المتعالي
كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الأديان والفرق - أهل السنة والجماعة |
مسألةُ تكفير المسلمين من المسائل الخطيرة التي ضلَّ فيها الجهلة وأهل الأهواء، فاستحلوا دماء المسلمين بجهلهم وهواهم، فقابل هؤلاءِ الغلاةَ المفْرِطِين جفاةٌ مُفَرِّطون، فنفَوا التكفير عمَّن كفَّر اللهُ تعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين، وزعم بعضهم أن الإيمان يكفي فيه مجرد الإقرار، أو قول اللسان، وحصر بعضهم الكفر في الاعتقاد فحسب، وكلا الطائفتين على خطر عظيم، ووقعوا في خطأ جسيم ..
الحمد لله الغفور الحليم؛ وفَّق مَن شاء مِن عباده للخير والهدى، وانحرف عن صراطه أهل الردى، (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الله وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأعراف:30].
نحمده على نعمه العظيمة، ونشكره على آلائه الجسيمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رحم عباده المؤمنين فكلفهم من العمل ما يستطيعون، ورفع عنهم ما لا يطيقون، (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج:78].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ بُعِث بالحنيفية السمحة التي لا غلو فيها ولا تقصير، ولا إفراط ولا تفريط، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه، وأقيموا له دينكم، وأسلموا له قلوبكم، وأخلصوا له أعمالكم؛ فمن فعل ذلك فاز يوم العرض الأكبر، (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:112].
أيها الناس: الجهل والهوى داءان يفتكان بالناس، ويوردان المهالك في الدنيا والآخرة؛ فإن الجهل لا ينفع معه قليل العمل ولا كثيره، وكم من مقيم على ضريح يدعو صاحبه ويبكي بخشوع وخضوع قد أظمأ نهاره، وأسهر ليله، لا يزيده ذلك إلا بعدا من الله تعالى ومقتا، (ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف:104]!.
وأما اتِّباع الهوى فهو سببٌ للضلال، ورفضِ الحق، وإتيان الباطل، وقد قال الله تعالى لداود -عليه السلام-: (وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله) [ص:26] وجاء عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: إنَّ اتِّباع الهوى يصد عن الحق.
وكل ضلال وقع في البشر فهو راجع إلى الجهل أو الهوى، وكان ضلال النصارى عن الحق سببه الجهل، كما كان سبب ضلال اليهود اتباع الهوى؛ ولذا أمر الله تعالى بالعلم لرفع الجهل، (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) [محمد:19]، وأول الآيات القرآنية نزولا على النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تأمر بالقراءة، وما ذاك إلا لرفع الجهل.
ونهى الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن اتِّباع أهواء الناس: (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ) [المائدة:48]، وبيَّن -سبحانه- أن اتِّباع الهوى يقود إلى الضلال: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله) [القصص:50].
والجنة موعد مَن أخضع هواه للحق، ولم يلو الحق لأجل هواه: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى) [النَّازعات:40-41].
وأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- معصومة من إطباق الجهل على جميع أفرادها فيضلون عن دينهم، ويجهلون شريعتهم؛ لأن الله تعالى قد حفظ دينها ببقاء طائفة منها تتعلمه وتبلغه، كما عصمها الله تعالى من اجتماعها على ضلالة؛ فإن طائفة منها لا تزال على الحق إلى آخر الزمان.
لكن لا يلزم من ذلك عدم تسرب انحرافات متنوعة إلى الأمة المسلمة سببها الجهل أو الهوى فيضل بها فئام من الأمة ضلالا متفاوتا بحسب ما فيهم من الجهل والهوى؛ ولذا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بافتراق هذه الأمة كما افترقت الأمم السالفة، ولا يبقى على الحق إلا من التزم الكتاب والسنة، ورفع جهله بالعلم، وأخضع هواه للحق.
والافتراق في هذه الأمة بدت بوادره بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، واشتدَّ الافتراق وتنافرت القلوب بمقتل عثمان وعلي -رضي الله عنهما-، فأشعل المنافقون والحاقدون على الإسلام فتيل الفتن والحروب والثارات التي مزقت المسلمين، وفرقت كلمتهم، وجعلتهم شيعا وأحزابا يلعن بعضها بعضا.
وكل فرقة منهم تدعي أن الحق معها دون غيرها، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن في حديث الافتراق أن أهل الحق من أمته هم مَن تمسكوا بسنته، وساروا على منهج أصحابه -رضي الله عنهم-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده! لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي على ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ في الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ في النَّارِ"، قِيلَ: يا رَسُولَ الله، من هُمْ؟ قال: "الْجَمَاعَةُ"، وفي رواية قال: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي".
وكان من أكبر نتائج هذا الافتراق وآثاره السيئة على الأمة تكفيرُ بعضها بعضا، ونتج عنه رفع السلاح، واستحلال الدماء، منذ مقتل عثمان -رضي الله عنه- إلى يومنا هذا.
وأكبر الفرق المنسوبة إلى أهل القبلة التي أصَّلت للتكفير، واستحلت به دماء المسلمين، ورفعت به السلاح على كل مخالف لها فرقتان: الخوارج، والشيعة الإمامية.
أما الخوارج فقد أُتُوا من قِبَلِ غلوهم في الدين، وجهلهم بشريعة رب العالمين، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ"رواه مسلم، وقال في حديث آخر: "إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ! فَإِنَّمَا أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ في الدِّينِ" رواه النسائي، وقال في حديث ثالث: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادّ الدِّينَ أَحَدٌ إلا غَلَبَهُ"رواه البخاري.
وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهل الخوارج الفاضح بأوجز عبارة، وأبلغ وصف فقال -صلى الله عليه وسلم-: "يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ من الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ من الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ" رواه الشيخان.
وهذا الجهل فيهم قادهم إلى الطعن في كبار الصحابة -رضي الله عنهم-، وبغضهم، وتكفيرهم، واستحلال دمائهم وأموالهم، مع حرجهم الشديد من أموال أهل الذمة ودمائهم؛ ولذلك رفض الخوارج إمامة عثمان بعد الخلاف والفتنة، كما لم يُسلموا بإمامة علي -رضي الله عنه-، وكفَّروه مع جمع من الصحابة -رضي الله عنهم-، منهم معاوية وأبو موسى وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم-، بل استحلوا دماءهم، وقتلوا عليا -رضي الله عنه-.
ومن شنيع جهلهم أنهم سألوا عبد الله بن خباب -رضي الله عنه- عن رأيه في عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فأثنى عليهما خيرا، فقتلوه، وبقروا بطن أم ولده وكانت حبلى.
ثم مرَّ بهم خنزير لأهل الذمة فقتله أحدُهم فتحرَّجُوا من ذلك، وبحثوا عن صاحب الخنزير فأرضوه بمال مقابل خنزيره، فأدى بهم جهلهم إلى التحرُّجِ من قتل خنزير لأهل الذمة، ولم يتحرجوا من قتل صحابي جليل، وبقر بطن أم ولده، نعوذ بالله تعالى من الجهل والهوى!.
وأما الرافضة الإمامية فشأنهم في تكفير المسلمين، واستحلال دمائهم أعظم وأخطر من الخوارج، فإنهم يكفرون جميع الصحابة -رضي الله عنهم-، ويرون أنهم مرتدون إلا ثلاثة هم: سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
وأسندوا كذبا إلى موسى بن جعفر الإمام السابع عندهم أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواريي محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر!.
وفي نصوص أخرى أضافوا عليا -رضي الله عنه- مع هؤلاء الثلاثة، وهذا من حمقهم وخذلانهم؛ إذ لازم ذلك أنهم يُكفِّرون الصحابة من آل البيت كالحسن والحسين وخديجة وفاطمة وبقية آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل، فإن هؤلاء لم يقع عليهم الاستثناء كما وقع على الأربعة المذكورين، وهذه نتيجة من نتائج الكذب واختلاق الآثار على آل البيت، فالكذَّاب لا بدَّ أن يقع في شَرِّ كذبه بالتناقض من حيث لا يدري.
وأما تكفيرهم لعموم المسلمين واستحلال دمائهم فتنضح به كتبهم، وتتواتر فيه آثارهم المختلقة، كما في الأنوار النعمانية، وهو من أشهر كتبهم، قال فيه عن أهل السنة: إنهم كفار أنجاس بإجماع شيوخ الشيعة الإمامية، وإنهم شرٌ من اليهود والنصارى.
وقال المجلسي، وهو من علمائهم: إنهم في الدنيا في حكم الكفار... وفي الآخرة يدخلون النار، ماكثين فيها أبدا مع الكفار ...
وتكفيرهم للمسلمين مبنيٌ على عنصرية بغيضة، يغلب على الظن أنهم ورثوها من اليهود، كما ورثوا عنهم كثيرا من معتقداتهم، ففاحت عنصريتهم من كتبهم ورواياتهم، حتى أدى بهم الكذب إلى اختلاق روايات تزعم أنهم خلقوا من طينة غير الطينة التي خلق سائر الناس منها.
