الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد البصري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
عُمُرُ المُؤمِنِ الحَقِيقِيُّ في هَذِهِ الدُّنيَا، لا يُحسَبُ بِطُولِ لُبثِهِ فِيهَا، وَلَيسَ مِقياسُهُ كَثرَةَ مَا يَقطَعُهُ مِن الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ، وَلا مَا يَعِيشُهُ مِنَ الأَعوَامِ وَالدُّهُورِ، فَكَم لابِثٍ في الدُّنيَا مِئةَ عَامٍ وَقَد تَزِيدُ، وَعُمُرُهُ الحَقِيقِيُّ لا يَتَجَاوَزُ عَشَرَةَ أَعوَامٍ ! وَكَم مِمَّن لم يَتَجَاوَزِ الأَربَعِينَ أَوِ الخَمسِينَ، وَهُوَ عِندَ رَبِّهِ كَمَن لَبِثَ أَلفَ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّون!! وَالفَرقُ بَينَ النَّاسِ في هَذَا إِنَّمَا يَرجِعُ لِحَيَاةِ القُلُوبِ أَو مَوتِهَا، وَالانتِبَاهِ لِلآخِرَةِ أَوِ الغَفلَةِ عَنهَا، وَحُبِّ الدُّنيَا أَوِ الزُّهدِ فِيهَا، وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ أَوِ التَّفرِيطِ فِيهَا، وَمَن أَحَبَّ دُنيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَن أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنيَا.
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ، فَـ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) [البقرة: 21]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ ([الحشر: 18].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عُمُرُ المُؤمِنِ الحَقِيقِيُّ في هَذِهِ الدُّنيَا، لا يُحسَبُ بِطُولِ لُبثِهِ فِيهَا، وَلَيسَ مِقياسُهُ كَثرَةَ مَا يَقطَعُهُ مِن الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ، وَلا مَا يَعِيشُهُ مِنَ الأَعوَامِ وَالدُّهُورِ، فَكَم لابِثٍ في الدُّنيَا مِئةَ عَامٍ وَقَد تَزِيدُ، وَعُمُرُهُ الحَقِيقِيُّ لا يَتَجَاوَزُ عَشَرَةَ أَعوَامٍ! وَكَم مِمَّن لم يَتَجَاوَزِ الأَربَعِينَ أَوِ الخَمسِينَ، وَهُوَ عِندَ رَبِّهِ كَمَن لَبِثَ أَلفَ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّون!!
وَالفَرقُ بَينَ النَّاسِ في هَذَا إِنَّمَا يَرجِعُ لِحَيَاةِ القُلُوبِ أَو مَوتِهَا، وَالانتِبَاهِ لِلآخِرَةِ أَوِ الغَفلَةِ عَنهَا، وَحُبِّ الدُّنيَا أَوِ الزُّهدِ فِيهَا، وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ أَوِ التَّفرِيطِ فِيهَا، وَمَن أَحَبَّ دُنيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَن أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنيَا، قَالَ – سُبحَانَهُ-: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرثَ الدُّنيَا نُؤتِهِ مِنهَا وَمَا لَهُ في الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ) [الشورى: 20].
وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: (مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلَاهَا مَذمُومًا مَدحُورًا * وَمَن أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعيَهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعيُهُم مَشكُورًا * كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِن عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحظُورًا * اُنظُرْ كَيفَ فَضَّلْنَا بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكبَرُ تَفضِيلاً) [الإسراء: 18- 21].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد أَدرَكتُم مُوسِمًا مِن مَوَاسِمِ التِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ مَعَ اللهِ، وَهَا أَنتُم في يَومٍ هُوَ شَاهِدٌ وَمَشهُودٌ، إِنَّهُ يَومُ عَرَفَةَ، المُوَافِقُ لِيَومِ الجُمُعَةِ، فَيَا للهِ! أَيَّ يَومٍ أَدرَكتُم؟! وَأَيَّ فَضلٍ حَصَّلتُم؟!
إِنَّكُم في أَحَدِ أَيَّامِ العَشرِ المَعلُومَاتِ الَّتي أَقسَمَ اللهُ بِهِنَّ لِفَضلِهِنَّ، في أَشهرِ الحَجِّ المَعلُومَاتِ الَّتِي يُحرَمُ بِالحَجِّ فِيهِنَّ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: (وَالفَجرِ * وَلَيَالٍ عَشرٍ) [الفجر: 1- 2].
وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ) [الحج: 28]، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: (الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ) [البقرة: 197].
إِنَّكُم في يَومِ عَرَفَةَ، اليَومُ الَّذِي أَكمَلَ اللهُ فِيهِ المِلَّةَ، وَأَتَمَّ عَلَينَا فِيهِ النِّعمَةَ، رَوَى النَّسَائيُّ وَالتَّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلى عُمرَ بنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: "يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُم تَقرَءُونَها، لَو عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ نَزَلَت، لاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا)[المائدة: 3]، فَقَالَ عُمَرُ: "إِنِّي لأَعلَمُ المَكَانَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ، وَاليَومَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ، نَزَلَت عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في عَرَفَاتٍ في يَومِ جُمُعَةٍ"
.
وَمَا مِن شَكٍّ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَنَّ أَكثَرَكُم قَد أَصبَحَ اليَومَ صَائِمًا، وَفِيكُم مَن أَعَانَهُ اللهُ فَصَامَ قَبلَهُ أَيَّامًا، فَيَا بُشرَاكُم مَا أَخلَصتُم، وَهَنِيئًا لَكُم مَا قَدَّمتُم، رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن بَعضِ أَزوَاجِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ تِسعَ ذِي الحِجَّةِ".
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أَنفَقَ زَوجَينِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ في الجنَّةِ: يَا عَبدَ اللهِ، هَذَا خيرٌ، فَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلاةِ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ ... " الحَدَيثَ، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَن صَومِ يَومِ عَرَفَةَ؟ قَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ".
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّكُم في يَومٍ مِن أَيَّامِ العِتقِ مِنَ النَّارِ، وَتِلكَ غَايَةُ كُلِّ مُسلِمٍ (فَمَن زُحزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ)[آل عمران: 185]، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا مِن يَومٍ أَكثَرَ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ" (رَوَاهُ مُسلِمٌ).
وَإِنَّمَا يُعتِقُ اللهُ مِنَ النَّارِ مَن وَحَّدَهُ وَلم يُشرِكْ بِهِ شَيئًا، وَلِذَلِكَ كَانَ مِن خَيرِ الدُّعَاءِ في يَومِ عَرَفَةَ بِكَلِمَةِ التَّوحِيدِ وَتَردَادُهَا، فَعَن عَمرِو بنِ شُعِيبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ"(رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وَهَذَا التَّوحِيدُ الَّذِي يُرَدِّدُ المُسلِمُ كَلِمَتَهُ في يَومِ عَرَفَةَ، مِيثَاقٌ قَدِيمٌ أَخَذَهُ اللهُ عَلَى بَنِي آدَمَ في ذَلِكَ اليَومِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ أَخَذَ المِيثَاقَ مِن ظَهرِ آدَمَ بِنَعْمان - يَعنِي عَرَفَةَ - وَأَخرَجَ مِن صُلبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُم بَينَ يَدَيهِ كَالذَّرِّ، ثم كَلَّمَهُم قِبَلاً، قَالَ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ * أَو تَقُولُوا إِنَّمَا أَشرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِن بَعدِهِم أَفَتُهلِكُنَا بما فَعَلَ المُبطِلُونَ) [الأعراف: 172 - 173] (رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
عِبَادَ اللهِ، لَئِن فَاتَكُمُ الحَجُّ إِلى بَيتِ اللهِ، وَالوُقُوفُ مَعَ الحُجَّاجِ في عَرَفَةَ في هَذَا اليَومِ العَظِيمِ، الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: "الحَجُّ عَرَفَةُ"، فَلَن يَفُوتَكُم أَنَّكُم صُمتُم هَذَا اليَومَ لِوَجهِ اللهِ، وَأَنَّ لَكُم في آخِرِ سَاعَةٍ مِنهُ وَقتَ إِجَابَةٍ لِدُعَائِكُم، وَلَن يَفُوتَكُم أَنَّكُم سَتُصَلُّونَ العِيدَ غَدًا -إِن شَاءَ اللهُ-، وَسَتَتَقَرَّبُونَ إِلَيهِ بِذَبحِ الأَضَاحِي، وَسَتَذكُرُونَهُ وَتُكَبِّرُونَهُ.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَزَكُّوا أَنفُسَكُم، وَخُذُوا مِن دُنيَاكُم لأُخرَاكُم، فَإِنَّ اليَومَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ (يَومَئِذٍ يَصدُرُ النَّاسُ أَشتَاتًا لِيُرَوا أَعمَالَهُم * فَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ * وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 6- 8].
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَكَبِّرُوهُ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخشَوا يَومًا لا يَجزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ) [لقمان: 33].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّكُم في يَومٍ عَظِيمٍ مِن أَيَّامِ اللهِ، وَمُستَقبِلُونَ بَعدَهُ أَيَّامًا عَظِيمَةً، فَغَدًا هُوَ يَومُ النَّحرِ، وَبَعدَهُ أَيَّامُ التَّشرِيقِ، وَكُلُّهَا أَيَّامٌ مُبَارَكَةٌ، فِيهَا صَلاةٌ وَذَبحٌ وَنَحرٌ، وَأَكلٌ وَشُربٌ وَذِكرٌ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ أَفضَلَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثُمَّ يَومُ القَرِّ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) .
وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ) [الكوثر: 2]، وَعَن أُمِّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَن نُخرِجَهُنَّ في الفِطرِ وَالأَضحَى العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأَمَّا الحُيَّضُ فَيَعتَزِلْنَ الصَّلاَةَ وَيَشهَدْنَ الخَيرَ وَدَعوَةَ المُسلِمِينَ" (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) .
وَقَالَ - تَعَالى -: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَإِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتِينَ)[الحج: 34].
وَعَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: "ضَحَّى النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِكَبشَينِ أَملَحَينِ، فَرَأَيتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ"(رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) .
وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ" (رَوَاهُ مُسلِمٌ).
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَأَخبِتُوا إِلى رَبِّكُم وَأَسلِمُوا لَهُ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ وَحُرُمَاتِهِ، وَافرَحُوا بِفَضلِهِ وَرَحمَتِهِ، واحذَرُوا كُفرَ النِّعَمِ فَإِنَّهُ جَالِبٌ لِلنِّقَمِ (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّت لَكُمُ الأَنعَامُ إِلاَّ ما يُتلَى عَلَيكُم فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثَانِ وَاجتَنِبُوا قَولَ الزُّورِ) [الحج: 30]
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى مَا يُرضِيكَ، وَوَفِّقْنَا لاجتِنَابِ مَعَاصِيكَ، فَإِنَّا قَد هُدنَا إِلَيكَ وَتَوَكَّلنَا عَلَيكَ، لَبَّيكَ وَإِن لم نَكُنْ مِنَ الطَّائِفِينَ، لَبَّيكَ وَإِن لم نَكُنْ مِنَ السَّاعِينَ، لَبَّيكَ وَإِن لم نَكُنْ مِنَ الوَاقِفِينَ، لَبَّيكَ فَإِنَّا هَا هُنَا مُصَلُّونَ صَائِمُونَ، مُكَبِّرُونَ ذَاكِرُونَ، مُضَحُّونَ شَاكِرُونَ، فَتَقَبَّلْ مَنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .