البحث

عبارات مقترحة:

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

التحذير من الثقة بالكفار

العربية

المؤلف صالح بن فوزان الفوزان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - الأديان والفرق
عناصر الخطبة
  1. بيان بغض الكفار للإسلام وأهله .
  2. خطط الكفار في القضاء على الإسلام .
  3. خطورة استقدام المربين والمربيات من الكفار .
اهداف الخطبة
  1. التحذير من الثقة بالكفار وبيان مكائدهم للإسلام .

اقتباس

كم أرسل المسلمون أولادهم الأفواج تلو الأفواج، فماذا استفادوا من تلك البعثات؟ لقد خسروا أولادهم ولم تسدد حاجتهم ولم يستغنوا عن الكفار.

 

 

 

 

الحمد لله حذرنا من الركون إلى الكفار. لما فيه من الأضرار.

وأشهد أن لا إله إلا الله يخلق ما يشاء ويختار. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأبرار. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين منهم والأنصاروسلم تسليماً كثيراً، ما اختلف الليل والنهار.

أما بعد:

أيها الناس اتقوا الله واعلموا أن الله سبحانه وتعالى حذرنا من الثقة بالكفار والاطمئنان إليهم. وبين لنا أنهم لا يريدون لنا الخير. وأنهم يبغضوننا أشد البغض. ويحسدوننا وإرجاعنا إلى الكفر. قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة:105] وقال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة:109]  وقال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء:89]

وقال تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة:2] إلى غير ذلك من الآيات التي تحذر من وضع الثقة بالكفار وتبين مكائدهم. فما زال الكفار من بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ونزول القرآن يخططون للقضاء على الإسلام والمسلمين (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة:32]

 

فهم تارة يحاولون القضاء على الإسلام بالغزو المسلح. وتارة الدسائس في صفوف المسلمين. وتارة بالمكر والخديعة وإظهار النصح والصداقة، وهكذا كلما عجزوا من باب جاؤوا من باب آخر. من باب آخر. وإذا لم يتمكنوا من إنزال الضرر بجماعة المسلمين حاولوا إنزاله بأفرادهم. هذا وديننا واضح كل الوضوح ببيان مكائدهم وفضح دسائسهم. لكن قد يصيبون من المسلمين غرة ويهتبلون منهم غفلة فيقذفون سمومهم في جسم الأمة الإسلامية، فإذا تنبه المسلمون لهم ورجعوا إلى دينهم رد الله كيدهم في نحورهم وكفى المسلمين شرهم.

أيها المسلمون: وإن كيد الكفار للمسلمين في هذا الزمان قد تزايد. وتأثيرهم عليهم قد تضاعف نتيجة لغفلة المسلمين عنهم وتساهلهم في شأنهم ووضع الثقة فيهم. وهذا مصداق ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا. أنتم يومئذ كثير. ولكنكم غثاء كغثاء السيل" .

 

ومن تمام الابتلاء ما أعطى الكفار في زماننا هذا من مهارة في الاختراع والصناعة ومعرفة بنظام الحياة الدنيا مما حرم منه المسلمون نتيجة لتكاسلهم وتفككهم، مع أن الأجدر أن يكون المسلمون هم السابقين في كل مجال لأن دينهم يأمرهم بذلك، ويريد منهم أن يكونوا هم القادة ويكون الكفار تابعين لهم كما كان أسلافهم كذلك. لكن حينما تخلى المسلمون عن مكانتهم في العالم وضيعوا دينهم ضاعوا وصاروا عالة على الكفار في كل شيء.

فانتهز الكفار حاجة المسلمين إليهم فصاروا لا يعطونهم شيئاً مما بأيديهم إلا بدفع الثمن غالياً من دينهم وأموالهم وأوطانهم. وصار المسلمون يدفعون أولادهم إلى بلاد الكفار ليكسبوا من خبراتهم ويتعلموا في مدارسهم ما به يدفعون حاجة بلادهم في مجال الصناعة التنظيم. هذا قصد المسلمين من إرسال أولادهم إلى الكفار. ولكن الكفار لهم مقصد يخالف قصد المسلمين. وهو إفساد أولاد المسلمين وسلخهم من دينهم وتقلينهم الإلحاد والزندقة وإغراقهم في الشهوات المحرمة.

حتى يرجع كثير منهم إلى بلادهم بلا دين ولا خلق. وبالتالي بلا تعلم مفيد –وهذا ما يريده الكفار بالمسلمين، يريدون أن يبقوا بحاجة إليهم دائماً ويريدون أن يفسدوا أولاد المسلمين حتى يصبحوا حربة في نحور المسلمين، وقد سنحت لهم الفرصة. وصدق اله العظيم: (لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ) [آل عمران:118]  كم أرسل المسلمون أولادهم الأفواج تلو الأفواج، فماذا استفادوا من تلك البعثات؟ لقد خسروا أولادهم ولم تسدد حاجتهم ولم يستغنوا عن الكفار..

أيها المسلمون: والأدهى من ذلك أن بعض المسلمين قد بلغ من ثقتهم بالكفار وإحسان الظن بهم أن استقدموا منهم مربين ومربيات لأولادهم وأدخلوهم في بيوتهم وسلموهم أولادهم الصغار، فانتهز هؤلاء المربون الفرصة ليغيروا فطرتهم وينشئوهم على دين الكفر أو يفسدوا أخلاقهم. وقد حصلت وقائع ومواقف لأولئك المربين مع أولادهم المسلمين يلقنونهم دين النصارى ويحذرونهم من دين المسلمين ويغرسون فيهم عقائد الإلحاد، وفريق آخر من المسلمين يستقدمون سائقين من الكفار لعوائلهم يدخلون بيوتهم ويخلون بنسائهم وأولادهم، فما ظنكم بنتائج هذا العمل حينما مكنوا أعداءهم من أنفسهم وأطلعوهم على سرائرهم. والفريق الآخر من المسلمين يستقدم الكفار للعمل في متجره أو مؤسسته. حتى كثر عدد الكفار في بلاد المسلمين مصطحبين معهم عوائدهم وتقاليدهم الكفرية –أيها المسلمون تنبهوا لأنفسكم، واتقوا الله في دينكم وأولادكم وبلادكم. من اضطر إلى استقدام مربيات أو خديمات أو استقدام عمال فليستقدم من المسلمين الصالحين وهم كثير. وخطرهم مأمون وعندهم من الخبرة والنصح ما ليس عند الكفار.

واعلموا أنه لا يجوز استقدام النساء إلا مع محارمهن، ولا يجوز للمسلم أن يخلو بامرأة وهو ليس محرما لها سواء كانت خادمة أو غير خادمة. فلا تتساهلوا في هذا الأمر فإنه خطير على أنفسكم وأولادكم، وكفوا عن استقدام الأجانب إلا بقدر الضرورة مع الضوابط والضمانات التي تقي المسلمين خطرهم وضررهم.

واسمعوا قول الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران:118] .