البحث

عبارات مقترحة:

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

التنبيه على بعض الأخطاء في التربية

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. الأبناء هبة ورزق من الله .
  2. مساوئ الجهل بالتربية .
  3. تربية الأبناء ليست عملية عشوائية سهلة .
  4. أهم الأخطاء في مجال التربية .
  5. أسباب ضعف شخصية الأبناء .
  6. أهمية القدوة الصالحة في التربية .

اقتباس

كثير من الناس لا يقدر عظيم الهبة التي وهبه الله؛ حيث رزقه الله الذرية، ولهذا نجد البعض من الخلق لا يعرف كيف يربي أبناءه، ولا يريد أن يعرف، فالبعض يمارس عملية التربية بشكل نمطي جامد من خلال تقليد الآباء وتوارث الأجيال، ولهذا وغيره ينتج في مجتمعنا أفرادًا انحرفوا في أفكارهم، وشطحوا في سلوكهم، فعذبوا والديهم، وصاروا نقمة على مجتمعاتهم ..

إن الحمد لله...

أما بعد:

فيا أيها المؤمنون: يقول جل وعلا (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)

في هذه الآية عدة منن من الله على عباده، فمن ذلك الحكمة التي لا تنفك عن فعل الله، فكل شيء بقدر وكل فعل بحكمة قد يعلمها البعض ويجهلها البعض، ولهذا قال الله عن نفسه إنه عليم قدير، فهو عليم بمصالح الناس، وقادر على كل شيء جل في علاه، ومن فوائد الآية، أن الأولاد ذكورًا وإناثا هبة من الله، وأن البعض يختصه الله بالبنات دون الإناث وآخرون يختصهم بالبنين دون الإناث، والكثير من الخلق كما هو مشاهد يهبهم ذكورًا وإناثًا، والقليل من الخلق من يكون عقيمًا فلا يولد له، والله جل وعلا ابتلاه بذلك لحكمة أرادها، ولعلمه سبحانه بما هو أصلح له، وعلى العبد أن لا يحزن على ما فاته، ولا يفرح بما آتاه الله، بل يرضى ويسلم؛ لأن كل شيء بقدر وحكمة كما قال جل وعلا: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

عباد الله: إن كثيرًا من الناس لا يقدر عظيم الهبة التي وهبه الله؛ حيث رزقه الله الذرية، ولهذا نجد البعض من الخلق لا يعرف كيف يربي أبناءه، ولا يريد أن يعرف، فالبعض يمارس عملية التربية بشكل نمطي جامد من خلال تقليد الآباء وتوارث الأجيال، ولهذا وغيره ينتج في مجتمعنا أفرادًا انحرفوا في أفكارهم، وشطحوا في سلوكهم، فعذبوا والديهم، وصاروا نقمة على مجتمعاتهم.

يقول أحد المهتمين بالتربية: إن تربية الأبناء ليست عملية عشوائية سهلة يمارسها كل أحد دون علم أو دراية، وإنما هي عملية معقدة ذات معايير دقيقة منضبطة بالضوابط الشرعية وقابلة للاجتهادات الشخصية والرؤى النفسية المنبنية على تحقيق المصالح، وتنمية المدارك وتوسيع الأفق ودرء المفاسد والشرور.

معاشر المسلمين: سنتطرق بإذن الله في هذه العجالة عن بعض الأخطاء التي يمارسها بعض الآباء في تصرفاتهم في تربية أبنائهم، ليتلافاها من أراد الخير لأبنائه، فمن أهم الأخطاء التي يقع فيها البعض الاستهانة بأمر التربية، فترى البعض لا يقيم للتربية أدنى معيار ويترك أبناءه ينشئون هكذا دون أدنى مسئولية، ظنًّا منه أن التربية لا تتجاوز تلبية احتياجاتهم من الملبس والمأكل والمسكن، ضاربًا بالنصوص الواردة في ذلك عرض الحائط كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).

وما أخرجه البخاري [2/6 و4/6 (2751) ومسلم 6/8 (4755)] من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راع ومسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته».

قال ابن القيم: فمن أهمل تعليمَ ولدِه ما ينفعه، وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا، كما عاتب بعضهم ولده فقال له ابنه: "يا أبت أنت عققتني صغيرًا فعققتك كبيرًا، وأضعتني صغيرًا، فأضعتك شيخًا". من كتاب الفوائد.

ومن الأخطاء كذلك: هيمنة بعض الآباء على أبنائهم في جميع تصرفاتهم، وهذا الخطأ عكس الخطأ الأول، فتجدهم يلغون شخصيات أبنائهم ويصادرون آراءهم، ولا يرون فيهم إلا وجوب الطاعة العمياء، فينتج من ذلك: ضعف شخصية الأبناء، وانصباغهم بصبغة الخجل المفرط والانطوائية، وانعدام الإبداع في نفوسهم، والإصابة بالأمراض النفسية والجسمانية، وكذلك ينتج وهو من أسوئها الانفلات من كل الضوابط، وذلك عندما يكبر ويشعر بزوال الأغلال التي كانت تقيده ولو كان بعضها صحيحًا، ولهذا يجب أن نعرف أن التربية الصحيحة تؤيد أن يعطى الأبناء جانبًا من الحرية فيما يتعلق بشئونهم الخاصة، من حيث اتخاذ القرارات والتعبير عن الرغبات، وتحمل المسئوليات كل ذلك في إطار الأسس الصحيحة التي غرسها الآباء في نفوس أبنائهم في زمن التلقي.

اللهم وفقنا للتربية الصحيحة، وأرنا في أولادنا ما تقر به عيوننا يا رب العالمين.

أقول قولي هذا


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين


أما بعد فيا أيها لمسلمون: لا شك أن المرء يولد جاهلاً ثم يتعلم، ولا يبلغ درجة الكمال إلا القليل من الناس، فمن قرأ في التربية واستشار من يرى فيهم المعرفة والذين شهد لهم نتاجهم بحسن التربية، قلة أخطاؤه، وحسن نتاجه بإذن الله.

ولنعد لذكر الأخطاء التي يقع فيها البعض في تربية أبنائهم، فمن ذلك: تناقض القدوة لدى الأبناء، فالوالدان هما أول من يؤثر في الطفل، فمن كان قدوة حسنة لأبنائه أثر ذلك فيهم، والعكس بالعكس، ولا يستقيم أن يكون الأبوان يأمران بالخير والصفات الحميدة، وهما بعيدان عن تطبيقها كما قال الشاعر:

يا أيها الرجل المعلم غيره

هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا أبدا وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم

ومن الأخطاء كذلك: القسوة في المعاملة، فمما ساد قديمًا ونشأ عليه البعض، أن القسوة في المعاملة والضرب ينتج الرجال ويغرس فيهم الشجاعة، وهذا تصور خاطئ؛ حيث أثبت الواقع أن هذه التصرفات تنتج لدى الأبناء آثارًا نفسية مؤلمة، قد لا يتجاوزها البعض، فينتج عنها صفة العناد لدى الأطفال وصفة العدوانية، وتشعرهم دائما بالدونية وفقدان الكرامة.

ولا يعني هذا عدم القسوة بتاتًا، بل ينبغي أن يكون هناك عقاب أحيانًا على أن يغلف العقاب بالرحمة والرفق كما قيل:

قسا ليزدجروا، ومن يك حازمًا

فليقس أحيانًا على من يرحم

ومن الأخطاء كذلك: إهمال تربيتهم على القيم الإسلامية، وتطبيق الشرع على مراد الله، وكذلك عدم إنكار المنكر إذا وقعوا فيه، كمثل إهمالهم في أمر الصلاة، فالبعض يخرج للصلاة وأبناؤه على المنكر قابعون، ولا يكلف نفسه بأمرهم ومتابعتهم، فهذا مما يعيق الآباء في غرس الأخلاق الفاضلة لدى أبنائهم.

ومن الأخطاء كذلك: عدم اعتراف المربون بالخطأ.. فكم منا من عاقب ابنا له خطأ وهو ظالم له؟
وكم منا من اتهم أحد أبنائه وهو بريء؟ وكم منا من ضرب ابنه بسبب وشاية كاذبة؟
وغير ذلك من الأخطاء ثم يتبين لنا خطؤنا، فلا نعترف بخطئنا ولا نعتذر لهم، وبهذا نغرس في نفوس أبنائنا صفة الكبر وعدم قبول الحق، والتعصب للرأي، وعلى العكس فلو قام الأب بالاعتذار من ابنه عندما أخطأ في حقه لتحول الخطأ إلى تربية صحيحة وغرسنا في نفوسهم سلوكًا إيجابيًّا.

ومن الأخطاء كذلك: الإقصاء، فترى بعض الآباء يطرد ولده ويمنعه من الجلوس مع الكبار كمن يفكر في الدخول في مجلس الرجال في المناسبات، وعزل الصغار عن الاتصال بالكبار هو منهج سلبي وغير عملي ويدع الصغار بعضهم لبعض فلا يتعلمون إلا السفاسف من الأمور، وتستهويهم الشياطين فيتعلمون الشرور بدلاً من مخالطة الكبار وتعلم معالم الأمور، ومخالطة الصغار للكبار مما قرره المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد أخرج البخاري [3/144(2351) ومسلم 6/113(5345)] من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الأنصاري أَنَّ رَسُولَ الله، صلى الله عليه وسلم، أُتِىَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ»؟ فَقَالَ الْغُلاَمُ: وَالله، يَا رَسُولَ الله، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: «فَتَلَّهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ».

فهذا دليل واضح على دمج النبي صلى الله عليه وسلم للصغار مع الكبار، بل وإعطاؤهم حقوقهم ومشاورتهم، فكم في هذا الحديث من خلق عظيم في التربية.

عباد الله: هذه بعض الأخطاء التي يكثر وقوعها وغيرها كثير غير أن البعض يدل على الكل، والقليل ينبه عن الكثير، والحر تكفيه الإشارة.

اللهم ارزقنا حسن التربية، واجعلنا قدوة صالحة لأبنائنا.

اللهم وفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك.............اللهم اسلك بنا سبيل المتقين الأبرار وجنبنا سبيل المفسدين الأشرار...........اللهم فرج عن ......... سبحان ربك رب العزة..........