البحث

عبارات مقترحة:

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

احتساب النبي صلى الله عليه وسلم (3) غضبه إذا انتهكت الحرمات

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. أهمية الحسبة في قيام الدين .
  2. صور من غضب النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهكت حرمات الله .
  3. محاربة العلمانيين لأهل الحسبة .
  4. الدفاع عن أهل الحسبة .
  5. وصية للآباء بالانتباه إلى أبنائهم في أيام الاختبارات .
اهداف الخطبة
  1. تحبيب الحسبة في قلوب الناس
  2. تنبيه الناس إلى زيف أسباب المفسدين في محاربتهم للحسبة
  3. تحذير الآباء من الغفلة عن أبنائهم في أيام الاختبارات

اقتباس

لقد عظَّم كثير من الناس بعضَ الخلق أكثر من تعظيمهم لله تعالى، وعَظُمت الدنيا في قلوبهم فأزاحت الآخرة؛ يرون حرمات الله تعالى تنتهك فلا تتحرك قلوبهم، ولا تتمعر وجوههم، ولا يغضبون لله تعالى، وكأن الأمر لا يعنيهم، فإذا بُخِس شيء من دنياهم فلا تسألوا عن شدة غضبهم، وتحرك قلوبهم، واضطراب أحوالهم؛ فتتحرك قلوبهم بالنقد والإنكار، وتقوى ألسنتهم على الكلام، وينطلق مدادهم بالكتابة وفري الأعراض

الحمد لله؛ وفق من شاء من عباده للبر والتقوى، وصرفهم عن الإثم والهوى، فكانوا دعاة خير وصلاح وهدى، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم؛ فهو الجواد الكريم، البر الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ( أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ) [الأعراف:54] وأشهد أن محمدا عبده رسوله بعثه الله تعالى ليخرج الناس من عبودية أهوائهم إلى عبوديته عز وجل؛ فكان في دينه أمر ونهي، وحلال وحرام، وثواب وعقاب في الدنيا والآخرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أتقى هذه الأمة لربهم، وأعلمهم بدينهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستمسكوا بدينكم، وأصلحوا أعمالكم؛ فإنكم مسئولون عن ذلك يوم القيامة ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) [الزُّخرف:44].

أيها الناس: تحصيل الأمن والخيرات، ودرء الفتن والمحن والعقوبات لا يكون إلا بالاستقامة على أمر الله تعالى، وإقامة دينه، وتحكيم شريعته، وقمع الفساد والمفسدين، والأخذ على أيدي السفهاء والجهلة والمغرورين ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [الأعراف:96].

ولا يتحقق الإيمان في الناس والتقوى إلا بأمر ونهي، والأمر والنهي يؤخذان من الكتاب والسنة.

ولا شيء في دين الله تعالى يسمى حرية بلا قيود، أو عدم تدخل في الخصوصيات، أو ترك الناس وما يهوون، وإنما ذلك من دين المشركين الذين قالوا لنبيهم ( يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ) [هود:87].

ومن نظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله وأحواله وجد أنه بعد البعثة قد كرَّس حياته، وصرف أوقاته في الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتربية الناس على العبودية لله تعالى، وتغيير ما ألفوه من أمر الجاهلية.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُؤذى فلا يَغضب، ويُنتقص فلا ينتقم، ويُشتم فلا يرد، ويُساء إليه فيدفع الإساءة بالإحسان، وما انتصر لنفسه أبدا، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب غضبا شديدا إذا انتهكت لله تعالى حرمة، أو عطلت له فريضة؛ فيتغير لونه، ويتمعَّرُ وجهه، ويعلو صوته؛ محذرا منذرا، آمرا ناهيا، قالت عائشة رضي الله عنها:"ما انْتَقَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَطُّ إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ بها لله". رواه الشيخان.

وفي رواية قالت رضي الله عنها:" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظُلمها قطُّ ما لم يُنتهك من محارم الله شيء فإذا انتُهك من محارم الله شيء كان أشدَّهم في ذلك غضبا".

فهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم تحكيه أقرب الناس إليه، وأعلمهم به، فإذا نظرنا إلى سيرته عليه الصلاة والسلام وجدناها لا تعدو وصف عائشة رضي الله عنها؛ فقد أوذي صلى الله عليه وسلم أشد الأذى وما انتقم ممن آذوه وهو قادر عليهم، بل يردُّ إساءتهم بالإحسان، ومن ذلك ما روى أَنَس رضي الله عنه قال: "كنت أَمْشِي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حتى نَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَثَّرَتْ بها حَاشِيَةُ الْبُرْدِ من شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قال: يا محمد مُرْ لي من مَالِ الله الذي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ له بِعَطَاءٍ" . رواه الشيخان.

