البحث

عبارات مقترحة:

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

العربية

المؤلف صلاح بن محمد البدير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. اصطفاء الله لنبيه عليه الصلاة والسلام .
  2. فضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام .
  3. خرافات متعلقة بالصلاة عليه .
  4. التحذير من الصيغ المبتدعة للصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام .

اقتباس

عبدُ الله ورسولُه ونبيُّه، وصفِيُّه ونجِيُّه، ووليُّه ورَضِيُّه، وأمينُه على وحيِه وخِيرتُه من خلقِه، الذي لا يصِحُّ إيمانُ عبدٍ حتى يُؤمنَ برسالته ويشهَدَ بنبوَّته. سيدُ المُرسلين والمُقدَّم لإمامتهم، وخاتَمُ النبيين وصاحِبُ شفاعتِهم، أولُ من تنشقُّ عنه الأرضُ يوم القيامة، وأولُ شافعٍ يوم القيامة، وأولُ من يجُوزُ الصراطَ من الرُّسُل بأمته يوم القيامة، وأكثرُ الأنبياء تابِعًا يوم القيامة، صاحبُ اللواء المعقود، والمقام المحمود، والحوض المورود، عبدُ الله المُصطفى، ونبيُّه المُجتبَى، ورسولُه المُرتَضَى ..

الحمد لله، الحمد لله الذي شرحَ صُدورَ أهل الإسلام بالهُدى، ونكَتَ في قلوب أهل الطُّغيان فلا تعِي الحكمةَ أبدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادةَ من آمنَ به ولم يُشرِك به أحدًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه حبلِ الهُدى وينبوع التُّقَى، صلاةً تبقَى وسلامًا يترَى.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد: 28].

أيها المسلمون: لقد اصطفَى الله نبيَّنا وسيدَنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لتحمُّل أعباء الرسالة وتبليغ الشريعة؛ فهو النبيُّ المُعظَّم، والرسولُ المُكرَّم، سيدُ ولد آدم بالاتفاق، وخيرُ أهل الأرض على الإطلاق، الجوهرةُ الباهِرة، والدُّرَّةُ الزاهِرة، وواسِطةُ العِقدِ الفاخِرة.

عبدُ الله ورسولُه ونبيُّه، وصفِيُّه ونجِيُّه، ووليُّه ورَضِيُّه، وأمينُه على وحيِه وخِيرتُه من خلقِه، الذي لا يصِحُّ إيمانُ عبدٍ حتى يُؤمنَ برسالته ويشهَدَ بنبوَّته.

سيدُ المُرسلين والمُقدَّم لإمامتهم، وخاتَمُ النبيين وصاحِبُ شفاعتِهم، أولُ من تنشقُّ عنه الأرضُ يوم القيامة، وأولُ شافعٍ يوم القيامة، وأولُ من يجُوزُ الصراطَ من الرُّسُل بأمته يوم القيامة، وأكثرُ الأنبياء تابِعًا يوم القيامة، صاحبُ اللواء المعقود، والمقام المحمود، والحوض المورود، عبدُ الله المُصطفى، ونبيُّه المُجتبَى، ورسولُه المُرتَضَى.

يقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "ما خلقَ الله وما ذرأَ وما بَرَأَ نفسًا أكرمَ عليه من محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وما سمِعتُ اللهَ أقسمَ بحياةِ أحدٍ غيره".

قال ابنُ كثيرٍ -رحمه الله تعالى-: "وأقسمَ بحياته، وفي هذا تشريفٌ عظيمٌ، ومقامٌ رفيعٌ، وجاهٌ عريضٌ".

أيها المسلمون: وإظهارًا لفضله -صلى الله عليه وسلم- وعظيمِ شرفه، وعلوِّ منزلته ومكانته، وإرادةً لتكريمه ورفعِ ذِكرِه، وتنويهًا بمِنَّة رسالته ونعمَةِ بعثتِه، وتذكيرًا بوجوبِ حُبِّه واتَّباعِه؛ شرعَ الله الصلاةَ على نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، وجعلَها قُربةً جليلةً وعبادةً عظيمةً، قال -جلَّ في عُلاه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

للخلقِ أُرسِلَ رحمةً ورحيمًا

صلُّوا عليه وسلِّموا تسليمًا

أيها المسلمون: وينالُ العبدَ من ثوابِ الله وكرامته، ومغفرته وصلاته بسببِ صلاته على أشرف الخلق -صلى الله عليه وسلم- ما يشاءُ اللهُ أن ينالَه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى الله عليه عشرًا". أخرجه مسلم.

وعن أنسٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه عشرَ صلوات، وحطَّ عنه عشرَ خطيئات، ورُفِعَت له عشرُ درجَاتٍ". أخرجه أحمد، والنسائي، وابن حبان.

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعَة، عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِن مُسلمٍ يُصلِّي عليَّ إلا صلَّت عليه الملائِكةُ ما صلَّى عليَّ، فليُقِلَّ العبدُ من ذلك أو ليُكثِر". أخرجه أحمد، وابن ماجه.

أيها المسلمون: والإكثارُ من الصلاةِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- سببٌ لغُفران الخَطايا وزَوال الهُموم والبَلايا؛ فعن أُبَيِّ بن كعبٍ -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسولَ الله: إني أُكثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟! أي: دُعائي. قال: "ما شئتَ". قلتُ: الرُّبُعَ؟! قال: "ما شئتَ، فإن زِدتَ فهو خيرٌ لك". قلتُ: النَّصفَ؟! قال: "ما شئتَ، فإن زِدتَ فهو خيرٌ لك". قلتُ: فالثُّلُثَيْن؟! قال: "ما شئتَ، فإن زِدتَ فهو خيرٌ لكقال: أجعلُ لك صلاتي كلُّها؟! قال: "إذًا تُكفَى همَّك، ويُغفَرُ لك ذنبُك". أخرجه أحمد، والترمذي.

أيها المسلمون: وجاءت السنةُ بتأكيد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجُمعة؛ فعن أبي أُمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاةُ أمتي تُعرَضُ عليَّ في كل يومِ جُمعة؛ فمن كان أكثرَهم عليَّ صلاةً كان أقربَهم منِّي منزلةً". أخرجه البيهقي. وقال الحافظ ابنُ حجر -رحمه الله تعالى-: "لا بأسَ بإسناده".

وعن أَوسِ بن أَوْسٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أفضلِ أيامِكم يوم الجُمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه قُبِض، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقةُ، فأكثِروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتَكم معروضةٌ عليَّ". قالوا: يا رسولَ الله: وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك وقد أرِمتَ؟! يعني: بلِيتَ. فقالَ: "إن الله -عزَّ وجلَّ- حرَّم على الأرضِ أجسادَ الأنبياء". أخرجه أحمد، وأبو داود.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- سيدُ الأنام، ويوم الجُمعة سيدُ الأيام؛ فللصلاةِ عليه في هذا اليوم مزِيَّةٌ، ومن شُكره وحمده وأداء القليلِ من حقِّه -صلى الله عليه وسلم-: أن نُكثِرَ الصلاةَ عليه في هذا اليوم وليلته". انتهى كلامُه -رحمه الله تعالى- بشيءٍ من التصرُّفِ.

أيها المُسلمون: ويُستحبُّ استِفتاحُ الدعاءِ بحمد الله وتمجيدِه، والثناءِ عليه، ثم الصلاة على رسوله محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وخَتمُه بهما؛ فعن فَضَالَة بن عُبَيْد قال: سمِعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يدعُو في صلاتِه، لم يُمجِّدِ اللهَ، ولم يُصلِّ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عجِلتَ أيها المُصلِّي". وعلَّمَهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.

ثم سمِعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يُصلِّي، فمجَّدَ الله وحمِدَه، وصلَّى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادعُ تُجَب، وسَل تُعطَ". أخرجه الترمذي.

أيها المسلمون: والأذانُ من شعائرِ الإسلام ومعالمِه الظاهِرة، وعلاماته البارِزَة، فكان من تشريف الله لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم- أن شُرِعَت الصلاةُ عليه عقِبَه؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه سمِعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سمِعتُم المُؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنه من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سلُوا اللهَ لي الوسيلةَ، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجُو أن أكون أنا هُو؛ فمن سألَ ليَ الوسيلةَ حلَّت له الشفاعَة". أخرجه مسلم.

أيها المسلمون: وصلاةُ المؤمنين على النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلامُهم عليه معروضةٌ عليه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجعَلوا بُيوتَكم قُبورًا، ولا تجعَلوا قبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتَكم تبلُغُني حيثُ كُنتم".

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن للهِ ملائكةً سيَّاحين في الأرض، يُبلِّغوني من أمتي السلامَ". أخرجه أحمد، والنسائي.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أحدٍ يُسلِّمُ عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ رُوحي حتى أرُدَّ إليه السلامَ". أخرجه أحمدُ، وأبو داود.

ومن الخُرافات التي يعتقِدُها بعضُ العَوامِّ: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يمُدُّ يدَه لمن يُسلِّمُ عليه عند قبره، وأن ذلك قد حصَلَ لبعض الأولياء! وكلُّ هذا باطِلٌ وخُرافةٌ لا أصلَ لها، وكلُّ ما قِيلَ من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مدَّ يدَه لبعض من سلَّم عليه. فغيرُ صحيحٍ؛ بل هو وهمٌ وخيالٌ لا أساسَ له من الصِّحَّةِ.

أيها المسلمون: ومن لوازِمِ محبَّتِه -صلى الله عليه وسلم-: أن تتحرَّك الألسُنُ بالصلاة والسلام عليه كلما ذُكِر، وإن من الجَفَاءِ وقِلَّة الوفاء، ومن التقصير وقِلَّة التوقير: أن يُذكَرَ سيدُ البشَر -صلى الله عليه وسلم-، فتُحجِمَ الألسُنُ عن الصلاة والسلام عليه -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن الحُسين بن عليٍّ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البخيلُ الذي ذُكِرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ". أخرجه أحمد، والترمذي.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رغِمَ أنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ". أخرجه الترمذي.

أيها المسلمون: إن المجالِسَ اللاهية، والاجتماعات السَّاهِية، والنوادي اللاغية نقصٌ على أربابها، وحسرةٌ على أصحابها، وقد جاءَ في القوم يجلِسون ولا يذكُرون اللهَ، ولا يُصلُّون على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما جلَسَ قومٌ مجلِسًا لم يذكُرُوا اللهَ فيه، ولم يُصلُّوا على نبيِّه؛ إلا كان عليهم تِرَةٌ، فإن شاءَ عذَّبَهم وإن شاءَ غفرَ لهم". أخرجه الترمذي.

ومعنى: "تِرَةٌ". أي: حسرةٌ ونَدامةٌ.

وعند ابن حبان: "ما قعَدَ قومٌ مقعدًا لا يذكُرون اللهَ فيه، ولا يُصلُّون على النبي؛ إلا كان عليهم حسرةً يوم القيامة، وإن أُدخِلوا الجنةَ للثوابِ".

فطيِّبوا مجالِسَكم بذكر الله -عزَّ وجل-، والتفقُّه في دينه، وتعلُّم سنةِ نبيِّه محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وسيرته وهديهِ وطريقته، وأخلاقه وشمائِلِه، واقتَدوا به واتَّبِعوه؛ تنالُوا عِزَّ الدنيا وشرفَها، وثوابَ الآخرة ونعيمَها.

واحذَروا مجالِسَ الغناءِ والطَّرَب، والشِّيشةِ والدُّخان والمُخدِّرات والمُسكرات، واحذَروا المقاهِي المليئةَ بالمُنكراتِ والمُوبِقات، وفاحِشِ الأفلام والقَنَوات.

أيها المسلمون: وتُشرعُ الصلاةُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- كتابةً، كلما كُتِبَ اسمُه الشريفُ، ويُكرَّرُ ذلك كلما تكرَّرَ اسمُه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يُسأمُ من تكريرِ ذلك عند تكرُّرِه، وليجتنِبِ المُسلمُ كتابةَ الصلاةِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- منقوصة رامِزًا إليها بحرفٍ أو حرفين، كمن يكتُب: (ص)، أو (صلم)، أو (صلعم)؛ لأن ذلك غيرُ لائقٍ بحقِّه -صلى الله عليه وسلم-.

قال الحافظُ العراقيُّ -رحمه الله تعالى-:

واجتنِبِ الرَّمزَ لها والحَذْفَا

منها صلاةً أو سلامًا تُكفَى

فصلَّى الله وسلَّم على نبيِّ الرحمة صلاةً وسلامًا مُمتدَّيْن دائِمَيْن إلى يوم الدين.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه؛ فقد فاز المُستغفِرون.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رِضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حقَّ تُقاته، وسارِعوا إلى مغفرته ورِضوانه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون) [آل عمران: 102].

أيها المسلمون: الصلاةُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- من سُنن الإسلام وشعائرِ أهله، وللصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- صِفاتٌ كثيرةٌ وصِيَغٌ مُتنوِّعة جاءت على لسانه، وبواسِطة بيانِه -صلى الله عليه وسلم-، فالتزِموا بها كما جاءَت في السنة الصحيحة، واحذَروا الصِّيَغَ المُبتدَعَةَ، والصلوات المُخترَعَة التي لا تخلُو من عقيدةٍ فاسِدة، أو غُلُوٍّ مَقيت، واحذَروا ما يفعلُهُ بعضُ الغُلاة الذين رفَعوا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فوقَ منزلته ورُتبتِه التي أنزلَه الله إياها.

ومن اعتقدَ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يعلمُ الغيبَ مُطلقًا، أو أن وُجودَه سابِقٌ لهذا العالَم، أو أن أولَ ما خلقَ الله كان مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلم-، أو أن الكونَ خُلِقَ من نوره، أو لأجله، أو أنه خُلِق من نور العرشِ؛ فقد اعتقَدَ كذِبًا وباطلاً، ومن دعا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- من دون الله أو نادَاه، أو استغاثَ به بعد موته في قضاء حاجته، أو كشفِ كُربَته؛ فقد أتَى شِركًا، وفعلَ غُلُوًّا.

والغُلُوُّ لا يصدُرُ إلا من جاهلٍ قصُرَ فهمُه عن مقاصِدِ الشريعةِ ومعرفةِ دلائلِ نُصُوصها، وجهِلَ حُدودَها التي يجبُ عليه الوقوفُ عندها، أو من صاحبِ هوى تعدَّى ما شُرِع إلى التشبُّه بأقوامٍ أُشرِبوا حبَّ البِدعةِ والاختراعِ في الدين، وتمسَّكوا بأحاديث موضوعةٍ ومكذوبةٍ وضعَها الزَّنادِقةُ كيدًا للإسلام وأهلِه.

فتمسَّكوا بالسُّنَن المرويَّة الصحيحة، واحذَروا البدعَ المُضِلَّة؛ تسعَدوا سعادةَ الدَّارَيْن.

ثم صلُّوا وسلِّموا على نبيِّ الرحمة، وبشير السَّطوةِ والعذاب، الشافعِ المُشفَّعِ يوم الحِسابِ.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائه الأربعة، أصحاب السُّنَّة المُتَّبعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودِك وإحسانك يا أرحم الراحمين.