القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - أهل السنة والجماعة |
في السيرة النبوية نجد اهتمامًا كبيرًا جدًّا بقضية القراءة. ويكفي موقف فداء الأسرى في بدر دليلاً على ذلك؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشترط على الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليمَ عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، هذا مع أن المسلمين أيام بدر كانوا في حاجة ماسة إلى الأموال، وفي حاجة إلى الاحتفاظ بالأسرى للضغط على قريش لتبادل الأسرى فيما لو أُسر أحد من المسلمين، ومع ذلك نرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفكر فيما هو أهم من ذلك كله يفكر في تعليم المسلمين القراءة.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
التوازن في حياة المسلم مهم به يسعد، وبه يفلح، وكما تقدم التوازن معناه الوسيطة فنحن الأمة الوسط، هذا ما نص عليه القرآن إذ يقول: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)
فالواجب أن نكون أهلاً لهذه الصفة، ومما ينبغي أن يتوازن فيه المسلم القراءة ربما ننسى بين حين وآخر أننا أمة اقرأ، ومع ذلك من الناس من لا يقرأ مطلقًا ليس لأنه أمي، لا بل لأنه لا يحب القراءة.
وأنا لا أطلب كل فرد من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يكون نهامة لا يدع كتابًا ولا قصاصة ورق إلا أتم قراءتها، لا، فكل ميسر لما خُلق له، ولكن المقصود التوازن، ألا يستهين مسلم بأهمية القراءة؛ فإن أول كلمة خاطب بها جبريل -عليه السلام- نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هي كلمة "اقرأ".
وكررها مرارًا "اقرأ"، والنبي يقول: "ما أنا بقارئ"، "اقرأ"، والنبي يقول: "ما أنا بقارئ"، حتى أخذه وغطَّه شديدًا، وقال "اقرأ"، قال: "ما أنا بقارئ"، قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 1- 5].
وهذا بلا شك له دلالة كبيرة وعميقة في بيان أهمية القراءة لارتقاء الإنسان ووصوله إلى الحقيقة، وحتى في السيرة النبوية نجد اهتمامًا كبيرًا جدًّا بقضية القراءة.
ويكفي موقف فداء الأسرى في بدر دليلاً على ذلك؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشترط على الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليمَ عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، هذا مع أن المسلمين أيام بدر كانوا في حاجة ماسة إلى الأموال، وفي حاجة إلى الاحتفاظ بالأسرى للضغط على قريش لتبادل الأسرى فيما لو أُسر أحد من المسلمين، ومع ذلك نرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفكر فيما هو أهم من ذلك كله يفكر في تعليم المسلمين القراءة.
كانت هذه نقطة رئيسة في فكر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبني أمة الإسلام بناء متكامل، حتى إنه كان يقدم الصحابي الذي يستطيع القراءة على بقية أصحابه ولو كان صغير كزيد بن ثابت -رضي الله عنه- الذي قُدم في قربه من النبي -صلى الله عليه وسلم- على كثير من الصحابة، وصار ملاصقًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- بصفة شبه دائمة؛ لأنه كان يتقن القراءة والكتابة، فصار كاتبًا للوحي كاتبًا للرسائل ومترجمًا للسريانية والعبرية، وكان عمره ثلاثة عشر عامًا.
وإذا أدركنا أهمية القراءة في الدين كان لازما علينا أن نراجع مدى عنايتنا بكم ونوع القراءة في حياتنا وحياة أولادنا، فأمة لا تقرأ أمة لا تنهض.
معاشر المسلمين: ينبغي أن يكون للقراءة قيمة ومكانة في حياتنا، وأن نكون مع القراءة في علاقة متينة متوازنة، فلا نعتزل القراءة بالكلية، ولا نغلو بالقراءة على حساب نشاطاتنا الأخرى، بل نعتدل ونتوسط كلٌّ بحسب طاقته، هذا من جهة الكم.
أما الكيف فينبغي كذلك أن نعتني بقراءة أولاً كتاب الله تعالى قبل أيّ كتاب فهو النور الذي ينير قلوبنا ويجدد الإيمان فيها وحتى القرآن ينبغي أن نعدل في قراءته فقد جاء في الفتح في حديث عبدالرحمن بن شبل بسند صححه ابن حجر والألباني قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلاَ تَغْلُوا فِيهِ، وَلاَ تَجْفُوا عَنْهُ، وَلاَ تَأْكُلُوا بِهِ".
