القادر
كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...
العربية
المؤلف | يوسف بن محمد الدوس |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
أيها المؤمنون: حديثنا اليوم عن صدقة منسية، وسنة من سنن الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، بل من أظهر صفاته وسماته، هي عمل كبير، ولكنه قليل الجهد والعناء، كبير الأثر والفضل، والأجر والثواب؛ هي صفة من أجمل وأروع صفات الإيجابيين والناجحين، هي ثمرة للثقة بالنفس، وثمرة للرضا والقناعة، هي تعبير عن سمو الذات، ورقي الطباع، وسلامة القلب، و...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) [الفرقان: 61- 62].
فاللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد، ثم الصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا، ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله -جل في علاه- وراقبوه في السر والعلن، واعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- ربط فلاحكم ونجاحكم وتوفيقكم بتقواه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أيها المؤمنون: حديثنا اليوم عن صدقة منسية، وسنة من سنن الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، بل من أظهر صفاته وسماته، هي عمل كبير، ولكنه قليل الجهد والعناء، كبير الأثر والفضل، والأجر والثواب؛ هي صفة من أجمل وروع صفات الإيجابيين والناجحين، هي ثمرة للثقة بالنفس، وثمرة للرضا والقناعة، هي تعبير عن سمو الذات، ورقي الطباع، وسلامة القلب، ومحبة الآخرين.
وقلِّ -بالله عليك- ألست بالراحة والاطمئنان عندما تدخل على شخص وأنت غاضب، ثم تراه يبتسم في وجهك، ألا توافقني بأن الشفاء يسري في جسدك، وأنت ترى الطبيب يبتسم في وجهك، وهو يشخص لك العلاج.
نعم إنها الابتسامة -عباد الله- التي أصبحت علما يدرس، وفنا يمارس؛ لتحسين العلاقات على أصعدتها باختلافها في جوانبها المتباينة.
الابتسامة -يا عباد الله- مع أثرها الكبير ووهجها الساحر، لا تكلف مالا ولا عناءا، ولا جهدا ولا وقتا، هي لا تستغرق أكثر من لمحة بصر، ولكن بصمتها تبقى طويلا في نفوس الآخرين.
وما نظرت عيني إلى ذي بشاشة | من الناس إلا وهي في العين أملح |
وكما قال ابن عيينة -رحمه الله-: "البشاشة مصيدة القلوب".
وأوصى ابن عمر -رضي الله عنه- ابنه، فقال: "يا بني إن البر شيء هين، وجه طليق، وكلام لين".
هي كذلك حقا، الابتسامة تبلسم الجراح، وتشرع لك الأبواب كالمفتاح، وتدلك إلى أسباب التفوق والنجاح، وقد قال بعض الحكماء: "ليكن وجهك طليقا باسما، وكلامك لينا، تكن أحب إلي الناس ممن يعطيهم الذهب".
وحكى الله لنا في كتابه -يا عباد الله- قصة سليمان -عليه السلام- مع النملة ذلك المخلوق الضعيف الصغير، وكيف أنه بكل ما أوتي من عظمة وجبروت؛ تبسم لقولها، واستمع لها، واستجاب لحرصها، فمال بقومه عن جحرها، واسمع لقول المولى -جل في علاه- يصف تلك اللحظات الجميلة: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)[النمل: 18-19].
هكذا هم العظماء يتبسمون في كل موقفهم، يتبسمون رحمة وتعظيما، يتبسمون ثقة وإجلالا، يتبسم عليه السلام لكلام النملة، وهو يتعجب من قلبها الرحيم بقومها، ويتبسم لشكر نعمة الله عليه الذي علمه منطق الطير، ولغات الحيوانات.
أما نبينا -عليه الصلاة والسلام- محمد بن عبد الله الذي كان أكثر الناس تبسما لأصحابه، بل لا يكاد يرى إلا متبسما عليه الصلاة والسلام، وهذا –والله- أمر في غاية العجب، وفي غاية الروعة، ألا يحزن عليه الصلاة والسلام؟ أين الأعباء التي على كاهله؟ وأين قضية المنافقين التي ترهقه؟ وأين تلك المشكلات التي تحيط به؟ وأين تأمر المشركين به ليل نهار؟!
ومع ذلك يقول عبد الله بن الحارث بن حزم: "ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
ويقول أيضا: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط منذ أسلمت إلا مبتسما".
وكذلك يقول جرير -رضي الله عنه-: "ما رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا تبسم".
ووجها مشرق القسمات سمحا | يفيض بشاشة ويلوح سعدا |
رآه الصبح فزاد حسنا | وغار البدر منه فزاد سهدا |
كان عليه الصلاة والسلام يبتسم في أحرج اللحظات، ويبتسم لأصحابه باختلاف المواقف، مع شدتها وعظمها، وهو في مرض موته يبتسم لأصحابه، ابتسامة مشرقة ملئت قلوبهم أملا، وابتهاجا وأنسا؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: "بينما المسلمون في صلاة الفجر، لم يفجأهم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم صفوف، فتبسم يضحك، ونكص أبوبكر -رضي الله عنه- علي عقبيه ليصل له الصف فظن أنه يريد الخروج، وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فأشار إليهم عليه الصلاة والسلام أتموا صلاتكم، فأرخي الستر عليه وتوفي من آخر ذلك اليوم" صلى الله عليه وسلم.
