البحث

عبارات مقترحة:

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

مقاصد الشريعة وأهدافها

العربية

المؤلف الشيخ د عبدالرحمن السديس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. من خصائص الشريعة الاسلامية .
  2. أقوال الأئمة الأعلام في مقاصد الشريعة .
  3. التعامل مع مقتضيات وتغيُّرات العصر .
  4. الشريعة الإسلامية الحل الأمثل لإخراج الأمة من ظلمات التخبط الموجود .

اقتباس

فهذه الأمة اليوم وهي تعاني الأزمات العالمية وتكابد التحديات الدولية، هذه القضية المهمة في كل مجال من مجالاتها فتعرضها وهي المؤهلة لمواكبة الأحداث الراهنة المعاصرة ببحث مشوق وطرح متزن، واقتصاد معتدل، وأسلوب آخاذ لعلاج ما تتعرض له الأمة بل العالم من أزمات تهدد أمنه واستقراره وقيمه واقتصاده فننهل من الشريعة التي قصدت إلى إحقاق الحق وإقامة العدل ونشر الأمن وتحريم الظلم ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. 

اللهم ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، أنت الذي خلقتنا وهديتنا وجعلتنا من أمة القرآن فلك المكارم والمحامد كلها بجوامعي وجوانحي وبياني.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرع لنا من الدين أسمى الغايات وأعظم المقاصد، ومن علينا بأعظم علينا بأعظم شريعة هدفت لجلب المصالح ودرء المفاسد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، خير قدوة للمتقين وقائد، وأمثل أسوة للسالكين ورائد، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الخيرة الأماجد، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الجديدان، إلى يوم الدين وسلم يا ذا العلا تسليما كثيرا ً.

أما بعد:

فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي وصية مضمخة بعبق الإيمان معطرة بأريج المودة والتحنان مغدودقة بسنى التآخي والإحسان تلكم هي الوصية بتقوى الله الواحد الديان ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) [آل عمران: 102] ألا فالنسلك إلى المولى سبيلا ولا نطلب سوى التقوى دليلا.

معاشر المسلمين: على حين نهزة من عالم عج بالأزمات وضج بالتحديات، وفي هدأة من زمن طغت فيه الماديات وتعاقبت التحولات المجهدات، واتسم بالمتغيرات والمستجدات تتبدى قضية جوهرية تعد أهم قضية محورية يتحقق من خلالها صلاح العالم وسعادة البشرية ورفاهية الإنسانية، وتنتظم جرائها مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد كيف لا وهي بلسم الجراح، وإكسير النجاح، وسبب الفلاح وتحقق الصلاح. تلكم -يا رعاكم الله- هي قضية مقاصد الشريعة علماً واحتجاجاً عملاً وانتهاجاً، وتعرفاً على حكمها وأسرارها ومراميها وآثارها في علاج القضايا والملمات والنوازل والأزمات، يضطلع بهذا الركاز الأكمل في قول فصل ينبني على طوع وأصل قادة الأمة وعلماؤها وأهل الحل والعقد فيها ومثقفوها ومفكروها وحملة الأقلام ورجال الإعلام ورادة الإصلاح.

أيها المؤمنون: إن الشريعة الإسلامية الخالدة التي اصطفاها المولى سبحانه لتكون خاتمة الرسالات وأوعبها لأحكامها وأغراضها هي الملة البديعة في حقائقها، المنيعة في دقائقها التي عمت الخلق رحمة وبشرى، وهداية وبشرى، فوزاً وصلاحاً، وإسعاداً وإرباحاً. ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [النحل: 89].

نعم -وايم الله- إنها الرسالة المباركة الميمونة التي اتسمت بالتطور والمرونة ومواكبة أحداث العصور ومستجدات النوازل والقضايا في جميع الدهور دون عجز أو إبطاء أو تعد وإسقاط ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) [الأنعام: 38].

فهي شريعة الشمول والكمال وصلاح أحوال المكلفين في الحال والمآل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) [المائدة: 3 ] وإن من عظيم محامدها في صلاح أحوال الناس في العاجل والآجل مستجلبة لهم أكبر المصالح والظروف وأعظم الهدايات والقروب.

يقول شيخ المقاصديين الإمام أبو إسحاق الشاطبي –رحمه الله-: في موافقاته الموثقة والمعتمدة: " أن استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد ".

ويقول الإمام الغزالي -رحمه الله– " ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وأكلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة ".

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله– " إن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، وتعظيم المفاسد وتقليلها ".

ويقول الإمام العلامة ابن القيم –رحمه الله- : " والشريعة مبناها على الحكم ومصالح العباد في أمور المعاش والمعاد، فهي خير كلها، ورحمة كلها، وعدل كلها، ومصالح كلها". انتهى كلامه –رحمه الله-.

نعم -يارعاكم الله- سواء أكان ذلك في باب الضرورات أم الحاجيات أم التحسينيات، وإنها بهذا الطرح المقاصدي المؤصل لتنبأ على أنها ليست موضوعة حيثما اتفق، أو لمجرد أسر الناس تحت سلطة الدين كلا بل وضعت لتحقيق مقاصد الشارع في انتظام مصالحهم في الدين والدنيا معاً. ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) [الملك: 14].

إخوة الإيمان: وتزداد إشراقاً هذه المعاني النبيلة والمرامي الرحيمة الجليلة إذا زلفنا إلى ساحة العصر وميادينه، وما تعج به من نوازل ومستجدات لتفيء بالأمة إلى مرفأ التطبيق الصحيح الأوحد والاقتداء الأمثل، والهدف الأصوب والدليل الأنصع، وذلك لتحقيق أعلى المصالح ودفع المفاسد في منظومة خيرة لتحقيق سليم لمقاصد الشريعة وأهدافها من حيث تدقيق النظر وسعة الفهم وعمق الاستنباط والمكنة في استخراج النصوص والغوص في معانيها وربطها بالوقائع وملابساتها والأولويات وحاجاتها، والمنافع ومآلاتها خاصة في مثل هذا الواقع المعاصر وما امتاز به من سبق انتقالي مذهل وتطور معرفي وثاب، أفرز كثيراً من القضايا التي تفتقر إلى بيان حكم الشريعة فيها من لدن أكفاء مؤهلين علمياً ومقاصدياً على حين غرة من تكاتف الأعداء والمغرضين والشانئين والمبغضين الذين امتشقوا ألسنتهم الناهشة وصفاً لها بالقسوة والغلظة تارة، ورمياً إياها بالجمود والركود أخرى.

وعلى حين من تحريف لنصوصها وتأويل لأدلتها من قبل فئام من الناس وغفلة وذريعة عن تحقيق مقاصد الشريعة واستنباط المصالح وأولياتها ومدى تفاوت درجاتها وكذا المفاسد وتباين دركاتها حتى أصبحت هذه القضية ألية برب البرية من فرط عبث المتنطعين وفوضى المنتحلين من ضرورات العصر وإلزامات الزمان التي تحقق لسفينة الأمة الإسلامية الاستواء على جودي الأمان في منجاة من عواصف الآراء النازقة المضلة، وأمواج الأهواء الفاتنة المذلة.
 

أحبتي الأكارم ذوي النهلة والمكارم: ومع مكانة هذه القضية العظمة وأهميتها القصوى إلا أنها مازلت بحاجة ملحة لإبرازها وتجليتها وربطها بقضايا الأمة وحسن توظيفها لعلاج مستجدات العصر العويصة وتحدياته الغويصة التي لا يعلم بها إلا الجهابذة الأفذاذ، وقد آن الآوان لاستيعابها وتفعيلها وتحقيقها في عالم اليوم قبل أن يتسع الخرق على الراقع في تفعيل لفقه الترجيح المقاصدي، وتأصيل وتحقيق للمقاصد الزاهرة لهذه الشريعة الربانية العالمية الزاخرة ونشراً لمقاصدها ومزيد مباهجها وعُلي معارجها على العالمين.