ولقراءة القرآن آداب خاصة ليس هذا مقام ذكرها، ولا شك أن من جالس كتاب الله تلاوة وتدبرًا فهو الرابح (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر:29].
كتاب الله أولاً، ثم يأتي من بعد ذلك الكتب التي تُكسِب المعرفة بمختلف أنواعها حتى كتب الطرائف التي ترهف عن النفس، كل نوع بحسبه المهم، أن يكون لنا نصيب من القراءة في العموم، وأن نرتب أنواع المعارف التي نكتسبها بالقراءة بحسب أهميتها فبعض الناس مع الأسف لا يقرأ شيئًا في الحياة سوى الصفحة الرياضية في الصحف اليومية.
وفي هذا خطأ وقصور وضياع للوقت، فالثقافة والمعرفة لا تقف عند أخبار الرياضة، وبعضهم مشغلته في يومه وليله هو برنامج واتس أب، وفيه من الرسائل والكلام الشيء الكثير لكن ما قيمته؟!
القراءة أكبر مقامًا في أن تستنفذ في مثل هذا، ويجب أن يبتعد المسلم عن كتب الإلحاد التي تثير الريبة؛ فإن القلوب تتقلب، وكذلك كتب الرذيلة والفساد فالقراءة للمسلم إذا أخص فيها وخاضع فيها لأحكام الدين تكون عبادة يؤجر عليها. إذاً فليتزن المسلم في قراءته، وليكن له نصيب منها في حياته.
معاشر الإخوة: التوازن في تربية الأولاد باب واسع جدًّا وذو شعب كثيرة، لكن أحاول أن أوجز إن شاء الله؛ فإن الأولاد مسئولية عظيمة، وسنُسأل عنهم يوم القيامة قطعًا ففي صحيح مسلم من حديث ابن عمر قال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم.." إلى آخر الحديث.
فمن أوجه التوازن في تربية الأولاد العدل بينهم ففي صحيح البخاري من حديث النعمان بن بشير قال "أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تُشهِد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا أرضى أن تعطيه هذه العطية حتى يشهد عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله"، قال "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟"، قال: "لا"، قال: "فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم" قال: "فرجع فرد عطيته".
فالحيف، وعدم العدل يؤدي إلى إيغار الصدور، وإثارة الحسد، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الطبراني: "اعدلوا بين أولادكم في النِّحَل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف"، النِّحَل جمع نحلة، وهو ما ينحله الوالد لولده من العطايا والهدايا.
وإذا كان مجرد إبداء محبة زائدة لأحد الأبناء أدى إلى كرههم لذلك الأخ، بل واتفاقهم على التخلص منه كما حدث في قصة يوسف -عليه السلام-: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) [يوسف: 8- 9]، فكيف لو كان التفضيل أيضًا في المال والأشياء المحسوسة؟!
فلنحذر من تقطيع روابط أسرتنا بأيدينا ولنعدل بين أولادنا، ولا يستثنى من التفضيل إلا ذوي الحاجات من الأبناء كبارًا وصغارًا كالمرضى والفقراء والغارمين، وأمثال ذلك، فهؤلاء يُعطون زيادة على قدر الضرورة والحاجة.
ومن أوجه التوازن: إعمال الحكمة والمصلحة في الثواب والعقاب للأولاد، فلا يصرف في العقوبة، ولا يبالغ في الثواب إلا بقدر المصلحة، وجدارة السبب، فالأصل أن يبدي الأب الحب والشفقة حتى أثناء التأديب، فالصغير لن يحسّ بالحب بمجرد الكلام، وإنما بطريقة التعامل بالرفق واللين، وإبداء سبب التأديب، وما أجمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه".
فقوله: "ما كان في شيء" نكرة أتت بسياق النفي، فمعناه شيء هنا تعم جميع الأشياء يعني أن الرفق محمود في أمر الإنسان كله، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159]، فلتكن العقوبة إما منعًا من شيء بالنسبة للأولاد إما منعًا من شيء، أو حرمانًا من مصروف أو صومًا عن الحديث معه، وتركًا للتبسط معه فترة من الزمان حتى يحس بذلك الخطأ الذي أخطأه عمدا وقصدا.
ولا نؤنِّب الصغير في حضرة إخوانه، ولا نقارن بينه وبين من هو خير منه، فهذا يضعف شخصيته، ويحبط من عزيمته، ولنبتعد قدر الإمكان عن الضرب؛ فإن كثرة الضرب تولد شيئين الكراهية والتبلد، وليكن الثواب حاضرًا حين الإحسان، فالولد إنما يحس بعدالة الأب إذا وجد منه الثواب والجائزة عندما يحسن في مقابل العقوبة والتأديب عندما يسيء.
ومن أوجه التوازن في التربية ألا نتوقع المثالية في الأولاد، فالله –تعالى- خلق عباده بدرجات من القدرات فليس الجميع أذكياء ولا الجميع ذوي مواهب فلنقدر لكلٍّ قدره، فهناك الغضوب فطرة، وهناك السمح فطرة، وهناك الفطن وهناك الغافل وهكذا.
فنتعامل معهم بهذا الاعتبار فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقدر هذا في أصحابه منهم القوي ومنهم الضعيف ويعرف إمكانات كل واحد منهم وأحيانا يصرح لبعضهم بينه وبينه نصيحة له ووصية يحملها معه فيعلنها الصحابي بعد ذلك، ولو كان فيها بيان نقص في جانب من جوانب شخصيته؛ حرصًا منه على عدم كتمان العلم كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي ذر قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم".
هكذا يكون الإنسان متزنًا في النظرة إلى أولاده من حيث كفاءاتهم وإمكاناتهم، فلا يقدم أخًا على الآخر، ولا يتوقع منهم المثالية، بل يحفز ما فيهم من خير، ثم يرجو الله -عز وجل- ويدعوه أن يكونوا أصلح ما يكون.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أما بعد.. فمن التوازن في تربية الأولاد النصيحة؛ فإن من الخلل، ألا يقوم الوالدان بدور الناصح الأمين، وقد قال –تعالى- فيمن نفى عنهم الخسر (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر:3].
فالتواصي بالحق سمة الصالحين، وما مهمة جميع الأنبياء، إلا النصح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الدين النصيحة"، فجمع شأن الدين كله فيها في النصيحة، لكن بركة النصيحة يا إخوة تكتمل بالعلم والإخلاص والأسلوب الحسن، فالعلم ألا ننصح بجهل فنُوقع الأولاد في الخطأ، بل ننصح بعلم، وأن نخلص النصيحة فلا تكون عنادًا وانتصارًا للنفس أمام أولادنا، ولا تكون تسلطًا وإثباتًا للهيمنة لا، وإنما تكون لله -تعالى- عملاً بمسئوليتنا تجاههم.
أما الأسلوب الحسن فقد قال ربنا: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125]، فمن اللطف أن نتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- في طريقة نصحه غير المباشر، فما أكثر ما كان يقول: "ما بال أقوام يفعلون كذا"، فإذا قال الأب مثلاً بعض الناس إذا دخلوا لا يسلمون لابنه الذي ينسى أن يسلم، يقولها دعابة ويقولها نصيحة فهم الابن بعد ذلك أنه هو المقصود.
طريقة يصلح فيها ذلك الابن دون أن يكون في قلبه شيء من الضجر.
والنداء الرقيق مطلوب أيضا واستمعوا كم ردد لقمان كلمة يا بني (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان:13]، ثم قال: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: 16- 17].
نداءات حميمة لها وقعها العظيم على قلب الولد (يَا بُنَيَّ).
أيها الأحبة: الدين هو أعظم شيء في حياة الإنسان على سطح الأرض، فلتكن متابعاتنا لأولادنا في دينهم وعبادتهم حاضرة أكثر من متابعتهم في دراستهم؛ لأن الدين أهم، لكن بلا إملال، ينبغي للحصيف أن يقتنص الفرص المناسبة والمكان المناسب وألا يكثر من الموعظة ذاتها إلا في ما كان منكرا مستمرًّا.
تأملوا عناية نبي الله إبراهيم، ونبي الله يعقوب -عليه السلام- في وصاية أبنائهم بالدين قال تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132- 133].
معاشر الإخوة: التوازن في حياة المسلم مطلب عزيز، نسأل الله –تعالى- أن يوفقنا وإياكم لتحقيقه، وأن يبارك في حياتنا جميعًا، وأن يصلح أنفسنا ويصلح أولادنا إنه سميع قريب.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وألف بيننا وبين إخواننا المسلمين الموحدين..