الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | أسامة بن عبدالله خياط |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - صلاة الاستسقاء |
وأكثِروا ـ يا عباد الله ـ مِن الاستغفار، فإنّه من أعظم أسبابِ الغيث، كما قال سبحانه على لسانِ نبيِّه هود: (وَي?قَوْمِ ?سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ?لسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى? قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) هود:52، وقال حكايةً عن نوحٍ عليه السلام: (فَقُلْتُ ?سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ?لسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْو?لٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـ?تٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) نوح:10-12.
أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله وابتغوا إليهِ الوَسيلة، واذكروا أنّه لا مَلجَأَ ولا منجَى منه إلاّ إليه.
أيّها المسلمون، عندما تجدِب الأرض وينقطِع الغيث ويهلك الحرث وتجفّ الضروع وتشتدُّ اللأواء وتمسّ الناسَ البأساءُ والضرّاء يرجع أولو الألبابِ إلى أنفسهم، فيتفكَّرون في بواعثِ ذلك، ويذكرون قول ربهم سبحانه في خطابِه لنبيِّه صلى الله عليه وسلم ولأمَّته من بعدِه: (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً) [النساء:79]، ويذكرون قولَه عزَّ اسمه: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) [الشورى:30] إنها إذًا آيةٌ بيِّنة على شُؤم الخطَايا وتبِعاتِ الآثام وآثار الأوزار وقبح عاقبة العصيان.
وإنَّ من أعظمِ ذلك وأشدِّه نُكرًا ظلمَ المرءِ نفسَه؛ إما بالقعودِ عن أداءِ واجب، أو بالاجتراءِ على ارتكاب حرام، كتركِ الصلواتِ المكتوبات والجُمَع والجماعات، ومنعِ الزكاةِ ونقص المكيالِ والميزان، وأكلِ الربا وتسميتِه بالفوائدِ كذِبًا وخِداعًا للنّفس، وأكلِ أموال الناس بالباطل، والزّنا وشربِ الخمر، وما يفضي إليهما من مشاهدةِ أفلامِ الفحشاء والمنكَر التي تبثُّها المحطَّاتُ الفضائيّة والأرضية ليلَ نهار، باجتراءٍ يعزّ نظيرهُ، ومِن الدعواتِ الآثمة إلى السفور ونبذ الحجاب وتزيين الاختلاط، والزعم الكاذب أنها تقاليدُ وعادات وليست شرعًا ملزِمًا، إلى غير ذلك من ألوانِ المحادّةِ لله ورسولِه، التي يبوءُ بإثمها كلُّ من دعَا إليها أو أقرَّ بها أو عمِل بها.
ألا فاتقوا الله عبادَ الله، واستجيبوا لأمرِ الله، واحذَروا أسبابَ سخطه، وأدّوا زكاةَ أموالكم طيِّبةً بها نفوسُكم، واستكثروا من الصدقةِ والإطعام والصيام وسائر ألوانِ الباقيات الصالحات.
هذا وإنَّ ما يُنزل الله من بلاء وما يقدّره من ضنك وما يقضي به من شِدّةٍ يستوجِب الاستكانةَ له وصدقَ الالتجاء إليه، ويستوجب أيضًا الخضوعَ لعظمته بالذلِّ له والانكسارِ بين يدَيه، وقد ذمَّ سبحانه الذين لا تورِثهم الشدائدُ استكانةً ولا تعقِبهم تضرُّعًا له فقال: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) [المؤمنون:76].
ألا فعَليكم ـ يا عبادَ الله ـ بنَهج أولي النّهى وطريق عباد الرحمن، وتضرَّعوا لربِّكم، وادعوه ملحِّين في الدعاءِ موقِنين بالإجابة، فقد أمَرَكم بذلك، ووَعَدكم وعدًا حقًّا لا يتخلَّف ولا يتبدَّل، فقال سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60] وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [البقرة:186] وقال عزّ وجلّ: (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف:55- 56].
وأكثِروا ـ يا عباد الله ـ مِن الاستغفار، فإنّه من أعظم أسبابِ الغيث، كما قال سبحانه على لسانِ نبيِّه هود: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ) [هود:52]، وقال حكايةً عن نوحٍ عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ) [نوح:10-12].
وتوجَّهوا إلى الله ربِّكم بما كانَ يتَضرَّع بهِ نبيُّ الرحمة والهدَى صَلوات الله وسَلامه عليه في هذا المقام، فقولوا وأمِّنوا على هذا الدعاء:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرحيم، مالكِ يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين. اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا مِن القانطين.
اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهم أغثنا، اللهمّ اسقنا غيثًا هنيئًا مريئًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا، نافعًا غيرَ ضار، عاجلاً غيرَ رائث، اللهمّ تحيي به البلادَ، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد.
اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق. .
اللهمّ اسقِ عبادك وبلادك وبهائمك، وانشُر رحمتَك، وأحيِ بلدك الميت.
اللهم إنَّ بالعباد والبلادِ من اللأواءِ والضّنك والجهدِ ما لا نشكوه إلاَّ إليك، اللهمّ أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك.
اللهم ارفَع عنا الجَهد والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرُك.
اللهم إنَّا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنَّا بذنوبنا فضلك.
اللهم إنَّا نستغفرك إنّك كنت غفّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مدرارًا.
ربنا ظلمنا أنفسَنا، وإن لم تغفِر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين.
ربّنا لا تؤاخِذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملتَه على الذين من قبلنا، ربَّنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا به، واعفُ عنَّا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
هذا، وإنَّ ممّا جاء في الصحيحين عن عبد الله بن زيدٍ المازنيّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحوِّل رداءَه في هذا المقام، فافعلوا ـ رحمكم الله ـ كما فعل نبيّكم صلوات الله وسلامه عليه، عسى ربّكم أن يرحمَكم، فيغيث القلوبَ بالهدى، ويغيث الأرضَ بالغيث وهطول السماء.
واذكروا على الدّوام أنَّ الله تعالى قد أمرَكم بالصلاة والسلامِ على خير خلقِ الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبِه والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبحانَ ربِّك ربِّ العزَّة عمّا يصِفون، وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
الخطبة الثانية:
لم ترد.