ويكفي قبحا في تقرير عنصريتهم ما روى الكليني عن أبي جعفر قال: والله إن الناس كلهم أولاد بغايا، ماخلا شيعتنا! وروى أئمتهم في كتب تفسيرهم وحديثهم عن جعفر بن محمد قال: ما من مولود يولد إلا وإبليسٌ من الأبالسة بحضرته، فإن علم أنه من شيعتنا حجبه عن ذلك الشيطان، وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه السبابة في دبره فكان مأبونا، فإن كانت امرأة أثبته في فرجها فكانت فاجرة.
وهذه العنصرية المذهبية تجعلهم يكفِّرون غيرهم ممن لا يوافقهم في ضلالاهم، ولو كانوا صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمناءه على دينه.
نعوذ بالله تعالى من الجهل والهوى، ونسأله -سبحانه- أن يحفظنا والمسلمين من مضلات الفتن والأهواء، إنه سميع مجيب، وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يليق بجلال ربنا وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى -أيها الناس- وأطيعوه، (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:131-132].
أيها المسلمون: مسألةُ تكفير المسلمين من المسائل الخطيرة التي ضلَّ فيها الجهلة وأهل الأهواء، فاستحلوا دماء المسلمين بجهلهم وهواهم، فقابل هؤلاءِ الغلاةَ المفْرِطِين جفاةٌ مُفَرِّطون، فنفَوا التكفير عمَّن كفَّر اللهُ تعالى ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- من اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين، وزعم بعضهم أن الإيمان يكفي فيه مجرد الإقرار، أو قول اللسان، وحصر بعضهم الكفر في الاعتقاد فحسب، وكلا الطائفتين على خطر عظيم، ووقعوا في خطأ جسيم.
وأما أهل الحق والعدل المتبعون للكتاب والسنة فيحكمون بالكفر على من كفَّره الله تعالى أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويرون أن الكفر يكون بالقول وبالفعل وبالاعتقاد، كما دلت على ذلك النصوص، ويبرؤون إلى الله تعالى من تكفير المسلمين، ويرون أن من وقع في الكفر فلا يُحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة، ويُزال عنه العذر، فقد يقع المسلم في الكفر ولا يُحكَم بكفره؛ لجهله، أو خطئه، أو تأوُّله، أو إكراهه.
ولَأَنْ يُخطئ العبد في نفي الكفر عمن يستحقه من المرتدين خير من أن يحكم بكفر من لا يستحق الكفر من المسلمين فيبوء بإثمه، كما أن الخطأ في العفو أهون من الخطأ في العقوبة، وقد روى ابن عمر -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أَيُّمَا رَجُلٍ قال لِأَخِيهِ يا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بها أَحَدُهُمَا"رواه الشيخان.
وسبب ذلك أن التكفير بلا حق يترتب عليه أحكام كثيرة، من أعظمها استحلال الدماء المعصومة، وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ) [الإسراء:33]، وقال -سبحانه-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93].
وروى ابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَزَال الْمُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ من دِينِهِ ما لم يُصِبْ دَمًا حَرَامًا"رواه البخاري، وفي حديث عبد الله بن عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ على الله من قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ" رواه الترمذي والنسائي.
وسبب الوقوع في هذا المزلق العظيم الجهل أو الهوى، وهذان الداءان الكبيران هما اللذان أوقعا أهل البدع من الخوارج والرافضة في تكفير المسلمين واستحلال دمائهم، فمن وقع فيما وقعوا فيه كان متشبها بأهل البدعة في بعض خصالهم.
والجهل والهوى هما السبب فيما وقع من استهداف بلاد المسلمين ومنافعهم على أيدي بعض أبنائهم بالتفجير والتخريب الذي فرح به الكفار والمنافقون، وتضرر بنتائجه المسلمون.
فواجب على المسلم أن يحفظ نفسه ورعيته من القول على الله تعالى بلا علم، ومن الوقوع في استحلال مَن عصم الله تعالى دماءهم من إخوانه المسلمين؛ فإن شأن الدماء عظيم، وهي أول ما يقضى فيه بين العباد يوم القيامة، فهنيئا لمن سلمت يداه من دماء المسلمين، وسلم لسانه من أعراضهم! "والْمُسْلِمُ من سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ من لِسَانِهِ وَيَدِهِ"، كما جاء في الحديث.
وإن في أمة الإسلام ما يكفي من أدواء التفرق والاختلاف، فليست بحاجة إلى مَن يزيدها تمزقا وتفرقا، وأعداء الإسلام قد أحاطوا بها من كل جانب، فما أحوج أبناء الأمة إلى اجتماع الكلمة، ورأب الصدع، وإزالة أسباب الاختلاف والتفرق! وقد قال الله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].
وصلوا وسلموا على نبيكم...