وأما غضبه إذا انتُهكت محارم الله تعالى فشيء عجيب، تكرر في حياته كثيرا، وحكى الصحابةُ رضي الله عنهم من غضبه وتغيِّر حاله، وشدةِ نكيره أخبارا كثيرة جدا؛ فمن ذلك ما ذكروه من تغير لونه، وتمعر وجهه صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهم في ذلك: فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفي حديث آخر: فتمعر وجهه تمعرا ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، وفي ثالث: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رابع: فعرفت في وجهه الكراهية، وفي خامس: فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتارة أخرى يحكي الصحابي غضب النبي صلى الله عليه وسلم، ويصف شدته؛ ومما جاء في ذلك: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث آخر: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته غضب في موضع كان أشدَّ غضبا منه يومئذ،، وفي ثالث: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُرف الغضب في وجهه، وفي رابع: فغضب حتى احمرت وجنتاه، أو قال: احمر وجهه.

وربما يجثو الصحابي على ركبتيه لما يرى من غضب النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن لا يرضى أبدا، أو أن يُعاجلوا بعقوبة بسبب غضبه، فيستغفر ويتوب ويعتذر مما فعل؛ ومن ذلك أن مخاصمة وقعت بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فأتى عمرُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم. قال أبو الدرداء رضي الله عنه: فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعَّر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه.
ومع أن الموقف كان في صالح أبي بكر رضي الله عنه إلا أنه خاف من غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وخشي أن لا يرضى عن عمر.

وفي بعض الحالات يبكى الصحابة رضي الله عنهم لما يرون من شدة غضب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومن ذلك ما جاء في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: سَأَلُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فقال: " لا تسألونني الْيَوْمَ عن شَيْءٍ إلا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ " فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالا فإذا كُلُّ رَجُلٍ لافٌّ رَأْسَهُ في ثَوْبِهِ يَبْكِي، وفي رواية: فَأَكْثَرَ الناس الْبُكَاءَ وَأَكْثَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ سَلُونِي .... ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ على رُكْبَتَيْهِ فقال: رَضِينَا بِالله رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولا، قال: فَسَكَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عُمَرُ ذلك، وفي رواية قال أنس رضي الله عنه: فما أتى على أَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ منه قال: غَطَّوْا رؤوسهم وَلَهُمْ خَنِينٌ.

هكذا كان غضب النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهكت حرمات الله تعالى، أو عُطلت فرائضه، أو تعدى الناس حدوده؛ فأين اقتداؤنا بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ وما حالنا مع المنكرات والموبقات التي يعلن بها أهل الشر والفسق والفساد، ويؤصِّل لها أهل الزندقة والردة والإلحاد؟.

هل تحركت القلوب لأجل ذلك؟ وهل نطقت الألسن منكرة لها، واعظة أصحابها؟ وهل كتبت الأقلام شيئاً في نقدها، وتخويف الناس منها؟ وهل وجلت النفوس من عقوبات الله تعالى أن تتنزل على العباد بسبب سكوتهم وخنوعهم؟ وما حال الناس لو انتقص شيء من دنياهم؟.

لقد عظَّم كثير من الناس بعضَ الخلق أكثر من تعظيمهم لله تعالى، وعَظُمت الدنيا في قلوبهم فأزاحت الآخرة؛ يرون حرمات الله تعالى تنتهك فلا تتحرك قلوبهم، ولا تتمعر وجوههم، ولا يغضبون لله تعالى، وكأن الأمر لا يعنيهم، فإذا بُخِس شيء من دنياهم فلا تسألوا عن شدة غضبهم، وتحرك قلوبهم، واضطراب أحوالهم؛ فتتحرك قلوبهم بالنقد والإنكار، وتقوى ألسنتهم على الكلام، وينطلق مدادهم بالكتابة وفري الأعراض.

ومن أدلة ذلك ما وقع من خسائر الأسهم وغلاء الأسعار التي اجترأ الناس على الحديث والنقد اللاذع فيها، في مقابل ما سكتوا عنه من مشاريع الفساد وقرارات الإفساد التي لا تمس دنياهم، ولا سيما ما يتعلق بالمرأة والإعلام؛ فأين الغضب لله تعالى؟ وأين الغيرة على حرماته أن تنتهك؟.

نسأل الله تعالى أن يعفو عنا، وأن لا يعذبنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا؛ إنه سميع قريب.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [آل عمران:104-105].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [الحديد:28].

أيها المسلمون: لقد انبرى المنافقون والمنحرفون في عصرنا لبتر هذه الأمة عن عامل حفظها، وقطعها عن سبب خيريتها وهو الاحتساب على الناس بأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وشنَّوا على هذه الشعيرة العظيمة حربا لا هوادة فيها، مدَّعين أنها سببٌ لتقييد الناس، والحدِّ من حرياتهم، والتدخل في خصوصياتهم، داعين الناس إلى أن يكونوا أحرارا، يفعلون ما يريدون، لا يؤمرون ولا يُنهون!!

وتالله إن هذا لهو دين المشركين الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لمحاربته وتغييره، وإخراج الناس منه إلى العبودية لله تعالى، والاستسلام لأمره، وقد رأينا كيف كان غضب النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهكت محارم الله تعالى، وكيف كان يحتسب على أصحابه.

