البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

مصيبة المخدرات

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. المخدراتُ سلاح الشيطان .
  2. من أنواع المخدرات .
  3. بعض آثارها الاجتماعية المدمّرة .
  4. إحصائيات عالمية و محلية تبين ضخامة تجارة المخدرات .
  5. الطريق إلى الإدمان .
  6. البدار بالتوبة .

اقتباس

لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ! هكذا تفعل الْمُخَدِّرَاتُ وَالْمُنَبِّهَات! أَبٌ مَكْلُومٌ، وَأُمٌّ مِسْكِينَةٌ، وَعَرُوسٌ مَفْجُوعَةٌ، وَزَوْجَةٌ مَظْلُومَةٌ، وَأَوْلادٌ حَيَارَى مُشَتَّتُونَ، وَأُسْرَةٌ كَامِلَةٌ تَكُونَ نِهَايَتُهَا عَلَى يَدِ رَاعِيهَا، إِنَّهُ الإِدْمَانُ، مُهَدِّمُ البُنْيَان، وَقَاتِلُ... انْظُرُوا السُّجُونَ؛ كَمْ فِيهَا! وَزُورُوا الْمَصَحَّاتِ لِتَعْرِفُوا َسَاكِنِيهَا، كَمْ قَصَّرَتْ مِنْ أَعْمَارٍ! وَكَمْ أَهْدَرَتْ مِنْ أَمْوَال! كَمْ...

الْحَمْدُ للهِ وَهُوَ بِالْحَمْدِ جَدِير، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُه أَعْطَى الْجَزِيلَ، وَمَنَحَ الْوَفِير، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَنَزَّهَ عَنِ الشَّبِيهِ وَالنَّظِير.

وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْبَشِيْرُ النَّذِير، وَالسِّرَاجُ الْمُنِير، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَنْ عَلَى نَهْجِ الْحَقِّ يَسِير، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, فَاتَّقُوا اللهَ، رَحِمَكُمُ اللهُ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ عَدُوَّكُمُ الشَّيْطَانَ وَحِزْبَهُ قَدْ تَعَاوَنُوا عَلَى إِغْوَائِكُمْ وَصَدِّكُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِشَتَّى الْطُرُقِ، وَتَحَزَّبُوا لِإِهْلَاكِكُمْ بِكُلِّ مَا يَسْتَطِيعُونَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ إِبْلِيسَ الَّلعِين: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف:16-17].

وَإِنَّ مِنْ طُرُقِهِمْ لِإِهْلاكِ الْمُجْتَمَعِ مَا نَتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَة، إِنَّهُ وَبَاءٌ خَطِير، وَمَرَضٌ عَسِير، وَشَرٌّ مُسْتَطِير؛ وَصَلَ ضَرَرُهُ إِلَى الأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَإِلَى الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ.

إِنَّهُ وَبَاءٌ حَوَّلَ الآمَالَ إِلَى سَرَاب، وَجَعَلَ التَّطَلُّعَاتِ دَفِينَةَ التُّرَاب.

بَيْنَمَا كُنَّا نَرْجُو لِأَبْنَائِنَا أَنْ يَكُونُوا أَدَاةَ بِنَاءٍ وَصَلاح، فَإِذَا هُمْ يَتَحَوَّلُونَ بِسَبَبِ هَذَا الْمَرَضِ إِلَى آلَةِ هَدْمٍ وَتَخْرِيب، وَبَيْنَمَا كَانَ الأَبُ يَنْتَظِرُ خَيْرَ ابْنِهِ فَإِذَا هُوَ يَتَوَقَّى شَرَّهُ وَخَطَرَه، وَفِيمَا كَانَ الْوَالِدُ يَنْظُرُ إِلَى وَلَدِهِ بِعَيْنِ الْفَخْرِ وَالاعْتِزَازِ فَإِذَا هُوَ يُغْمِضُ عَيْنَيْهِ بِسَبَبِ الْعَارِ وَالْفَضِيحَةِ وَأَفْعَالِهِ التِي تُوجِبُ الاشْمِئْزَاز.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّهَا الْمُخَدِّرَاتُ وَالْمُنَبِّهَات، إِنَّهَا دَاءُ الْعَصْرِ، وَقَاصِمَةُ الظَّهْرِ، إِنَّهَا أَشْكَالٌ وَأَلْوَان، وَمِنْ أَشْهَرِهَا: حُبُوبُ الْكِبْتَاجُون الْمُنَبِّهَةُ، وَالْحَشِيشُ وَالْخُمُورُ، إِنَّهَا حُبُوبُ التِّرامَادُول  وَغَيْرُهَا وَغَيْرُهَا كَثِير.

إِنَّ هَذَا الطَّرِيقَ الْمُظْلِمَ يَبْدَأُ بِالدُّخَانِ، أَوْ بِمَا يُسَمَّى: التّنْبَاك، ثُمَّ يَتَدَرَّجُ شَيْئاً فَشَيْئاً حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، وَإِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلايَا وَالْمَصَائِب.

انْظُرُوا السُّجُونَ؛ كَمْ فِيهَا! وَزُورُوا الْمَصَحَّاتِ لِتَعْرِفُوا َسَاكِنِيهَا، كَمْ قَصَّرَتْ مِنْ أَعْمَارٍ! وَكَمْ أَهْدَرَتْ مِنْ أَمْوَال! كَمْ مِنَ الْبُيُوتِ تَهَدَّمَتْ! وَكَمْ مِنْ أُسَرٍ تَحَطَّمَتْ! كَمْ فُقِدَتْ آمَالٌ وَضَاعَتْ أَحْلام! كُلُّهَا بِسَبَبِ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُنَبِّهَات.

هَذا أَبٌ مَكْلُومٌ، فُجِعَ بِابْنِهِ الْوَحِيد، فَقَدْ عَقَدَ عَلَيْهِ الآمَالَ، وَجَمَعَ لَهُ الأَمْوَالَ وَأَطْلَقَ الْعنَانَ لِلْخَيَال، لِيَبْنِيَ قَصْرَاً مِنَ الأَحْلام؛ وَفَجْأَةً يَنْقَشِعُ السَّرَابُ، وَيَحِلُّ الْخَرَاب.

قَالَ الأب: دَخَلْتُ عَلَى الطَّبِيبِ فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ مُدْمِنٌ! فَفَقَدْتُ إِرَادَتِي، بَكَيْتُ وَبَكَيْتُ، وَعِشْتُ الرُّعْبَ كُلَّهُ، وَضَاعَ الأَمَلُ. مِسْكِينٌ أَنْتَ أَيُّهَا الأَبُ، وَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ!.

وَهَذِهِ أُمٌّ تَشْهَدُ مَرَاسِمَ تَرْحِيلِ ابْنِهَا وَوَحِيدِهَا إِلَى السِّجْنِ، وَهِيَ تَصْرُخُ وَكُلُّهَا دُمُوعٌ: هَلْ قَصَّرْتُ فِي حَقِّ ابْنِي؟ هَلْ أَنَا السَّبَبُ كَمَا يَقُولُ؟ لَقَدْ بَذَلْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِهِ، انْتَهَى وَضَاعَ الأَمَلُ. مِسْكِينَةٌ أَنْتِ أَيَّتُهَا الأُمُّ أَيْضَاً، وَجَبَرَ اللهُ مُصِيبَتَكِ، وَعَوَّضَكِ خَيْراً!

وَهَذَا شَابٌّ يَتَحَسَّرُ فَيَقُولُ: تذَكَّرْتُ أَيَّامَ الصِّبَا وَالْفَقْرِ، عِنْدَمَا كُنْتُ أُصَلِّي الْفَجْرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَعِيشُ فِي فَقْرٍ وَأَمَلٍ وَسَعَادَةٍ حَقِيقِيَّةٍ.

