البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

الإسلام هذا الدين العظيم (2)

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. أثر انتمائنا للإسلام .
  2. شمولية الإسلام .
  3. صدق المسلم في حبه لدينه .
  4. دين الإسلام ليس دين شعارات فارغة .
  5. صبغة الله .
  6. أسباب عداء أهل الكفر للإسلام .
  7. رعاية وسائل الإعلام للعلمانيين .
  8. تجرؤ أعداء الإسلام على خطبة الجمعة .
  9. أعداء الإٍسلام من الداخل .
  10. ما هي الليبرالية؟ .

اقتباس

ومع أن وسائل الإعلام تبنت رعاية هؤلاء العلمانيين والمتحررين، وإبرازهم وأعدت لهم متكأ واسعا ومريحا، واحتضنتهم بكل قوة، ومكنت لهم تمكينا مطلقا، إلا أن استجابة الناس لا تزال ضعيفة إلا على فئة من السذج، ومرضى القلوب، عندها أخذوا يلتفتون إلى منابر الإصلاح بالمساجد ويتحصرون ويتمنون أن تتاح لهم فرصة مماثلة، كي ينشروا أفكارهم بين الناس، فيقول أحدهم: "آه لو كانت لنا مناسبة؛ كخطبة الجمعة يصغي خلالها الناس إلى أفكارنا".

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

الاسلام هذا الدين العظيم وسام على صدر من انتمى إليه، فيا ليت من أحس بهذا الوسام يسعى لأن يكون مستحقا لحمله، في أن يرتقي إلى مستوى دينه، ويحس بالمسئولية، فيحاول جاهدا أن يعكس أثر انتمائه للإسلام على إخلاصه لله في العبادة، واتباع سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وترك مظاهر الشرك والابتداع، ويعكس أثر انتمائه للإسلام على: أخلاقه، على مبادئه، على سلوكه؛ لأنه يمثل الإسلام، وإلا ما نفع الانتماء؟!

إن من أسوأ ما أسمعه بين الحين والآخر مقالة: "فرق بين الإسلام وأهله"، أو "الإسلام شيء والمسلمون شيء آخر"، ونحن لا ننتظر أن يكون المسلمون على مستوى واحد من الفضل والدين والخلق، فهذا محال وضرب من الخيال، ولكننا على أقل الحال نخاطب من عرف قدر نفسه، واستوعب المكانة التي حباه الله بها بشرف انتمائه للإسلام، فقال: أنا أهل لذلك -إن شاء لله-، كما قال أبو دجانة -رضي الله عنه- لما أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- سيفا يوم أحد، فقال: "من يأخذ مني هذا؟" فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا، أنا، قال: "فمن يأخذه بحقه؟" قال: فأحجم القوم، فقال أبو دجانه: أنا أخذه بحقه، قال: فأخذه ففلق به هام المشركين [رواه مسلم].

نحن نتمنى أن يصدق المسلم في الإحساس بعظمة دينه، فيعتبره أوسع وأشمل من أن يُقصر في صلاة وزكاة، وصوم وحج، هذه أركان الإسلام صحيح، ولكنه يظن أيضا أن الإسلام هو المنهج الكامل الذي به تسعد البشرية جمعاء، وبه يتحقق العدل، ويتضح مفهوم الحرية التي يريدها الله -تعالى- للعباد، وبه وحده فقط يكرم الإنسان عن الحيوان البهيم الذي همه المتعة، والأكل والشرب.

ونحن نتمنى أن يصدق المسلم في حبه لدينه، فيحمله معه أينما كان، كشأن المحبين، فالمحبون لا يغيب عنهم طيف حبيبهم.

بِرُوحي يا طَيْفَ الحَبيبِ مُحافِظاً

على العهدِ يدنو كيف شئتَ ويقرُبُ

نعم المحب لا يغيب عنه طيف حبيبه، بل يخفق به قلبه، ويترأى له طيفه عند كل موقف، وهذا هو مقام الإسلام عند من يحبه، من أحب الإسلام حقا فسوف يتعامل مع الحياة وشئونها، لا من خلال العادات والتقاليد، ولا من خلال قانون المصلحة المجردة، والأنانية والأثرة التي يتعامل بها سائر الناس حوله، لا، بل من خلال قيم الإسلام، وأخلاقه وتعاليمه.

قد يسبح عكس التيار نعم، قد يواجه المتاعب نعم، قد يرى من المسلمين ما هو بعيد كل البعد عن هدي الإسلام، نعم، كل هذا متوقع ولكن ألا يستحق منك دينك أن تصبر على نصرته؟ ألا يستحق منك أن تزود به بعد أن أنجاك الله به من النار، وجعلك تمشي مطمئنا كريما عزيزا في نفسك؟ بلى، والله.