الدين جاء لسعادة البشر ولانتفاء الشر عنهم والضرر وقصده التحقيق لمصالحهم والدرء للمفاسد والقبائح.

أمة الإسلام: وتبرز قضية المقاصد في أبهى صورها في تمام العبودية لله الحق والمصلحة والرحمة بالخلق وانتهاء بهم إلى كل خير ومصلحة وطيب ومفلحة.

فهذه الأمة اليوم وهي تعاني الأزمات العالمية وتكابد التحديات الدولية، هذه القضية المهمة في كل مجال من مجالاتها فتعرضها وهي المؤهلة لمواكبة الأحداث الراهنة المعاصرة ببحث مشوق وطرح متزن، واقتصاد معتدل، وأسلوب آخاذ لعلاج ما تتعرض له الأمة بل العالم من أزمات تهدد أمنه واستقراره وقيمه واقتصاده فننهل من الشريعة التي قصدت إلى إحقاق الحق وإقامة العدل ونشر الأمن وتحريم الظلم والغش والغال والربا والابتزاز والمكاسب المحرمة والحيل الموهومة، فلابد من استنهاض همم العلماء وأرباب الفكر والإصلاح واستنفاذ جهودهم لإبراز المنهج الإسلامي المقاصدي الأقوم في إيجابية فعالة حيال متطلبات العصر وتحولاته وتموجاته واستحداثهم لعلاج قضايا العصر ومستجداته لتتحقق للأمة مكانتها على خارطة العالم. كيف لا وهي أمة الشهادة على الناس ورحمة للعالمين.

أمة الإسلام: وإن ما يعيشه العالم من تخبط وكوارث هي همة الهمم والتي لا يتحملها إلا الفهم الصحيح لمقاصد شريعتنا الغراء وأهدافها السامية التي لا تفنى جواهرها ولا تبلى أزاهيرها في تحقيق لسعادة البشرية وصلاح لأحوال الإنسانية يوم أن تهاوت الشعارات وحصحص الحق وبان الصبح لكل ذي عينين.

إذا سكن الغدير على صفاء

وجنب أن يحركه النسيم
ترى فيه السماء بلا امتراء كذا تبدو الشمس والنجوم

حتى تنادى عقلاء العالم والمنصفون الشرفاء بضرورة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لانتشال البشرية المعناة من دامس الظلم وتفرق الهدف، فهل يعي بجد واستبصار مقاصد الشريعة في حفظ الدين من استخف بالعقيدة، ونال من الثوابت، وشكك في المسلمات، وأخضعها للمزايدات والمناسبات.. وثلم رموزها، وسعى في إسقاطهم، وبث الشائعات المغرضة عنهم، وقلل من مكانة العلماء الربانينن، وهز هيبتهم، وأضعف ثقة العامة بهم ، وأحيا العداوات أمام الفتاوى الفجة بلا حجة وأذكى الاجتهادات الأحادية التي لا تقدر الآثار والاعتبارات، واستهان بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشط عن منهج الوسطية والاعتدال وتقحم فلول الغلو والإرهاب، أو ارتضى التميع في ركاب الانهزامية والمسوخ والتبعية.