وَالآنَ! كُنْتُ عَلَى أَبْوَابِ الْحُصُولِ عَلَى (الدُّكْتُوراةِ) مِنْ أَمْرِيكَا، وَلَكِنِّي فَشلْتُ،  فَقَدْ أَدْمَنْتُ هَذَا السَّائِلَ اللَّعِيَن، وَفَقَدْتُ زَوْجَتِي بَعْدَ أَنْ حَاوَلْتُ أَنْ أَجُرَّهَا مَعِي لِطَرِيقِ الإِدْمَانِ!.

نَدِمْتُ فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ، فَهَا أَنَا أَكْتُبُ قِصَّتِي مِنْ دَاخِلِ أَسْوَارِ السِّجْنِ. أَشْعُرُ بِهُمُومِ الدُّنْيَا. وَضَاعَ الأَمَل!.

وَاسْمَعُوا لِتِلْكَ الْفَتَاةِ وَهِيَ فِي أَيَّامِ زَوَاجِهَا الأُولَى، وَتَمَّتْ مَرَاسِمُ حَفْلِ الزَّوَاجِ وَهِيَ تَحْلُمُ بِحَيَاةٍ سَعِيدَةٍ وَعَيْشةٍ جَمِيلةٍ، وَبَعْدَ أُسُبُوعٍ وَاحِدٍ فَقَطْ اكْتَشَفَتْ أَنَّ فَارِسَ أَحْلامِهَا يَتَعَاطَى (الْهِيرُويِين)!.

وَأَخِيرَاً، فَاسْمَعُوا لِهَذِهِ الْفَاجِعَةِ: رَجُلٌ كَبِيرُ السِّنِّ، قَارَبَ سِنُّهُ الْخَمْسِينَ سَنَةً، أَدْمَنَ الْمُخَدِّرَاتِ وَفُصِلَ مِنْ عَمَلِهِ بِسَبَبِ الإِدْمَانِ، تَحَطَّمَتْ حَيَاتُهُ، وَمَرِضَتْ نَفْسُهُ، وَوَقَعَ الطَّلاقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، مَعَ وُجُودِ سَبْعَةٍ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ.

وَفِي لَحْظَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، يَدْخُلُ الرَّجُلُ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ وَبَنَاتِهِ، وَهُوَ فِي حَالَةِ هَيَجَانٍ، فَيَقْتُلُ الزَّوْجَةَ بِالْمُسَدَّسِ، ثُمَّ يُلْحِقُ بِهَا بَنَاتِهَا الثَّلاث، بَلْ بَنَاتِهِ هُوَ، الْوَاحِدَةَ تِلْوَ الأُخْرَى.

الأُولَى فِي الثَّالِثَة عَشْرَة مِنْ عُمُرِهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي الْخَامِسَة عَشْرَة، وَالثَّالِثَةُ فِي الثَّامِنَة عَشْرَة، وَتُصَابِ الرَّابِعَةُ ذَاتُ الأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ بِشَظَايَا مِنَ الْعِيَارِ النَّارِيِّ فِي صَدْرِهَا لِتَرْقُدَ فِي الْعِنَايَةِ الْمُرَكَّزَة.

وَقَعَتْ الكَارِثَةُ، وَفُجِعَ الْجِيرَانُ بِمَا وَقَعَ لِلأُسْرَةِ الْمَنْكُوبَةِ، لاسِيَّمَا وَقَدْ شَهِدُوا بِصَلاحِ هَذِهِ الأُسْرَةِ وَحُسْنِ أَخْلاقِ أَبْنَائِهَا وَبَنَاتِهَا.

