البحث

عبارات مقترحة:

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

خطبة عيد الفطر لعام 1432هـ

العربية

المؤلف فيصل بن عبد الرحمن الشدي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. من هديه صلى الله عليه وسلم في العيد .
  2. إظهار الفرح بالعيد .
  3. الربا وخطره .
  4. عندما انتصر الإسلام .
  5. خطر الشرك والظلم .
  6. التأمر على أمة الإسلام .
  7. خطبة خاصة بالنساء .
  8. من أحكام العيد .

اقتباس

حق لكم يا صائمون بعيدكم فرحاً، وبيومكم أنساً ومرحاً، فدينكم متين وكتابكم مبين وربكم أرحم الراحمين. فعمر الإسلام أطول من أعماركم، وآفاقهُ أوسع من أوطانكم، وبشائر نصره تلوح في آفاقكم. أو ما كانت نهاية حامية الشيوعية على أيدي أبناء المسلمين المستضعفين في أفغانستان. أو ما الآن يمرغ أنف حامية الصليب على أيدي أبناء المسلمين المستضعفين في الأفغان وفي العراق.

الخطبة الأولى:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

الله أكبر عالم الإسرار

والإعلان واللحظات بالأجفان

والحمد لله السميع لسائر

الأصوات من سر ومن إعلان

وهو الموحد والمسبح والممجد

والحميد ومُنِزلُ القرآن

والأمر من قبلُ ومن بعدُ له

سبحانك اللهم ذا السلطان

لك اللهم الحمد شرعت لنا يوم العيد فرحاً وبشراً وثواباً فهو في كل سنة يتكرر، لك اللهم الحمد على نعمائك التي لا تحصر، لك اللهم الحمد على آلائك التي لا تقدر.

لك اللهم الحمد ماتت أرواح وأحييتنا لنفرح بعيدنا، لك اللهم الحمد مرضت أجساد وعافيتنا لنفرح بعيدنا، لك اللهم الحمد ضلت أمم فهديتنا لنفرح بعيدنا.

 فلك المحامد والمدائح كلها

بخواطري وجوارحي ولساني

وليتك تحلو والحياة مريرة

وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامرٌ

وبيني وبين العالمين خرابُ

إذا صح منك الود فالكل هينٌ

وكل الذي فوق التراب ترابُ

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العظيم الأكبر، الذي جعل لكل شيء وقتاً وأجلاً مقدر فما مضى شهر الصيام إلا وأعقبه بأشهر الحج إلى بيته المطهر.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، طاهر المظهر والمخبر، اللهم صل وسلم عليه ما أورق شجر وأثمر وعلى آله وصحبه الميامين الغرر والتابعين لهم بالأثر صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم المعاد والمحشر.

وبعد:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

غربت شمس ليلة العيد في مدينة حبيبكم، وإذا به يرفع صوته بأبي هو وأمي مكبراً مهللاً حامدا، ليكبر الصحابة، بل المدينة كلها تكبير الحامدين وتهليل المعظمين وتحميد الشاكرين، فما إن أشرقت شمس يوم العيد إلا والحبيب يلبس أجمل ثيابه في حلة لا يلبسها إلا في مثل ذاك اليوم والجمعة، وإذا به يتجمل ويدهن ويتعطر فكان لا يشم إلا طيبا طاهرا عليه صلاة ربي ما تتابع النجم زاهرا

وقبل أن يبارح بيته متوجها إلى مصلى العيد يأكل تمرات وترا، ثم يخرج لصلاة العيد ماشيا على قدميه مع جحافل المؤمنين المكبرين حتى إن أرض المدينة لتكاد ترتج تكبيرا بين عينيه قول ربه: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].

وكان يأمر أهل المدينة كلها رجالها ونساؤها، حتى ذوات الأعذار والخدور والصبيان أن يحضروا هذا المشهد العظيم في الصحراء إلى ربهم بارزين ولنعمائه شاكرين.

ليصلي الحبيب بالجمع العظيم صلاة العيد كما صليتم، ثم قام مقابل الناس متوكئاً على بلال يخطبهم قائماً على الأرض والناس جلوس على صفوفهم، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن.

ثم يرجع إلى بيته وبهجة العيد على محياه والبشر والجلال يفيض في مرآه يعود من طريق آخر غير الذي جاء منه، ليدخل بيته ويستقبل أهله وفرحة العيد تدوي في بيته الطاهر صلوات ربي وسلامه عليه، ليصلي ركعتين في بيته، فمن تعبد إلى تعبد.

يسمع الحبيب هو وزوجه لغطاً وصوت صبيان في المسجد يوم العيد، فيقوم وينادي زوجه: "يا عائشة تعالي فانظري، فإذا بهم صبيان الحبشة يلعبون بالحراب، تقول عائشة: فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة".

أظهر فرحه بالعيد شرعاً وفعلاً، راسماً بفرحه أنس المؤمن، وتفاؤل الواثق بنصر الله.

إخوة الإسلام: عيدكم مبارك، وعيدكم بإذن الله سعيد، فيا مسلمون أعيدوا للعيد بهجته، وارسموا على الوجوه صدقاً فرحته.

جميل أن نزرع بهجة العيد في بيوت الفقراء والمساكين، واليتامى والمرضى والمعاقين والمساجين، فهم ينتظرون طلة الكرماء والخيرين.

ولنفتح مغاليق القلوب بيننا بالهدايا، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تهادوا تحابوا".

جميل أن نرى فرحة العيد في حاراتنا في اجتماع وتآلف، وتواصل وتكاتف ، فرحة العيد ليست رسائل ترسل فحسب، ولا مفرقعات نارية تدوي في السماء، بل فرحة العيد أنس وفرح برحمة الله، فرح بإتمام الصيام والقيام، والتواصل مع الأنام.

عباد الله: ودعونا نزيد هذا اليوم الصفاء، بصفاء قلوبنا من البغضاء والشحناء، ثيابنا بيضاء نقية، فلمَ لا تكون قلوبنا كذلك؟ فندائي في هذا اليوم السعيد لكل أقارب وأرحام لا يتزاورون، كونوا كباراً وتواصلوا وتسامحوا، وخيركم الذي يبدأ بالسلام؛ فـ "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ"[كما عند أبي داود].

نقولها للأزواج نقولها للأصحاب، نقولها للجيران، نقولها للأرحام، نقولها للأقارب.

أيهجر مسلم فينا أخاه

سنيناً لا يمد له يمينه

أيهجره لأجل حطام دنيا

أيهجره على نُتف سقيمه

ألا أين السماحة والتآخي

وأين عرى أُخوتنا المتينة

علام نسد أبواب التآخي

ونسكن قاع أحقاد دفينه

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

حق لكم يا صائمون بعيدكم فرحاً، وبيومكم أنساً ومرحاً، فدينكم متين وكتابكم مبين وربكم أرحم الراحمين.

فعمر الإسلام أطول من أعماركم، وآفاقهُ أوسع من أوطانكم، وبشائر نصره تلوح في آفاقكم.

أو ما كانت نهاية حامية الشيوعية على أيدي أبناء المسلمين المستضعفين في أفغانستان.

أو ما الآن يمرغ أنف حامية الصليب على أيدي أبناء المسلمين المستضعفين في الأفغان وفي العراق.

أو ما هزت الأزمات الاقتصادية الغرب، فلا يكادون يتعافون من أزمة إلا وفي أخرى يدخلون، وآخرها أزمة الديون التي تهدد النظام الاقتصادي العالمي الرأسمالي.

إنها لعنات الربا التي عاشوا عليها سنيناً اقتياتاً على أموال الضعفاء وأكلاً لحقوق البسطاء، اليوم تُمحق لهم اليابسة والخضراء: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرّبَا وَيُرْبِي الصّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ كَفّارٍ أَثِيمٍ).

الله أكبر كم من قوىً علت في الأرض بالبغي والباطل تأذَّن الله بسقوطها وهلاكها بعد أن تجبَّر أهلها: (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) [الحشر: 2].

إن انتصار الحق واندحار الباطل سُنة قدرية، وحقيقة كونية، وحتمية تاريخية.

