البر
البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...
العربية
المؤلف | أسامة بن عبدالله خياط |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
وإنما يكونُ صلاحُ هذا المالِ بحِلِّ أصله -وهو حديثٌ بإسنادٍ صحيحٍ- وإنما يكونُ صلاحُ هذا المال بحِلِّ أصله، وطِيبِ كسبِه، ومشروعيَّةِ مصدره، وهذا يستلزِمُ التنزُّه عن أكل الحرامِ الخبيثِ الذي يبُوءُ آكِلُه بإثمه، ويكونُ وبالاً عليه، جاء في الحديثِ الذي أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه، واللفظ لمُسلمٍ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ طيِّبٌ لا يقبَلُ إلا طيِّبًا، وإن اللهَ أمرَ المؤمنين بما أمرَ به المُرسَلِين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ..
الحمد لله يحبُّ الطيبَ الحلال، ويُبغِضُ الخبيثَ الحرام، أحمده سبحانه حمدًا نرجُو به المزيدَ من الإكرام والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ القدُّوس السلام، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسوله خاتمُ النبيين سيدُ الأنام، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا دائمَيْن ما تعاقَبَت الليالي والأيام.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-؛ فتقوى الله خيرُ زاد السالكين، وأفضلُ عُدَّة السائرين إلى رب العالمين.
أيها المسلمون: حبُّ المال، والتعلُّق بطلبِه، والشَّغَفُ بجمعه، والحِرصُ على تنميته، وداومُ العملِ على حراستِهِ من الغوائِلِ، وكذا صيانتُهُ من الآفاتِ؛ مركوزٌ في الفِطَر، مُستقرٌّ في العقول، مُستحكِمٌ في النفوس.
وفي بيان قوة هذا الحب، وكمال هذا التعلُّق، وتمام هذا الحِرص جاء قولُه تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) [الفجر: 20]، وقوله -عزَّ اسمه- في وصف الإنسان: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات: 8]، وقول نبي الرحمةِ والهُدى -صلوات الله وسلامه عليه-: "قلبُ الشيخِ شابَ على حبِّ اثنتين: حبِّ العيش -أو قال: طول الحياة-، وحبِّ المال". أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وقد كان هذا الحبُّ الشديدُ جديرًا بأن يذهبَ بصاحبه كلَّ مذهبٍ، خليقًا بأن يُركِبَه كلَّ مركَب، لبلوغ غايتِهِ في إصابةِ أوفَى نصيبٍ منه، غير أن الله تعالى لم يدَعْه وحيدًا أمام سِحر بريقِه، أسيرًا لفتنتِه وإغرائه، يخبِطُ خَبْط عشواء في جمعه وإنفاقه؛ بل أقامَ له معالِمَ، وحدَّ له حدودًا، ورسَمَ له طريقَ سيرٍ يُفضِي بسالكِهِ إلى خير غاية، وينتهي به إلى أكمل مقصود.
وهو طريقٌ دلَّ عليه ما جاء في كتابِ ربنا وسنة نبيِّنا -صلوات الله وسلامه عليه- من بيِّناتٍ في آياتٍ مُحكَمات، وسُننٍ واضِحاتٍ، وفي الطليعَةِ من ذلك جاء الثناءُ على المالِ الصالحِ يُرزَقُه العبدُ الصالحُ المُطيعُ لله، المُستقيمُ على أمره، الحافظُ لحدوده، في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عمرو: نِعْمَ المال الصالحِ مع الرجلِ الصالحِ". أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه من حديثِ عمرو بن العاص -رضي الله عنه-.
وإنما يكونُ صلاحُ هذا المالِ بحِلِّ أصله -وهو حديثٌ بإسنادٍ صحيحٍ- وإنما يكونُ صلاحُ هذا المال بحِلِّ أصله، وطِيبِ كسبِه، ومشروعيَّةِ مصدره، وهذا يستلزِمُ التنزُّه عن أكل الحرامِ الخبيثِ الذي يبُوءُ آكِلُه بإثمه، ويكونُ وبالاً عليه، جاء في الحديثِ الذي أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه، واللفظ لمُسلمٍ؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ طيِّبٌ لا يقبَلُ إلا طيِّبًا، وإن اللهَ أمرَ المؤمنين بما أمرَ به المُرسَلِين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51]، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172]. ثم ذكرَ الرجلَ يُطيلُ السفرَ، أشعثَ أغبرَ، يمُدُّ يديْه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ! ومطعمُه حرام، ومشربُه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجابُ لذلك؟!".
وهذه إشارةٌ -كما قال أهلُ العلمِ بالحديثِ- إلى أنه لا يُقبَلُ العملُ ولا يزكُو إلا بأكل الحلال، وأن أكلَ الحرامِ يُفسِدُ العملَ ويمنعُ قبولَه. والمرادُ أن الرسلَ وأممَهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعملِ الصالح، فما دام الأكلُ حلالاً فالعملُ صالحٌ مقبولٌ، فإذا كان الأكلُ غيرَ حلالٍ فكيف يكونُ العملُ مقبولاً؟!
