المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | خالد القرعاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
وإنَّ في تَقلُّباتِ الأجواءِ عِبراً، وفي شِدَّةِ البَردِ مُدَّكراً، معاشِر المؤمنين: يقُولُ رَبُّنَا -جلَّ وعلا-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)، فذاكَ فَصلٌ للصَّيفِ وآخَرُ للشِّتَاءِ، وسبحانَ من خَصَّ كلَّ مَوسِمٍ بِما يناسبُه من الزُّروعِ والثِّمارِ ونوَّعَها، لِيدْفَعَ عنَّا السَّآمَةَ والمَلل! ولِيَجعَلَنَا نَتَفَكَّرُ في بَدِيعِ صُنعِ ربِّنا -عزَّ وجلَّ-.
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله خلَق الإنسانَ ولم يكن شيئًا مَذكورًا، أحسَن صورتَه فَجعلَهُ سَميعَاً بصيراً، هداه السبيلَ إمَّا شَاكرًا وإمَّا كفورًا، نشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له إنَّه كان حليمًا غفورًا، ونشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ وكان عبدًا شكورًا، صلَّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آلِه وأصحابِهِ، والتَّابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أمَّا بعدُ:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، والتَّفَكُّرِ في الأحوال، وتقلُّبِ الأزمانِ والليال، فالتَّفَكُّرُ يزيدُ الإيمانَ، ويجعلُكَ مُذعِناً للواحدِ الديَّانِ.
وإنَّ في تَقلُّباتِ الأجواءِ عِبراً، وفي شِدَّةِ البَردِ مُدَّكراً، معاشِر المؤمنين: يقُولُ رَبُّنَا -جلَّ وعلا-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)، فذاكَ فَصلٌ للصَّيفِ وآخَرُ للشِّتَاءِ، وسبحانَ من خَصَّ كلَّ مَوسِمٍ بِما يناسبُه من الزُّروعِ والثِّمارِ ونوَّعَها، لِيدْفَعَ عنَّا السَّآمَةَ والمَلل! ولِيَجعَلَنَا نَتَفَكَّرُ في بَدِيعِ صُنعِ ربِّنا -عزَّ وجلَّ-.
والمؤمنُ يَشكُرُ اللهَ ويَعبُدُهُ حقَّ عبادتهِ على السَّراء والضَّراء، فشِدَّةُ الحرِّ من فيحِ جهنَّمَ، وشدَّةُ البردِ من زَمْهَرِيرِ النَّار، وفي الصَّحيحِ عن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ". نعوذُ باللهِ من حرِّ جهنَّمَ وزَمْهَرِيرِ النَّار.
عبادَ اللهِ: وفي الشِّتَاءِ فوائدُ وأحكامُ يحسنُ التَّذكيرُ بها، في الحديث قال: "الشِّتَاءُ ربيعُ المؤمن، طال لَيلُهُ فَقَامَهُ، وَقَصُرَ نَهارُهُ فَصَامَهُ". وكانَ ابنُ مسعودٍ إذا جاءَ الشِّتاءُ قال: "مَرْحباً بالشِّتَاء تَنْزِلُ فيه البَرَكَةُ، وَيَطُولُ فيه الليلُ لِلقِيامِ، وَيَقْصُر فيهِ النَّهارُ للصَّيامِ".
أيُّها الكرامُ: هذهِ نظرةُ رَسُولِنا وسلفِنا عن الشِّتاءِ، فما حالُ بعضنا مع الشِّتَاءِ؟! مع الأسف الشَّديدِ أضحى الشِّتاءُ عند بعضِنَا سِمَةً لِلنَّومِ والتَّخلُّفِ عن صلاةِ الفجر مع الجماعةِ! ونسوا أنَّ رَسُولَنا قَالَ: "إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". ألَمْ يعلم إخوانُنَا أنَّ "مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ"!! فأبشروا يا من تُجاهدونَ لِلقيامِ وتَمشونَ في الظُّلَمِ والبَردِ للصَّلواتِ فَلَكمُ النُّورُ التَّامُ يومَ القيامَةِ.
أيُّها المؤمنونَ: ومن غَنَائِمِ الشِّتَاءِ أنَّهُ فُرصةٌ للإكثارِ من الصِّيامِ فقد سمَّاهُ رسولُ اللهِ: "الغَنِيمةُ البَارِدَةُ"، "ومن صامَ يوماً في سبيلِ الله باعدَ اللهُ بينَهُ وبينَ جهنَّمَ مَسِيرَةَ مائةِ عامٍ".
