البحث

عبارات مقترحة:

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

الاستعداد للموت

العربية

المؤلف صلاح بن محمد البدير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. لكل امرئ أجل محتوم .
  2. ضرورة تذكر الموت .
  3. الحث على التوبة من الذنوب والمعاصي .
  4. التحذير من ضياع العمر في الغفلة والإعراض .

اقتباس

فتذكَّروا الموتَ تذكُّرًا يحمِلُكم على أداء الفرائض وفعل الطاعات، وترك المعاصِي والمناهِي والمُحرَّمات والمُنكرات، وأقلِعوا عن الذنوب والأوزار، وحاذِروا السقوطَ في ورطة الإصرار.

الخطبة الأولى:

الحمد لله...

الحمـد لله الكريم المُفضِلِ

المُسبِغ المُولِي العطاءَ المُجزِلِ

تعالى الواحدُ الصمدُ الجليلُ

وحاشا أن يكون له عديلُ

هو الملكُ العزيزُ وكل شيءٍ

سِواهُ فهـو مُنتقصٌ ذليلُ

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رافعُ السما، واسعُ العطا، دائمُ البقا، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً تبقَى وسلامًا يَتْرَى.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فالتقوى فوزٌ وعزٌّ ونجاة، والمعصيةُ شرٌّ وشُؤمٌ ومهواة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

أيها المسلمون: الآجالُ قاضية، والآمال فانية.

ولا بُدَّ من موتٍ ولا بُدَّ من بِلَى

ولا بُدَّ من بعثٍ ولا بُدَّ من حشرِ

وإنـا لنبلَى سـاعةً بعد ساعةٍ

على قـدَرٍ لله مختلِـفٍ يجـرِي

ونأملُ أن نبقَى طـويلاً كأننا

على ثقـةٍ بالأمـن من غِيَرِ الدهر

ولكلٍّ أجلٌ محتوم، وأمدٌ مقسوم لا محيدَ عنه، ولا مفرَّ منه: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف: 34].

العيشُ منقطعٌ، والعُمر مُنتقصٌ

والعبدُ مُختلَسٌ، والموتُ في الأثر

نموتُ جميعًا كلُّنا غيرَ ما شكِّ

ولا أحدٌ يبقَى سِوى مالِكِ المُلكِ

(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص: 88]، (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن: 26، 27].

كـان النبيُّ ولم يخـلُد لأمَّته

لو خلـَّد اللهُ خلقًا قبلَه خلَدَا

للموت فينا سِهامٌ غيرُ خاطِئةٍ

من فاتَه اليوم سهمٌ لم يفُتْه غدًا

(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 34، 35].

اليوم تفعلُ ما تشاءُ وتشتهِي

وغدًا تموتُ وتُرفعُ الأقلامُ

"ولن تزولا قدمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن خمسٍ: عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبَه وفيم أنفقَه، وماذا عمِلَ فيما علِم".

فتذكَّروا الموتَ تذكُّرًا يحمِلُكم على أداء الفرائض وفعل الطاعات، وترك المعاصِي والمناهِي والمُحرَّمات والمُنكرات، وأقلِعوا عن الذنوب والأوزار، وحاذِروا السقوطَ في ورطة الإصرار.

ويفسُقُ المُذنبُ بالكبيرة

كـذا إذا أصـرَّ بالصغيرة

لا يخرُجُ المرءُ من الإيمانِ

بمُوبِقات الذنبِ والعِصيانِ

وواجبٌ عليه أن يتـوبَا

من كل ما جرَّ عليه ثُوبًا

(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، "إن الله يبسُطُ يدَه بالليل ليتوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنهار ليتوبَ مُسيءُ الليل، حتى تطلُع الشمسُ من مغربها"، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنبَ له.

أستغفرُ الله من ذنبِي ومـن سرَفِي

إني وإن كنتُ مستورًا لخطَّاءُ

لم تقتحِم بي دواعِي النفس معصيةً

إلا وبيني وبين النور ظَلمـاءُ

ولقد عجبـتُ لغفـلَتي ولغِـرَّتي

والموتُ يدعُوني غدًا فأُجيبُ

ولقد عجِبتُ لطـول أمـنِ منِيَّتي

ولـها إليَّ توثُّبٌ ودبيـبُ

عصيتُ اللهَ أيامـي وليـلِي

وفي العِصيان قد أسبلتُ ذَيلي

فويْلِي إن حُرِمتُ جِنانَ عدنٍ

وويلِي إن دخلـتُ النارَ ويْلِي

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

اللهم باعِد بيننا وبين معاصِيك، وأرشِدنا إلى السعيِ فيما يُرضِيك، وأجِرنا يا مولانا من خزيِك وعذابِك، وهَبْ لنا ما وهبتَه لأوليائِك وأحبابِك، وخفِّف عنا -يا مولانا- ثُقلَ الخطايا والأوزار، وارزُقنا عيشةَ الأطهار الأبرار، واغفِر لنا برحمتك يا كريمُ يا رحيم يا غفَّار.

الخطبة الثانية:

الحمد لله آوَى من إلى لُطفه أوَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له داوَى بإنعامه من يئِسَ من أسقامِه الدوا، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً وسلامًا دائمَين مُمتدَّين إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حقَّ تُقاته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

أيها المسلمون: إنكم في دارٍ قليلٍ بقاؤُها، وشيكٍ فناؤُها، سريعٍ انقضاؤُها، فحاذِروا ضياعَ العُمر بين العجز والكسَل، وتصرُّم الساعات بين الرَّكضة والغفلة واللهو والإعراض.

يا غافلاً يتمادَى، غدًا عليه يُنادَى:

إلى كم ذا التراخِي والتمادِي

وحادِي الموتِ بالأرواح حادِي

فلـو كُنَّا جـمادًا لاتَّعظنا

ولكِـنَّا أشـدُّ مـن الجمـادِ

ولا خيرَ في الدنيا لمن لم يكن له

من الله في دار المُقامِ نصيبُ

فإن تُعجِبِ الدنيـا رجالاً فإنها

متـاعٌ قليلٌ والزوالُ قريبُ

(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران: 185]، (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) [التوبة: 38]، (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا) [النساء: 77]، (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 64].

عباد الله: إن ثمرةَ الاستماع الاتِّباع، فكونوا من الذين يستمِعون القولَ فيتَّبِعون أحسنَه.

وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبعة، وعن سائر الآل والصحبِ الكرام، وعنا معهم بمنِّك وكرمِك يا عزيزُ يا غفَّار.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل بلاد المسلمين آمنةً مُطمئنَّةً يا رب العالمين.

اللهم ادفع عن بلاد المسلمين الشُّرور والفتن والحُروب يا أرحم الراحمين، اللهم عجِّل بالفرَج والنصر والتمكين لإخواننا المُستضعَفين في الشام، اللهم انصُرهم على أعداء المِلَّة والسنَّة، ودُعاة الخُرافة والشرك والتنديد يا رب العالمين.

اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها وعزَّها واستقرارَها.