البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

احتشام النساء

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم الشعلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. مفهوم قوامة الرجال على النساء .
  2. ظاهرة تمرد بعض النساء على اللباس الشرعي .
  3. أسباب هذه الظاهرة .
  4. سبل علاجها. .

اقتباس

انظروا -عباد الله- كيف تمرد كثير من نساء المسلمين على هذا اللباس الشرعي، واستبدلنه بلباس العري في حفلات الزواج وحفلات المناسبات الأخرى! إن من يحدثنا عن ذلك ليذكر أشياء يندى لها الجبين، وينذر بخطر مبين...

الخطبة الأولى:

الحمد لله المنفرد في علاه، أحمده -سبحانه- من لاذ بجنابه حفظه وحماه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من تعلق بغيره فليس له من ولي يتولاه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله ومصطفاه، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- واستغفروه، وأنيبوا إليه وأطيعوه، قال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:17].

يا عبد الله:

 يريد المرء أن يؤتي مناه

ويأبى الله إلا ما أرادا

 يقول المرء فائدتي ومالي

وتقوى الله أفضل ما استفادا

عباد الله: عندما جعل الله -عز وجل- القوامة للرجال على النساء في قوله -سبحانه-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]، وجعل الولاية لهم عليهن، وعندما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلكم البيان العام والهام في الحديث الصحيح أن كل واحد منا راع في بيته ومسؤول عن رعيته، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فهل المقصود من هذا الافتخار والتسلط والإيذاء لمن جعلت القوامة والولاية عليهم والرعاية لهم؟ ليس هذا هو المقصود -عباد الله-، ومن ظن ذلك فقد أبعد النجعة، وجانب الصواب.

أم هل المقصود الإنفاق عليهم وسد حاجتهم من الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركب فحسب؟! كلا! قصر ذلك على هذه الأمور تقصير في مفهوم تلك القوامة والولاية والرعاية ومعانيها وأهدافها العظيمة.

إن المقصود الأعظم، والهدف الأكرم، والغاية النبيلة، هي التربية الدينية على العقيدة الصحيحة، والعبادة الجليلة، والمعاملة العادلة، والخلق الكريم، والأدب الحسن؛ والمحافظة عليهم من الفتن والشهوات والشبهات، وحمايتهم من أعداء الدين الذين يحاربون المسلمين في عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم وآدابهم بكل ما أوتوا من قوة... ووسيلة.

وكل زمن يأتي تشتد فيه المسؤولية، وتتأكد التربية والعناية؛ لتنوع وسائل الهدم والتدمير للدين والعقيدة، وإفساد الأخلاق والآداب الإسلامية، وظهور تلك الوسائل في قوالب عجيبة، وطرق غريبة، وسبل ماكرة، تزامنت مع قوة العلم التقني، والتفنن التكنلوجي، الذي استخدمه أعداء الدين في محاربة المسلمين حرباً باردة بيضاء، لكنها في الواقع حربٌ حارة سوداء قاضية مهلكة، إن لم ينتبه لها المسلمون ويصدوها.

ولهذا؛ ظهرت في هذا الزمان بوادر الخذلان، وعلامات العصيان، للملك الديان، من كثير من العباد، لا سيما في مجتمع صويحبات يوسف، وحلت الهزيمة القاسية أمام جحافل الفتن، لا سيما الفتن والشهوات التي غزت مجتمع المسلمين، فوقع كثير منهم في الخطأ والإثم.

وصار قضاء الوقت، وعمل العقل، وإنفاق المال، [يتم] في الشهوات والملذات الجسدية من طعام وشراب وملبس ومركب ومسكن وجمع مال، ومشاهدة ما يسوء.

وانطبق عليهم قول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [سبأ:20]، وما ظنه الذي صدق عليهم؟ إنه المذكور في قوله -تعالى-: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف:16-17].

وإليكم مثالا على ذلك من واقع كثير من النساء، وفي نوع واحد من أنواع الاتباع الأعمى لداعي السوء، والاستماع الأرعن لناعق الإثم. هذا النوع -عباد الله- يتعلق بلباس المرأة المسلمة، فلباس المرأة المسلمة لباس حشمة ووقار، وعفة وحياء، وطهر وزكاة؛ لأن الذي شرع هذا اللباس وفرضه وأمر به هو العليم الحكيم، واللطيف الخبير، الله الذي لا إله إلا هو، الذي يعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، والآيات في هذا كثيرة ومتعددة.

انظروا -عباد الله- كيف تمرد كثير من نساء المسلمين على هذا اللباس الشرعي، واستبدلنه بلباس العري في حفلات الزواج وحفلات المناسبات الأخرى! إن من يحدثنا عن ذلك ليذكر أشياء يندى لها الجبين، وينذر بخطر مبين، أنواع عجيبة، وموديلات غريبة لتلك الألبسة لم تعهد في أمهاتنا وجداتنا، هي لكشف العورة، وبيان مواضع الفتنة، أقرب من التستر وإخفاء مواضع الفتنة! شيء غريب على مجتمعنا، ودخيل على أخلاقنا وآدابنا، وتساهل كبير وعدم مبالاة من نسائنا!.

ولا شك أن لهذه الظاهرة الغريبة أسباباً كثيرة، من أهمها: الغفلة والصدود اللذان وقع فيهما القيّم والولي والراعي لهؤلاء النساء، فنجدهم منشغلين بدنياهم عنهم، ليس للتربية نصيب من عملهم وسعيهم، يظن أحدهم أن القوامة والولاية والرعاية تقتصر على تهيئة الطعام والشراب والمسكن واللباس.

ومن الأسباب أيضاً: الصحبة السيئة للمرأة الشابة، تجد أنها تصاحب نساء سيئات فتتخلق بأخلاقهن وتعمل بعملهن، وتأخذ منهن أفكاراً سيئة، وتكتسب صفات رديئة، وتطّلع على ما يجدّ في عالم النساء، وخاصة ما يتعلق بالأزياء.

ومن الأسباب أيضاً: الانفتاح الواسع على مجتمع النساء الغربيات الكافرات اللاتي لا هَمَّ لهُنَّ إلا الأشياء المادية التي تختص بالمرأة كاللباس والحذاء، والمركبة والفراش والأصباغ والأدهان وأدوات التجميل والتحسين، فأصبحت المرأة المسلمة على اطلاع واسع على ما يجري في تلك المجتمعات، وذلك عن طريق الشاشة المرئية، أو الصحيفة والمجلة المقروءة، أو المذياع المسموع.

والنساء المسلمات اليوم غالبهن يعرفن القراءة والكتابة، وأكثر البيوت لا تخلو من جهاز مرئي أو صحيفة أو مجلة مقروءة، أو مذياع مسموع، ومن أجل هذا تسابقت القنوات الفضائية في عرض هذه الأشياء على شاشاتها الفضية، وبمشاهد مغرية جذابة، إما عن طريق الإعلانات التي تصبّح النساء وتمسّيهن وتأكل معهن وتشرب، وإما عن طريق الأفلام والمسرحيات والتمثيليات، وإما عن طريق عرض للمجتمعات الكافرة وكيف تعيش أو للأسر وكيف تعمل في البيوت.

وتزاحمت المجلات في عرضها أيضا بأشكال وصور مغرية؛ لعلم القائمين على هذه القنوات وهذه المجلات بأن المرأة سريعة التأثر، قريبة العاطفة، غريزية الشهوة، تحب جمالها، وتهتم بهندامها. فما الذي يمنع هذه القنوات من التسابق في هذا؟! وما الذي يمنع هذه المجلات من التزاحم فيه، ما دام أن هذه الأمور ستصدها عن دينها وعن الهدف الأسمى في حياتها؟! وما دام -أيضاً- من وراء ذلك دخل مادي يشترك فيه أصحاب الأموال والقائمون على هذه الأفلام والمسرحات، والمشتركون في تلك القنوات، والمشترون لتلك المجلات؟!.

فلا علاج -عباد الله- لهذه الظاهرة إلا بأن يقوم كل واحد منا بالرعاية التي أنيطت به بكل إخلاص وجد، وأن يجعل التربية في المقام الأول من اهتماماته، وأن يعلم أنه مسؤول عن هذه الرعاية أمام ربه -جل وعلا- يوم القيامة، وأن يدرك أنه بتفريطه فيها مشارك فيما يحصل في المجتمع من شر وسوء، وأن يمنع وسائل الشر من دخول بيته إن كان بيته سالماً منها، أو يخرجها من بيته إن كانت موجودة فيه.

وليحْذَر من وسوسة الشيطان وتلبيسه بأن الأمر صعب للغاية، فإن الإنسان إذا أدى ما عليه فقد برأ ذمته، وإذا صدق في التربية والرعاية ونصح، فإن الله -عز وجل- سيثيبه في الدنيا أو يدخر له الأجر في الآخرة.

وعلى القائمين على وسائل الإعلام أن يتقوا الله في نساء المسلمين! فلا يبثوا أو ينشروا ما فيه خراب الدين والخلق، فإنهم مؤتمنون على هذه الوسائل، والله سائلهم عنها يوم القيامة.

وعلينا -عباد الله- أن نبلغ المسؤولين، إما مباشرة أو غير مباشرة، بكل ما يحصل في هذه الوسائل من إساءة للدين والخلق، أو دعوة إلى السوء والشر، فإن التعاون في هذا وسيلة إلى الخير والصلاح.

ذكر لي أحد الإخوة أن رجلا كان يلح على أولاده بإخراج جهاز الدش من البيت، ويكرر عليهم ذلك، ويخوفهم بالله، لكنهم لم يمتثلوا لأمره، فمات وهو كاره  ومبغض لهذا الجهاز، وبعد موته ألقى الله -عز وجل- في قلب ابنه الأكبر بغض هذا الجهاز فأخرجه من البيت، وتاب إلى الله، فتابعه إخوانه على ذلك، ورضوا بما فعل. فانظروا -عباد الله- كيف تحقق لهذا الرجل ما أراده بعد موته لأنه كان صادقاً في طلبه، مبغضاً للسوء؟.

فلا يحقر الإنسان نفسه، ولا يتوانى في التربية والتوجيه، ولا يستعجل النتائج، بل يصدق مع الله، ويخلص في دعوته وتربيته، والله -سبحانه- هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.