ولذا كانت الصدقةُ بالمال الحرام مردودةً غيرَ مقبولة، كما جاء في صحيح مسلم -رحمه الله- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يقبَلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طُهور، ولا صدقةً من غُلُول". وهو الأخذُ من الغنيمةِ قبل قِسمتها على مُستحقِّيها.
وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان، والمستدرك للحاكم بإسنادٍ حسنٍ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أدَّيتَ زكاةَ مالك فقد قضيتَ ما عليكَ، ومن جمعَ مالاً حرامًا ثم تصدَّقَ به لم يكُن فيه أجرٌ، وكان إصرُه عليه".
وفي مراسيل أبي داود -رحمه الله- بإسنادٍ حسنٍ؛ عن القاسم بن مُخيمِرة أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اكتسبَ مالاً من مأثَم فوصلَ به رحِمَه، أو تصدَّقَ به، أو أنفقَه في سبيل الله؛ جُمِعَ ذلك كله جميعًا فقُذِفَ في جهنم".
وإن الأمرَ ليس مُقتصِرًا -يا عباد الله- على هذه الآثار مع شدَّتها، وعِظَم التضرُّر بها؛ بل إنه ليربُو على ذلك، ويبلُغُ الغايةَ حين ينتهي بصاحبِهِ إلى نار الجحيم يوم القيامة، كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه بإسنادٍ صحيحٍ عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا كعب بن عُجرة: إنه لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ نبَتَ من سُحْتٍ".
والسُّحْتُ هو الحرام في كل صُوره؛ كأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، وأخذ رُشَا، ومهر البغِيّ -وهو ما تُعطاهُ لقاءَ بِغائِها-، وحُلوان الكاهن -وهو ما يأخُذه أجرًا لكِهانته-، وما يُؤخَذ أجرًا لبيع المُسكِرات والمُخدِّرات، وكافة أنواعِ البُيُوع التي حرَّمَها الله ورسولُه؛ من مطعوماتٍ ومشروبات، وملبوسات، ومُتَّخذاتٍ للتزيُّن، ونحوها مما هو مبسوطٌ مُفصَّلاً بدليله في كتب أهل العلم.
وفي جامع الترمذي -رحمه الله- بإسنادٍ صحيحٍ من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا كعب بن عُجرة: إنه لا يربُو لحمٌ نبَتَ من سُحْتٍ إلا كانت النارُ أوْلَى به".
وإنها لنهايةٌ مُرعِبة، ومصيرٌ مُفزِعٌ تقَضُّ له مضاجِعُ أُولِي النُّهى، وتُوجِبُ تفتُّحَ الوعيِ لإدراك سبيل النجاة، والظَّفَر بأسبابِ السلامة، والحَظْوة بمسالكِ العافية التي تأتي في الطليعةِ منها: تقوى الله تعالى، والاستحياءُ منه حق الحياء؛ فإنه من أظهر أسبابِ التنزُّه عن أكل الحرام.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي -رحمه الله- في جامعه عن عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "استحْيُوا من الله حقَّ الحياء". قال: قلنا: يا نبيَّ الله: إنا لنستَحْيِي والحمدُ لله. قال: "ليس ذلك، ولكن الاستِحياء من الله حقَّ الحياء: أن تحفَظَ الرأسَ وما وعَى، وتحفظَ البطنَ وما حوَى، وتذكُرَ الموتَ والبِلَى، ومن أراد الآخرةَ تركَ زينةَ الدنيا، فمن فعلَ ذلك فقد استحْيَى من الله حقَّ الحياءِ".
فحِفظُ البطن وما حوَى؛ أي: ما وُضِع فيه من طعامٍ وشرابٍ، بأن يتحرّى الحلال منهما، وأن يُوقِنَ بأن ما قُسِم له من رزقٍ فإنه سوف يستوفيهِ بتمامه قبل مماته، فلا يحمله استِبطاءُ الرزقِ على طلبِهِ بسُلُوك سبيل المعصية؛ فإنها نذيرُ شُؤم، وسببُ حِرمان.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه البزَّار -رحمه الله- في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ عن حُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلُمُّوا إليَّ". فأقبَلوا إليه فجلَسُوا، فقال: "هذا رسولُ ربِّ العالمين جبريل نفَثَ في رُوعِي أنه لن تموتَ نفسٌ حتى تستكمِلَ رِزقَها وإن أبطأَ عليها، فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلبِ، ولا يحمِلَنَّكم استِبطاءُ الرزق أن تأخُذوه بمعصيةِ الله؛ فإن الله لا يُنالُ ما عندهُ إلا بطاعته".
وأن يذكُر على الدوام أن اللهَ سائِلُه يوم القيامة عن المصدرِ الذي اكتسَبَ منه مالَه، وعن الوجوه التي أنفقَه فيها سُؤالَ تقريرٍ ومُحاسَبَة، يكونُ من بعدها الجزاءُ العادلُ، ولا يظلِمُ ربُّك أحدًا، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي -رحمه الله- في جامعه بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي بَرْزَة الأسلميِّ -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزولُ قدمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسألَ عن عُمره فيمَ أفناه، وعن علِمِه فيمَ فعلَ فيه، وعن مالهِ من أين اكتسَبَه وفيمَ أنفقَه، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاه".
وأن يعلمَ أن قليلَ المال الذي يكفيه خيرٌ له من كثيرِ المال الذي يُلهِيه عن كلِّ ما يصلُحُ به أمرُه، وتستقيمُ به حالُه في دينه ودُنياه، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ -واللفظُ له-، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما طلَعَت شمسٌ قطُّ إلا بعثَ بجنبَتَيْها ملَكَان يُنادِيان يُسمِعان أهلَ الأرض إلا الثَّقَلَيْن: يا أيها الناسّ: هلُمُّوا إلى ربكم؛ فإن ما قلَّ وكفَى خيرٌ مما كثُر وألهَى...". الحديث.
ألا وإن دوامَ النظرِ في هذه الشواهد والنصوص، وتكرار التأمُّل فيما دلَّت عليه وأرشدَت إليه ليُورِثُ الناظرَ المُتأمِّلَ المُتفكِّر دُربَةً وملَكَةً ورهافَةَ حِسٍّ تبعَثُه على توخِّي الحلالِ الطيبِ، والتنزُّهِ عن الحرام الخبيثِ في مطعمِه ومشربِه وملبَسِه وشأنه كلِّه، واضِعًا بذلك لبِنَةً من لبِنَات الإصلاح في بُنيان المُجتمع، داعِيًا غيرَه إلى أن يحذُوَ حذوَه، ويسيرَ سيرَه، مُبيِّنًا حُسن العُقبَى فيه بشُيُوع البركات، وعموم الخيرات، والسعادة في الحياة وبعد الممات، والحَظوةِ برِضا ربِّ الأرض والسماوات.
نفعَني الله وإياكم بهديِ كتابه، وبسُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفرِه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فيا عباد الله: جاء في بيان قولِ الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البقرة: 168] قولُ بعضِ أهل العلم بالتفسير: "هذا خطابٌ للناسِ كلِّهم مُؤمنِهم وكافرِهم، فامتنَّ الله عليهم بأن يأكُلُوا من جميع ما في الأرض؛ من حبوبٍ، وثمارٍ، وفواكه، وحيوان، حالةَ كونِها حلالاً -أي: مُحلَّلاً لكم-، تتناولونه ليس بغصبٍ ولا سرقةٍ، ولا مُحصَّلاً بمعاملةٍ مُحرَّمة أو على وجهٍ مُحرَّم، أو مُعينًا على مُحرَّم.
طيِّبًا؛ أي: ليس بخبيث؛ كالميتة، ولحم الخنزير، والخبائث كلها.
وفي الآية: دليلٌ على أن الأصلَ في الأعيان الإباحة أكلاً وانتفاعًا، وأن المُحرَّم نوعان: مُحرَّمٌ لذاته -وهو الخبيثُ الذي هو ضِدُّ الطيبِ-، ومُحرَّمٌ لما عرَضَ له -وهو المُحرَّمُ لتعلُّق حقِّ الله أو حقِّ عباده به-، وهو ضِدُّ الحلال.
وفيها أيضًا: دليلٌ على أن الأكلَ بقدرِ ما يُقيمُ البنيةَ واجبٌ يأثَمُ تارِكُه.
ولما أمرَهم سبحانه باتباع أمرِه الذي هو عينُ صلاحهم، نهاهم عن اتباع خُطوات الشيطان؛ أي: عن طرقه التي يأمر بها، وهي جميعُ المعاصِي من كُفرٍ وفسوقٍ وظلمٍ، ويدخلُ في ذلك: تحريمُ السوائمِ والحام ونحو ذلك، ويدخل فيه أيضًا تناولُ المأكولات المُحرَّمة".
ألا فاتقوا الله -عباد الله-، واذكروا أن السلفَ الصالحَ -رضوان الله عليهم- كان يشتدُّ خوفُهم على أنفسهم من قولِهِ -عزَّ اسمه-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27]، فخافوا أن لا يكونوا من المُتَّقين الذين يُتقبَّلُ منهم، هذا مع كمال تقواهم، وتمام إخلاصهم لله، وشِدَّة تحرِّيهم لمراضيه، وأكلِهم الحلال الطيب، وتنزُّههم عن الخبيثِ الحرامِ.
ألا وصلُّوا وسلِّموا على خاتم رُسُل الله: محمدِ بن عبد الله؛ فقد أُمرتُم بذلك في كتاب الله؛ حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا خيرَ من تجاوزَ وعفا.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنةَ نبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين في كل مكانٍ يا رب العالمين.