الظاهر
هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...
العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الزكاة - الصيام |
وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وإن كبَّر -قال: الله أكبر- ثلاثًا فلا بأس، ويسن الجهر به للرجال في المساجد والأسواق والبيوت، إعلانًا لتعظيم الله، وإظهارًا لعبادته وشكره. ويُسِرُّ به النساء؛ لأنهن مأمورات بالتستر والإسرار بالصوت ..
أيها الأحبة: هذا شهر رمضان قد قارب تمامه، وتصرمت لياليه وأيامه، فمن كان منا محسنًا فيه فعليه الإكمالُ والإتمامُ؛ ومن كان مقصرًا فليختمه بالتوبة والاستدراك، فالعملُ بالختام.
واعلموا -وفقني الله وإياكم- أن الله قد شرع لنا في ختام الشهر عباداتٍ جليلةً نزداد بها إيمانًا، وتكمل بها عبادتُنا؛ شرع لنا زكاةَ الفطرِ، والتكبيرَ، وصلاةَ العيد.
أما زكاةُ الفطر فقد فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، وما فرضه رسول الله فله حكم ما فرضه الله -سبحانه- أو أمر به، قال الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7].
وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "فرض رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطرِ من رمضان صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغيرِ والكبير من المسلمين". متفق عليه.
والواجب في الفطرة أن تخرج من طعام الآدميين من تمر أو بر أو أرز. قال شيخنا محمد بن عثيمين -رحمه الله-: أخْرِجوها مما فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الطعام، ولا تخرجوها من الريالات والدراهم، ولا من الكسوة؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرضها من الطعام، فلا يُتعدى ما عيَّنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمر به. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". وإخراج القيمة مخالف لفعل الصحابة -رضي الله عنهم-، فقد كانوا يخرجونها صاعًا من طعام، وهم أقرب الناس وأعلمهم بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.
ومقدارها صاع، ومقدار الصاع النبوي كيلوان وأربعون غرامًا، ويجب على المسلم أن يخرجها عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب، إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم؛ فإن استطاعوا -كأنْ يكون لهم راتب أو مال- فالأولى أن يخرجوها عن أنفسهم؛ لأنهم المخاطبون بها أصلاً، ومن أخرجها عن خَدَمِهِ فعليه أن يستأذنهم في ذلك.
وتجب بغروب الشمس ليلة العيد، وعلى هذا؛ فمن مات قبل الغروب ليلة العيد لا تجب عليه، ومن مات بعده وجبت عليه، ومن ولد قبل الغروب وجبت عليه، ومن ولد بعده لم تجب عليه، وتسن عن المولود بعد الغروب، وعن الجنين.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ومن أخرجها بعد صلاة العيد بلا عذر فهي صدقة من الصدقات، لا تبرأ بها ذمته إلا أن يكون معذورًا؛ لأنه خلاف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أيها الإخوة: ادفعوها إلى فقراء المكان الذي أنتم فيه وقت الإخراج، سواء أكان محل الإقامة أم غيره من بلاد المسلمين، لا سيما إن كان مكانًا فاضلاً كمكة أو المدينة، أو كان فقراؤه أشد حاجة.
والأفضل أن يدفعها الإنسان بنفسه، فإن لم يستطع أو لم يعرف الفقراء فجمعية البر الخيرية بعنيزة تستقبلها في مواقع متعددة من البلد وتقوم بدفعها للفقراء.
حسِّنوها وكملوها، ولتكن من أطيب أموالكم الذي تجدون، فـ(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران:92]، (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [البقرة: 267].
أيها الأحبة: ومما يشرع لكم بعد إكمال العدة التكبير، ووقته من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185]، أي: يشكرون الله -تعالى- عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.
وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وإن كبَّر -قال: الله أكبر- ثلاثًا فلا بأس، ويسن الجهر به للرجال في المساجد والأسواق والبيوت، إعلانًا لتعظيم الله، وإظهارًا لعبادته وشكره. ويُسِرُّ به النساء؛ لأنهن مأمورات بالتستر والإسرار بالصوت.
الله أكبر! يا عباد الله: ما أجمل حال الناس وهم يكبرون الله تعظيمًا وإجلالاً في كل مكان عند انتهاء صومهم! فتمتلئ الآفاق تكبيرًا وتحميدًا وتهليلاً رجاءَ رحمةِ اللهِ، وخوفَ عذابه، وإحياءً لسنة نبيهم.
أيها الإخوة: اخرجوا إلى صلاة العيد متنظفين متطيبين، والبسوا أحسن الثياب، وأخرجوا لها نساءكم وأطفالكم ومَن تحت أيديكم، فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، قالت أم عطية: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى، أي العواتق والحُيَّض وذوات الخدور، أما الحُيض فيعتزلن المصلى، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
اخرجوا -أيها الإخوة- امتثالاً لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابتغاء الخير، ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المصلى من خيرات تنزل، وجوائز من الرب الكريم تحصل، ودعوات طيبات تقبل.
والسنة أن يأكل قبل الخروج إلى المصلى تمراتٍ وتْرًا، ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر إن أحب ويقطعهن على وتر؛ لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
واخرجوا إلى هذه الصلاة مشيًا إلا من عذرٍ كعجز أو بُعد؛ لقول علي -رضي الله عنه-: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا.
وستقام الصلاة -إن شاء الله- الساعة السادسة، فأدوها بخشوع وحضور قلب، وتذكروا بجمعكم اجتماع الناس في يوم الجمع الأكبر: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89].
بلَّغَنا الله يوم العيد من عمر مديد بطاعة الله، ومنَّ علينا بالقبول، إنه جواد كريم.
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
أحبتي: ساعات قليلة ونودع هذا الشهر، حقّ علينا أن نغالب أنفسنا في استثمارها، ونحرص على إتمام العدة، فالأعمال بالخواتيم.
أيها الأحبة: من نعم الله علينا في هذا الشهر المبارك بأن عُمرت المساجد فيه بالتراويح والقيام؛ وتعطرت لياليه بتلاوة القرآن والذكر والدعاء، ورفعت فيه أكف الضراعة إلى الله بالدعاء والثناء، وأمَّ المسلمين فيها شبابٌ من أبنائهم تحملوا المسؤولية وآثروا نفع عباد الله، واحتسبوا الأجر بالإمامة، واطَّرحوا الكسل، وفازوا بالمبادرة والأجر إن شاء الله.
وتوافد المسلمون إليهم زرافات ووحدانًا، صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، يأتمُّون بهم، ويسمعون كلام الله يتلى عليهم غضًّا طريًّا، فيستشعرون وعده ووعيده، فما أعظمه من عمل! وما أجمله من بذل للخير! نسأل الله أن يُجزل لهؤلاء الأجر والمثوبة، وأن يزيدهم من فضله، وينفع بهم، إنه جواد كريم.
أيها الإخوة: لقد دار الدهر دورته، ومضت الأيام تلو الأيام، وإذا بشهرنا قد أزف أفول نجمه بعد أن سطع، وقارب إظلام ليله بعد أن لمع، وسيخيم السكون على الكون بعدما كان الوجود -كل الوجود- يتأهب للقاء هذا الضيف الكريم. نعم! سينقضي رمضان!
يا راحِلاً وجميلُ الصَّـبْر يتبعهُ | هَلْ مِن سـبيلٍ إلى لقياكَ يتَّفِقُ |
ما أنصفَتْكَ دُمُوعي وهي داميةٌ | ولا وفَى لك قلبي وهو يحترق |
أيها الأحبة: لقد كان شهر رمضان للمتقين روضة وأنسًا، ومر على الغافلين كأي شهر، فطوبى لمن حل فيه بروضة الأبرار، وختم شهره بالتوبة والاستغفار، لعل الله أن يمحو ما جرى من التقصير والأوزار.
يا غافلاً وليـالي الصومِ قد ذَهَبَتْ | زادتْ خطايَاك قفْ بالبابِ وابْكِيها |
وتُبْ لعلَّـكَ تحظى بالقَبُولِ عسَى | أنْ تبـلغَ النـفسُ بالتَّقْوَى أمانيها |
وقلْ إلهي أنا الـعبدُ الـذليلُ وقدْ | أتيتُ أرجو أُجُـوَرًا فازَ راجيهـا |
فلا تَكِلني إلى نَفْسِي ولا عَمَلـي | واغفِـرْ ذنوبي فإِنِّي غـارقٌ فـيها |
يا شهرَ رمضانَ ترفَّق، دموعُ المحبينَ تَدَفَّقْ، قلوبُهم من ألمِ الفراقِ تَشَقَّقْ، عَسَى وقفةٌ للوداعِ تطفئُ من نارِ الشوقِ ما أحرق، عَسَى منقطعٌ عن رَكْبِ المقبولين يَلحقْ، عسى أسير الأوزارِ يُطْلَقْ، عسى من استوجب النار يُعْتقْ، عسى رحمة المولى لها العاصي يُوفَّقْ.
عسى وعسى مِن قبْلِ وقْتِ التَّفَرُّقِ | إِلى كُلِّ ما ترجُو من الخيرِ تَرْتقي |
فيُـجْبَرُ مكسـورٌ ويُقْبلُ تـائبٌ | ويُعْتقُ خَطَّاءٌ ويسْعَدُ من شـقِي |
وصلُّوا...