المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
العربية
المؤلف | صلاح بن محمد البدير |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
فتُوبوا قبل كُربة الحشرَجة، وغمِّ الغرغَرة، وموتِ الفجأة .. واستدرِكوا قبل الفوات والممات، (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى? أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي لا يُحيطُ العادُّ لنعمه بطرَف، القائل في حقِّ من انتهَى عن جُرمه وتابَ مما اقترَف: (إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) [الأنفال: 38]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارَ من لاحَ له الهُدى فعرَف، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه مُنتهَى الفضل والخير والكرم والشرَف، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبِه ومن قفَى أثرَهم ومن بحار علومهم اغترَف.
أما بعد، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه تجلِبُ المسرَّة، وتدفعُ المضرَّة، وترفعُ المعرَّة.
عليك بتقوى الله في كل لحظةٍ | تجِد غِبَّها يوم الحسابِ المُطوَّلِ |
ألا إن تقوَى الله خيرُ مغبَّةٍ | وأفضلُ زادِ الظاعِنِ المُتحمِّلِ |
ولا خيرَ في طولِ الحياة وعرضِها | إذا أنت منها بالتُّقَى لم ترحَّلِ |
أيها المسلمون: المنايا للخلق راصِدة، والحوادث لهم حاصِدة، والغِيَر نحوهم قاصدة .. فيا من يرى العِبَر بعينيه .. ويسمعُ المواعِظَ بأُذنَيه .. والنذيرُ قد وصلَ إليه .. وكلِماتُه تُلقَى عليه:
أقبِل على مولاكَ مُنكسِرًا .. ولُذ ببابِ جُودِه مُعتذِرًا .. وارفَع يديكَ مُفتقِرًا .. وقُل مُبتهِلاً وسائلاً:
إلهِي عبدُك العاصِي أتاكَ | مُقرًّا بالذنوبِ وقد دعاكَ |
فإن تغفِر فأنت لِذاكَ أهلٌ | وإن تطرُد فمن يرحَم سِواكَ |
يا حاملاً من الذنوبِ أثقالاً .. يا مُرسِلاً عنانَ لهوِه في ميدان زهوِه أرسالاً .. يا من أصمَّه الهوى وأعماه .. وأسقمَه وأشقاه .. وأبعدَه وأقصاه.
يا من يُبارِزُ مولاه بما يكرَه .. يا من يُخالِفُه في أمرِه آمنًا مكرَه: تُبْ من خطاياك، واعتذِر إلى مولاك.
تُب من خطايا وابكِ خشيةً | ما أُثبِتَ منها عليك في الكُتُبِ |
أيَّةُ حالٍ تكونُ حالُ فتًى | صارَ إلى ربِّه ولم يتُبِ |
عن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يبسُطُ يدَه بالليل ليتوب مُسِيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنهار ليتوبَ مُسيءُ الليل، حتى تطلُع الشمسُ من مغربها» (أخرجه مسلم).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تابَ قبل أن تطلُع الشمسُ من مغربها تابَ الله عليه» (أخرجه مسلم).
وعن عبد الله بن عُمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله - عز وجل - يقبلُ توبةَ العبد ما لم يُغرغِر» (أخرجه الترمذي).
فتُوبوا قبل كُربة الحشرَجة، وغمِّ الغرغَرة، وموتِ الفجأة .. واستدرِكوا قبل الفوات والممات، (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
اللهم أيقِظنا من الغفَلات، وارزُقنا التوبةَ النصوحَ قبل الممات، يا سميعُ يا قريبُ يا مُجيبُ الدعوات.
الخطبة الثانية
الحمد لله آوَى من إلى لُطفِه أوَى، وداوَى بإنعامِه من يئِسَ من أسقامِه الدوا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً ننجُو به من الغفلة والغوَى، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ الذي لا ينطقُ عن الهوَى، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وأطيعوه، وراقِبُوه ولا تعصُوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها المسلمون: من مقالات الماضِين الأولين من أئمة الهُدى والدين: "لا تُؤخِّر التوبة؛ فإن الموتَ يأتي بغتة".
وقيل: "الداءُ الذنوب .. والدواءُ الاستغفار .. والشفاءُ أن تتوبَ ثم لا تعود".
وقيل: "من أرادَ التوبةَ فليخرُج من المظالِم".
وقيل: "علامةُ التوبة: البُكاء على ما سلَف .. والخوفُ من الوقوع في الذنبِ .. وهُجران إخوان السُّوء .. ومُلازمةُ الأخيار".
اللهم اجعلنا ممن تابَ وأنابَ واستجاب، اللهم اجعلنا ممن تابَ وأنابَ واستجاب، يا رحيمُ يا غفورُ يا تواب.
وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن آلِه وصحابتِه أجمعين، والتابعين لهم بإحسانٍ، وعنَّا معهم يا منَّان.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصِيته للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهد ووليَّ وليِّ عهده لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين يا رب العالمين.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وعافِ مُبتلانا، وعافِ مُبتلانا، وارحم موتانا، وفُكَّ أسرانا، وانصُرنا على من عادانا.
اللهم كُن للمُستضعَفين من المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، وانصُر عبادكَ المُوحِّدين يا رب العالمين.
اللهم اجعل دعاءَنا مسموعًا، ونداءَنا مرفوعًا يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.