وهل يدرك المسئولية واستشعار مقاصد الشريعة في حفظ النفس من أيقظ الفتنة وحمل السلاح على الأمة،واتخذ العنف برهاناً وعنواناً فلم يبال بسفك الدماء المعصومة وانتهاك الحرمات المعلومة، ووقفت عنده الفتن، فشق عصا الطاعة وفارق وحدة الجماعة وامتطى صهوة التكفير منهجاً والتكذيب مسلكاً، ولم يقم وزنا لأمن الأمة واستقرارها وانتظام عقد ائتلافها واجتماعها ؟ وهل يستجيب بحزم وانتصار مقاصد الشريعة في حفظ العقل من أرخصه بالمسكرات وقضى عليه بالمخدرات، تعاطياً وتسليماً وترويجاً وتهريباً وأسلم زمام عقله لقراصنة الفكر وغزاة العقول في تهديد مروع لأمن الأمة الفكري ونسيجها الاجتماعي المتميز ؟

ويا سبحان الله -عباد الله- كيف يسعى في جنون من عقل، وهل يستيقن بغيرة واقتدار مقاصد الشريعة من لم يبال بالأعراض فجعلها نهباً لرخيص الأغراض وأقوي دواعي الرذيلة ووارى الفضيلة خاصة في قضايا المرأة وشؤونها وما يزينها من حياء وحجاب وعفة والدعوة إلى ما يسمى زوراً وبهتاناً تحريراً للمرأة، وهو في الحقيقة وواقع الحال تحللاً لها من الدين والأخلاق والقيم بدعاوى تقتضي التبرج والسفور والاختلاط المحرم، وتسخير محطات الفضاء وقنواته ووسائل الإعلام لهذا الغرض الدنيء المستذل الذي تتأبى دونه فتياتنا الماجدات عن الارتكاس في حمئته ومباءته ويتسامين في شموخ وإباء أن يهبطن من سماء مجدهن وعلياء كرامتهن إلى حظيره ودركاته وهل يبقى للأمة غذاء للروح إذا أصيبت في أخلاقها وقيمها وأعراضها. فالله المستعان.

أمة المراشد والمقاصد: أما ما قصدت إليه الشريعة في حفظ المال وجوداً واستثماراً لا استنزافاً وإضراراً فهو التوازن الرشيد للاقتصاد الإسلامي الفريد الذي تتأكد إليه حاجة الأمة اليوم كيف وقد عصفت بالعالم الأزمات المالية والكوارث الاقتصادية فهلا آن الآوان لتطبيق منهج التحقق الصحيح للمقاصد الشرعية لإنقاذ العالم من أزماته الخانقة بتطبيق النموذج الأمثل للاقتصاد الإسلامي المتألق حتى يتفيء العالم ظلال الإستفادة من مقدراتنا وتجتاز أمتنا الأزمات لتحقيق مكتسباتنا لنجعل منها بإذن الله قوة اقتصادية عالمية تضمن الحق والعدل والخير والسلام لجميع المجتمعات، وما ذلك على الله بعزيز.

هذا الرجاء والأمل وعلينا الصدق والجد في العمل.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ* هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ ) [الجاثية: 18 – 20] بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والحكمة. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من جميع الذنوب والخطيئات فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

الخطبة الثانية

الحمد لله أحكم الشريعة وجلاها بمقاصدها، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له هدى الأمة لمصالح الأمور ومراشدها، وأشهد أن نبينا محمد عبد الله ورسوله أعظم به من قدوة البرية وقائدها صلى الله عليه وعلى آله وصحبة أكرم بهم من صفوة الأمة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تلألأت السماء بفرائدها وسلم يا رب تسليماً كثيراً.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله تحوزوا في الدنيا أسمى المناقب وفي الآخرة أحسن العواقب.

أيها الإخوة الأحبة في الله:

وبعد أن ألقينا عصا التطواف في حدائق هذه القضية الغناء والروضة الفيحاء باعتبارها زورق نجاة للتوافي بالأمة على مرسى السلامة والحياة، فإن الدعوة الوقفاء موجهة بحب والتياع من منبر خير البقاع من صميم الفؤاد واليراع دعوة لا يمل نداؤها ولا يسأم تردادها وإبداؤها، تنشد الانتشار في كل الأصقاع والقرار في كل الأسماع إلى العناية الفائقة بهذه القضية الشائقة وعقد مواصير الأمة ومستجداتها التي ظهرت كالكلأ في هذا العصر تأكيداً لاستجلاء العظة منها والاعتبار واستخلاص الذكرى والادكار إلا وإن من قول الله عز وجل وعظيم آلائه التي تلهج بها الألسن دعاءاً وابتهالاً وشكراً وثناءاً ما من الله به على هذه البلاد المباركة من تطبيق لهذه الشريعة وعناية بمقاصدها وأهدافها والعمل على نشر قيمها السامية في الرفق والحق والعدل والتسامح والاعتدال والوسطية للعالم أجمع وما وفق إليه ولاة أمرها في أخذ التدابير الواقية والآراء الحازمة لصد سلبيات هذه الأزمات عن هذه البلاد المحروسة بخصوصية متينة ثابتة، وهوية واقعية راسخة.

ولا غرو فقد بلغنا السماء مجدنا وجدودنا وإن لنبغي فوق ذلك مظهراً فمن أكثر من بلاد الحرمين الشريفين وهي التي تتمتع بالعمق الديني والثقل العالمي والمكانة الدولية المرموقة بل هي المؤهلة بجدارة دينياً وتأريخياً وحضارياً من حمل لواء انتشال العالم من نفق أزماته المظلم، وذلك بإبراز النموذج الإسلامي الحضاري الموفق بإشراقاته وجمالياته في كل مجال من المجالات لاسيما الجانب الاقتصادي الإسلامي الوضاء الذي ينضح بالنماء ويفيض بالعدل والعطاء ويجلب الخير والرخاء للإنسانية جمعاء، ولن تعدم هذه البلاد المباركة السباقة الخير والتقدير، والدعاء، والشكر والامتنان، والثناء عن مثل هذه المبادرات التاريخية لإسعاد البشرية وإنقاذ الإنسانية فضلاً عن علاج تداعيات الأزمة من الناحية الوطنية والإقليمية.

ومن بديع الأمثال قولهم: سامعاً دعوت ومصغياً ناديت.

حفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين من سائر شرور الحوادث، وأخطار الكوارث بمنه وكرمه إنه جواد كريم.

ومسك الختام في هذا الموضوع الهام، ما سطره الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله– أن أجمع آية في مصالح الأنام هي قول الملك العلام: ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [النحل: 90].
فلله دره من إمام يفيد من نور علمه كل لوذعي همام.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- سراً وجهراً على خير الورى دراً وأفضلهم شرفاً وقدراً نبينا محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي كما أمركم بذلك المولى الكريم العلي، فقال تعالى قولاً كريماً: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [الأحزاب: 56].

اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد صفوة الباري ورحمته وخيرة الله من خلق ومن نسم، وارض اللهم عن خلفاءه الراشدين والأئمة المهديين ذوي القدر الجلي والشرف العلي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاءاً رخاءاً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا اللهم وفقه لما تحبه وترضى وخذ

بناصيته إلى البر والتقوى، اللهم كن له على الحق مؤيداً ونصيراً، ومعينا وظهيراً، اللهم وفقه ونائبه وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين وإلى ما فيه الخير للبلاد والعباد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المآل.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين عامة يارب العالمين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان الذين يجاهدون لنصر دينك وإعزازه يا ذا الجلال والإكرام. اللهم انصرهم في كل مكان اللهم انصرهم في فلسطين على الصهاينة الغاصبين المحتلين، اللهم أنقذ المسجد الأقصى من براثن المعتدين المحتلين، اللهم احفظه واجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغث بلادنا بالخيرات والأمطار والغيث العميم.

وقلوبنا بالإيمان واليقين يا ذا الجلال والإكرام. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً ز ربنا تقبل منا إنك أن السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واغفر لنا ولولدينا ولولديهم ولجميع المسلمين الأحيتاء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين