المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | السيرة النبوية |
واعلموا رحمكم الله أن يوم الجمعة عيد الأسبوع، وفيه يلتقي المسلمون للتعارف والتعاون على البر والهدى، وإن فيها خطبتين؛ لتنوير القلوب، وغذاء الأرواح، وعلاج المشاكل، التي تطرأ على الناس في كل يوم وليلة فهي رحمة بالعباد.
الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإيمان للهدى، ونكت في قلوب أعدائه الضلالة، فلا تعي الحكمة أبداً، إلا لمن أراد الله له السعادة والهدى، (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً) [الكهف: 17]، جابر الكسر، ومسهل العسير، ومجيب النداء، من أناب إليه صادقاً جزاه نعيماً مؤبداً، ومن أصر على عماه، فقد جعل الله لعذابه وقتاً وأمداً: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) [الكهف:59].
وأشكره سبحانه على نعم لا نحصي لها عدداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الإله الحق الذي لم يزل ولا يزل واحداً أحداً فرداً صمداً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وسيد الناس أجمعين أفضل من عبد الله موحداً، اللَّهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله الموحى إليه (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً) [الجـن:21]، وعلى آله وأصحابه ليوث العدا، ومصابيح الدجى.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأصلحوا ما بينكم وبينه واتبعوا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم تنالوا الهدى والسعادة. واعلموا رحمكم الله أن يوم الجمعة عيد الأسبوع، وفيه يلتقي المسلمون للتعارف والتعاون على البر والهدى، وإن فيها خطبتين؛ لتنوير القلوب، وغذاء الأرواح، وعلاج المشاكل، التي تطرأ على الناس في كل يوم وليلة فهي رحمة بالعباد.
ومن خصائص هذه الأمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهم لا يحسدونا على شيء، كما يحسدونا على يوم الجمعة، التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين".
وإن خطب المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها عبر وحكم وآيات، وتوجيهات للأمة إلى جنة عرضها الأرض والسموات.
وإن أول خطبة خطبها رسول الله في أول جمعة عند دخوله للمدينة ومقدمه من هجرته، هي أن بدأها بقوله صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرط وضل ضلالاً بعيداً.
وأوصيكم بتقوى الله فإنها خير ما أوصى به المسلمُ المسلمَ، أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله. ولا أفضل من ذلك نصحاً، ولا أفضل من ذلك ذكراً.
وإن تقوى الله من جاء بها على وجل ومخافة من ربه عز وجل عون صدق على ما يريد من أمر الآخرة. ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية، لا ينوي بذلك إلا وجه الله، يكن له ذكراً في عاجل أمره، وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم. وما كان من سوى ذلك يَوَدُّ لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً، ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد.
فاتقوا الله عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) [الطلاق: 5]، ومن يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً، وإن تقوى الله تَقِي مقته، وتقي عقوبته، وتقي سخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجوه، وترضي الرب وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله.
قد علمكم الله كتابه، ونهج لكم سبيله؛ ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بينه، ويحيى من حي عن بينه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فأكثروا من ذكر الله، واعملوا لما بعد اليوم. الله أكبر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
هذه من خطب النبي صلى الله عليه وسلم التي ملأت الدنيا نوراً وإيماناً التي ينور بها القلوب، ويزيل بها الذنوب، ويصفي بها الأفهام، ويدعو بها الخلق إلى دار السلام.
فعليكم يا عباد الله بتتبع السنن وبتدبر القرآن.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من الذنوب والآثام، ولسائر المسلمين من الأخطاء والأوهام، فاستغفروه طيلة الليالي والأيام، إنه هو الغفور العلام.