الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
العربية
المؤلف | سلطان بن سعد السيف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
وأيُّ دينٍ وأيُّ خيرٍ في مَن يرى محارم الله تُنْتَهَك، وحدوده تُضاع، ودينه يُترك، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغَبُ عنها، وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطانٌ أخرسُ؛ كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق؟! وهل بلية الدين إلا مِن هؤلاء الذين إذا سلِمَت لهم مآكلُهم ورياساتُهم فلا مبالاةَ بما جرى على الدين، وخيارُهم المُتَحَزِّنُ المُتَلَمِّظُ؟! ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بَذَلَ وتَبَذَّلَ، وجَدَّ واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاث بحسب وُسْعه؟! ..
عباد الله: شعيرةٌ من شعائر الدين عدها أهل بعض العلم سادس أركان الإسلام؛ هي تجارة رابحة مع الله -جل جلاله-، وسببُ دخول الجنان بإذن الكريم المنان، شعيرة بُشر القائم بها بزيادة الإيمان، والمهمل فيها بنقص إيمانه، والتارك لها بنفي الإيمان عنه؛ والله المستعان!.
شعيرةٌ؛ حظي أصحابها بمكانة ليس لغيرهم أن يتبوأها، فهم الحواريون خُلَّصُ أصحاب الأنبياء وأصفياؤهم الذين نُقُّوا من كل عيب، وهم أنصارهم الذين يصلحون للخلافة بعدهم.
شعيرةٌ؛ القائمون بها هم الصالحون لكل شيء، المصلحون لأنفسهم ومجتمعهم.
شعيرةٌ؛ القائمون بها هم المجاهدون بأنفسهم، وأيديهم، وألسنتهم، وقلوبهم؛ فهنيئًا لهم هذه المنازل العالية، وهذه النعوت الرفيعة!.
شعيرةٌ؛ توعد الله -جل جلاله- القائمين بها برحمته الواسعة، كونهم الآخذين بسنته، المقتدين بأمره، نسأل الله الكريم من فضله.
إنها شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنها شعيرة الخيرية، وسفينة النجاة، وصِمام الأمان.
فلا يخفى على كريم علمكم أني تحدثت في الخاطبتين الماضيتين عن تسعة أسباب، وها أنا اليوم أوفي بعهدي لكم في إتمام الحديث عن أسباب العزوف عن هذه الشعيرة العظيمة في هذه الخُطبة.
فالسبب العاشر من أساب العزوف: عدم إدراك حقيقة وسائل الحسبة المتنوعة؛ فالبعض يتحرج أو يعجز من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يصعب عليه، فالحمد لله أن في الأمر سعة، فتارة يكون الأسلوب تعريضًا غير مباشر، أو يكون بالتذكير بالسؤال عن الحكم، أو سرعة الانتقال بهم إلى حديث غيره يكون جاذبا لأسماعهم حتى يضمن إقلاعهم عن المعصية.
وتارة يكون بالكتابة لصاحب المنكر أو للمسئولين على اختلاف مراتبهم، أو للعلماء، أو لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو للمشايخ المحتسبين.
أو بالزيارة له والملاطفة أو بالاتصال الهاتفي له، وتكون النصيحة مكتوبة بين يديه، أو الاستعانة بطالب علم أو صديق على قدرٍ من الحكمة والعلم في تغيير منكَرٍ ما، وأقلها الإنكار بالقلب، ومغادرة مكان المنكر وكرهه بقلبه، ومؤازرة الآخرين في الإنكار وتشجيعهم وتكثير سوادهم، لا نقدهم وتجديفهم؛ والله المستعان!.
السبب الحادي عشر: الجهل بالقدر الذي تبرأ به الذمة من الإنكار؛ فربما ظن البعض أن إنكاره بالقول لا تبرأ به الذمة، وبالتالي تجده يترك الإنكار كلية، وهذا الظن ليس بصحيح ففي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"، دليلٌ واضحٌ في بيان مراتب الإنكار، وأنه حسب الاستطاعة، فإن كان يملك التغيير باليد لزمه التغيير بها، وإن كان لا يستطيع لزمه الإنكار باللسان، فإن لم يستطع لسبب شرعي لزمه الإنكار بالقلب، وذلك بكرهه المنكر، ومغادرة مكانه، فيجب -إذًا- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أي وجه أمكن، ولا يكفى الوعظ لمن أمكنه إزالته باليد، ولا تكفي كراهة القلب لمن قدر على النهي باللسان، وهكذا.
ولو التزم المسلمون جميعهم الإنكار بالقلب لاندثرت كثير من المنكرات، واندرست مسبباتها، والله المستعان!.
السبب الثاني عشر من أسباب العزوف: العلم أو غلبة الظن بعدم استجابة المأمور بالمعروف أو المنهي عن المنكر.
