الحكومة سنة 1933م إلى سحب القانون، وإباحة الخمر، في مملكتها إباحة مطلقة.
أما المسلمون حينما سمعوا قوله تعالى: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:91]، فإنهم قالوا: "انتهينا ربنا" أخرجه أحمد.
وحينما نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس أن الخمر حرمت، كانت سرعة الاستجابة، فمن كان في يده كأس حطمها، ومن كان في فمه جرعة مجها، وشقت زقاق الخمر، وكسرت دنانه، بل يقال سالت بعض طرق المدينة بالخمور، وفي التدرج في تحريم الخمر والمقدمات التي سبقت التحريم درس عظيم في التدرج في أمور كثيرة، حين إرادة منعها أو الأمر بها.
إن الإسلام حرم على الناس كل ما يتلف حياتهم، ويدمر أخلاقهم، ويفسد مشاعرهم، وما نهاهم عن أمر إلا وهو الشر والأذى والهلاك بعينه، ولك أن تتأمل ما يجري في حياة الناس اليوم من المعاصي والفضائح والقبائح، والاضطراب والأمراض والأوبئة، والجرائم والمآسي بأسباب الخمور، لتعرف بذلك عظمة الإسلام، ونقاء المنهج وروعة الإيمان.
هل من خمر حلال؟! أحدثكم عن كأس من الخمر، وكوب من النشوة، كأس من الخمر في صحبة حورية فاتنة، وجميلة آسره، ورفقة أوفياء، على نهر جار، وفي بستان أنيق، وفاكهة يانعة، جو حالم، وهناء دائم، وفكر هائم، نساء المؤانسة، أبكار وثيبات، فاتنات حوريات، رائعات ساحرات، لكنهن طاهرات عفيفات، سعيدات مسعدات، ما عرفن الزور والبهتان، ولم يطمثهن إنس قبل ذلك ولا جانّ؛ فأما الفاكهة ألوان زاهية، ولذة متناهية، وقطوف دانية؛ أما الرفقة فهم من كل صديق وحميم، وعفيف وكريم، تعرف في وجوههم نضرة النعيم؛ أما طاقم الضيافة، فولدان مخلدون، وغلمان منعمون، تشرق وجوههم نوراً، ويملؤون النفس سروراً، وإذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً.
أما موقع الضيافة فهو فوق ما يخطر على بال بشر، وأمتع وأجمل ما يقع عليه النظر، إنه في جنات ونهَر، في مقعد صدق عند مليك مقتـدر، في مكان فوق ما يصف الوصف، وأعظم ما يتوهمه المتوهمون، في جنةٍ (فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) [محمد:15].
أما المضيف فهو أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، واسع الفضل، عظيم البذل، ذو العطاء الجزل، ينادي ضيوفه الأكرمين، وزواره المؤمنين، وجيرانه الفائزين، قائلا لهم: "يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك! فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى يا ربنا، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" أخرجه البخاري ومسلم.
ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم" أخرجه مسلم.
دَعْ عَنْكَ لوْمي فإنَّ اللَّوْمَ إِغراءُ | وداوِني بالَّتي كانتْ هي الداءُ |
صَفْراءُ لا تنزلُ الأحْزانُ ساحتَها | لو مسَّها حجَرٌ مسَّتْه سرَّاءُ |
فَلَوْ مَزَجْتَ بِها نُوراً لمازَجَها | حتَّى تولَّدَ أنْوارٌ وأضْواءُ |
فقُل لِمَنْ يدَّعي في العِلْمَ فلسفةً | حفِظْتَ شيئاً وغابتْ عنكَ أشياءُ |
لتلكَ أبْكي، ولا أبكي لمنزِلةٍ | كانت تحلُّ بها هنْدٌ وأسْماءُ |
يا مخبراً عن الكاس، أشعلت شوق الناس، وأيقظت كوامن الإحساس، فأتمم لنا السلوة والإيناس، بشيء من أخبارها وبعض من أسرارها. قال تعالى مبيناً بعض الأوصاف عن وصف الخمر التي أعدها للأضياف: (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ *فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ) [الصافات:40-47].
انظر إلى روعة الخمر في الآخرة، وبديع أوصافها، فهي مخالفة لخمر الدنيا تماما، وأهم صفاتها التي ذكرت أنها بيضاء، فهذا جمال الشكل؛ ثانيا: أنها لذة للشاربين، وهذا جمال الطعم؛ ثالثا: أنه ليس فيها صداع للرأس ولا وجع للبطن؛ رابعا: لا تذهب بالعقل، وهذه صفة أساسية وميزة فريدة؛ خامسا: لا يصحبها لغو ولا إثم.
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) [الطور:21-23].
وقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الواقعة:10-24].
وقال تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) [الإنسان:5-6].
انظر إلى قوله تعالى: (لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) [الطور:23]، فهو تعريض بما يصاحب خمر الدنيا من ذهاب العقل، وقلة الروية، وزلات اللسان، ولغو القول، وسفه الحديث، والوقوع في الإثم، سواء قولاً أو فعلاً أو سماعاً، فهذه الأمور هي غالباً مما يصاحب مجالس الخمر في الدنيا، ولا تخلو عنها منتديات الندامى، ولذلك نفاها الله عن عباده حين تمتعهم بخمر الآخرة، كما في قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا) [النبأ:31-35]، وهذه إضافة جديدة في مساوئ خمر الدنيا، وهي الإشارة إلى وصم روادها بالكذب، واستمراء الخداع.
إن الخمر والمخدرات خطر أكبر يهدد المجتمعات المسلمة، وهي أكبر عدو؛ إنها أشد فتكاً من الحروب والكوارث، فهي تضيع الدنيا والدين، وتورث الحسرة في الدارين.