وَفِي الْمَدْرَسَةِ التِي تَدْرُسُ فِيهَا إِحْدَى الْبَنَاتِ الْقَتِيلاتِ، كَانَ الْحَالُ مَأْسَاوِيَّاً، حَيْثُ تَحَوَّلَتْ الْمَدْرَسَةُ إِلَى سَاحَةٍ لِلْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ عَلَى هَذِهِ الْفَتَاةِ الْمِسْكِينَةِ، وَلَيْتَهَا وَاحِدَة، بَلْ ثَلاثٌ وَأَمُّهُنَّ! وَعَلَى يَدِ مَنْ؟ عَلَى يَدِ وَالِدِهِمْ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون!.

اللَّهُمَّ اجْبُرْ مُصَابَ هَذِهِ الأُسْرَةِ، وَاغْفِرْ لِلْفَقِيدَاتِ، وَأَسْكِنْهُنَّ غُرْفَاتِ الْجَنَّاتِ، وَأَبْدِلْهُنَّ عَنْ شَبَابِهِنَّ نَعِيمَاً وَسُرُورَاً فِي جِوَارِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ! هكذا تغفل الْمُخَدِّرَاتُ وَالْمُنَبِّهَات! أَبٌ مَكْلُومٌ، وَأُمٌّ مِسْكِينَةٌ، وَعَرُوسٌ مَفْجُوعَةٌ، وَزَوْجَةٌ مَظْلُومَةٌ، وَأَوْلادٌ حَيَارَى مُشَتَّتُونَ، وَأُسْرَةٌ كَامِلَةٌ تَكُونَ نِهَايَتُهَا عَلَى يَدِ رَاعِيهَا، إِنَّهُ الإِدْمَانُ، مُهَدِّمُ البُنْيَان، وَقَاتِلُ الإِنْسَانِ.

فَاللَّهُمَّ رُحْمَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كِلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً رَسُولُهُ الأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:  هَلْ تُصَدِّقُونَ أَنَّ حَجْمَ مَبِيعَاتِ تُجَّارِ الْمُخَدِّرَاتِ فِي الْعَالَمِ تُقَدَّرُ بنَحْوِ أَرْبَعْمِائَةِ بِلْيُونْ دُولار؟ قَالَ ذَلِكَ رَئِيسُ بَرْنَامَجِ مُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ التَّابِعِ لِلأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ.

هَلْ تُصَدِّقُونَ أَنَّ أَجْهِزَةَ مُكَافَحَةِ الْمُخِدِّرَاتِ الْعَرَبِيَّةِ ضَبَطَتْ قُرَابَةَ نِصْفِ مِلْيوُن كِيلُو جِرَامٍ مِنَ الْمُخَدِّرَاتِ مُخْتَلِفَةِ الأَنْوَاعِ ؟ وَنَحْو أَرْبَعِينَ     مِلْيُونِ حَبَّةِ مِنْ(الْكِبْتَاجُون) فِي عَامَيْنِ فَقَطْ؟!.

وَفِي بِلادِنَا الْمَمْلَكةِ -حَرَسَهَا اللهُ- وَفِي نَحْوِ عَامٍ وَاحِدٍ فَقَطْ تَمَّ ضَبْطُ أَلْفٍ وَسَبْعِمَائِةٍ وَاثْنَيْنِ كِيلُو جِرَام ٍمِنْ مَادَّةِ الْحَشِيشِ! وَمَا يَزِيدُ عَلَى تِسْعَةِ مَلايِينِ قُرْصِ(كِبْتَاجُون)، وَعَشْرَةِ كِيلُوَّاتٍ وَسَبْعِمَائَةٍ وَوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ جِرَامَاً مِنْ مَادَّةِ (الْهِيرُويِن) الْمُخَدِّرِ، وَمِائَةٍ وَسِتِّينَ جِرَامَاً مِنْ مَادَّةِ (الْكُوكَايِين)!.