عباد اللهِ: ومن أحكامِ الشِّتَاءِ أنْ نتذكَّرَ أهمِّيَةَ إسباغِ الوُضُوءِ خاصَّةً مع كثرةِ الملابسِ على اليدينِ والذِّراعينِ، وأنْ نُسفِرَ عن كاملِ فُرُوضِ الوُضُوءِ وَنَغْسِلَها كما أمرنا نبيُّنا، فقد رَأَى رَسُولُنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمًا يَتَوَضَّؤُونَ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ".
ومن أحكامِ الشِّتَاءِ أنْ نتذكَّر يُسرَ الشَّريعةِ بالمسحِ على الخُفينِ، وأنْ نعملَ بسنَّةِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- على علمٍ وبصيرةٍ، فعَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ -رضي اللهُ عنهما- قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: "دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا".
قالَ العلماءُ: ومن أحكامِ المسحِ على الخُفينِ، أنْ يَتِمَّ لُبسُ الْجورَبَينِ على طَهَارَةٍ. وأن لا يكونا نَجِسيَنِ، وأن يكونَ المَسحُ في الحدثِ الأصغرِ، أمَّا الحَدثُ الأكبرُ فلا بدَّ فيه نزعِ الخُفينِ وَغَسْلِ الرِّجلَينِ. وأن يكون المسحُ في الوقتِ المُحَدَّدِ شَرعاً وهو يومٌ وليلةٌ للمُقِيمِ وثلاثَةُ أيامٍ بليالِيهِنَّ للمُسافِرِ، وصفةُ المسحِ أنْ يَبُلَّ أصَابِعَ يَديهِ بالماء وَيَضَعُهُما مُفَرَّجَتَي الأصَابِعِ على مُقَدِّمَةِ رِجلَيهِ ثُمَّ يُمرِّهُمَا إلى بِدايَةِ ساقيه، اليمنى على اليمنى، واليُسرى على اليُسرى.
وإذا مسحَ وهو مُقيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَإنَّه يُتِمُّ مَسحَ مُسافِرٍ، وإذا كان مُسافراً ثُمَّ أَقامَ فَإنَّه يُتِمُّ مسحَ مُقيمٍ. وإنْ شَكَّ في ابتداءِ المَسحِ بَنى على اليقين وهو الأقلُّ، فلو نسيَ هل ابتدأَ بالمسحِ من الظُّهرِ أو العصرِ فإنَّهُ يَحسبُ من وقتِ الظهر، وإنْ صلَّى بِمسحٍ زَائِدٍ على المُدَّةِ أعادَ صَلاتَهُ بِوضُوءِ جَديدِ يَغسلُ فيه القَدَمَينِ. قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ".
وعلينا أنْ نَهتَمَّ بِنَظافةِ الجوربينِ حتى لا يكونَا مصدراً لِلرَّوائِحِ الكريهةِ، فـ"لا ضَررَ ولا ضِرارَ".
اللهمَّ انفعنا بالقرآنِ العظيمِ وبِهديِ سيِّدِ المرسلينَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذَنْبٍ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبةُ الثَّانيةُ:
الحمد لله الذي وَعَدَ الْمُنفقينَ مَغفرَةً منه وفَضَلاً، يُعطي ويمنعُ حكمةً منه وعدلاً، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له تعبُّداً لهُ ورِقّاً، ونشهدُ أنَّ نبيَّنَا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، أكملُ الخلقِ جُوداً وبِرّاً، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ.
أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُون).
أيُّها المؤمنُ: ومن فوائدِ الشِّتَاءِ أنَّهُ يُذكِّركَ بِحجمِ النِّعمةِ التي تَتفيأُ فيها، من لِباسٍ دافئ، ومسكنٍ آمنٍ دَافئ، وفِراشٍ وَثِيْرٍ دافئ، وتَقتَنِي في بَيتِكَ كُلَّ ما يَقِيكَ من شِدَّة البَردِ.
فَيا مؤمنون: لِنُحِبَّ لإخوانِنا ما نُحبُّه لأنفُسِنا، فإخوانٌ لنا جائِعُونَ ومن البردِ يَشتَكونَ! وإلى المولى يَجأرونَ! نعم إخوانٌ لنا لا يجدون وسائِلَ التَّدفِئةِ، ولا ما يتَّقونَ بهِ! والأموالُ عندنا مُتَيَسِّرَةٌ، والثِّيابُ زَائِدَةٌ، وَفي مُستَودَعَاتِنَا مُكَدَّسةٌ، أعلنت وسائِلُ الإعلامُ أنْ قُرَىً في أفغانستانَ والباكستانَ لقوا حَتْفَهم بسببِ مَوجاتِ البردِ القَارِسِ قبلَ ثلاثةِ أيامٍ! فيا مؤمنونَ: أنفقوا على إخوانِكم واكسوهم وواسوهم وأَدفِئُوهم، وتذكَّروا قولَ اللهِ تعالى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ).
