البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

التعدد

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم الشعلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. نعمة كثرة نسل الأمة .
  2. فضْحُ وسائلَ للأعداء يحاربون بها تكاثر الأمة .
  3. دعوة القادرين ماديا ومعنويا إلى تعدد الزوجات .
  4. أهمية تعدد الزوجات .
  5. ضرورة تفهم النساء وأوليائهنّ لهذه الأهمية .
  6. إفشال مخططات الأعداء بالاعتصام بالكتاب والسنة .

اقتباس

احذروا دعوة الأعداء المغرضة، ففي كتاب ربكم وسنة نبيكم -عليه الصلاة والسلام- ما يَشفي مِن غلّة ويَروي من ظمأ، مَن قَدِرَ منكم على التعدُّد ببدنه وماله، وَأَمِنَ من الحيْف والظلم، فلْيُقْدم عليه، ولتعلم المرأة أنه لا غضاضة عليها أن تقترن برجل معه أخرى ما دام ذا عقلٍ ودينٍ وقدرةٍ.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديراً، أحمده -سبحانه- أحاط علمه بخلقه فهو معهم أينما كانوا فكبره تكبيراً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وكان عليماً قديراً.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى والحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- فقد قال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

يا عبد الله:     

لا تغبطن أخ الدنيا لزخرفها

ولا للذة وقــتٍ عُجّلت فرحاً

 فالدهر أسـرع شيء في تقلبه

وفعله بيــِّـــنٌ للخلق قد وضحاً

 كم شارب عســــلاً فيه منيته

وكم تقلد سيفاً مــن به ذُبحاً

عباد الله: كلما كانت الأمة أكثر نفيراً، صار لها هيبة في قلوب الأمم وحسبت لها حساباً كثيراً، وأصبح لها دور في العالم في اتزانه واعتداله؛ ولهذا أمتن الله -عز وجل- على بني إسرائيل بأن جعلهم أكثر نفيراً، فقال -تعالى-: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) [الإسراء:6].

ولما عرضت الأمم على النبي-صلى الله عليه وسلم- ورأى النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، رفع له سواد عظيم فظن -عليه الصلاة والسلام- أنهم أمته، وهذا منه تطلع إلى الكثرة، وفرح بها، ولكن قيل له: هذا موسى وقومه؛ فنظر، فإذا سواد عظيم قد سد الأفق، فقيل له: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.

فكثرة النسل نعمة من النعم، لكن أعداء الدين لا يريدون أن تكثر أمة محمد -عليه الصلاة والسلام-؛ ولهذا يعكرون صفوها، ويلطخون أمة الإسلام بلوث التخلف والجهل والتأخر وقلة النمو الاقتصادي والصناعي لكثرة نسلها، وعدم السيطرة عليه تغذية وتعليماً وتوجيهاً وتدريباً.

كبرت كلمة تخرج من أفواههم تلك! إن يقولون إلا كذباً! فلم يكن الإسلام يوماً علامة على التخلف والتأخر والجهل، بل هو عنوان الحضارة والنمو، ووسيلة التقدم والريادة والسيادة، وأعظم آلات التربية والتوجيه والتعليم، ويحمل أعظم أنواع التكافل الاجتماعي، والتأمين الغذائي، ويوفر من الحياة الرغيدة، الحياة السعيدة، حياة القلوب وحياة الأبدان، ما لا يوجد في أي نظام في العالم، ولا في أي منظمة تتشدق بقدرتها على الحفاظ على حقوق الإنسان وتأمين حياته المعيشة.

لكن الغرب الكافر لا يريد للإسلام نمواً واتساعاً وريادة وسيادة، ولا يريد لأهله أن يكونوا في مقام القيادة والتوجيه للعالم؛ لأنهم يعلمون قدرة الإسلام -بأهله المخلصين- على قيادة العالم إلى بر الأمان وشاطئ السلام، وتأمين الحياة الطيبة للناس، وكفالة حقوقهم؛ لأنه تشريع رب العالمين، العالم بما يصلح عباده في الحال والمآل، فأحكام هذا الدين كلها عدل واستقامة.

وهذه البلاد هي -فيما نعلم- آمن البلاد جميعاً، وأكثرها استقراراً، وأرغدها عيشاً، وأسعدها حالاً، والفرد فيها مكفولة حقوقه، محترمة آراؤه، قد سلم فيها من الظلم والحيف، وقد مُكن فيها من أخذ حقه ممن ظلمه، ولا ندعي في ذلك الكمال، فالتقصير حاصل، ولكن في الأغلب هي أحسن البلاد حكماً وأمناً واستقراراً؛ لأنها قامت على هذا الدين القويم، وحكّمته في سياستها الداخلية والخارجية.

من أجل هذا حارب أعداء الدين هذا البلد وأهله، ورموه بالتخلف والرجعية والجهل، جعل الله كيدهم نحو هذه البلاد -وسائر بلاد المسلمين- في نحورهم.

إنهم -عباد الله- لا يريدون للمسلمين عموماً، ولا لأهل هذه البلاد خصوصاً، تكاثراً في العدد، فتراهم يخوفونهم من الفقر والجوع إذا كثر النسل وزاد، كما قال الله -عز وجل- عن قائدهم وإمامهم الشيطان -لعنه الله-: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:268].

