المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | شعيب العلمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
في ظلّ الواقع المرير الذي تشهد به أعين الناظرين، وتعترف به ألسنة القائمين على المدارس نفسها من والمدراء المعلمين، وغيرهم من المسؤولين: أن المدرسة في الوقت الراهن قد بعدت بعدا سحيقا عن التربية، وهذا أمر لا يُحتاج معه إلى تعليل، كما لا يَحتاج النهار إلى دليل. أيها الآباء: لا تظنوا أن واجب رعاية الأبناء في موسم الدراسة ينتهي بشراء الكراريس والأقلام و...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم: (عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)[الرحمن: 2-3].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والإحسان، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله بالهدى ودين الحق ليمحو الباطل بالحجة والبرهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.
عباد الله: وتدور الأيام دورتها، وتعود الحياة إلى عادتها، ليَغدُو بعد غدٍ إِلى المَدَارِسِ آلافٌ مِنَ الطُّلاَّبِ وَالطَّالِبَاتِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ، يَحدُو كُلاًّ مِنهُم إِلى النَّجَاحِ أَمَلٌ كَبِيرٌ، وَيَدفَعُهُم إِلَيهِ شَوقٌ عَظِيمٌ ها هم يعودون، والعَوْدُ أحمَدُ، لنستقبل مع عودهم عامًا دراسيًا جديدًا، -نسأل الله بمَنِّهِ وكرمه أن يجعله عام خير وبركة وسؤدد-.
ولنا مع عودةِ الطّلابِ عودةٌ، ومع بدايةِ العامِ الدّراسيِ وقفةٌ، بل وقفات:
عباد الله: اسمحوا لي أن يكون أوّل ما نبتدئ به وقفاتنا: تعزية، لكن لمن؟ لمن فقد قريبا؟ لا، لمن أضاع مالا؟ لا، تعزيتنا نقدّمها اليوم لكل من ضاعت منه الإجازة الصيفية أن يغنم فيها شيئا من الأعمال الدنيوية النافعة، أو الأعمال الأخروية الصالحة، بل اغتال فيها إيمانه، وهلك إحسانه، وخان الله ورسوله، سافر خارج البلاد، لمعصية رب العباد، أرخى العنان لجوارحه، وأطلق في الحرام الزمام لهواه، فهذا الصنف معاقب على سوء نيته، ومحاسب على خبث طويته، قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون: 115].
وحق علينا بعد التعزية تهنئنة نهنئ بها من حسن فيها إيمانه، وزاد فيها تقواه، فقضى وقته أوجلّه في التفقه في الدين وحفظ القرآن، أو في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الأرحام، أو في ترفيه وترويح عن النفس بريء، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، أو المباحة، فهذا الصنف من الناس مثاب على خير أفعاله، ومأجور على حسن أعماله.
عباد الله: ومع صبيحة أول يوم من أيام الدراسة تزدحم الشوارع بالسيارات، وتكتظ السبل بالمشاة، من جميع أصناف العباد والفئات: آباء وأبناء، رجال ونساء، طلبة وطالبات، وهنا يطرح السؤال نفسه بنفسه: كيف ومن أجل ماذا استيقظ هؤلاء؟ وقد كانوا قبل أيام في هذا الوقت نياما؟
الجواب واضح: لقد استيقظوا من أجل الدراسة، وهذا في حدّ ذاته أمر حسن لا إشكال فيه، ولكن أين هذه الجموع من الشباب والرجال عن حضور الصّلوات، وأين هم من المحافظة على الجمع والجماعات؟ أصارت الدراسة عند من هذا حاله أعظم من الصلاة، أم صارت المدارس أعظم من بيوت الله، أم صار مستقبل الأولاد الدنيوي أعظم من المستقبل الأهم والأبعد والأدوم: المستقبل الأخروي؟
إن الأمر -أيها الأحبة- يحتاج منّا إلى تفكر وتأمل، فإن الله يمهل ولا يهمل، لماذا لا نحرص على ديننا ودين أبنائنا كما نحرص على دنيانا ودراسة أبنائنا؟ ولماذا يتغير وجه الأب غضبا إذا جاءه الخبر أن أحد أولاده قد رسب أو أخفق في دراسته، ولا يتمعّر وجهه، بل ولا يهمّه أن يرى أبناءه يشاهدون فلماً خليعاً، أو مسلسلاً ماجناً، أو يشاهدون مباراة لكرة القدم، فيؤذن المؤذن للصلاة فيصلي المسلمون ويعودون، بل ربما خرج الوالد بنفسه وصلى مع الناس، وأولاده كالأصنام لم يتحركوا؟
عباد الله: سيأتي الشتاء، ويتقدم موعد الدخول المدرسي ويكون بكورا، ولكن هذا سوف لن يمنع حرص الآباء والأمهات على إيقاظ أبنائهم وبناتهم مبكرين؛ لأداء صلاة الفجر في وقتها؟ كلا وألف كلا -إلّا ممن رحم الله- ولكن؛ لئلا يتخلفوا عن مقاعد الدراسة، فهلا عقل الآباء والأمهات خطورة هذا الأمـر؟، قد قال نبيكم -صلى الله عليه وسلم-: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر".
وقال أيضا: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فيدركه فيكبّه في نار جهنّم"[أخرجه مسلم].
فاستيقنوا -يا رعاكم الله- هذا الفضل العظيم لمن أدى صلاة الصبح جماعة واستقيموا عليه، فبصلاة الصبح جماعة يوفق الآباء والأبناء والبنات، ويكونون في كنف ربهم -تعالى- وفي حفظه ورعايته وعنايته، فاهتموا بهذه الشعيرة العظيمة، وربوا أبناءكم عليها فلا خير في تربية لا تقوم على تعظيم الصّلاة في قلوب الأبناء.
أيها الآباء: لا تظنوا أن واجب التربية يقتصر على تسجيلهم في المدارس فحسب، بل إنّ لكم في التربية النصيب الأكبر، وفي تعليمهم ومتابعتهم الحظ الأوفر، فالوالد هو المخاطب بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
قال علي -رضي الله عنه- عن هذه الآية: (قُوا أَنْفُسَكُمْ) أي: "علموهم وأدبوهم"[رواه الحاكم وصححه].
وقال السعدي -رحمه الله-: "ووقاية الأنفس بإلزامها أمرَ الله، والقيام بأمره امتثالاً، ونهيه اجتنابًا، والتوبة عما يسخط الله ويوجب العذاب، ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيمن يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه" ا. هـ.
والوالد هو المخاطب بقوله -تعالى-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)[طـه: 132].
والوالد هو المخاطب بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر".
نقول هذا -أيّها الكرام-: في ظلّ الواقع المرير الذي تشهد به أعين الناظرين، وتعترف به ألسنة القائمين على المدارس نفسها من والمدراء المعلمين، وغيرهم من المسؤولين: أن المدرسة في الوقت الراهن قد بعدت بعدا سحيقا عن التربية، وهذا أمر لا يُحتاج معه إلى تعليل، كما لا يَحتاج النهار إلى دليل.
أيها الآباء: لا تظنوا أن واجب رعاية الأبناء في موسم الدراسة ينتهي بشراء الكراريس والأقلام وبقية مستلزمات الدراسة من الملابس والمآزر وتسديد حقوق التسجيل.
نعم جميلٌ منك -أيها الأب المبارك-: أن تنفق على عيالك، بل هذا واجب تؤجر عليه متى احتسبت ذلك عند الله، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينارٌ ينفقه على عياله" ولكن كما قلنا قبل ونردد من بعد، ونزيد ترديدا:
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته | أتعبت جسمك فيما فيه خسران |
أقبل على الروح فاستكمل فضائلها | فأنت بالروح لا بالجسم إنسان |
والله -جل وعلا- يقول: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة: 197].
وحينما نذكر المستلزمات والأدوات المدرسية يحسن بنا أن ننبه آباءنا الكرام على مسائل:
الأولى: أن يحذر الآباء عند شراء مستلزمات المدارس؛ من طرفي الإفراط والتفريط، وكونوا من الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [الفرقان: 67].
فلا تسرف في الشراء، فإن الله لا يحب المسرفين، والله جعل المبذرين إخوانا للشياطين.
ولا تبخل على أبناءك، فقد جاء في الحديث الصحيح: "أن كل نفقة تنفقها تبتغي بها وجه الله يكتب الله لك بها حسنة".
المسألة الثانية: احذر -أيها الأب الكريم- من شراء الأدوات التي تشتمل على بعض المحرمات؛ كصور لذوات الأرواح: فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة"[متفق عليه من حديث أبي طلحة].
فهل ترضى أن تحرم من دخول الملائكة إلى بيتك؟!
وبعض هذه الصور تحمل صورا لأهل الشرك أحيانا، وإذا بابن الإسلام يحمل فوق حقيبته أو دفتره صورة لمشرك، أو عقيدة من عقائدهم.
نعم الأمر صعب التحرز، لكن نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) [الطلاق: 2].
المسألة الثالثة: أيها الأب المبارك: تذكر وأنت تشتري لأبناءك مستلزمات الدراسة، أن هناك طلاباً وطالبات قد دخلوا مع الفقر معتركا، ودارت بهم رحى الفاقة، وجذبتهم عاصفة الحاجة، فكونوا خير معين لهم، واعلموا أنه قد ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا".