ولذا نتمنى أن يعي أفاضل المسلمين بأنهم يمثلون دينهم العظيم في أنفسهم، وفي بيوتهم، وفي مواقع أعمالهم، وفي السوق، وبين أصدقائهم، وفي بلادهم، وخارج بلادهم، فكيف هم صانعون؟

دين الإسلام ليس دين شعارات فارغة، ولا أماني ضائعة: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)[النساء: 123].

دين الإسلام دين عملي يشمل كل صغير وكبير في حياة المسلم، هل في هذا تقييد وكبت كما يظن البعض؟

كلا، بل فيه الخير كله، وهل يريد لنا ديننا إلا الخير؟! هل يريد لنا ديننا إلا السعادة؟!

صبغة الله، إنها صبغة الله: (صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً) [البقرة: 138].

الإسلام أكرمنا، الإسلام أسعدنا، الإسلام على ما ينفعنا، ويصلحنا، دلنا وأرشدنا، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89].

شريعة الله للإصلاح عنوان

وكل شيء سوى الإسلام خسران

تاريخنا من رسول الله مبدؤنا

وما عداه فلا عز ولا شان

هذا الدين العظيم لو أحس به أهله، لو أحسوا بالمنة التي من الله بها عليهم، إذ جعلهم مسلمين: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات: 17].

أيها الأخوة: يا أبناء الإسلام: أليس من العجب أن يستكبر المسلم على الحق؟!

أليس من الخيبة أن يلوي العربي المسلم أعناق النصوص، ويقلب المعاني من أجل أن ينصر الباطل؟!

أليس من الخزي عزول علماء الشريعة؟ أليس في هذا تقليد أبله لفلاسفة الغرب؟!

أليس في هذا تفخيم لرأيهم واعتداد بهديهم وتعظيم لشأنهم على حساب التواضع لنصوص الشرع وآراء العلماء؟

إن من الأسباب الرئيسة لبغض وعداء أهل الكفر من شتى الملل المحرفة والمبتدعة للإسلام هو كونه الدين الأكثر انتشارا وقبولا على وجه الأرض.

لقد قاد هذا التميز والتفوق غير العادي لدين الإسلام نقمتهم وحدسهم، وقد أخبرنا القرآن أن الحسد الذي اشتعل في صدور أهل الكتاب لما رأوا الناس يقبلون على الدين الحق أفواجا، جعلهم يتمنون ضلالهم وكفرهم، قال  تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)[البقرة: 109].

وقال سبحانه: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)[النساء: 54].

فالحسد خلق ذميم، ويتمنون زوال الخير ممن يحسدون؛ لأن فساد قلوبهم جعل منها للحسد مرتعا، فأفسد أخلاقهم.

نفهم كل هذا من النصارى، من اليهود، لكن ما بال المنتسبين للإسلام يشاركونهم في كثير من تلك المواقف؟!

إنه بغض التدين، إن من أبغض التدين جزما سيشاركهم في هذا الحدث، فأهل التدين يحسدهم العلمانيون على قبول الناس لهم، وثقتهم بهم، وإقبالهم على منتدياتهم ونشاطاتهم، ومع أن العلمانيين والمتحررين تحركات كبيرة، وخطط وتنسيق مع جهات أجنبية يحس بها من يتابعهم، إلا أنهم لما استبطئوا ثمرة كيدهم، ورأوا عزوف الناس عنهم، راحوا يطلقون أقلامهم في مقالاتهم بين الحين والآخر حول أنشطة خيرية، أو حلق تحفيظ، أو المخيمات الدعوية.

ومع أن وسائل الإعلام تبنت رعاية هؤلاء العلمانيين والمتحررين، وإبرازهم وأعدت لهم متكأ واسعا ومريحا، واحتضنتهم بكل قوة، ومكنت لهم تمكينا مطلقا، إلا أن استجابة الناس لا تزال ضعيفة إلا على فئة من السذج، ومرضى القلوب، عندها أخذوا يلتفتون إلى منابر الإصلاح بالمساجد ويتحصرون ويتمنون أن تتاح لهم فرصة مماثلة، كي ينشروا أفكارهم بين الناس، فيقول أحدهم: "آه لو كانت لنا مناسبة؛ كخطبة الجمعة يصغي خلالها الناس إلى أفكارنا".

ويحرق الحسد قلوبهم أن لا يقدروا على ذلك، فماذا يا ترى يصنعون؟

لقد اجترئوا على الكلام حتى على خطبة الجمعة، نعم فإنهم يرون أن لها آثارا سيئة، وتبعات وخيمة، وتراهم يفترون ويبالغون ويضخمون، فقائل يقول في صحيفة خضراء: "لو حضرت خطبة من خطب الجمعة في بلادنا الإسلامية، ومعه -أي الغرب- كل الحق في ذلك، إن الدعاء عليهم وعلى أطفالهم باليتم، ونسائهم بالترمل، وغيرها من الأدعية على غير المسلمين يكاد يكون ثابتا في كل خطبة، وفي جميع مساجدنا، صحيح ليس كلنا إرهابيين، ولكن سمحنا للإرهابيين بالتكلم باسمنا، واستغلالنا أسوأ استغلال".

ويتكلم إمام مسجد في استراليا واسمه: "تاج الدين الهلالي" وهو شيخ مسلم غيور، يتكلم في مجموعة من المسلمين في إحدى الدروس الرمضانية في البلاد الاسترالية، ويتناول في درسه جريمة الاغتصاب المستفحلة في البلاد، ويقول رأي الشرع في فوائد الستر، ومضار العري، وكونه محفزاً للإثارة الغريزية، وسببا من أسباب ازدياد جرائم الاغتصاب، وبصرف النظر عن أسلوبه صحيحا كان أو غير صحيح، إلا أنه استشهد بكلمات من قلم للأديب في كتابه: "وحي القلم" سمى تلك الكلمات قصيدة مترجمة عن الشيطان لحوم البحر، صور فيها الشيطان وهو ينظر إلى شاطئ البحر الذي يتعرى فيه الرجال والنساء، إلا من أقل القليل، حيث يقول الرافعي والذي نقله تلك الشيخ: "هنا تتعرى المرأة من ثوبها، فتتعرى من فضيلتها، هنا يخلع الرجل ثوبه، ثم يعود إليه، فيلبس فيه الأدب الذي خلعه رؤية الرجل لحم المرأة المحرمة نظر بالعين والعاطفة، يرمي ببصره الجائع كما ينظر الصقر إلى لحم الصيد، ونظر المرأة لحم الرجل رؤية فكر فقط، تحول بصرها أو تخفضه، وهي من قلبها تنظر، يا لحوم البحر، سلخك من ثيابك جزار!" إلى آخر كلامه.

فنقلت: استشهاده ذلك بأنه حاقد من الإسلام على النصارى، وما أكثرهم وأكثرهن، فشالوا البلاد ولم يقعدوها على كلام الشيخ، وانهالت التهم، وتضخم الأمر، ونفخ فيه نفخا عجيبا، وتصاعد بشكل غريب مشبوه، حتى وصل إلى مستوى رئيس وزرائهم، وهو شخص معروف أيضا بحقده وعنصريته، فأدلى بدلوه، وأن في هذا إهانة للمرأة، ومبررا لاغتصابها، وينبغي أن يسجن، أو يبعد.

سبحان الله، كل هذا وهم أنفسهم يتشدقون بحرية التعبير، عن الرأي، ووسائل إعلامهم ذاتها تنشر ألوان الاستهزاء، وفحش القول والفعل كل يوم، ما يندى له الجبين، ولا معترض ولا منكر، ولكن حرية الرأي تلغي عندما يتحدث المسلمون، ويؤول القول، ويساء الظن بصاحبه، ويحمل أسوأ المحامل عندما يكون منطلقه إسلامي؛ لأن الإسلام دائما المتهم، والمحزن حقا ليس في تكالب النصارى وحكومتهم وجمعيات حقوقهم على ذلك الشيخ المسلم، فهذا أمر متوقع، وإنما المحزن هو الموقف المشابه لموقفهم أشد من قبل كثير من المنتسبين إلى الإسلام من الجهلة والجاهلات في تلك البلاد، وغيرها، فشاركوا وشاركنا في اتهام الشيخ، وأعلنوا براءتهم من كلامه، وطالبوا بإبعاده.

ثم جاء دور بني علمان بأسلوبهم الساخر وشماتتهم طبعا، وهل لهم أن يفوتوا هذه الفرصة؟! فهم المتربصون بأهل الإصلاح الدوائر: (عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ)[الفتح: 6] يتربصون بأهل الإصلاح، ليس هنا في المملكة فحسب، بل في كل مكان، ولو حتى في استراليا، قال أحدهم وهو غير راشد في جريدة خضراء ضمن مقالة له بعنوان: "الهلال والنساء" يقصد بالهلال الشيخ تاج الدين الهلالي، قال بعد أن ذكر علاقة استراليا الضعيفة بالمسلمين، قال: "حتى قرر الشيخ تاج الدين الهلالي أن يفتح العلاقة عندما أعلن أن كل امرأة غير محجبة من الطبيعي أن تتعرض للاغتصاب".

طبعا الشيخ لم يكن يتكلم عن الحجاب، وإنما يتكلم عن العري، وإنما طبع الحقود الشماتة، ولو بالبهتان والكذب.

وقال: "ثم حاول إصلاح زلة لسانه، مؤكدا أن الاستراليين لم يسمعوا تصريحه جيدا ليدهشوا أكثر، بأن ما قاله أسوأ مما نقل عنه، فقد وصف المرأة غير المحجبة باللحمة المكشوفة أمام قطط المطبخ، وأنه من الطبيعي أن تأكلها.