هذي سعادة دنيانا فكن رجلاً | إن شئْتَها أَبَدَ الآباد يَبْتَسِمُ |
خذ الحياة كـما جاءتك مبتسماً | في كفها الخير أو في كفها العدمُ |
سيزداد عجبك -أيها المؤمن المبارك- عندما تعلم أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يترك الابتسامة حتى في مواقفه مع من ظلمه، وأساء إليه، تأمل هذا الحديث العظيم، يقول أنس -رضي الله عنه-: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ".
ينبيك عنهُ ولو تنكّر بشرهُ | إن البشاشة للكريم شعار |
ما أروع هذه الصفة لدى رسولنا -صلى الله عليه وسلم-؟ وما أسمى هذه الروح التي جعلته عليه الصلاة والسلام بابتسامته تلك أن يعطر الأجواء، ويذهب الشحناء، ويكسب الود، ويلين القلب القاسي؛ مع أنه يتحلى عليه الصلاة والسلام بتوجيه ربنا -سبحانه وتعالى- بمقابلة الإساءة بالإحسان: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فصلت: 34].
كن ريق البشر إن الحر همته | صحيفة وعليها البشر عنوان |
قد حثنا عليه الصلاة والسلام -يا عباد الله- حثنا على طلاقة الوجه، وقال: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
التبسم صدقة وأجر وثواب، وقال: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
فلينبته كل واحد منا، ولا يحرم نفسه من هذا الخير العظيم الذي يستطيعه كل أحد مهما كانت ظروفه ومعاناته ومهما على منصبه أو مكانه.
تذكر -أيها المبارك-: أن ابتسامتك البريئة تكسبك المزيد من الأصدقاء والخلان، وتدر عليك العلاقات المثمرة والخيرية، وهي باب لك إلى التأثير في الناس، والوصول إلى قلوبهم، وفي المثل الصيني يقولون: "إن الذي لا يحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجرا".
واعلم أنك عندما تعود نفسك على الابتسامة، فإنك بذلك تكتسب ثوابا، وتكتسب أيضا صحة وسلامة، فقد ورد في دراسات عديدة معاصرة: أن الشخص عندما يبتسم أو يضحك، فإن ذلك يساعد في انسياب مادة في دمه، تسمى "الأندروفين" وهي مادة مسكنة للألم، مهدأة للنفس، تعزز الشعور بالمتعة، والشعور بالأنس، بل توصل الأطباء -يا عباد الله- أن الابتسامة تزيد من نشاط الذهن وصفائه، وتزيد من قدرة الإنسان على التفكير الإبداعي، واتخاذ القرار المناسب.
ولا تنسى أن الابتسامة هي أقوى علامة من علامات الشخص الواثق من نفسه، وهذا قد جاء في دراسة أيضا قام بها عدد من علماء النفس والاجتماع في بلدان شتى، وصلوا إلى أن الشخص الذي يكون دائم الابتسامة، يكون أكثر جاذبية، وقدرة على إقناع الناس، والوصول إلى قلوبهم.
وجاء أيضا في دراسات كثيرة: أن أفضل علاج لكثير من أمراض العصر، هو الابتسامة والضحك، والاستبشار، وأقصد بالأمراض كضغط الدم، وأمراض القولون، وتصلب الشرايين، وقرحة المعدة، وغيرها من الأمراض التي مردها إلى الضغوط، وإلى القلق، وأمراض العصر الحديث.
ولو أنصف الناس -يا عباد الله- لاستغنوا عن ثلاثة أرباع ما في الصيدليات بالابتسامة؛ فضحكة واحدة خيرا من ألف مرة من برشامة مسكن.
عباد الله: الابتسامة الصادقة، هي نابعة من شغاف القلب التي تفعل فعل السحر، وتجلب كالمغناطيس التي تزيد الوجه رونقا وبهاءً، وليست الابتسامة المصطنعة التي تخلف وراءها الكيد والنفاق والمداهنة، ونحو ذلك، فلذلك حاول -أيها المبارك- أن تصدق في داخلك ليظهر ذلك على محياك، فالناس تدرك ذلك، وتفرق بين ألوان الابتسامات، ثم احرص أن تبتسم وأنت تنظر في وجه الذي يحدثك، فهذا هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهذا سيعطي الذي أمامك شعورا سريعا بالاطمئنان إليه، والارتياح والثقة بك، وهو دليل على تواضعك، ومحبتك له، وقربك منه، وإرادتك للخير له.
فليمرن كل واحد منا -يا عباد الله- على الابتسامة، ولا يعتذر كل واحد منا بالطباع، أو بالعادات، أو بما تربى عليه في عائلته، فإن كل شيء مكتسب بالتعود والتمرين، ولا يضيع الواحد منا على نفسه هذه الخصلة الحميدة، تحت مظلة أعذار واهية، فإنما الحلم بالتحلم، وإنما الصبر بالتصبر.