الخطبة الثانية:
أيها الآباء: اعلموا -وفقني الله وإياكم- أن من أعظم واجبتكم: حماية أولادكم من المفاسد الموجودة في المدرسة، وعلى رأس تلك المفاسد: الاختلاط بين الجنسين، فلابد من تحذير الأولاد ذكورا وإناثا من تكوين العلاقات المحرمة بينهم، قد قال نبيكم -صلى الله عليه وسلم-: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ" [متفق عليه].
ممن واجبكم مراقبتهم ومتابعتهم في هذا الشأن قدر المستطاع، وخاصة البنات: مراقبتهن في أخلاقهن، وفي مخالطتهن وفي لباسهن، وإياكم ثم إياكم أن ترخوا لهن عنان التبرج والسفور، والخروج متعطرات متطيبات، فشر نسائكم المتبرجات، ومن خرجت متعطرة ليجد الناس ريحها فهي زانية، قاله نبيكم -صلى الله عليه وسلم-.
من واجبكم -أيها الآباء-: أن تتفقدوا أولادكم، وأن تراقبوا سيرهم، ونهجهم العلمي والعملي، وأن لا تتركوهم هملاً، لا تبحثون عنهم، ولا تسألونهم عن طريقهم وأصحابهم، ومن يعاشرونهم ويصادقونهم.
من واجبكم -أيها الآباء-: توجيه أولادكم إلى الرفقة الصالحة: "فالطبع سراق" و"المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
وعَنْ أَبِي مُوسَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً"[رواه البخاري ومسلم].
ومن واجبكم -أيها الآباء-: تحذير أولادهم ذكورا وإناثا من تضييع الصلاة بحجة الدراسة، فالصلاة أهم وأعظم: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)[النساء: 103].
ومن واجب الجميع -أيها المباركون-: محاربة ظاهرة الشباب المتسكعين عند أبواب المدارس، الشباب البطالين المشكوك في رجولتهم، وهذه الظاهرة تدل غياب الرقابة، وعلى ضعف الدين والخلق، وعلى الفراغ الذي يعيشه هؤلاء الشباب.
فيجب علينا جميعاً التعاون في إزالتها بنصح هؤلاء الجهلة، وبحفظ بناتنا من التبرج، وتحذيرهن باستمرار من هؤلاء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[التوبة: 71].
وختاما -أيها المسلمون-: إنه ليس من نافلة القول أن نذكر الجميع بالإخلاص لله في عمل من أعظم الأعمال، وأشرفها ألا وهو طلب العلم، وأن ننوي بهذا العلم نفع الإسلام والمسلمين، وليراجع كلّ واحد منّا نيّته ومقصده في طلب هذا العلم.
واعلموا أن ما جاء في القرآن والسنة من النصوص في فضل العلم من مثل قول الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[المجادلة: 11].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة".
وغيرها من النصوص كثير، إنما هي في العلم بالله وبرسوله وبدينه، فإنه العلم الذي يمدح بإطلاق، وليست في علوم الدنيا التي إن خلت عن مراقبة شرع الله -تعالى- كانت مذمومة بإطلاق، قال الله -تعالى- عن أهلها: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)[الروم: 7].
وإنما تكون علوم الدنيا من رياضياتٍ وفيزياءَ، وغيرها، نافعة في الآخرة، بل وتكون عبادة لمن خلصت نيته، وأراد الخير لأمته ولأهله، وقد كان سلفنا يحتسبون الأجر في النوم والطعام، فكيف لا نحتسب الأجر في هذه العلوم مع كثرة ما ننفق فيها من أوقات وأموال، ومع كثرة ما فيها من منافع وفوائد، فمن كانت نيته إعزاز أمة الإسلام، وإعداد القوة لمواجهة فراعنة العصر، فهذا إن شاء الله من المحسنين، مأجور على نيته وعمله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو سمعة يكسبها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
ولا تكن -أيها الأب ولا أنت أيتها الأم- من يفسد نيات الأبناء، بأن تغرسوا فيهم التعلم لأجل المنصب والمال.
فالعلوم العصرية، إذا لم تُبْن على الدين شرها طويل، وإذا بنيت على الدين، أينعت بكل عرف: ثمرا جميلا، وعملا جليلا.
وليحذر الآباء أن يجعلوا من موسم الدخول المدرسي موعدا الانقطاع عن المسجد، وعن الدراسة المسجدية، فإن ذلك من أعظم الأغلاط، ومظاهر الجناية على الأولاد، وعلى مستقبلهم في الدنيا والآخرة، فإن من أعظم مظاهر التربية الصالحة، ومن أسباب التفوق الدراسي؛ ربط الأبناء بالقرآن الكريم، حفظًا وتلاوة وتدبرًا، عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأه وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران"[رواه البخاري ومسلم].