والحق أن غلبة الظن بعدم الاستجابة غير معتبر؛ بل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لطلب رضا لله -عز وجل-، وإحياءً لهذه الشعيرة، ولتحجيم المنكر وتقليله، وكونه من باب الذكرى النافعة للمؤمنين التي ربما تؤثر ولو بعد حين، كما أنه عذر أمام الله، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف:164].
كما أن المطلوب التبليغ ولو لم يكن نتائج، ولو كانت الاستجابة شرطاً لما تعين الإنكار القلبي على كل مسلم.
قال النووي (676هـ): "قال العلماء: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه؛ بل يجب عليه، فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول".
السبب الثالث عشر من أسباب العزوف: هيبة الناس، واستهزاؤهم، والخوف من الأذى أو الفتنة. وفي هذا المقام يقال: إن الأصل هو السلامة من الأذى والفتنة، وهيبة الناس واستهزاؤهم ليس بمانع من القيام بهذه الشعيرة كما يظن البعض، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ فِي حَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ، أَوْ سَمِعَهُ".
وعلى الإنسان ألا يتخيل ويتصور تلكم التخيلات والوساوس من الخوف والهلع: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ".
قال ابن رجب(795ه): "قال ابنُ شُبرمَة: الأمرُ بالمعروف، والنَّهيُ عن المنكر كالجهاد، يجبُ على الواحد أن يُصابِرَ فيه الاثنين، ويَحْرُم عليه الفرارُ منهما، ولا يجبُ عليهم مصابرةُ أكثرَ من ذلك. فإن خافَ السَّبَّ، أو سَماعَ الكلامِ السَّيئ، لم يسقط عنه الإنكار بذلك نصَّ عليه الإمام أحمد، وإن احتمل الأذى، وقوِيَ عليه، فهو أفضلُ، نصَّ عليه أحمد أيضًا"اه.
وعلى فرض وقوع هذا الأذى - مع كره وقوعه - فليعلم أنه إيذاء في ذات الله تعالى، ما لم يترتب على إنكاره مفسدة أعظم في دينه أو نفسه أو ماله.
وليعلم أنه قد أوذي الأنبياء والرسل، فكريا وجسديا، وتحملوها, فمن أنت -يا عبدالله- لتأنف أن تهان في سبيل الله؟.
قال ابن تيمية: "الصبر على أذى الخلق عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن لم يستعمل لزم أحد أمرين: إما تعطيل الأمر والنهي، وإما حصول فتنة ومفسدة أعظم من مفسدة ترك الأمر والنهي أو مثلها أو قريب منها، وكلاهما معصية وفساد، قال تعالى: (وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [لقمان:17] ، فمن أَمَر ولم يصبر، أو صبر ولم يأمر، أو لم يأمر ولم يصبر، حصل من هذه الأقسام الثلاثة مفسدة وإنما الصلاح في أن يأمر ويصبر".
بارك الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين.
أما السبب الرابع عشر من أسباب العزوف -عبادالله- وهو كونه لا يمتثل ما يأمر به، أو بسبب مقارفته المعاصي، وهذه مسألة يكثر الخلط فيها بين الناس.
وللتوضيح يقال: إن المسلم عليه واجبان.
1. واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2. واجب الامتثال بما يؤمر به من معروف، وواجب اجتناب ما يُنهَى عنه من منكر.
فإذا فعل واحدًا من الواجبين وترك واحدًا، أو تركهما معًا؛ فقد قصر وأخطأ.
فقد جاء في القرآن الكريم تشبيه من يعرض عن الوعظ والتذكرة بالحمار أيضًا: (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) [المدَّثر:49-50].
وورد في السنة الصحيحة تشبيه من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويفعله بالحمار من حمر جهنم، يجرّ أمعاءه فيها، كما في الحديث: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّاِر فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ، فَيَدُورُ بِهَا فِي النَّارِ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ، مَا أَصَابَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ".
وقد أخطأ مَن ظن أن هذا الوعيد في حق من يخالف فعله قوله فقط! وإنما لمن ترك الامتثال مع علمه بوجوب ذلك، وفعل المحذور مع علمه بوجوب تركه؛ ولذا وجد ودخل معه في النار من كان يأمرهم وينهاهم، فمن كان عالمًا ويخالف ذلك كان هذا عقابه، كما قرر ذلك ابن كثير والشنقيطي عن السلف والخلف وغيرهم.
فارتكاب المعاصي ليس عذرا في عدم قيامه بهذه الشعيرة عنه؛ بل يجب عليه الأمر والنهي في حق نفسه، وكذلك في حق غيره، فإن أخل بأحدهما لم يجز له الإخلال بالآخر.
ثم إنه لا يوجد أحد سالم من المعاصي البتة، فتبين بهذا أنها حيلة شيطانية، والله المستعان!.
قال المناوي (1031ه): "قيل للحسن: فلان لا يعظ، ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل. قال: وأينا يفعل ما يقول؟! ود الشيطان لو ظفر بهذه منكم فلا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر...".
وقال ابن عطية:"... وقال بعض الأصوليين: فرضٌ على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضُهم بعضًا".
السبب الخامس عشر من أسباب العزوف: الخجل والحياء والمحافظة على كسب مودة الناس! وبعضهم -والعياذ بالله- ربما حمد نفسه على ذلك كي يحافظ على مودة الناس، وهذا أمر غريب وخطيرٌ جدًا؛ والله المستعان!.
فكيف تضيّع تلكم الأوامر المتواترة والمؤكدة على هذه الشعيرة العظيمة ذات المكانة العالية، والأهمية البالغة في المجتمع بسبب ٍكهذا؟! أيهما أولى بأن يُستحيا منه: البشر، أم رب البشر؟! أيهما أولى بالحياء والخجل: صاحب الحق، أم أصحاب الباطل؟! أيهما أولى بالحياء: المطيع لربه، أم المجاهر بعصيانه ؟! هل يستحيي ويخجل ممن أخطأ وقصر في واجب له ؟! هل يخجل عن الصدع برأيه في حق من انتهك حقًا من حقوقه ؟!.
قال ابن القيم: "وأيُّ دينٍ وأيُّ خيرٍ في مَن يرى محارم الله تُنْتَهَك، وحدوده تُضاع، ودينه يُترك، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُرغَبُ عنها، وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطانٌ أخرسُ؛ كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق؟! وهل بلية الدين إلا مِن هؤلاء الذين إذا سلِمَت لهم مآكلُهم ورياساتُهم فلا مبالاةَ بما جرى على الدين، وخيارُهم المُتَحَزِّنُ المُتَلَمِّظُ؟! ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بَذَلَ وتَبَذَّلَ، وجَدَّ واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاث بحسب وُسْعه؟! وهؤلاء -مع سقوطهم من عين الله، ومقت الله لهم- قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب".
عجبًا والله! ترى المغنية والراقصة العارية تفاخر أمام أمة من البشر لا يُحْصَون، وصاحبُ الحقِّ خَجُولٌ من بث دعوته الربانية!.
عجبًا والله! تجد أصحاب المنكرات لا يستحيون من الله، ولا من الناس، في حين صاحب الحق يستحي من الحق! إنه زمن انقلاب المفاهيم والموازين! فالحقُّ لا يُستحيَا من الصدع به: (وَاللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ) [الأحزاب:53].
وأخيرًا؛ هل هذا يُعَدُّ حياء حقيقية، أم هو خجَلٌ مذمومٌ، وعجْزٌ وخوَرٌ وضعْفٌ وتهرُّب؟.
إن الحياء في أصله محمود، وهو شعبة من شُعَب الإيمان، وأما ما يصنعه هؤلاء مع أصحاب الهوى والمنكرات فهو ليس من الحياء، وإن شئت فقل هو من الحياء المذموم.
قال الإمام النووي فيمن ترك الأمر بالمعروف حياءً: "وجواب هذا ما أجاب به جماعةٌ من الأئمة، منهم الشيخ أبو عمر بن الصلاح -رحمه الله- أن هذا المانعُ الذي ذكرناه ليس بحياءٍ حقيقةً؛ بل هو عجزٌ وخوَرٌ ومهانة، وإنما تسميتهُ حياءً من إطلاق بعض أهل العرف، أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياءَ الحقيقي، وإنما حقيقةُ الحياء خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح , ويمنعُ من التقصير في حقِّ ذي الحق, ونحو هذا".
وهذا الصنيع -حقيقة- يفضي إلى المداهنة، ومن ثم إلى فساد المجتمع، وهذا مسلك خطير، وشبهة شيطانية من عدة أوجه:
أحدها: أن المداهن قد وقع في الرياء؛ إذ تركه هذه الشعيرة المتأكدة من أجل الناس وكسب مودتهم رياء، ناهيك عن مخالفته لأمر الله وعصيانه له من أجل الناس.
قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "ترْكُ العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله تعالى منهما".
ثانيها: أنه ترك واجبًا عظيمًا في حقه مودة ورأفة بغيره بالباطل، والله تعالى نهى عن الرأفة في دين الله لإسقاط حدٍّ أو عن إقامة أمر، وبيَّن أن من الإيمان بالله وباليوم الآخر انتفاء تلك الرأفة بقوله تعالى: (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ) [النور:2].
ثالثًا: أنه قدم والتمس رضا البشر بسخط رب البشر، وقدَّم رضاهم على رضاه -جل جلاله-، ومن فعل هذا فلن يتحقق له مراده الوهمي؛ فإن الله سيسخط عليه، وسيسخط عليه هؤلاء الناس، ولو بعد حين، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "مَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ".
رابعًا: أن بعض الكبائر أخف حالاً من صنيع هذا؛ لكون ضرره متعدٍّ، والله المستعان؛ كما ذكر ابن القيم.
اللهم وفقنا للقيام بهذه الشعيرة على الوجه الصحيح، اللهم اجعلنا ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وفق شرعك...