بل كان الناس يضربون في السوق على المعاملات المحرمة؛ كما روى ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ في مَكَانِهِمْ حتى يؤوه إلى رِحَالِهِمْ. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " ويستفاد منه جواز تأديب من خالف الأمر الشرعي فتعاطى العقود الفاسدة بالضرب ومشروعية إقامة المحتسب في الأسواق ".

إن أعظم سياج يحفظ الأمة من الانحراف والجهل إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولذا فإن أهل النفاق والانحراف يحاربونه وأهله حربا ضروسا مستخدمين فيها ما يشرع وما لا يشرع؛ ليحرفوا جمهور الناس عن دينهم.

ولأنهم ذرائعيون نفعيون، لا يؤمنون بأي قيمة أخلاقية إلا إذا كان فيها مصلحة آنية؛ فإنهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة، وأن أهدافهم يجب تحقيقها ولو أُخفيت الحقائق، ودُلِّس على الناس، واتُهم الأبرياء، وزُكِّي المجرمون، فارضين وصايتهم على عقول الناس؛ فيختلقون الأكاذيب، وينشرون الشائعات، ويضخمون الأخطاء على أهل الاحتساب.

وفي الأيام الماضية قدَّمت مراكز البحوث في بعض الجامعات -وهي جهاتٌ محايدة- بحوثا ميدانية، ودراسات مسحية متخصصة عن جهاز الحسبة، قارنت فيها منجزات الهيئة في القضاء على الجرائم والمخدرات وحفظ الأمن مع أخطاء بعض منسوبيها فكانت النتائج مذهلة جدا، وكانت الأخطاء قليلةً مضمحلةً في بحرٍ من الإنجازات المشكورة، وكانت الدعاوى الصُحفية الإعلاميةُ ضد الهيئة بين مختلَق لا أصل له، وبين أخطاء قليلة نفخوا فيها حتى صارت أمثال الجبال؛ بقصد حشد الرأي العام ضد هذا الجهاز المبارك.

وقد تمالأ الإعلام الفاسد المفسد المضلل بصحفه وقنواته، ورؤوسه وأذنابه على إخفاء نتائج هذه الدراسات مع أهميتها وحياديتها، وحاجة الناس إلى معرفتها؛ لأنها لا توافق أهواءهم الفاسدة، وآراءهم الكاسدة، وتقطع الطريق على مخططاتهم الإجرامية في الفساد والإفساد، وضخوا في مقابلها سيلاً من الأكاذيب والإشاعات ضد الحسبة ورجالها؛ فلمن يعمل هؤلاء الصُحفيون والإعلاميون؟ ومن يخدمون؟ وإلى أي الجهات الأجنبية ينتمون؟!

وفي زمن قد فرض فيه هذا الإعلام الأُحاديُ الكاذب المفسد على الناس فإن مما يجب أن ينتبه له المسلم، ويخافه على نفسه، ويحذر منه أشد الحذر، بغض المحتسبين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وتمني زوال هذه الشعيرة العظيمة؛ فإن بغضها وتمني زوالها هو بغض لشعيرة من شعائر الإسلام، بل هي من أظهر الشعائر وأعظمها، وهي السبب الأول في تبليغ الإسلام، وحفظ الناس من الضياع.

ولا يختلف العلماء في كفر من أبغض شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغه من دين الله تعالى؛ فليحذر المسلم أن يداخل قلبه شيء من ذلك، ولا سيما مع كثرة ما يتقيئوه المفسدون والزنادقة في صحفهم وقنواتهم من الكراهية والكذب والتجني على الحسبة والمحتسبين.

هذا؛ وإن مما خَبَرَه أهلُ الحسبة بتجاربهم، وأصحابُ الشرط بدورياتهم أن مواسم اختبارات الطلاب والطالبات مرتع خصب، وفرصة سانحة للمفسدين والمفسدات، والمروجين للمخدرات، يصطادون بها أبناء المسلمين وبناتهم، بسبب الضغوط النفسية عليهم، وأكثرُ ما يُروَج من المخدرات، والحبوب المسَهِّرة في مثل هذه الأيام؛ فليحذر أولاد المسلمين من ذلك، ولينتبه لهم أولياؤهم، ويبينوا لهم خطورة تجريب ما يُدَّعى أنه علاج للصداع وهم لا يعرفونه، أو دواء للسهر، أو مهدئ للأعصاب، أو معين على التركيز، أو غيره مما يحتال به المفسدون والمروجون لهذه السموم.

وبقاء الطلاب عند المدارس عقب انتهاء اختبارهم فترة طويلة، أو ذهابهم مع من لا يعرفه الآباء من أقرانهم وزملائهم - فرصة لأهل الفساد والانحراف للإيقاع بهم في المخدرات والفساد الأخلاقي الذي لا تحمد عقباه، وأولادكم أمانة في أعناقكم، وسوف تسألون عن أماناتكم: " ألا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مسؤول عن رَعِيَّتِهِ ".

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت...