القابض
كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...
العربية
المؤلف | أحمد المتوكل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
فهذه الأجهزة والوسائل التي سخرها الله للناس في هذا العصر من مِذْياع وتلفاز وتلفون وناسوخ وإنترنت وحاسوب وغيرها غير محرمة، ولا قُبح فيها لذاتها، وإنما يَحرُم استعمالها إذا استُعملت في الحرام، أو كانت سببًا فيه أو سبيلاً إليه، وتَحسُن ويُطلب استعمالها إذا نشرت الخير، وأوصلت إليه، وكانت سببًا فيه، وداعيًا إليه، فيجب استعمالها بمراعاة...
الخطبة الأولى:
أما بعد: أيها المسلمون: يُعرف عصرنا هذا بأنه عصر المعلومات والتكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصالات السريعة المتطورة، وعصر الثورات العلمية الهائلة والكشوفات العظيمة، وعصر الصواريخ والأقمار الصناعية، وغير ذلك مما جادت به العقول المفكرة، والأيدي المبتكرة، والطاقات العلمية المشكورة التي سخرها الله -من حيث تدري أو لا تدري- بقَدَره وقُدْرته، وأمدَّها بالتفكير والتدبير لخدمة الإنسانية على اختلاف عقائدها ومِللها وأجناسها ولغاتها وأماكنها، وتقديم النفع لها، وتيسير سبل العيش عليها في هذه الدنيا المترامية الأطراف، ذات الجبال والصحاري والبحار والقِفَار، لعلها تَذَّكّر فتكون هذه المخترعات والوسائل رسلَ خير توصل للإنسانية دين الله، وتصلها به، ممن كتب الله له في سابق أزله الإيمان والاستجابة.
أيها المؤمنون، لقد أصبح سكان العالم اليوم يعيشون متقاربين متواصلين، وكأنهم في قرية صغيرة متشابكة متصلة بخيوط عنكبوتية مرئية وغير مرئية، وكل هذا بفضل الله ثم بفضل وسائل وشبكات الاتصال الهائلة الحديثة من تلفون وناسوخ وإنترنت، وأجهزة متطورة ناقلة للصوت والصورة في بث حي مباشر عبر الأقمار الصناعية التي تتجول في الجو لهذا الغرض، إذ لولاها لما قامت الأجهزة الأرضية بعملها، حتى أصبح في مقدور الإنسان في أي بقعة من العالم كان أن يتصل متى شاء بمن شاء ويتواصل معه، ويقضي منه مآربه وحاجياته بشكل ميسَّر وفي أقرب وقت وبأقل التكاليف المادية والمعنوية.
أيها المسلمون: يجب على المؤمن أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن كل هذا حدث بتسخير وتقدير القادر الوهاب -سبحانه- الذي خلق فسوّى وقدَّر فهدى، والذي خلق كلَّ شيء فقدره تقديرا، فالله -عز وجل- هو الذي أوجد هذا الكون، وأودع فيه كل ما يحقق السعادة للإنسانية، ويجعلها تعيش في راحة وهناء واطمئنان، وجعل فيه الإمكانيات والمواد التي تُستخدَم لصالح الإنسانية، وهدى إليها العقول المبتكِرة المخترِعة، فاخترعت وأبدعت وصنَّعت وطوَّرت، فسبحان الذي خلق فسوّى، وقدَّر فهدى، وأوجد فأرشد، وأنذر فأعذر! قال الخالق الهادي -سبحانه- وهو يمتنّ على عباده: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية:13] وقال: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا) [البقرة:29]، وقال: (وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) [النحل:8].
أيها المؤمنون: ومما ابتكرته العقول المفكرة الذكية المبدعة التي سخرها الله لنفع الإنسانية وجعلها واسطة في تبليغ نعمه لخلقه الهاتف أو ما يُسمّى بالتلفون، هذه الوسيلة العجيبة الغريبة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل واسع ملفت للانتباه، التلفون؛ هذا الجهاز الصغير الكبير، فهو صغير في حجمه كبير في نفعه، تُقضَى به المآرِب، ويقرِّب بين الأحبة، ويحقق الاتصال والتواصل والقرب بين الأحباب، وينقل الناس من عالم إلى آخر، حيث يتقارب الزمان، وتُطوَى المسافة، وتوصل الأخبار من بعيد الأقطار في أوقات قِصَار، ويُخفّف من المشاق والمتاعب، ويقي من الهموم والمصائب لمن أحسن استعماله، ويوصل بين الأرحام والأصدقاء الأباعد.
إنه نعمة عظمى أنعم بها الله -سبحانه- على أهل هذا العصر، رحمة بهم وتخفيفًا عنهم لمَّا تداخلت الأمور، وتُبُودِلت المصالح بين الناس، وحينما احتاج بعضهم إلى بعض في بقاع هذا العالم المتباعدة أقطاره.
إن الهاتف -بحقٍّ- نعمة كثر نفعُها، ووجب شكرها، وتحتَّم معرفة آداب استعماله؛ حتى لا يأثم مستعمله، بل يؤجر وينتفع ولا يضُرّ ولا يتضرّر.
أيها الإخوة المؤمنون: وهذه بعض الآداب والتوجيهات الإسلامية جمعتُها لمن يستعمل الهاتف، ومن منا اليوم لا يستعمل هذه الوسيلة في حياته؟!.
ومن إحسان الله بخلقه أنه كلما كثرت البشرية وتعقّدت الأمور أظهر ما يُخفف من الأزمات، ويحلُّ المشكلات، ويقرِّب الشُّقَّة، ويزيل المَشَقَّة، ويُيسّر الصِّعَاب، ويزيل الأتعاب، فسبحان الرحيم بخلقه اللطيف بعباده! (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج:65] (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) [غافر:61].
أولاً: على كل من أراد أن يتصل هاتفيًّا بأحد أن يختار الأوقات المناسبة لذلك، ويتجنب الاتصال بالناس في أوقات صلاتهم, أو نومهم, أو أكلهم, أو عملهم؛ حتى لا يُقلقهم، ويؤذي مشاعرهم، ويُفسِد نومهم، ويقطعَهم عن أكلهم أو عملهم أو حاجاتهم، فيحصل بذلك الإيذاء النفسي.
وإيذاء الغير منهي عنه في الإسلام، قال -عليه الصلاة والسلام -: "لا تؤذوا المسلمين" رواه الترمذي عن ابن عمر في كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في تعظيم المؤمن. فلا ينبغي الاتصال في مثل هذه الأوقات، إلا في حالات الضرورة والاستعجال والطوارئ، مع سابق الاعتذار والتلطّف.
ثانيًا: على كل من أراد أن يتصل هاتفيًّا بأحد أن يتأكد من صحة الرقم الذي يطلبه قبل بدء الاتصال، حتى لا يركِّب رقمًا خاطئًا؛ لكي لا يوقظ نائمًا، أو يزعج مريضًا، أو يقلق آمنًا، أو يُروّع مطمئنًّا، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحل لرجل أن يُروّع مسلمًا" رواه الطبراني في الكبير عن النعمان بن بَشِير، ورواته ثقات.
ثالثًا: على كل من طلبه أحد في الهاتف أن يجيبه، ولا يقطع عنه مكالمته، فكثير من الناس إذا اتصل به أحد ولم يرغب في الكلام معه قطع عنه المكالمة، وأغلق الخط، وأطفأ الجهاز، وربما كذَب وقال له: أنا لستُ الذي تطلبه، أو لستُ في مكان قريب منك.
وهذا ليس من أخلاق الإسلام؛ لأن إجابة المنادي وردّ الجواب وإجابة الدعوة من الواجبات، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "للمسلم على المسلم ست" وذكر منها: "ويجيبه إذا دعاه" رواه الترمذي عن الحارث بن علي في كتاب الأدب، باب: ما جاء في تشميت العاطس. قال صاحب تحفة الأحوذي شارح جامع الترمذي: "أي: إلى دعوة أو حاجة".
وَمن لم يرغب في الكلام مع أحد فليصارحه بذلك، وليصدق معه، وليعتذر له بعذر مقبول كالمَعَارِيض، روي عن الرسول أنه قال: "إن في المَعَارِيض لَمَنْدُوحَة عن الكذب"، وعلى منِ اعتُذِر إليه أن يقبل الأعذار، وليحسِّن الظن بمن اعتذر له.
رابعًا: من اتصل بأحد أو اتصل به غيره مُشافَهة أو بالرسائل الصوتية أو المكتوبة فليكن أول كلامه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهي تحية الله للمؤمنين في الجنة، (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) [الأحزاب:44] وتحية الملائكة لأهل الجنة، وتحية المرسلين، وبها يُبدأ الكلام عند المسلم كما بها يُختم.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلاً سأل رسول الله: أي الإسلام خير؟ قال: "تُطعمُ الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" متفق عليه، وقال الرسول الكريم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم عن أبي هريرة.
وعلى المسلم عند بدء المكالمة أن يتجنّب استعمال الكلمات الأجنبية مثل: "ألو" وغيرها؛ لأنها ليست من تحياتنا نحن المسلمين.
خامسًا: وإذا كان الجهاز مُزوَّدًا بآلة تصوير (كاميرا) فلا ينبغي لمستعمله أن يُصوّر به الأجسام العارية، ولا المناظر القبيحة الفظيعة، ولا كل ما يحرُم النظر إليه، ولا يصور به إلا المناظر الطبيعية، وما لا يلحق ضررًا نفسيًّا أو مادّيًّا بأحد.
سادسًا: أن يتجنّب المسلم استخدام أسلوب الجواسيس في اتصالاته، حيث لا يعرِّف بنفسه ولا بقصده من مكالمته، بل بمجرد ما يُلقِي المتصل السلام على من اتصل به عليه أن يُعرِّف بنفسه وبالمكان الذي يتكلم منه، ويصرِّح بقصده، ويُفصِح عن غرضه من مكالمته بأدب واحترام وحسن تحية وفصيح كلام، قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات:13].
سابعًا: من أجابَتْه امرأة أو اتصلت به فليحترمها، وليتكلم معها باختصار وبأدب ووقار، ولا يَخرُج عن الموضوع الذي يتكلمان فيه، وعليها هي كذلك أن تجيبه بأدب واحترام وحِشْمة غير خاضعة بالقول؛ حتى لا يطمع أصحاب القلوب المريضة وذوو الأهداف السيئة، ولا ينبغي أن يوحي بعضهم إلى بعض زُخْرَف القول غرورًا، قال الله -سبحانه- مُوجّهًا للرجال: (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا) [النساء:5]، وقال للنساء: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا) [الأحزاب:32].
ثامنًا: إذا اتصل بنا أحد فلا ينبغي أن نطيل معه الكلام إلا إذا رغب في ذلك، وليكن كلامنا معه مختصرًا موجزًا هادفًا نظيفًا لطيفًا، اقتداء بالرسول الذي كان كلامه قَصْدًا وخاليًا من الفُحْش والإيذاء، كما ينبغي أن لا ندخل في غير الموضوع، أو نُكثر الكلام معه فيضيع رصيده من المكالمات، فنؤذي مشاعره فنأثم، ونتسبب في ضياع ماله بغير رضاه، وإضاعة مال الغير محرَّم ممقوت، وكذلك إذا استعملنا هاتف غيرنا.
وإن بعض الناس أثناء المكالمة يمزحون ويلغون، قال النبي الكريم: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه" رواه مسلم عن أبي هريرة في كتاب البر والصلة والآداب.
فتطويل المكالمة وتمديدها بغير رضا المتكلم مساهمة في ضياع ماله وارتفاع فاتورة مكالماته واستنزاف جيبه، وهذا ما لا يرضاه الإسلام في التعامل مع الناس.
وإذا كان الله قد كَرِه القيل والقال في الكلام العادي الذي لا يضيع معه مال، فكيف بالكلام الكثير الفارغ التافه الذي كلما زاد واسترسل ازداد معه المال ضياعًا؟! قال الرسول الكريم: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا"، فذكر ما يرضاه الله وقال: "ويكره: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" رواه مسلم عن أبي هريرة، والكراهة هنا تحريمية.
تاسعًا: على المؤمن أن يكون حازمًا في استعماله للهاتف، ولا يستعمله إلا في الحالات المهمة، حتى يحفظ ماله، ويضعه في موضعه، ولا يبذِّره تبذيرًا؛ لأن التبذير حرام، والمبذِّر أخو الشيطان، والمؤمن مسؤول عن ماله يوم لقاء الله.
وإن كثيرًا من مستعملي الهاتف اليوم من السفهاء والمبذّرين والطائشين يركِّبون الأرقام بغير معرفة لأهلها، فيتصلون بهذا، ويتكلمون مع هذه، كل ذلك من أجل التشويش والإحراج والفتنة والبحث عن عشيقة بواسطة الهاتف، فيُشغلون الخطوط، ويضيِّعون أموالهم وأوقات غيرهم، ويؤذونهم بغير حق.
عاشرًا: وإذا كان الهاتف محمولاً فلا ينبغي أن نتركه مُشغّلاً داخل المسجد؛ حتى لا نؤذي عُمَّار بيت الله من الملائكة والمؤمنين، فنشوّش عليهم، ونُذهب خشوعهم وطمأنينتهم في الصلاة إذا اتصل بنا أحد ونحن في المسجد، فتضيع هيبة المسجد، وتزول السكينة منه، فَرَنِين الهواتف المحمولة يحدث أصواتًا مُلْفِتة، وانشغالاً مُلْهِيًا عن صدق التوجه وكمال الحضور، قال الرسول الأكرم: "ائتُوا الصلاة وعليكم السكينة".
حادي عشر: ينبغي على المؤمن أن لا يترك الهاتف في متناول المراهقين من البنين والبنات؛ حتى لا يستعملوه في ربط العلاقات الحميمة مع أقرانهم، وكم يكون الهاتف سببًا في تفاهم وتلاقي الطائشين والطائشات وبُغاة الزنا ومقترفي الحرام والإجرام.
وإذا تركنا الهاتف في متناول القاصرين إن لم يستعملوه في ربط العلاقات الغرامية الجنسية استعملوه في الاتصال بأصدقائهم ولو لقصد بريء فأكثَروا من المكالمات، فترتفع بذلك فاتورة الاستهلاك، ويضيع رصيد المكالمات، والإسلام حرَّم تضييع المنافع وإفساد المصالح، وكم من أب أزال الهاتف الثابت بعدما أرهقه أهله وأبناؤه بكثرة اتصالاتهم.
ثاني عشر: على المسلم المؤمن أن يستعمل هذا الجهاز الخفيف الظريف لقصد نبيل وشريف؛ لصلة أرحامه الأباعد الذين ربما لا يتمكن من زيارتهم مباشرة، إما لكثرة المشاغل، أو لكثرة تكاليف السفر، أو لبُعد المكان ومشقّة الوصول إليه، فبالهاتف يمكن الاتصال بهم والتعرُّف على أحوالهم وتهنئتهم في أفراحهم وتعزيتهم في مصائبهم، فيهنأ المتصل، وتقرُّ عينه على أحوالهم، ويقضي هدفه دون كثير عناء ودون مشقة السفر وتكاليفه.
وعلى المسلم أن يستعمله في الاتصال بأهل الفضل من العلماء والدعاة البعيدين عنه؛ للتواصل معهم، وسؤالهم عن أمور الدين؛ حتى يسترشد بفتاواهم، ويتبين له طريق الحق والصواب.
ثالث عشر: كما يحسُن بك -أخي مستعمل الهاتف المحمول- أن تكون رَنّة الإشارة بالمكالمة في جهازك عاديّة تُرضي الأذواق السليمة، ولا تثير العواطف ولا تحرك الغرائز، فلا ينبغي أن تكون رَنّة هاتفك موافِقة للنغمات الموسيقية التي تصاحب الأغاني الفاحشة الماجنة، كما يجب عليك أن لا تستعمل في رسائلك الصوتية أو المكتوبة أو المرسومة الكلمات أو العبارات أو الصور الفاحشة، فكل ذلك منهي عنه، وسبب في الإثم والوزر.
رابع عشر: على المؤمن الذي تم الاتصال به خطأً أو في وقت غير مناسب أن يتلطّف في الرد، ويلتمس الأعذار لمن اتصل به، وليكن حليمًا رحيمًا واسع الصدر، فلا يغضب ولا يسب ولا يؤذي أحدًا، وإن أوذي صبر وغفر، قال الله يوجِّه من قد يُؤذَى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [الشورى:43].
والإسلام الحنيف ينهى عن الغضب واستعمال العبارات الفاحشة البذيئة، وما كان رسول الله فاحشًا ولا مُتفحّشًا قط.
وبعد: أيها المسلمون، فهذه الأجهزة والوسائل التي سخرها الله للناس في هذا العصر من مِذْياع وتلفاز وتلفون وناسوخ وإنترنت وحاسوب وغيرها غير محرمة، ولا قُبح فيها لذاتها، وإنما يَحرُم استعمالها إذا استُعملت في الحرام، أو كانت سببًا فيه أو سبيلاً إليه، وتَحسُن ويُطلب استعمالها إذا نشرت الخير، وأوصلت إليه، وكانت سببًا فيه، وداعيًا إليه، فيجب استعمالها بمراعاة تامة لأخلاق الإسلام وآدابه، ووفق ضوابط الدين الحنيف، ولنشر تعاليمه، وإيصال الدعوة الإسلامية لمن يجهلها في هذا العالم.