إن الأحداث التي تعصف في بلدان المسلمين هذه الأيام لتثبت بجلاء أن المستقبل للإسلام في أراضيه، وأن الأمة في سـبيل استعادة اكتشاف ذاتها بالعـودة إلى هويتهـا وعقيدتهـا.

فبالله عليكم هذه الجموع التي نراها صباح مساء تخرج منادية برفع الظلم، طالبة حقوق الكرامة، من أين منطلقها؟! وما هو تجمعها أليست المساجد التي غيب دورها دهراً من الزمن؟! وأي أيامها أشد حياة وصلابة أليس يوم الجمعة بعد اصطفاف المنتفضين جميعاً يصلون؛ حتى أولئك الذين لم يكونوا يصلون.

لقد انتصر الإسلام عندما أذن الله للذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، أن تنفتح أمامهم سبل العودة للديار بعد طول انتظار، ويُطرَد أعداؤهم فتتبدل الأحوال فيأمن الخائفون، ويخاف الآمنون، ويقوى المستضعفون ويضعف المتجبرون.

لقد انتصر الإسلام عندما فتحت، بل كُسرَت الأبواب المؤصدة أمام الدعوة والدعاة في كثير من بلدان الشعوب المنتفضة، وصدع الدعاة "آمنين" بكلمة الحق والتوحيد.

لقد انتصر الإسلام عندما انكشف عُوار الطابور الخامس من المنافقين الذين كانوا يحتلون مناصبَ "الأمن" فيحيلونه خوفاً وإرهاباً، ومنابرَ الإعلام فيجعلونها إفساداً وخراباً.

لقد انتصر الإسلام عندما عادت قضية تحكيم الشريعة إلى الصدارة، وتأبى الأمة إلا أن تكون شريعة الإسلام أصل في التشريع تنص عليه الدساتير.

لقد انتصر الإسلام عندما تبيَّن للعالم أن الجيل الجديد من شباب الأمة الذي خطط أولياء الشيطان لشيطنته، ومسخ عقيدته، لم يُمسَخ ولم تُمسَح هويته، ولم تصادَر رجولته، على الرغم من إفساد الشياطين، فكان طليعة الثائرين لكرامة الأمة والمطالبين باستعادة عزتها.

وانتصر الإسلام عندما ظهرت ثمرة جهود الدعاة والعلماء في توعية عموم الأمة.

لقد انتصر الإسلام يوم أن رأت الأمة كلها صغارها وكبارها أثر الدعاء، وأن لإجابته أجل وللأجل انقضاء،

أو ما ضجت حناجر المظلومين المقهورين بالدعاء سنين، ها هو رب العالمين ينتصر لها ولو بعد حين.

وهكذا يثبت الزمان ما نطق به القرآن؛ فسبحان من صَدَقَ وعده، ونَصَرَ عبده وهزم الأحزاب وحده: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5-6].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اللهُ أَكْبَرُ؛ أَرَانَا فِي هَذَا العَامِ مِنْ قُدْرَتِهِ مَا يُبْهِرُ العُقُولَ، وَيَمْلِكُ النُّفُوسَ؛ مَحَبَّةً لَهُ وَتَعْظِيمًا وَذُلاًّ وَخَوْفًا وَرَجَاءً.

تَأَمَّلُوا -عِبَادَ الله- هَذَا العَيدَ، وَقَارِنُوهُ بِالعِيدِ المَاضِي.

أَيُّ قَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ -تعالى- فِي هَذَا العَامِ؟! وَأَيُّ قَدَرٍ قَدَّرَهُ؟!

جَبَابِرَةٌ أَخَافُوا النَّاسَ مِنْ سَطْوَتِهِمْ، مَضَى فِيهِمْ قَضَاءُ الرَّبِّ -سبحانه-، فَنَزَعَهُمْ مِنْ عُرُوشِهِمْ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ شُعُوبَهُمْ، وَأَذَاقَهُمُ الذُّلَّ وَالهَوَانَ بَعْدَ العِزِّ وَالسُّلْطَانِ.