وإنني أدعوك إذا رأيت شخصا يبتسم فابتسم أنت أيضا، وإذا رأيت وجهه جميلا، فتذكر أنك بالابتسامة ستكون أجمل، وسوف يراك الناس بصورة أروع، حاول أن يراك الناس كذلك دائما، وتذكر أنك كثيرا ممن حولك من البؤساء، والمرضى والمعوزين، والمكروبين، وذوي الهموم، هم بحاجة إلى ابتسامتك، فربما سرت منك ابتسامة إلى قلب مكروب، أو مهموم؛ ففعلت في داخله فعل السحر، فكانت لك صدقة، وكانت له دواء وشفاء وعلاج.
وأخيراً: اسمع لقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق".
لا خيل تهديها ولا مال | فليسعد النطق إن لم تسعد الحال |
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو البر الجواد الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله جل في علاه، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه.
أما بعد:
عباد الله: ما أحوجنا إلى أن تكون الابتسامة سمة ظاهرة في مجتمعنا المسلم، الذي تعمره الأخوة، ويعمره الصفاء والتعاون والتسامح، هذا المجتمع الرائع الايجابي، أسمى مظاهره، وأدل صفة على كونه مجتمعا ناجحا، هو أن تعم فيه الابتسامة.
ما أحوجنا أن يبتسم الأخ لأخيه، والجار لجاره، في هذا الزمن الذي طغت فيه المادة، وقلت فيه الألفة، وكثرت فيه الصراعات، وكثرت فيه المشكلات الاجتماعية والنفسية، والاقتصادية، فلا ترى إلا عبوسا في الوجه، وتقطيبا في الجبين، لدى كثيرا من المسلمين اليوم -والله المستعان-، وهم يجرون في حلبة الصراع إلى دنياهم الفانية، فرويدكم رويدكم الحياة لن تنتهي منها، ولو حزتها بحذافيرها، فكن راضيا قنوعا، وتذكر واجباتك التي ترضي الله -سبحانه وتعالى-.
فما أحوجنا -يا عباد الله-: إلى تلك الابتسامة من مدير يطلقها في وجه موظفيه، فيكسب قلوبهم، ويخفف عنهم عناء أعمالهم.
ما أحوجنا إلى البسمة، وطلاقة الوجه، وشراحة الصدر، ولطف الروح، ولين الجانب؛ من ذلك العالم المفتي الرباني المنصف الذي يسعى لجمع الكلمة، ووحدة الصف، بدلا من أن يكون مقطبا في وجهه، جائرا في فتواه، متشددا في طريقه، وفي اختياراته، في نبش الطائفية والمذهبية، أو في سبيل تضليل الناس، وتبديعهم وتفسقيهم، والتعرض للعلماء الربانيين والدعاة، فهذا منهج لا يليق بعالم، ولا بشيخ، ولا بداعية، ولا بمفتي.
وما أحوجنا -يا عباد الله- إلى الابتسامة الصادقة من ذلك المسئول في وجه من يقوم برعايتهم وخدمتهم، من غير ما خداع، أو كذب، أو تزوير، أو وعود كاذبة، أو تزوير للحقائق فالابتسامة أجمل ما تحمله هو الصدق وإرادة الخير.
يأتي رجل إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وهو رجل فقير من دهماء الناس، فيقول:
يا عُمر الخيرِ جُزيتَ الجنهْ | اُكْسُ بُنيّاتي وأُمّهنهْ |
وكــُن لنا من الزمان جُـنّـهْ | أُقسم بالله لَـتَفعَـلَنّهْ |
فقال عمر -رضي الله عنه-: فإن لم أفعل يكون ماذا؟
فقال الأعرابي: إذاً أبا حفص لأذهبنّهْ
فيتبسم عمرا قائلا -رضي الله عنه-: فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟
فقال:
يكون عن حالي لتـُسألـنّهْ | يومَ تكون الأعطياتُ هَنّهْ |
وموقفُ المسؤول بينهُنّهْ | إما إلى نارٍ وإما إلى جنّهْ |
فخلع عمر -رضي الله عنه- الجلباب الذي كان يلبسه، وقال: "خذ هذا ليوم تكون الأعطيات فيه منه" وتبسم رضي الله عنه.
عباد الله: ما أجمل أن نبتسم في وجوه الأيتام والأرامل، والمعوزين والمحتاجين، وما أكثرهم في أمتنا، ونحن بذلك ندخل إليهم السرور، ونتواضع إليهم، علنا نحظى برضا من الله -سبحانه وتعالى-، ورحمة منه سبحانه وتعالى، في يوم نكون فيه أحوج ما نكون إلى ذلك، فالجزاء دائما من جنس العمل.
قال السماء كئيبة وتجهما | قلت ابتسم يكفي التجهم في السما |
ابتــسم | لن يرجع الأسف الصبا المتصرما |
قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل | حيا، ولست من الأحبة معدما |
قال الليالي جرعتني علقما | قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما |
فلعل غيرك إن رآك مرنما | طرح الكآبة جانبا وترنما |
اللهم اشرح صدورنا، ويسر أمرنا...