إِخْوَةَ الإِيمَانِ: إِنَّهَا حَرْبٌ شَرِسَةٌ قَذِرَةٌ، وَقَنَابِلُ مُدَمِّرَةٌ، إِنَّهَا النِّهَايَاتُ الْمُؤْلِمَةُ، وَالطُّرُقُ الْمُظْلِمَةُ، إِنَّهُ تَعَاوُنٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ عَلَى إِهْلَاكِ الْمُجْتَمَعِ، وَتَخْرِيبِ الدِّينِ وَأَهْلِ الإِسْلام.

أَيُّهَا الشَّبَابُ: إِنَّ بِدَايَةَ هَذَا الطَّرِيقِ تَبْدَأُ بِخُطُوَاتٍ يَبْدَؤهَا صَاحِبُ السُّوءِ، فَيَجُرُّكَ مَعَهُ شَيْئَاً فَشَيْئَاً، فَاحْذَرْ بِدَايَةَ الطَّرِيقِ وَانْظُرْ مَنْ تُجَالِسْ.

وَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تَثِقَ بِغَيْرِ صَاحِبِ الدِّينِ! إِنَّهُمْ كُلابٌ مَسْعُورَةٌ وَوُحُوشٌ مَوْتُورَةٌ، غَدَاً تَدْخُلُ السِّجْنَ وَالْمَصَحَّاتِ وَهُمْ فِي الْخَارِجِ لا يَسْأَلُونَ عَنْكَ وَلا يَقِفُونَ مَعَكَ، وَكَيْفَ تَرْجُو مِمَّن اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ أَنْ يَنْصُرَكَ، أَوْ أَنْ يُعِينَكَ عَلَى الْخَيْرِ أَوْ يُبْعِدُكَ عَنِ الشَّرِّ؟.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنِّي أُنَاشِدُ كُلَّ مَنْ وَقَعَ فِي هَذَا الْبَلاءِ أَوْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَأَهْلِهِ وَمُجْتَمَعِهِ، إِنَّ الْحَيَاةَ أَيَّامٌ وَلَيَال ثُمَّ الْمَوْعِدُ عِنْدَ الْجَبَّارِ، وَبَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَعْلَمُ الأَسْرَار.

إِنَّ الْمَوْتَ زَائِرٌ سُرْعَانَ مَا يَقْدُمُ، وَغَائِبٌ مَا أَقْرَبَ أَنْ يَجِيء، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران:185].

اتَّقِ اللهَ يَا مَنْ وَقَعْتَ فِي الْمُنَبِّهَاتِ، وَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ قَبْلَ الفَوَاتِ، عَالِجْ نَفْسَكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ ثُمَّ بِأَهْلِ التَّخَصُّصِ فِي ذِلِكَ، فَهُمْ بِإِذْنِ اللهِ يُسَاعِدُونَكَ بِسَرِّيَّةٍ وَأَمَانَةٍ وَنُصْحٍ.

وَأَبْشِرْ بِالْفَرَجِ، وَأَبْشِرْ بأَنْ تَتَغَيَّرَ حَيَاتُكَ، وَتَعْرِفَ طَرِيقَ السَّعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلَيْسَ السَّعَادَةَ الْوَهْمِيَّةَ التِي يَظُنُّهَا أَهْلُ الْمُنَبِّهَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، فَيَعِيشُونَ فِي سَعَادَةٍ مُصْطَنَعَةٍ، فَإِذَا انْتَهَى مَفْعُولُ هَذِهِ الْحُبُوبِ انْقَلَبَتْ حَيَاتُهُ، وَضَاعَتْ سَعَادَتُهُ، وَرُبَّمَا لَوِ اسْتَمَرَّ تَضِيعُ آخِرَتُهُ.

اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَة، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْبَةً قَبْلَ الْمَوْتِ، وَرَجْعَةً قَبْلَ الْفَوْتِ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ بَلاءٍ عَافِيَةً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجَاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَا؛ اللَّهُمَّ عَافِ مَنْ كَانَ مُبْتَلَىً بِهَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَاحْفَظْ كُلَّ مُعَافَىً مِنْهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينْ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَناَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.