أين ملكهم، أين سلطانهم، أين مماليكهم، وأين مملكتهم؟ (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)[غافر: 16].

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك: 1].

لاَ مُلْكَ يَسْتَمِرُّ، وَلاَ حَالَ لِلْعَبْدِ مستقر، فَلاَ بِالدُّنْيَا يَغْتَرُّ، وَلاَ بِالنِّعْمَةِ يَبْطَرُ إِلاَّ وربي من غُر، فِي لمْحِ البَصَرِ تَغَيَّرَتِ الغير، وعز بشر وذل بشر، فَعَظِّمُوا اللهَ -تعالى- كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَظَّمَ.

عَظِّمُوا اللهَ -تعالى- كَمَا عَظَّمَهُ نَبِيُّكُمْ مُحَمَّدٌ حِينَ صَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ: "يَأْخُذُ اللهُ -عز وجل- سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَنَا اللهُ الرَّحْمَنُ، أَنَا المَلِكُ، أَنَا الْقُدُّوسُ، أَنَا المُؤْمِنُ، أَنَا المُهَيْمِنُ، أَنَا الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الَّذِي بَدَأْتُ الدُّنْيَا وَلَمْ تَكُ شَيْئًا، أَنَا الَّذِي أُعِيدُهَا، أَيْنَ المُلُوكُ؟ أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ".

يقول ابن عمر: "حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ الله"؟ وَذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِهِ لله -تعالى-.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلله الحَمْدُ.

عِبَادَ الله: ما الذي أنزل هؤلاء من عروشهم أوليس الظلم، بلى وربي إنه الظلم وإنها مَصَارِعِ الظَّالِمِينَ، فَاحْذَرُوا الظُّلْمَ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ؛ فَكَمْ مِنْ عَزِيزٍ ذَلَّ بِظُلْمِهِ! وَكَمْ مِنْ جَبَّارٍ قُصِمَ بِظُلْمِهِ: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء: 227].

واعلموا -رحمكم الله- أن َالشِّرْكُ أَعْظَمُ الظُّلْمِ، وَالمَعَاصِي ظُلْمٌ، وَظُلْمُ العِبَادِ يُورِدُ المَهَالِكَ: "وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الله حِجَابٌ" فليتق الله أزواجاً يظلمون زوجاتهم، أو استضعفتها فالله أقوى منك، وليتق الله كفلاء يظلمون عمالهم وخدمهم أو استقووا عليهم، فالله أقوى منهم، وليتق الله مدراء ومسؤولون يظلمون من تحتهم، فالله ينتقم من الظلوم.

العدل العدل، فصلاح الدنيا ودوامها لا يكون إلا بالعدْل، كتب بعض عُمَّال عمر بن عبدالعزيز إليه: "أمَّا بعد: فإن مدينتنا قد خُرِّبت، فإنْ رأى أمير المؤمنين أن يقطع لنا مالاً نرمُّها به، فردَّ عليه: أما بعد: فحصِّنْها بالعدل، ونقِّ طُرقَها من الظلم؛ فإنَّه مرمتها، والسلام".

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

إن َالْأُمَّةُ المُسْلِمَةُ تَعِيْشُ وَاقِعَهَا عَلَى مُفْتَرَقِ طُرُقٍ، غرب صليبي يتشدق عن الحريات دفاعا، ويذكي عوار الأحداث تدافعاً سراعا، في ظواهر مع الشعوب، وبواطن يسعى فيها لفرقة الدروب، ومد صفوي رافضي يبغي نشر عمائمه، وفي بلاد السنة تثبيت دعائمه، وكم من بلاد أصبحت آماناً قرارا، وأمست خوفا واستعارا، في أحداث أذهلت كبارا، وأشغلت صغارا، وإن أوار هذه الأحداث لا ندري وربي على ماذا ستنطفي؟! ولا على عواصفها عما ذا ستنجلي؟! فالله الله بالدعاء، تعلقوا بحبال ربكم وسألوه، وتوسلوا إليه وتطلبوه، ألظوا بالدعاء، وأظهروا الضعف وصدق الالتجاء، وسلوه أن يكشف الضراء، ويرفع البلاء، ويسبغ النعماء، وأن يعصم الدماء، وأن يخرج المسلمين منها أعزاء أشداء أقوياء، اصدقوه في سؤالكم، وألحوا عليه في دعائكم، فبين أيديكم أيام وغوائل وأحداث وهوائل، في سجداتكم، في صلواتكم، الدعاء الدعاء يا مسلمون.

فلا كاشف للضر إلا الله، ولا قادر إلا الله، والعالم كله تحت أمره وقهره: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 17- 18].

صدق الله، فتوبوا إليه واستغفروه.

الخطبة الثانية:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله حبيب رب العالمين، صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه أجمعين.

وبعد:

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد أن خطب الرجال، في مثل هذا اليوم الأغرّ، مشى متوكئاً على بلال وخطب النساء، وها أنه وجه خطابي للنساء اقتداء بالحبيب

فيا أيتها الأخوات الكريمات: إن من النساء من أعز الله بها الإسلام، فهذه خديجة وسابقتها في الإسلام، وتلكم عائشة وأثرها في تعليم الأنام، ولم تزل ثلة الصالحات المصلحات متواكبة جيلاً بعد آخر إلى يومنا هذا.

وفي مجتمعاتنا اليوم من الصالحات المصلحات في البيوت ودور تحفيظ القرآن والمدارس والكليات وغيرها ما هو مفخرة الأمة واعتزازها.

معاشر النساء: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: 33].

إنها آية عظيمة جامعة، لو تأملتها المرأة وعملت بها لحازت خير الدنيا والآخرة. إن الأصل في المرأة قرارها في البيت، إذ هي نور أركانه وسكون أرجائه، والخروج من البيت أمر طارئ لا يكون إلا لحاجة، البيت هو وظيفة المرأة الأساس فما بالنا نرى تهافت النساء على الخروج من البيت لحاجة ولغير حاجة والله يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ).

أخيتي: أما سمعت بخبر وافدة النساء التي جاءت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- تسأل لكن، تلك هي أسماء بنت يزيد بن السكن قالت للنبي –صلى الله عليه وسلم- إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأي، إن الله -تعالى- بعثك إلى الرجال والنساء فآمنَّا بك وأتبعناك، ونحن معاشر النساء مقصورات مخّدرات قواعد بيوت وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا لهم وأولادهم، أنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه فقال: "هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها" فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: "انصرفي يا أسماء وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته وإتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال" [أخرجه أحمد والدرامي والطيالسي وصححه الألباني].

أخيتي: شياطين الإنس والجن يسعون للاختلاط المحرم وشرعنته في التعليم والأعمال، يسعون لقيادة المرأة السيارة من خلال نساء يقدن هنا، وهناك لفرضه واقعاً وهم وربي يجرونك، بل المجتمع بأسره لأوحال الفتن، يا ربنا لا تمكن لهم، يا ربنا لا تمكن لهم.

أخيتي احذري تمييع الحجاب فالحجاب ستر وليس زينة.

أخيتي ما والله لبس البناطيل والشفاف علامة المؤمنات، أخيتي لا تودعي رمضان بعيد ملؤه حفلات رقص ماجن وألحان.

يا أهل العيد: وصية حبيبكم وهو في سكرات الموت: "الصلاة الصلاة" تارك الصلاة خارج عن دين الله، لا يزوج من بنات المسلمين، وإن زوج وجب التفريق بينهما، وإن مات لا يدفن في مقابر المسلمين ولا يُدعى له ولا يورث.

كم هم الذين فرطوا في صلاة الفجر والعصر فناموا عنها؟ أما من يقظة وتوبة إلى الله.

واعلموا -رحمكم الله-: أن الأعياد في الإسلام ثلاثة عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع هو الجمعة، وما عداها فهو بدعة لا يجوز الاحتفال بها ولا إحياءها.

واعلموا -رحمكم الله- أن من علامة قبول الحسنة إتباعها بمثلها، ومن ذلك صيام الست من شوال، فقد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".