قال: "فهم كلامه على أن المرأة التي لا تغطي شعرها عاهرة في بلد لا تغطي فيها إلا بضع نساء رؤوسهن، وهذا يعني أيضا، شوفوا الاستنتاج أنه هناك أكثر من مئة مليون امرأة مسلمة عاهرة".

هذا هو استنتاجه، لا سبعة ملايين امرأة استرالية، فكثير من المسلمات في العالم لا يتحجبن، ولا أدري من أين أتى برقم المئة مليون امرأة مسلمة غير محجبة من كيسه أم هناك إحصائية بغير المحجبات لا ندري عنها؟!

قال: "فأي منطق هذا" خاصة بعد أن صار مفتيا! قال: "وإن كنا لا ندري كيف خاصة -انظروا الآن إلى الاستهزاء بالمشايخ والمفتيين- قال: خاصة أن الرجل يسكن في استراليا، وليس في الصعيد المصري، أو الريف السعودي".

أي أنه ليس في بيئة بسيطة متخلفة؛ كالصعيد المصري، أو الريف السعودي، تقبل مثل هذا الكلام وإنما في بيئة متحضرة راقية؟!

سبحان الله، أتواصوا به.. دائما هكذا منذ عهد النبوة عندما كان سلفهم من المنافقين في المدينة يستهزؤون بالنبي –صلى الله عليه وسلم- وصحابته، حتى يومنا هذا.

أسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد وعلى آله، وعلى من سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد:

أعداء التدين في الداخل، فالمقصود بأعداء التدين أولئك الذين أخذوا على أنفسهم مهمة إيقاف أثر الصحوة على المجتمع، وذلك بإلصاق التهم بنشاطاتها، وإثارة الشكوك حولها، وتشويه رموزها، والعمل على مدافعة الصحوة بتشجيع مظاهر التحرر والاختلاط، والتساهل في خروج المرأة، ومناقشة مسلمات الشريعة وثوابتها، هؤلاء المحادون للتدين، والطبع المحافظ للمجتمع، إما علمانيون ماديون، وإما متحررون ليبراليون، وإما مخدوعون بفكر هؤلاء، أو أولئك.

والعلمانيون في الغالب ليبراليون، لكن ما هي الليبرالية؟

الليبرالية: هي كون الحرية بمفهوم الغرب: "الغاية العظمى" أي تحرر الفرد التام من كل أنواع الإكراه، أو السيطرة الخارجية، ثم التصرف وفق ما يمليه قانون النفس، وغاياتها وأهوائها، والانطلاقة والانفلات نحو الحريات، بكل صورها.

فالليبرالية ثورة الفرد وتمرده على كل تقييد خارجي، طيب ماذا عن الدين؟

يمكن لليبرالي أن يكون ملحدا، ويمكن أن يتبنى دينا من باب حرية الاعتقاد، لا فرق، لكن بشرط أن يكون هذا الدين ذا طابع وجداني وفكري، لا تأثير له على السلوك، ولا مظاهر الحياة.

ولذلك نجد الفرد الأوروبي والأمريكي اليوم يخرج من محنة إلى أخرى، ومن مبدأ إلى نقيضه، دون أن يطرأ على حياة العملية والشخصية أي تغيير، لأن الدين في نظره فكرة مجردة، وعقيدة وجدانية، فلسفية، فقط.

وللإنسان عندهم أن يفسر تلك العقيدة كما يشاء؛ لأنه حر في ذلك، ولهذا لما اعترضت شابة مراهقة في إحدى البرامج على تلقين والديها إياها مفهوم الدين، وقالت: أنا أفهم الدين بحسب نظرتي، لا دخل لكم، ولا لأي أحد، ولا حتى القساوسة في ذلك الفهم، ماذا حدث؟ صفق لها الحاضرون!.

وهذا يذكرنا بتحريف مفهوم حجاب المرأة لدى كثير من السافرات، ممن يسمين بالمثقفات، ممن ينتسبن إلى الإسلام، فمعنى الحجاب في نظرهم يرجع إلى قناعاتهن الشخصية، بلا تلقين من أحد، لا شيخ، ولا مذهب، ولا حتى عرف.

وبالرغم من أن هذه الفلسفة تنادي بتقديس حرية الفرد، ولو على حساب الدين، أو العرف، بل حتى على حساب الفطرة، مما يعني تعارضا صحيحا صريحا مع شريعة الإسلام، إلا أنك تجد، وللأسف في بعض بلاد المسلمين اليوم من يصرح بكونه ليبراليا، ويفتخر بذلك، أو نحو ذلك.

وللحديث صلة -إن شاء الله تعالى-.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين...