البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الغزو الفكري من معوقات تربية الأولاد

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. المقصود بالغزو الفكري .
  2. أسباب خطورة الغزو الفكري .
  3. أسباب الغزو الفكري .
  4. ميادين الغزو الفكري ومجالاته .

اقتباس

إذا قهرت أمة ما، وكانت ثقافة تلك الأمة القاهرة مغايرة لثقافة الأمة المقهورة؛ فمن الطبيعي: أن تبقى ثقافة الأمة المقهورة وقودا كامنا في ضمير جماهيرها، وعلى المدى الطويل يبقي هذا الوقود الكامن أجيال الأمة القادمة بعد جيل الهزيمة، مما ينذر بخطر تمردها على قاهرها، أو مستعمرها مستقبلا. لاسيما إن كان المستعمر ظالما في حكمه، منفردا في منفعة نفسه، وهذا ما يستدعي تغيير ثقافة المستعمر بشتى ال...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد:

فالغزو الفكري مصطلح حديث، يعني مجموعة الجهود اللاعسكرية التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء والسيطرة على أمة أخرى، أو بلد ما؛ لتحقيق مصالحها القومية.

والغزو الفكري بلا شك أخطر من الغزو العسكري؛ لأكثر من سبب:

أولا: لأنه موجه إلى الفكر لا إلى الجسد، وإنما يرجى صعود الأمة وعودتها بثباتها على مبادئ دينها وثقافتها.

فالفكر هو الذي يقود الجسد وليس العقل، والأمة منهزمة فكريا وثقافيا سرعان ما تنهزم في كل الميادين الأخرى، وبالتالي تخضع وتستكين بلا حروب.

ثانيا: الغزو الفكري بخلاف العسكري غزوا خفيا؛ مثل الجرثومة، مثل الفيروس يتغلغل في مجتمع بلا وعي منه، بل ربما رأى الكثيرون في بعض آثار ذلك الغزو علامة صحة ورشاد، وبالتالي يكونون هم أنفسهم إحدى ضحايا الغزو الفكري؛ ومن ضمن مؤشرات نجاحه، وهم لا يعلمون.

فهو إذاً داء خطير يفتك بالأمم، ويذهب شخصيتها، ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها.

وبما أن الأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها، ولا تدري عنه يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئا عسيرا.

ذلك أن الغزو الفكري الذي يقوم على مدى السنين بعملية غسل للأدمغة، وإعادة صياغة القيم في ثقافة المجتمع، هذا الغزو يكون قناعة لدى شريحة كبيرة من الناس تعارض الكثير من القيم الدينية التي تحافظ على العفة، واستقرار المعتقد، بل قد تعارض تلك القناعة بعض الثوابت والمسلمات؛ كقضية الولاء والبراء، أو العلاقة مع الآخر، كما هو المصطلح الجديد، أو قضية حجاب المرأة وعفافها، أو قضية النهي عن المنكر، أو قضية الجهاد، أو ما شابهها من القضايا الثابتة التي بعد أن كانت لعصور مديدة مصدر فخر، وعزة لجماهير الأمة قاطبة، يرفع كل مسلم بها رأسه، أصبحت في ثقافة الأمة الجديدة اليوم قابلة للنقض والرفض، حتى من أقل الناس علما، وهو بلا شك أثر بليغ من آثار الغزو الفكري.

ما هي أسباب الغزو الفكري؟

إذا قهرت أمة ما، وكانت ثقافة تلك الأمة القاهرة مغايرة لثقافة الأمة المقهورة، فمن الطبيعي: أن تبقى ثقافة الأمة المقهورة وقودا كامنا في ضمير جماهيرها، وعلى المدى الطويل يبقي هذا الوقود الكامن أجيال الأمة القادمة بعد جيل الهزيمة، مما ينذر بخطر تمردها على قاهرها، أو مستعمرها مستقبلا.

لاسيما إن كان المستعمر ظالما في حكمه، منفردا في منفعة نفسه، وهذا ما يستدعي تغيير ثقافة المستعمر بشتى الوسائل المتاحة، حتى يؤمِّن تمرده، ويبقى طيعا وديعا، قابلا للدون.

هذا بشكل عام سبب رئيس من أسباب الغزو الفكري.

وهذا السبب -أيها الإخوة- يتأكد في الأمة الإسلامية بشكل خاص؛ لأن الإسلام في نظر الغرب على لسان ساسته ومفكريه ومستشرقيه يشكل الركيزة التي انتقلت من العرب إلى عالميتهم.

وبالتالي فإن زوال هذه الثقافة الدينية، أو إعادة ترتيبها حسب المفاهيم الغربية على الأقل، هي الكفيل بتحويل العرب إلى أنقاض ذائبة يسهل التلاعب بها، بلا تنظيف، ولا خوف من المستقبل: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ)[البقرة: 217].

لقد شنت أوروبا ثماني حملات صليبية شرسة على الشرق الإسلامي، بدأت منذ منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، واستمرت حتى نهاية القرن الثالث عشر، أي ما يقرب من 225عام وهي تعاود الحرب تلو الحرب.

وفعلا نجح الصليبيون في احتلال بيت المقدس، واستولوا على أراضي المسلمين، ولكن سرعان ما استرجعها جيل المسلمين التالي بعد أقل من مئة سنة، وكانت معركة حطين الفاصلة.

وقد فقه النصارى بعدها أنهم مهما حاربوا المسلمين، فإن المسلمين يملكون طاقة كاملة متوارثة يستحيل بوجودها استمرار السيطرة عليهم.

هذه الطاقة الكامنة ما هي إلا الإسلام قديما، كان المستشرق لورنس براون، يقول: "إن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع، وفي حيويته؛ إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الغربي".

وقديما كان يقول أيوجين روستو مستشار الرئيس جونسون لشئون الشرق الأوسط: "يجب أن ندرك أن الخلافات قائمة بيننا وبين الشعوب العربية، ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية".

وكان المنصر "زويمر" يقول: "إن للتبشير بالنسبة للحضارة الغربية ميزتان: ميزة هدم، وميزة بناء: أما الهدم، فنعني به انتزاع المسلم من دينه، ولو بدفعه إلى الإلحاد، وأما البناء، فنعني به تنصير المسلم إن أمكن، ليقف مع الحضارة الغربية ضد قومه".

وفي الماضي كان المبشر تكلي يقول: "يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني؛ لأن كثيراً من المسلمين قد زعزع اعتقادهم بالإسلام، والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية".

ويقول زويمر: "لابد أن ننشئ للمسلمين المدارس العلمانية، ونسهل التحاقهم بها، هذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب".

وقبل 123 سنة، أيام ما كان معظم النساء في مصر يغطين وجوههن، قال رئيس وزراء بريطانيا المستعمرة لمصر الحقود على الإسلام: "لن يستقيم حال الشرق حتى نرفع الغطاء عن وجه المرأة، ونغطي به القرآن".

واليوم بعد أن كشفت المرأة المسلمة وجهها في أكثر البيئات محافظة، تأتي الخطوة التالية، وهي: إخراج المرأة إلى ميادين الرجال، وإبرازها، واختلاطها بهم.

يقول وزير خارجية أمريكا السابق في خطاب له في أحد الجامعات: "حتى تطلق البلدان في الشرق الأوسط طاقات نسائها، فلم يتمكنوا من بناء أمل للمستقبل".

وقالت كاتبة أمريكية في بحث لها بعنوان: "النساء في العالم العربي" وهذا البحث نشر قريبا؛ تقول: "هناك الكثير من النساء العربيات المثقفات، ولكنهن ما زلنا يصارعن عاداتهن الاجتماعية المحافظة".

وفي خاتمة لمقال أمريكي حول "أولويات الإصلاح في العالم العربي" جاء فيه: "لا يمكن أن يحدث تطور في المجتمع العربي حتى يكون هناك دمج وتداخل للنساء في المجتمع".

طبعا هذه العبارات لا تقف عند حد الكلام، لا، بل يتبعها رفض لميزانيات، ومبادرات، وخطط وضغوط، وقرارات عملية.

نشرت الشرق الأوسط سنة 2003م "إن إدارة بوش قررت تخصيص مبلغ 145 مليون دولار لميزانية عام 2004 لتشجع التعليم العلماني في العالم العربي؛ كجزء من مبادرة الشراكة في العالم العربي".

نعم، لم يعد أمر الغزو الفكري غامضا بالقدر الذي كان عليه قديما، ولكن يبقى الخطر من فقدان الهوية محدقا، وإذا أبقى جيلنا اليوم قدرا من الهوية الإسلامية في صورتها السليمة، فإننا نخاف على أجيالنا القادمة من فقدان القدر الباقي.

والله -تعالى- يحملنا مسئولية الحفاظ على أنفسنا وعليهم بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم: 6].

أيها الإخوة: بعد أن تناولنا أسباب الغزو الفكري، دعونا نتحدث عن ميادين الغزو:

إن الميادين التي يختارها قادة وجنود ذلك الغزو، هي أكثرها تأثيرا في الفكر، ومن ذلك: المناهج التعليمية، والبيئة الإعلامية والأدبية، وما يتميز به العالم الإسلامي على جميع سكان الأرض، من تعاليم الإسلام في الحفاظ على المرأة، ثم يأتي الميدان الاقتصادي.

أما المناهج التعليمة، فيغزو هذا الميدان من الخارج ومن الداخل أفراد وجهات ثقافية؛ أما من الداخل فمن هم سوى العلمانيين والتحرريين من أصحاب الأقلام، أو من يميلون إلى منهجهم، وأما من الخارج فضغوط الدول الكبرى معروفة إما مباشرة وإما من خلال مؤسسات الأمم المتحدة؛ كاليونسكو، وغيرها.

وبدأ التسلط على المناهج الدينية تحت مسمى إصلاح المناهج، والحقيقة: أن التركيز منصبا على المنهج الديني، وليس باقي المناهج، فالمنهج الديني هو المستهدف الأكبر، وبدأت عملية الحذف تعمل أشدها، وبدأت التغيير في العبارات، وإلغاء بعض الآيات القرآنية من المنهج، وفي بعض البلاد الإسلامية ألغي التاريخ الإسلامي كله من المرحلة الابتدائية والثانوية لحساب تاريخ الفراعنة والغرب.

فبينما كان التاريخ الفرعوني يدرس في 75 صفحة في المرحلة المتوسطة فقط أصبح يدرس في جميع المراحل الثلاث وفي 317 صفحة.

وبينما يدرس عصر النبوة بكل ما فيه من أحداث في عشر صفحات، يدرس تاريخ الملك الفرعوني مينا لوحده 9 صفحات.

واختزل تاريخ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في 6 أسطر، بينما يدرس نابليون وحملته على مصر في 36 صفحة.

والأمثلة كثيرة...

أما الميدان الثاني من ميادين الغزو الفكري، فهو: ميدان البيئة الإعلامية، فالفضائيات تأخذ جل أوقات الناس، ومن خلالها تجري عملية غسل الأدمغة، وإعادة صياغة المفاهيم، وزعزعة القيم، ويجري الطرح الجديد الذي ينتقد أصول الدين، وثوابت الإسلام.

أما ما يكتب على صفحات الجرائد فحدث ولا حرج، فقد أصبحت أخبار التمرد على الدين، وعلى الآداب المحافظة، هي التي تسلط عليها الأضواء، فما أن تجترئ امرأة على حدود الله، فتخرج في زينتها، أو تصرح بتصريحات ناقدة للآداب المحافظة، أو تؤلف قصة فاجرة، إلا وتسلط عليها الأضواء، فتجرى معها المقابلات، وتتصدر أخبارها الصفحات.

فساعة يأتي الخبر: "أول فتاة من البلد الفلاني تشارك في السباق الراري ".

وساعة: "أول امرأة طيارة".

وساعة: " أول مصممة أزياء من البلد الفلاني".

وهكذا...

كأهم يقولون: اخرجي عن المألوف، وتحرري من قيود الحياة، وسوف نستقبلك بالأضواء.

أما عندما تكرم الدكتورة المبدعة في علم الفيزياء "ريم التويجري" في فرنسا من قبل معهد العالم العربي في باريس تقديرا لجهودها العلمية في مجال الفيزياء، فتذهب لاستلام الجائزة مع محرمها بنقابها ووقارها لتثبت أن الحجاب لا يمنع المرأة المسلمة من الوصول إلى أرقى المستويات العلمية، لا نجد ذات الأضواء، بل لا يكاد يؤتى بالخبر إلا في صحيفة، أو اثنتين، في زاوية بعيدة، وعلى خجل، وكأنها غصة في حلق كل علماني وعلمانية.

أسأل الله -تعالى- أن ينصر الإسلام في كل محفل.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فميدان البيئة الأدبية إنما يغزى من أدباء الحداثة، والفكر الإباحي، ونحن نرى تغيرا خطيرا، صار يفسح من خلاله لأدبيات الزندقة والخرافة والكفر، من كتب ومقالات تعرض وتباع في بلاد المسلمين، بعد أن كانت لفترة طويلة من الزمان محظورة ممنوعة؛ ككتاب: "هكذا تأملت الكاهنة" وكتاب: "التوراة البابلية" ورسائل: "ابن عربي الصوفي الزنديق" وكتاب: "أخبار الحلاج" و"موسوعة العتبات المقدسة" وغيرها كثير من كتب الشركيات والبدع.

فحرية التعبير، إذا كانت تقتضي عند الغربيين السماحة بأدب الإلحاد والفجور أن ينتشر، فليس هذا مسموحا به في بلاد الإسلام: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 68].

وقال تعالى: (... أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) [النساء: 140].

فإذا كنا نهينا أن نجالسهم، فكيف نسمح لهم بترويج وبيع باطلهم؟

وإذا كانت أمتنا أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف نرضى أن يباع المنكر الأعظم، وينتشر في أرض الإسلام؟

لقد أمرنا الله -تعالى- أن نجاهد الكفار والمنافقين بسبب كفرهم ونفاقهم؛ فكيف نفتح الأبواب لكفرهم ونفاقهم كي يباع في أسواقنا؟!

هذا تناقض لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون.

ولقد رأى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بيد عمر كتاب من التوراة، أعجبه موافقته للقرآن، فتغير وجهه النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى ذهب به عمر إلى التنور، فألقاه فيه، وقذفه في النار.

ومن ميادين الغزو: المرأة وشؤونها، واستخدام المرأة لهذا الغرض أسلوب يهودي معروف؛ يقول مدروبيرغر: "إن المرأة المسلمة هي أقدر فئات المجتمع الإسلامي على جرّه إلى التحلل والفساد، أو إلى حظيرة الدين من جديد".

وجاء في بروتوكولات حكماء صهيون: "علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية".

ويقول "جان بول رو" يقول في كتابه: "الإسلام في الغرب": "إن التأثير الغربي الذي يظهر في كل المجالات، ويقلب رأس على عقب المجتمع الإسلامي، لا يبدو في جلاء مثلما يبدو في تحرير المرأة".

ولقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضوء تعاليم القرآن من فتنة النساء، قائلا: "ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء" [رواه الترمذي].

وجاء التوجيه الإلهي للمرأة بالقرار في البيت، وعدم الخروج إلا لحاجة: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: 33].

فتغيير هذه القيم الإسلامية الأصيلة جارٍ على قدم وساق، والسعي العجيب والحثيث لإخراج المرأة من بيتها بشتى الوسائل، بخلاف الآية السابقة تماما على أشده أيضا.

فأسأل الله -تعالى- أن يحفظ نساءنا وأعراضنا.

أما الميدان الأخير من ميادين الغزو الفكري، فهو: ميدان الاقتصاد، فالسلع بمختلف أنواعها، لها دور كبير في تشكيل القناعات، واستمالة القلوب لثقافة الغرب، ونحن نرى اليوم غزوا فكريا من خلال الأزياء، ما يسمى بالماركات العالمية.

وغزوا فكريا من خلال المطاعم، وبالذات مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية، ومن خلال أغانيهم وأفلامهم.

الحاصل: أن تربية الأولاد يعترضها الكثير من الصعاب، والغزو الفكري أحد هذه الصعاب، والواجب على كل مسئول أن يؤدي دوره في حماية جيل الأمة من هذا الغزو الخطير، والله المستعان.

اللهم اهدنا وأولادنا سبل السلام...