البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

بيان ما أنعم الله به على هذه البلاد من معرفة الحق والعمل به

العربية

المؤلف صالح بن فوزان الفوزان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. نعمة الله على البلاد السعودية بالدعوة الصحيحة .
  2. التأثيرات الوافدة على بلاد الحرمين .
  3. الحث على الثبات على الخير .
  4. تحذير الشباب من دعاة الضلال . .
اهداف الخطبة
  1. التذكير بنعمة الله على بلاد الحرمين بالدعوة الصحيحة
  2. الحث على الثبات وعدم التأثر بما يفد من الشرور .

اقتباس

أيها الآباء وجهوا أولادكم الوجهة الصالحة وربوهم التربية النافعة واربطوهم بأهل الخير، وراقبوا تحركاتهم واعرفوا جلساءهم ومدرسيهم –فإن الدعاة إلى الشر أكثر من الدعاة إلى الخير، وإن من دعاة الشر من يدعو باسم الدين ويظهر بمظهر الصلاح ليخدع الناس.

الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة، وأجلها نعمة الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وتبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى جميع الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم تسليماً كثيراً متواصلاً على الدوام.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم واشكروها ولا تعرضوها للزوال –فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

عباد الله: لقد كانت هذه البلاد ولا تزال ولله الحمد تنعم بالأمن والإيمان، حيث أظهر الله فيها هذا الدين على يد الإمام المجدد شيخ الإسلام – الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأعظم له الأجر والمثوبة- فقد قام بالدعوة إلى الله وتصحيح عقيدة المسلمين من الشركيات والبدعيات وقيض الله له أنصاراً من أمراء آل سعود فآزروه ونصروه فاجتمعت قوة العلم وقوة السطان، فأصبحت هذه البلاد مضرب المثل في توفر الأمن والاستقرار وصفاء العقيدة، وتوارث ذلك الأجيال اللاحقة من أبنائهم وأحفادهم إلى يومنا هذا

وامتد هذا الخير إلى البلاد المجاورة فظهر فيها من الدعاة إلى الله وإلى توحيده أعلام من أئمة الدين صار لهم أكبر الأثر في تبصير من وفقه الله، وأثمرت هذه الحركة الإصلاحية للمسلمين خيراً كثيراً، حيث تربت عليها أجيال على عقيدة التوحيد الخالص، وعمرت مساجد المسلمين بتدريس العلوم النافعة فخرّجت أفواجاً من العلماء العاملين، وتركت رصيداً نافعاً من الكتب في الأصول والفروع- لقد عاشت هذه البلاد في ظل هذه الدعوة المباركة وسنة رسوله، تقام فيها الحدود، يؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر، سليمة في عقيدتها، نزيهة في معاملاتها – لا شركيات ولا خرافات ولا بدع ولا رياء- ولا تزال بحمد الله على ذلك، ونسأل الله لها الثبات على الحق ومزيداً من الفضل.

 ولكن في زماننا هذا انفتح على هذه البلاد أبواب كانت مغلقة نخشى أن تؤثر عليها فتقع فيما وقعت فيه البلاد الأخرى، فتغير نعمة الله فيغير الله عليها، فقد ازدهرت الدنيا عندنا وفاض المال في أيدي الكثير منا، فتداعت علينا الأمم وتوافدت علينا أنواع من البشر بعاداتها وتقاليدها الفاسدة وعقائدها المنحرفة. (ولا أقول: كل الوافدين بهذه الصفات ولكن الكثير منهم)

