البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

أثر الصلاة في استجلاب النصر

العربية

المؤلف تركي بن علي الميمان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الصلاة
عناصر الخطبة
  1. أثر الصلاة في استجلاب النصر .
  2. الصلاة شرط لتمكين المسلمين ونتاج له .
  3. أحوال المسلمين اليوم إزاء الصلاة .
  4. وسائل تعين على المحافظة على صلاة الفجر . .

اقتباس

وبالصَّلاة يُستمنَح ويستنزل نصر الله تبارك وتعالى، يقول -عز وجل-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)[البقرة:45]، فإن أردت النصر والفلاح والفوز والتمكين فلابد من الاستعانة بالصلاة، قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال:45].

الخطبة الأولى:

أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-.

أيها المسلمون: إنَّ مِن فضائل الصلاة أنها سبب للنصر والتمكين والفلاح في الدنيا والآخرة، يقول الله -عز وجل-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:1-2]، إلى أن قال: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَواتِهِمْ يُحَافِظُونَ)[المؤمنون:9]، يعني: جعل الصلاة سياجاً لكل أعمال هؤلاء المؤمنين، بدأ بالصلاة وختم بالصلاة كأنها السياج.

تأملوا كلمة: (أفلح) أي: أن الصلاة سبب الفلاح والنصر والتمكين. وقال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الأعلى:14-15]، وسمى الصلاة فلاحاً، فجعل النداء إليها نداءً إلى الفلاح، حي على الصلاة، حي على الفلاح: والفلاح هو الفوز بالمراد، والبقاء في الخير.

وبالصَّلاة يُستمنَح ويستنزل نصر الله تبارك وتعالى، يقول -عز وجل-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)[البقرة:45]، فإن أردت النصر والفلاح والفوز والتمكين فلابد من الاستعانة بالصلاة، قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال:45].

ولعل في تشريع صلاة الخوف حالة الالتحام المسلح ما يشير إلى أثر الصلاة في استجلاب نصر الله تبارك وتعالى، يعني: المسلمون لا يستغنون عن الصلاة باعتبارها سبباً في الفلاح والنصر والتمكين ومعية الله، حتى في أثناء الكفاح المسلح مع الأعداء، فتجب عليهم الصلاة بحسب استطاعتهم كما هو معروف في صلاة الخوف.

وفي الحديث؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم" رواه النسائي وصححه الألباني.

إذاً؛ هذه الصلاة التي يصليها هؤلاء الضعفاء والفقراء والمساكين والنساء وغيرهم تكون سبباً في نزول نصر الله -سبحانه وتعالى-، رأفة ورحمة بسائر الأمة. وقال رجل للحسن: أوصني، فقال: أعز أمر الله يعزك الله.

وقال تعالى: (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]، ونصرة الله بإقامة شرائع دينه وخاصة الصلاة. وقال -عز وجل-: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ) [المائدة:12]، يعني: إني معكم بالنصر والتأييد: إن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، ومَن كان الله معه فقد تولاه، والله -عز وجل- لا يعز مَن عاداه، ولا يذل من والاه؛ بل الذل حليف من حاربه وعصاه قال -صلى الله عليه وسلم-: "وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري" رواه أحمد بسند صحيح.

وعباد الله: الذين سيعاقب الله بهم أعداءه، ويعذبهم بأيديهم، هم الذين يقيمون الصلاة ويستمدون منها زاداً ووقوداً في جهادهم، يقول -تبارك وتعالى-: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا) [الإسراء:5]، هل يتصور أن عباداً لنا يكونون ممن لا يصلون؟! لا يمكن أبداً أن يكون ولياً من أولياء الله لا يصلي؛ لأن الذي لا يصلي عدو لله وليس ولياً من أولياء الله، إنما ينصر الله أولياءه الذين تولوه -سبحانه وتعالى-، أما تارك الصلاة فهذا عدو بغيض إلى الله -سبحانه وتعالى- وإلى المؤمنين.

فالذين يهزمون أعداء الدين -وخاصة اليهود، لعنهم الله- لابد أن يكونوا متصفين بهذه الصفة: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُوْلَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادَاً لَنَا) [الإسراء:5]، ما صفتهم؟ (أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)[الإسراء:5] يعني: يجمعون بين أمرين: بين إقامة العبودية وبين القوة المادية، البأس الشديد.

وبهذه العبودية يتعرف عليهم كل شيء، حتى الحجر في آخر الزمان سيتعرف على المسلم الذي يتصف بصفة العبودية، وأشرف العبودية الصلاة بلا شك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، وحتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" رواه مسلم. فانظر كيف أن الحجر سيعرف المسلم بهذه الصفة: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي ...

وإذا فتح الله -سبحانه وتعالى- على عباده المصلين يكون أول شيء يهتمون به هو إقامة الصلاة، يقول -عز وجل-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:41].

فأول علامات المسلمين إذا مُكِّنوا أن يقيموا الصلاة، وإقامة الصلاة ليست مجرد أن يصلُّوا في أنفسهم، فإنهم قطعاً مِن قَبْلُ كانوا مُصَلِّين، لكن إذا صارت لهم الدولة والسطوة والقوة والغلبة فأهم شيء عندهم أن يقيموا الصلاة في الناس، ويحاسبونهم على تضييع الصلاة، ويحرضونهم على ذلك، ويوظفون الموظفين لمراقبة الناس في شأن الصلاة، فهذا معنى قوله: (أقاموا الصلاة)؛ ولذلك يقول -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ) [الحج:41].

حتى وإن كان التمكين أمراً نسبياً، فالمسلم في أي موقع هو فيه فعليه أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، "كلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِه"، فليس التمكين مقصوراً على أعلى درجات التمكين، وهي إقامة الخلافة، وإنما التمكين قد يكون أحياناً نسبياً، فـ "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فالأب في البيت مسؤول أن يقيم الصلاة في ذريته وفي أهله، ويراقب نساءه وأولاده، ويطمئن على إقامتهم للصلاة.

كذلك في كل مرفق إذا مُكِنَ للمسلم فيه -حتى وإن كان نسبياً- فعلى قدر طاقته، عليه أن يطبق هذه الآية: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:41]...

فاتقوا الله -عباد الله-، وحافظوا على هذه الشعيرة العظيمة التي من لم يحافظ عليها أدركه الخذلان، وغشيته اللعنة والسخط، وانقطع عنه من ربه المدد، ومن حافظ عليها فقد أخذ بأسباب السعادة والنجاة والفوز والفلاح.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...

الخطبة الثانية:

أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

عباد الله: إن الصلاة اليوم قد خف ميزانها عند كثير من الناس فتهاونوا بها، فمنهم من يتهاون بشروطها وأركانها وواجباتها؛ فلا يأتي بها كاملة، ولا يتعلمها ويتفهمها حتى يأتي بها على وجهها؛ فربما يخل بشرط من شروطها، أو ركن من أركانها، فلا تصح صلاته، ويستمر على هذه الحالة يظن أنه يصلي وهو لا يصلي.

وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجـلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد؛ ورأى رجلاً يصلي ولا يطمئن في صلاته، فقال له: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، ومنهم من يتهاون بالصلاة مع الجماعة، وهذا من علامات النفاق، ومن ترك الصلاة مع الجماعة من غير عذر شرعي فقد ارتكب جرماً عظيماً، واستحق عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة؛ بل ذهب جمع من العلماء إلى عدم صحة صلاته التي صلاها وحده.

واليوم نرى من الناس تساهلاً عظيماً في الصلاة مع الجماعة، فمنهم من لا نراه في المسجد أبداً في جميع الصلوات وهو يسكن بجوار المسجد، يخرج من بيته لأعماله الدنيوية ولا يخرج من يته لأداء الصلاة في المسجد وهو يسمع النداء خمس مرات في اليوم والليلة فيقول: سمعنا وعصينا.

والبعض من الناس يصلي مع الجماعة بعض الصلوات ويترك الجماعة في البعض الآخَر كصلاة الفجر، فإن الذين يتخلفون عن صلاة الفجر مع الجماعة كثير، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ذلك من علامات النفاق. ومما يسبب النوم عن صلاة الفجر في هذا الزمان أن كثيراً من الناس يسهرون الليل إما على قيل وقال، وإما على لهو ولعب ومشاهدة أفلام وقنوات، وقد يضيف إلى ترك الجماعة جريمة أخرى وهي إخراج الصلاة عن وقتها، فلا يصليها إلا بعد طلوع الشمس، فيكون من الذين هم عن صلاتهم ساهون.

ومن الناس من يصلي مع الجماعة؛ لكنه لا يحدث نفسه بالصلاة إلا إذا أقيمت الصلاة، فهذا ديدنه دائماً؛ ولذلك إذا نظرت إلى من يقضون الصلاة في الغالب لوجدتهم هم أنفسهم لم يتغيروا ولم يعدِّلوا من أحوالهم.

عباد الله: إن المسلم الذي تهمه صلاته لا ينام عن صلاة الفجر ولا يتخلف عن الجماعة ، فالمسلم يعمل الاحتياطات التي توقظه للصلاة، ومن ذلك أن ينام مبكراً حتى يستيقظ مبكراً، ومن ذلك أن يوصي من يوقظه من أهله أو جيرانه، ومن ذلك أن يجعل عنده ساعة تدق عند حلول الوقت؛ بل إن الإنسان إذا نام على نية الاستيقاظ للصلاة فإن الله يهيئ له ما يوقظه، لكن إذا لم يبال بالصلاة ولم تخطر على باله فإن الشيطان يستحوذ عليه ويثبطه.

أيها المسلمون: إذا أردنا النصر على الأعداء وعلى الهوى والشيطان فلنحافظ على الصلاة أشد المحافظة، ففيها العز والنصر والتمكين والفلاح في الدنيا والآخرة.

فاتقوا الله -عباد الله- في أمور دينكم عامة، وفي صلاتكم خاصة، فإنها آخِر ما يُفقد من الدين، فليس بعدها دين: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) [مريم:59-60].