الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | الخضر سالم بن حليس اليافعي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات |
الحقد يأكل الحب والفضيلة فما أشبهه بالسرطان الذي يأكل اللحم السليم وينخر العظم ويتلف الأعصاب.. ليس من صفات المؤمنين أن يحملوا الحقد في صدورهم؛ لأن الأصل في صدورهم أن تكون مملوءة بالحب وإرادة الخير للآخرين ومتى امتلأت القلوب بالحب لم يجد الحقد مكانا فيها ينزل فيه.. فلنواجه فلول الحقد في المجتمع بسلاح الحب.. فالحقد لن يطرد من قلوبنا إلا إذا ملأناها بالحب. فما أجمل الحب ..
الحمد لله:
(ولَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34]..
إذا بادلك أحدهم بالكراهية فبادله بالمحبة.
إذا أظهر لك البغض فأظهر له الحب.
إذا أشاع لك القسوة فانشر له الرحمة.
إذا أشهر سيف الانتقام فأشهر سيف التسامح.
وإذا أصدر لك الحقد فأصدر له المحبة.
إذا فرش تجاهك الشر فابسط له الخير.
أيها الإخوة: لنرفع شعار (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [فصلت: 34]، فالحقد هو الكراهية والإنسان الحقود لا يهنئ له عيش مادام من هو حاقد عليه بخير... دائمًا يتمنى الشر والسوء لغيره.
الحقد حمل ثقيل يتعب حاملُه وتشقى به نفسُه ويفسد فكرُه وينشغل به بالُه ويقض به مضجعُه ويكثر به همُه وغمُه إنه كحمل من أحمال الشوك الملتهب الحار.
الحقد أعمى.. لا يبصر.. بل ليس للحقد عيون!!
ما للعاقل... وللحقد!!
الحقد ـ أيها الإخوة ـ يأكل الحب والفضيلة فما أشبهه بالسرطان الذي يأكل اللحم السليم وينخر العظم ويتلف الأعصاب.
ليس من صفات المؤمنين أن يحملوا الحقد في صدورهم؛ لأن الأصل في صدورهم أن تكون مملوءة بالحب وإرادة الخير للآخرين ومتى امتلأت القلوب بالحب لم يجد الحقد مكانا فيها ينزل فيه.
فلنواجه فلول الحقد في المجتمع بسلاح الحب.. فالحقد لن يطرد من قلوبنا إلا إذا ملأناها بالحب. فما أجمل الحب.. وما أسعد المحبين وأعظمهم و أكرمهم!! وما أسوأ الحقد والكره.. وما أتعس الحاقدين وما أحقرهم وأذلهم!!
نقول هذا لأن ديننا العظيم.. دُين محبة.. دينُ سلام.. دينُ ألفة ومودة.. دين رحمة ورأفة وشفقة على الخلق..
يكفينا فخرًا بأن الله تعالى هو أعظم المحبين.. صرح بالحب في أكثر من آية.. فهو سبحانه يحب العظماء من خلقه، يحب أصحاب النفوس العظيمة، وأصحاب الأيادي البيضاء الكريمة،.. فهو سبحانه: (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة/222]،.. (يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران/146].. (يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة/42﴾.. (يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران/148]..(يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران/159]، (يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة/4].
وهو سبحانه "جميل يحب الجمال".. "رفيق يحب الرفق".. "يحب الشجاعة".. "يحب الستر".. "يحب العفو".. يحب الأخلاق الفاضلة والأعمال النبيلة..
وما لنا لا نقول ما أجمل الحب ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو حامل لواء الحب، والداعي إلى نشره في العالم.. في قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ".
بل إنه صلى الله عليه وسلم لا يخجل من التصريح بالحب، فلقد قال لأحد الصحابة الكرام: "يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ"، ربى أصحابه على الحب ودعا إلى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ"، ما أروعها من تربية..؟! وما أروعه من دين..؟! وما أروعه من مربٍّ..؟! لقد بلغ به الأمر عليه الصلاة والسلام أن جعل الحب كلمة مألوفة لأسماعهم حتى مع الجمادات.. ففي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مر على جبل أُحد، فقال لمن حوله..هذا جبل يحبنا ونحبه..
لقد تربى مجتمع الصحابة الكرام على أسمى معاني الحب وأرفعها.. ولقد أشاد الله بتلك المحبة في كتابه الكريم، وأصبحت كوسام شرف يردده المسلمون منذ مئات السنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ.. وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا..وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ..) [الحجر: 9].
بالحب تبنى المجتمعات وتنمو وتزدهر.. ابتداء من الأسرة الصغيرة وانتهاء بالدولة الكبيرة.. بالحب يعيش الناس حياة خالية من الحقد والغش والتعقيد والخوف..
أيها الإخوة: يجب على كل مسلم أن يرفع لواء الحب..أينما حل وأينما ارتحل..ويحاول نشره بين فئات المجتمع، خصوصا هذه الأيام التي ينشط فيها من يسعى لنشر الحقد والكراهية بين الناس.
فإذا كان المجتمع مبنيًّا على الحب، وحب الخير لجميع أفراده.. فانه سيقف في وجه أي إغراء...
أما إذا كان مشحونًا بالحقد والغل، وحب المصالح الشخصية الدنيوية، وحب المناصب، وحب الشهوات، فالمجتمع سيكون فريسة سهلة.. وستتحول الأحوال من سيء إلى أسوأ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا" البخاري.
أن نحب بعضنا البعض.. ونحب من يحبهم الله، هذا الحب من أقوى علامات الإيمان..كما قال صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله".
ولا بد أن نحب لإخواننا ما نحبه لأنفسنا.. عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" مسلم.
يجب أن نشيع ثقافة الحب بيننا وهذا الحب هو نتيجة مباركة وموفقة في الدنيا والآخرة..
ففي الدنيا يعيش المجتمع في أمن وأمان وتعاون ومحبة.. الإنسان سيعيش مرتاح البال، مطمئن القلب، ينام قرير العين، لا ينشغل بتصرفات الناس التافهة مهما كانت تلك التصرفات.. قليل المشاكل مع الناس، قليل الأمراض الجسيمة... لا توجد لديه أمراض نفسية.. كما أنك تجد أموره الدنيوية ميسرة، ولو تعقدت فانه يشعر بطمأنينة داخلية.. لا يمكن أن تقاس أو تقدر بثمن.
وفي الآخرة يعيش المتحابون في جلال الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله.. كما جاء في الصحيح: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي".
نحن نحتاج إلى بذل الحب أينما كنا.. يجب أن يختلط حب إخوانِنا وحبُ الخيرِ لهم في دمائنا.. يصبح سلوكًا لنا نريد أن نكون مثل ذلك الرجل الذي أحب مجتمعه وأحب الناس فيه وكره أن يصيبهم أي أذى كان، قال عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ" البخاري..
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة : علينا أن نحب بعضنا البعض ولا يجوز لنا أن نتباغض لمجرد خلافات شخصية، أو مواقف معينة.. بل نحبهم لإسلامهم ودينهم.. ونحتسب ما يصيبنا منهم عند الله تعالى.. ونعاملهم بالتي هي أحسن.. وسنجد أن العاقبة حميدة بإذن الله..وقد وعد بذلك المولى تبارك وتعالى فقال: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت/34].
وفي المقابل نبغض من أبعده الله ولم يحبه.. فالله تعالى لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، ولا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ، ولَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، ولَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ، ولَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ، ولَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، ولَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.
اللهم |