أتـلـقَـانِي وبِي عَـوَزٌ وبَردٌ | ولا تَحنُو فَمَـا هذا الْجفَـاءُ |
فَإنْ حَـلَّ الشِّتَـاءُ فَأَدفِئُـونِِي | فإنَّ الشَّيـخَ آفَتُـهُ الشِّتَـاءُ |
أيُّها الأخُ المُباركُ: ومن فوائد الشِّتَـاءِ أنَّهُ فُرصَةٌ للتَّنَزُّهَاتِ العََائِلِيَّةِ، والشَّبابِيَّةِ، والمُخيَّماتِ العائليةِ، وهذهِ الاجتماعاتُ نعمةٌ وصِلَةٌ، وأُنسٌ واجتماعٌ، إذا خَلَت من المَحَاذِير الشَّرعيَّةِ، وَتَمَشَّتْ مع الآدابِ والأخلاقِ المَرعِيَّةِ، فرِسالتُنا الأولى والأخِيرةُ لكم -أيُّها الأولياءُ الكرامُ- بأن تحفظوا أَبنَاءَكُم وبَناتكم عن كلِّ ما يَخدِشُ الحياءَ والفضيلَةَ، فأنتمُ المسئولونَ والْمُحاسبونَ عندَ اللهِ وأمامَ خلقِ اللهِ! (فكلُّكمْ راعٍ ومسئولٌ عن رَعِيَّتِهِ)، فلا تَرضَوا بتَهَوِّر أولادِكِم بالسَّيَّاراتِ أو الدَّراجاتِ النَّاريَّةِ، وإنْ أعَدُّوا لهمُ السَّاحاتِ والمِهرَجاناتِ فإنَّ هذا واللهِ سفهٌ وعبَثٌ، واللهُ يقولُ: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)، وبالأمسِ القريبِ يقضي أحدُ الْمُتسابقينَ المَشهورينَ حتفَهُ في مَيدانٍ لِسباقِ الدَّراجاتِ النَّاريَّةِ أمامَ مرأىً من النَّاسِ! غفَرَ اللهُ لهُ، فباللهِ عليكم مَن المسؤولُ عن هذا العبثِ والطَّيشِ؟! واللهِ إنَّهم بِذَلِكَ يَتَحَمَّلُونَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا! والأنكى والأمَرُّ أنْ يوجدَ عَبَثٌ وطَيشٌ من الفَتياتِ بالعبثِ بالسَّيَّاراتِ والدَّراجاتِ بِحُجَّةِ التَّمشِيَةِ حولَ الْمُخيَّماتِ، وهذا ما لا يُقبلُ عقلاً ولا شَرْعاً!
في الحديثِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِي اللَّه عَنْهمَا- أنَّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ". وكم سمعتُم وسَمعنَا عن فَتَياتٍ في سِنِّ الزُّهور تَعَرَّضنَ للخطفِ والتَّحَرُّشِ أو الحوادثِ والوفاةِ حَمانا اللهُ وإيَّاكم وذَرَارِينا والْمسلمينَ أجمعينَ.
أيُّها المؤمنونَ: لا يعني خرُوجُنا إلى الْمُتَنَزَّهاتِ أنْ نغفُلَ عن إقامَةِ الأذانِ والصَّلواتِ! بلِ الواجبُ تَفَقُّدُ الأولادِ والبَنَاتِ لإقامَةِ الصَّلاةِ على وقْتِها؛ يقولُ تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا).
أيُّها الأولياءُ الكرامُ: يُعلَنُ بينَ الفينَةِ والأخرى عن إقامةِ مَهرَجَانَاتٍ وفَعَاليَّاتٍ يَختَلِطُ فيها الرِّجالُ بالنِّساءِ، وَيَقِلُّ فيها الْحِشمَةُ والْحَياءُ، فاحفظوا نساءَكم وأهلِيكم -حَفِظَكمُ اللهُ-، وتَواصَلوا مع المسؤولينَ والْمُنَظِّمينَ تَكُونوا من الْمُفْلِحينَ، فإنَّ اللهَ يقولُ: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، وإذا تظاهرَ النَّاسُ بالمنكر وأعلنوه جَهارًا وجبَ إنكارُه، فإنْ سَكَتُوا جَميعاً فالكلُّ عُصاةٌ، هذا بفعلِهِ وذاكَ برضاه، فعَنْ جَرِيرِ ابن عبدِ الله -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ فَلَا يُغَيِّرُوا إِلَّا أَصَابَهُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمُوتُوا".
فاللهم اجعلنا من الآمرينَ بالمعروف والنَّاهينَ عن المنكرِ. اللهم وفِّقنا لِما تُحبُّ وترضى، وزيِّنا بزينة الإيمان والتقوى، واجعلنا هداة مهتدين.