الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
أخي المسلم، عليك بالرفقة الصالحة، إلتمس من يعينك على طاعة الله، وينصحك لنفسك عن معاصي الله. عليك بالجلساء الطيبين، والأخوة الصالحين في سفرك، وفي بلدك إذا أنت أقمت؛ فإنّ الصحبة لها أثرها الكبير؛ ولهذا...
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. وأشكره سبحانه على نعمه الكثيرة، التي درت على الخلق ليلاً ونهاراً، ولو جحدها الجاحدون. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا مثيل له، ولا وزير له، ولو اعتقد ذلك الوثنيون.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله وصفيه من خلقه، ولو أعرض عنه الأكثرون، صلى الله عليه، و على آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، إلى يوم يبعثون.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته، واعلموا أنّ هذه الدنيا مطية إلى الآخرة، وأنها مزرعة يجنى ثمارها في يوم أهواله جائرة، والعقول فيه حائرة.
فاغتنم أيها المسلم الأعمال الصالحة؛ لعلك أن تفوز غداً بالتجارة الرابحة.
أخي المسلم، عليك بالرفقة الصالحة، إلتمس من يعينك على طاعة الله، وينصحك لنفسك عن معاصي الله. عليك بالجلساء الطيبين، والأخوة الصالحين في سفرك، وفي بلدك إذا أنت أقمت؛ فإنّ الصحبة لها أثرها الكبير؛ ولهذا أتى النبي صلى الله عليه وسلم البشر بالمثال الرائع على الجليس الصالح، والجليس السوء، فقال صلى الله عليه وسلم: " مثل الجليس الصالح، والجليس السوء، كحامل السمك ونافخ الكبير، فحامل المسك: إمّا أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة".
فالرفقة الصالحة تعينك على ما ينفعك، والرفقة السيئة، تعينك على ما يضرك.
وفي الحديث الآخر: " إذا أراد الله بالأمير خيراً؛ جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذَكَر أعانه. وإذا أراد الله به غير ذلك؛ جعل له وزير سوء، إن نسي، لم يذكره، وإن ذكر لم يعنْه".
وفي الحديث: " المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل".
فاختر أيها المسلم صحبة الأخيار، وإذا أردت أن تسافر للحج، أو لغيره فالتمس، وأسأل عن الأخوان الصالحين، الذين يعمرون المجالس بالذكر، وقراءة القرآن، ويذكرونك التلبية للحج، أو العمرة، والتكبير والتهليل والتحميد، ويذكرونك أن لا تنفق في حج، أو غيره إلا الحسن الطيب، ويأمرونك بالمعروف، وينهونك عن المنكر، ويساعدونك في كل طريق للخير، ويحذرونك من طرق أهل الجهل، والغفلة والإعراض.
فاحرص يا عبد الله، على ما ينفعك، واختر الرجال الطيبين من جماعتك، ومن جيرانك، وفي مجالسك، وغير ذلك؛ حتى يصلح الله شأنك، وتربح في دنياك وأخراك.
ومن أهم الأمور في الصحبة الطيبة، من يشجعك على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي هو قوام الدين، وفيه أجر عظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً".
وقال لعلي رضي الله عنه: " لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم".
وقال: " طوبى لمن كان مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر، وويل لمن كان مفتاحاً للشر، مغلاقاً للخير".
فيا أيها المسلم، لا تزهد في الخير، ولا تكسل عن طاعة الله، ولا تيأس من الخير؛ فإنه ينفع بإذن الله.
إذا رأيت من يتعاطى معاصي الله، فمره بالمعروف، وانهه عن المنكر. فإذا كان يستعمل الأغاني الخليعة، أو الدخان الخبيث، فانهه عما حرم الله، أو كان يحلق اللحية، أو يتهاون بالصلاة، فمره بالمعروف وانهه عن المنكر، وأجرك على الله لا يضيع - ولو لم يتأثر من كلامك، ولو لم يترك المعصية-؛ فإنك مطيع لله في ذلك، وهو عاصٍ، وتسلم من شره وسيندم. فلا يهولنك كثرة الباطل، ومن يشجعه؛ فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم، وإنما هم خفافيش لا قيمة لهم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة:17-20].
عافانا الله وإياكم والمسلمين من النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.