البحث

عبارات مقترحة:

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

خطبة عيد الأضحى 1431هـ

العربية

المؤلف صلاح بن محمد البدير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. التهنئة بالعيد .
  2. التوافد على بيت الله الحرام .
  3. البيت المعمور .
  4. أهمية توحيد الله تعالى .
  5. الوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة .
  6. نصائح عامة .
  7. التذكير بالموت .
  8. الحث على التوبة .
  9. فضل الأضحية وأحكامها .

اقتباس

اجعلوا الله ذُخركم وملجأكم، ومقصدكم ومفزَعكم، أظهِروا أمره، ولا تُشركوا معه غيره، فما من عبادةٍ عُبِدت، ولا من فريضةٍ فُرِضَت إلا لتكبيره وتعظيمه، وإجلاله وتوحيده، وهو المستحق لأكمل الثناء، وأجلِّ الحمد، وأعلى التعظيم، ولا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) ..

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، الله أكبر عدد ما أزهرَت الأزهار، الله أكبر عدد ما أثمَرَت الأشجار، الله أكبر عدد ما سالَت الأودية بالأمطار، الله أكبر عدد ما غرَّدَت الأطيار، الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق برحمته عبدًا من النار، الله أكبر كم تجاوز عن الذنوب والأوزار، الله أكبر كم عفا عن عباده وهو الرحيم الغفار.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله لا نِدَّ له ولا نظير يُساميه، ولا عديل له ولا مثيل يُدانيه، أحمده حمد مُعترِفٍ بجزيل نعمه وأحاظيه، وسَنِيِّ قِسَمه وأعاطيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعصِمُ صاحبها وتُعليه، وتُقرِّبه لمولاه وتُدنيه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله من اتبعه فلا البدع تستهويه، ولا الخرافة تُغويه، صلى الله وسلَّم عليه وعلى الخِيَرة المُصطفَيْن من آله، والمُقتدين بشرف فِعاله وكريم خِصاله.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: هنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك وقد هبَّ نسيمه مِسكًا عبِقًا، وخيرًا غدِقًا، هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يوم الجمع الأعظم، يومٌ يُهراق فيه الدم، ويُوضع فيه الشعر، ويُلقَى فيه التَّفَث، وتحِلُّ فيها الحُرَم، الوقوف في ليلته، والرمي والنحر والطواف في صبيحته، فما أعظمه من يوم، وما أكرمه من جمع.

والحجيج في البِقاع المُقدَّسة تبتهل وتضرع، وتُنادي ربها وتخشع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وعطائه ونواله، وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبل متابًا، ويُعتِق رقابًا، ويُعطي رِغابًا، فسبحان من خضع له كل شيء، سبحان من دان له كل شيء.

سبحانه ثم سبحانًا يعود له

وقبلنا سبَّح الجُودي والجَمَد

سبحان من يرفع من تواضع وتذلَّل وتخشَّع، ويضع من تعالى وتكبَّر وترفَّع.

وإذا تذلَّلَت الرقاب تخشُّعًا

منَّا إليك فعزُّها في ذُلِّها

فارفعنا اللهم بطاعتك، وأعِزَّنا بقربك وخشيتك، وأدخِلنا في رحمتك، وأنت أرحم الراحمين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: منذ أن وطَّد بواني الدين وأرساها، وشاد شُرف الإسلام وأسماها: إمام الحُنفاء، ووالد الأنبياء، وباني الكعبة المُعظَّمة إبراهيم الخليل -صلى الله عليه وسلم-، والوفود المؤمنة تحِنُّ إلى البيت المُكرَّم، والبلد المُحرَّم، لا تقضي منه وطَرًا، ولا تنتهي منه تعبُّدًا وتفكُّرًا ونظرًا، جيلٌ بعد جيل يحمل إرثَ إبراهيم الخليل -صلى الله عليه وسلم-.

ومن دلائل عظمة المولى -جل في عُلاه وكبريائه، وقهره وغلبته، وعزته وحكمته-: أن جعل لأهل السماء السابعة كعبةً أخرى مُعظَّمة، معمورةً بالطاعة مدى الأوقات، يتعبَّد فيها الملائكة، ويطوفون بها كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم؛ فعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث الإسراء: "...ثم عرج بنا إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟! قال: جبريل. قال: ومن معك؟! قال: محمد -صلى الله عليه وسلم-. قيل: وقد بُعِثَ إليه؟! قال: قد بُعِثَ إليه، ففُتِح لنا، فإذا أنا بإبراهيم -صلى الله عليه وسلم- مُسنِدًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَكٍ لا يعودون إليه". متفق عليه.

فسبحان من دانَت له جميع الكائنات، وذلَّت له جميع المخلوقات، وخضعَت له الملائكة في سائر الأقطار والجهات.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: اجعلوا الله ذُخركم وملجأكم، ومقصدكم ومفزَعكم، أظهِروا أمره، ولا تُشركوا معه غيره، فما من عبادةٍ عُبِدت، ولا من فريضةٍ فُرِضَت إلا لتكبيره وتعظيمه، وإجلاله وتوحيده، وهو المستحق لأكمل الثناء، وأجلِّ الحمد، وأعلى التعظيم، ولا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 1- 4].

من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه، فكيف يلجأ العبد عند حاجته وشدَّته إلى أضرحة وأموات، وحجارة ورُفَات، وخرافات وخُزعبلات، وتمائم وحُجُبٍ وخيوطٍ ومُعلَّقات؟! كيف يلجأ العبد عند مرضه وبليَّته إلى سحرةٍ كفرة، وكهنةٍ مكَرة، ومُشعوذِين فَجرة، لا يلجأ إليهم إلا من وُكِل إلى الضياع والهوان، والخسران والخذلان: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 13،14]، (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 17، 18].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: لوذوا بالكتاب والسنة، واعتصموا بهما، واحتموا بهديهما، وافهموهما كما فهِمَهما سلف الأمة، واحذروا الأفكار الزائغة، والعقائد المنحرفة، والبدع المُضِلَّة، والحِزبيات المُفرِّقة، لا تسلكوا غير طريق الشريعة التي جاء بها نبينا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسار عليها أهل القرون المُفضَّلة، فهي المَتجر الرابح، والميزان الراجح، والمنهج الصالح.

يقول أبو بكر بن عياش -رحمه الله تعالى-: "إن الله بعث محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل الأرض وهم في فساد، فأصلحهم الله بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن دعا إلى خلاف ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو من المُفسدين في الأرض".

ويقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "لا رأي لأحدٍ مع سنة سنَّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "يسقط كل شيء خالَفَ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يقوم معه رأيٌ ولا قياس؛ فإن الله قطع العُذر بقوله -صلى الله عليه وسلم-".

ويقول الإمام الزهري -رحمه الله-: "من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم".

فعظِّموا نصوص الكتاب والسنة وامتثِلوها، وانقادوا لها ولا تُعارِضوها.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: علِّموا الجاهل، وأرشِدوا السائل، وعِظوا الغافل، ومُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وكونوا رحماء في نُصحكم، رُفقاء في تعليمكم وإرشادكم، لا تركبوا مركب الغِلظة والشدة، والقسوة والتعنيف، انصحوا برفقٍ ولين جانبٍ وحُسن خِطاب؛ فعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لم يبعثني مُعنِّفًا، ولكن بعَثَني مُعلِّمًا مُيسِّرًا". أخرجه أحمد.

وعن معاوية بن الحكم السُّلَمي -رضي الله عنه- قال: بينا أنا أصلِّي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ عطَس رجلٌ من القوم، فقلتُ: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلتُ: واثُكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمِّتونني سكَتُّ، فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي، ما رأيتُ مُعلِّمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس؛ إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن". أخرجه مسلم.

رِفقٌ ولين، وشفقةٌ ورحمة تُحقِّق الغاية، وتحسُن بها الهداية، وتندفع بها الغواية.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: المنايا للخلق راصدة، والحوادث لهم حاصِدة، والغِيَر نحوهم قاصدة، وداء الموت ليس له دواء، من استوفى أجلَه حلَّت ساعته، وقامت قيامته، ومن عاش طويلاً زالَت جِدَّته، ووهَت قوته، وضعفت همَّته، وشابَت لِمَّته، وذهبت عزيمته: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) [النحل: 70].

فيا لها من عبرةٍ للمُعتبِر، وعِظةٍ للمُدَّكِر، وبيِّنةٍ للمُنزجِر، فادلِفوا إلى باب التوبة، ولوذوا بباب الإنابة، وهُبُّوا من رَقدة الهوى، واستفيقوا من غفلة الرَّدَى، واعلموا أن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيئًا قال الرب -عز وجل-: "انظروا هل لعبدي من تطوُّع، فيُكمَّل منها ما انتقص من الفريضة".

وأدُّوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم.

ومن كانت عنده مظلِمة لأخيه من عِرْضه أو شيء فليتحلَّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالح أُخِذ منه بقدر مظلِمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِلَت عليه، ثم طُرِح في النار.

ولا يزال المؤمن في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا، ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمنٍ بغير حق.

ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار.

ولا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسق أو الكفر إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك.

والمُتسابَّان ما قالا فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم.

وحسن الخُلُق وحسن الجوار يُعمِّران الديار، ويزيدان في الأعمار.

"إن الشيطان يئس أن يعبده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"، يُغري بعضهم ببعض بما يُوجِب الفُرقة، وتنافُر القلوب، وحصول الهُجران، وسوء الظن، وتبادل التهم، والتلاسن والفجور في الخصومة، فكفُّوا عن الخصام، واعفوا واصفحوا، واعفوا واصفحوا، واعفوا واصفحوا، ولا تكونوا ممن يُصِرُّ على البغيَّة، فما يُبقي للحُسنى بقيَّة.

ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا.

عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، وفُكُّوا العاني الأسير، ووفُّوا حق الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، واستوصوا بالنساء خيرًا، استوصوا بالنساء خيرًا، استوصوا بالنساء خيرًا، عامِلوهن بالمحبة والتقدير، والإكرام والاحترام، واحذروا التسرُّع في الفراق والطلاق، واحفظوا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم وتربيتهم، وأنفِقوا عليهم؛ فإن أفضل النفقة: نفقة الرجل على أهله وعياله؛ ففي الحديث: "دينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقبة، ودينارٌ تصدَّقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقته على عيالك، أعظمُها أجرًا الذي أنفقته على أهلك".

وغُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء، واتقوا النساء، واتقوا النساء؛ فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، والمرأة المُتبرِّجة السافرة المُتعطِّرة التي تفتِن الرجال بزينتها وملابسها مُتوعَّدةٌ بالنار وغضب الجبار.

والراشي والمُرتشي والساعي بينهما ملعونون على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ومن غشَّ المسلمين فليس منهم، والخداع والمكر في النار، ومن استُعمِل على عملٍ فليجِئ بقليله وكثيره، ولا يكتم منه شيئًا؛ فإن كتم كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة.

يا من ابتُلِي بالدخان والشيشة، والخمرة والمُخدِّرات: بادِر بادِر قبل أن ينزل بك ما تُحاذِر، بادِر إلى تركها قبل أن تدَعَك طريحًا، وتذَرَك صريعًا، وتقتلك سريعًا.

يا من ابتُلِي بأكل الربا: تذكَّر يوم يُوضَع القطن على عينيك، وتُلفُّ الأكفان على جانبيك، وتكون أموالك وبالاً عليك.

يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي: أقبِل على مولاك مُنكسرًا، أقبِل على مولاك مُنكسرًا، أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ بباب جُوده مُعتذرًا، وابسط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا، فما للعبد سوى مولاه، أدناه فضلاً منه أو أقصاه.

فما لنا في الحالتين مذهبُ

عن باب مولانا إلى من نذهبُ

"إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له".

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله العلي الكبير، اللطيف الخبير، خلق كل شيء فأحسن التقدير، ودبَّر الخلائق فأحسَن التدبير، أحمده وقد صان موارد الدين من التحريف والتكدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبدٍ مُعترِفٍ بالضعف والتقصير، شهادة عبدٍ يرجو العفو والغفران والنجاة من عذاب السعير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً مُتضاعفةً دائمةً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله -عز وجل- الذي لا يخفى عليه شيءٌ من المقاصد والنوايا، ولا يستتر دونه شيءٌ من الضمائر والخفايا، السرائر لديه بادية، والسر عنده علانية: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 4].

أيها المسلمون: الأضحية قُربةٌ جليلة، ونسيكةٌ عظيمة، ومَعلمٌ ظاهرٌ وشعيرة، لا ينبغي للمُوسِر تركها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا". أخرجه أحمد وابن ماجه.

ولا يُجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وأفضلها البَدَنة، ثم الشاة، ثم شركٌ في بدنة، ثم شركٌ في بقرة، والشرك في البدنة والشرك في البقرة والشاة الواحدة يُجزئ كل واحدٍ منها عن الرجل وأهل بيته، ولا يُجزئُ في الأضاحي إلا جَذَع ضأنٍ وثنِيُّ سواه، فالإبل خمس سنين، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر.

وأفضلها أحسنها وأسمنُها وأعظمها وأكملها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا.

وحاذِروا العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تُجزئُ ذات عيبٍ بيِّنٍ من مرضٍ أو عَوَر أو عَرَجٍ أو عَجَفٍ أو عمى بصر.

واستشرفوا العين والأذن، ولا تُضحُّوا بالخرقاء ولا الشرقاء، ولا المُقابلة ولا المُدابَرة، وهي المعيبة في أذنها بقطعٍ أو خرق، أو ثَقبٍ أو شق.

وأحسِنوا الذِّبحة، وحُدُّوا الشفرة، واشحذوا المُدية، ليكون أوحى وأسهل.

ووجِّهوا مذبحها إلى القبلة، وسمُّوا وكبِّروا، وكلوا وأهدوا وتصدَّقوا، ومن كان ذبح قبل الصلاة فليُعِد أضحيته، ومن لا فليذبح على اسم الله.

تقبل الله ضحاياكم، تقبل الله ضحاياكم، تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: هذا يوم التسامح، هذا يوم التصافح، فتصافحوا، وتسامحوا، وتراحموا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ومن غدا منكم من طريق فليرجع من طريقٍ أخرى إن تيسَّر له ذلك اقتداءً بسنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-.

أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وحياةٍ سعيدة.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل بلادنا هذه آمنةً مطمئنةً وسائر بلاد المسلمين.