العلي
كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...
العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج |
ومن تعدى هذه المواقيت، وهو يريد الحج والعمرة، بدون إحرام، فعليه أن يرجع إليها، ويحرم منها؛ امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن لم يرجع، وأحرم بعد أن تعداها...
الحمد لله الكريم الوهاب، العزيز التواب، الذي يتوب على من تاب إليه وأناب، وهو شديد العقاب، لمن ارتكب المحظور، وجانب الصواب. أشكره سبحانه على نعمه الكثيرة، التي لا يحصيها حساب. وقد أسبغها علينا ظاهرة وباطنة، وتواردت إلينا من كل باب. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، رب الأرباب، ومنشئ السحاب، وهازم الأحزاب، ومن كفر به حق عليه العذاب.
وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أكرم الخلق، وأحسنهم في الحديث، والسؤال والجواب، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأزواجه، وذريته والأصحاب، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم العرض والحساب.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله، وعاملوه معاملة من يؤمن بيوم الحساب، ويرجو جنته ويخاف العقاب، وإنما يؤثّر الوعظ والتذكير فيمن صار سليم العقل، وحاضر القلب، ومن وفق للصواب، كما قال الله تعالى:(إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الرعد: 19]، وقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) [الطلاق: 11].
عباد الله، نحن بصدد الحديث عن بعض أحكام الحج، فهو ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائر الدين، ألا وهي حج بيت الله الحرام.
ويجب على المسلم اختيار الرفقة الصالحة، وإخلاص النية لله.
والآن نتكلم حول المواقيت، وما يسن عندها للمحرم، الذي يريد الحج أو العمرة، أو هما جميعاً.
والمواقيت على قسمين: وهي زمانية: كأشهر الحج، ومواقيت مكانية: وهي المواقيت للحج والعمرة، لمن جاء من ورائها.
وقد حد الشارع صلى الله عليه وسلم حدوداً، لا يتجاوزها قاصد الحج والعمرة، من أي جهة جاء إلا بإحرام منها، سواء جاء من جهة البر، أو البحر أو الجو. إن أمكنه النزول، كمن بالطائف، أو المدينة مثلاً، فذاك. وإلا يحرم بإزاره بالتحري والاحتياط في الطائرة، أو في السفينة في البحر.
والمواقيت أربعة: قرن المنازل، المسمى بالسيل الكبير، أو وادي محرم، لأهل نجد والطائف، ومن جاء من طريقهم.
وذو الحليفة، وهو المعروف بأبيار علي لأهل المدينة، ومن جاء من طريقهم.
والجحفة لأهل الشام، وأفريقية، ومصر، ومن جاء من طريقهم.
ويلملم -وهي المعروفة بالسعدية- لأهل اليمن، وحضرموت، وجازان، ومن جاء من طريقهم.
ومن تعدى هذه المواقيت -وهو يريد الحج والعمرة- بدون إحرام فعليه أن يرجع إليها، ويحرم منها؛ امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن لم يرجع، وأحرم بعد أن تعداها؛ فعليه دم، أي: كبش لفقراء الحرم، وليس عليه إثم، إن كان جاهلاً أو ناسياً.
أما إن كان عالماً متعمداً فعليه مع الدم إثم، وعليه أن يتوب إلى الله؛ حيث تعدى الأمر، وتجاوز الحد. والإحرام هو: نية الدخول في النسك. فبعد إتيانه بمسنونات الإحرام، وهي: الاغتسال، والتطيب، والتنظيف بتقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، والتجرد من المخيط، يلبي بما يريد من حج، أو عمرة، أو يجمع بينهما.
والمرأة مثل الرجل، في الاغتسال، والطيب، والتنظف، ولو كانت حائضاً، أو نفساء فَتُحْرِِم، ولا يجوز لها أن تتعدى الميقات بدون إحرام، بل عليها أن تحرم مثل غيرها، وتحرم في لباسها، أو في غيره، وليس لها لباس خاص للإحرام، لا الأسود، ولا الأخضر، كما تزعم العامة. وإحرامها في وجهها ويديها، حيث نهيت المرأة عن لبس القفازين، والنقاب.
وإذا كان حولها رجال فلتستر وجهها، ويديها، كما قالت عائشة رضي الله عنها: إذا رأينا الرجال أسدلنا على وجوهنا.
كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت أبي بكر، حين ولدت بذي الحليفة، قبل أن تحرم؛ فأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب، وتلبي بالحج، وتفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت.
فلا تطوف بالبيت، حتى تطهر. كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، لما حاضت بطريق مكة بسرف، قال: " افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت، حتى تطهري".
ومما يقع فيه بعض النساء، من الخطأ والجهل والغلط، أن البعض منهن تترك الإحرام، وتدخل مكة بدون إحرام، إذا كانت حائضاً أو نفساء، وهو لا يجوز لها. فإذا فعلت ذلك، وتعدت الميقات بدون إحرام، ولم ترجع الميقات وتحرم منه، فعليها دم، ولو كانت جاهلة. فإن فعلت ذلك مع العلم، فعليها إثم مع الدم؛ لأن الحيض، والنفاس، لا يمنعان من الإحرام، ولا من الوقوف بعرفة، ولا من المبيت بمزدلفة، ولا من رمي الجمار، ولا من تقصير الشعر، ولا من المبيت بمنى، ولا من ذبح الهدي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: "افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت".
أما الرجل فلا يلبس إلا إزاراً ورداء، لأنه لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما يلبس المحرم من الثياب، قال: " لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين، – وهي دسوس اليدين- ومن لم يجد نعلين، فليبس خفين، ومن لم يجد إزاراً، فليلبس سراويل".
فعلى المسلم أن يحرص على طاعة الله ورسوله؛ حتى تحصل له السعادة في الدنيا والآخرة. ومتى طهرت المرأة من حيضها، أو نفاسها، فتتطهر وتطوف، وحجها صحيح، ليس فيه نقص إن شاء الله تعالى.
أعوذ بالله من الشيطان ا لرجيم (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف: 31-32].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.