ويوحشونهم من انفراط الأمن وكثرة الجريمة وازدياد العنف إذا كثر النسل، هذا من جهة، وما علموا أن الله مع المسلمين يؤيدهم وينصرهم ويرزقهم ويؤمّنهم ويكلؤهم بالليل والنهار، وأنه حسبهم وكفيلهم -جل وعلا-. ومن كان الله حسبه وكفيله، فلن يضره أحد كما قال -تعالى-: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) [آل عمران:120].

ومن جهة ثانية تراهم -قاتلهم الله- يحاربون الزواج الشرعي، ويزينون للناس الفاحشة والرذيلة، ويحاربون التعدد، ويرمونه بأشياء أملاها الهوى والحقد والبغض الذي يغلي في قلوبهم على المسلمين، ويجعلونه زيادة عبء على الرجل، نفسياً وماديا وتربوياً، يحاربونه بأقلامهم النجسة، وبأفكارهم النتنة، وأفلامهم القذرة، ومسرحياتهم الصدئة، مما هو مشاهد ومعلوم.

لكنهم، في الجانب الآخر، لا يرون من العيب والعار أن يتخذ الرجل له خدينة وعشيقة أو خدينات وعشيقات يقضي معها أو معهن الليالي والأيام على خبث وفساد، بل يدعون شباب الأمة الإسلامية وشاباتها إلى التحرر من قيود هذا الدين، والسفر إلى حيث المتعة والأنس، مما جعل بعض شباب الأمة يستجيب لهذه الدعوات المغرضة فيقع في حبالها، ويسافر إلى حيث مراكز التسوق المكشوفة الفاضحة، وإلى حيث المراقص والملاهي والمسارح الآثمة، حتى لم يعد يفكر الشاب في الزواج ويعُده قيداً وربطاً ومسؤولية وقد وقع على ما يفرغ فيه شهوته، ويجد فيه أنسه. نسأل الله السلامة والعافية.

ونراهم -عباد الله- يشيدون بالزوجة التي لا تتزوج بعد وفاة زوجها، ويعدونه من أعلى مقامات الوفاء للزوج، لكنهم لا يعيبون عليها اتخاذ صديق يذهب وحشتها ويؤانسها. ويشيدون بالرجل الذي لا يتزوج بعد وفاة زوجته ويعدونه من باب الإكرام لها، ولا يعيبون أن يتخذ له عشيقة وخدينة، قبحهم الله وقبح أفكارهم وأحوالهم الشيطانية الإبليسية!.

إنكم -عباد الله- محاربون من أعداء الدين، محاربون منهم في دينكم وعباداتكم ومعاملاتكم ومبادئكم وأخلاقكم وتعليمكم واقتصادكم وقوتكم، فلا نجاة لكم إلا بالاعتصام بالله -عز وجل- والتوكل عليه، والتمسك بالكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، والعض بالنواجذ على دينكم بعباداته ومعاملاته وأخلاقه ومبادئه وآدابه.

وأبشروا! إن الله معكم متى فعلتم ذلك، ومَن كان الله معه فلن يغلبه أحد مهما عظمت قوته وكبرت عدته.

لما كان أبو بكر -رضي الله عنه- مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في الغار قال: يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا. فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن؛ إن الله معنا". وقال موسى -عليه السلام- لما قال له قومه: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، أي: من فرعون وقومه، قال: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62].

فالخوف -عباد الله- أن نؤتى من قبل أنفسنا، وأن نكون عوناً للأعداء على غزونا بالتخلي عن هذا الدين والتفريط في أحكامه العادلة المتينة، والبعد عن تعاليمه القويمة، والوقوع في شراك العقائد المنحرفة، والأخلاق الرذيلة، والمبادئ الضالة، فالحذرَ الحذرَ! والانتباهَ الانتباهَ! فالأمر خطير، والحال كبيرة، فيجب الانتباه والتحصن بهذا الدين القويم، والقيام بالرعاية الملقاة على عواتقكم أتم قيام وأكمله، فـ "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

عباد الله: احذروا دعوة الأعداء المغرضة، ففي كتاب ربكم وسنة نبيكم -عليه الصلاة والسلام- ما يَشفي مِن غلّة ويَروي من ظمأ، مَن قَدِرَ منكم على التعدُّد ببدنه وماله، وَأَمِنَ من الحيْف والظلم، فلْيُقْدم عليه، ولتعلم المرأة أنه لا غضاضة عليها أن تقترن برجل معه أخرى ما دام ذا عقلٍ ودينٍ وقدرةٍ.

ولْيكن الأولياء عوناً على ذلك وذوي مساهمة فعالة فيه متى ما رأوا المصلحة داعية له، وليتركوا العواطف جانباً، فلا يكونوا حجر عثرة في تحقيق هذا العمل الصالح، فإن فيه مصالح عدة ولو لم يكن فيها -مع كثرة النسل- إلا إغاظة أعداء الدين، وغلقاً لأفواه المشككين والحاقدين، لكفى.

اللهم وفقنا للعمل بكتابك وسنة رسولك، اللهم احفظ علينا الدين، وأتم علينا النعمة، وأحسن عاقبتنا يوم الدين.