ولا بد أن يكون لهم تأثير سيّء على أهل هذه البلاد في عقائدهم وأخلاقهم – فمن هؤلاء الوافدين من هو كافر لا دين له، ومنهم من هو مسلم متساهل، والقليل منهم مسلم متمسك بدينه، وقد خالطونا في بيوتنا ومتاجرنا ومكاتبنا ومدارسنا، وكان الواجب أن نؤثر عليهم بدعوتهم إلى الخير وتوجيههم إلى الإصلاح، ولكن الواقع بالعكس فصار التأثير منهم علينا، تساهلنا في المنكرات، وتكاسلنا عن الواجبات وتعامل بعضنا بالربا والمكاسب المحرمة، تناول بعضنا المسكرات والمخدرات، تساهلت نساؤنا بالحجاب والتستر، كل هذا حدث بسبب مخالطة أهل السوء من الوافدين علينا، فالواجب يا عباد الله الحذر والتنبه لهذه الأخطار وإبعاد أنفسنا وأولادنا وبيوتنا عن كل ما يخل بديننا وأخلاقنا، ولا يتم هذا إلا بمضاعفة الجهود والتعاون على البر والتقوى، وتنمية الخير في نفوسنا ونفوس شبيبتنا وإعطائهم الحصانة الكافية من العلم النافع والدين الصادق، والتمسك بما نحن عليه من الحق، والحفاظ على هذه الدعوة المباركة التي غرس شجرتها في هذه البلاد إمامنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وتعاهدها بالسقي والتنمية تلاميذه وأحفاده وأنصاره من علماء المسلمين وملوكهم وأمرائهم. فقد كنا في هذه البلاد أمة واحدة على الحق، دستورنا كتاب الله وسنة نبيه وعقيدتنا عقيدة السلف الصالح، وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وأتباعهم من القرون المفضلة. لا كما يوجد في البلدان الأخرى من تفرق المسلمين إلى فرق وجماعات وجمعيات كل فرقة تعادي الفرقة الأخرى، وكل فرقة تسمي نفسها غير اسم الفرقة الأخرى والجماعة الأخرى، وكل فرقة وجماعة تخط لنفسها منهجاً غير منهج الفرقة الأخرى، حتى شوهوا الإسلام، ونفروا عنه من يريد الدخول فيه، ونخشى أن تسري عدوى هذه الفرق المتفرقة إلى بعض شبابنا فينخدعوا بها عن جهل، ويقعوا فيما وقعوا فيه من تشتت وضياع.

فيا شباب المسلمين إننا والحمد لله جماعة واحدة على عقيدة التوحيد ومنهج السلف الصالح في الأصول والفروع فاحملوها بجد ونشاط (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) تفقهوا في دين الله، وتعلموا عقيدة التوحيد، ارجعوا إلى المصادر الأصلية لهذا الدين، وهي كتاب الله وسنة رسوله وما يوضح هذين الأصلين مما كتبه علماء السنة في تفسير القرآن وشرح الحديث واستنباط الأحكام الفقهية، وليكن ذلك على أيدي علمائكم، فالعلم إنما يؤخذ من عالم ناصح وكتاب مفيد، مع النية الصالحة والجد والاجتهاد.

ويا أيها الآباء وجهوا أولادكم الوجهة الصالحة وربوهم التربية النافعة واربطوهم بأهل الخير، وراقبوا تحركاتهم واعرفوا جلساءهم ومدرسيهم –فإن الدعاة إلى الشر أكثر من الدعاة إلى الخير، وإن من دعاة الشر من يدعو باسم الدين ويظهر بمظهر الصلاح ليخدع الناس، وقديماً قال فرعون لقومه:(مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) وقال: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) وخدع إبليس –لعنه الله- آدم وزوجه (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

فاحذروا يا شباب المسلمين من دعاة الضلال ولو تسموا باسم الدين وظهروا بمظهر المصلحين، لا تثقوا إلا بمن تعرفون دينه وعلمه ونصحه، وأنتم والحمد لله نشأتم في هذه البلاد على دعوة التوحيد والدين الخالص، عندكم العلماء ولديكم الرصيد الكافي من الكتب النافعة وأنتم وآباؤكم وإخوانكم من المسلمين جماعة واحدة فتمسكوا بجماعتكم وسيروا على نهج سلفكم الصالح إخواناً في الدين وأعواناً على الحق، وتذكروا قول الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) .