العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - صلاة العيدين |
إن البشر الآن في كل الدول والأمم يخشون أمرين عظيمين، ويحاذرون من آثارهما، ويراقبون نتائجهما: يخافون على معايشهم من الأزمة المالية، ومن بوادر الكساد الاقتصادي الذي يلوح في الأفق، ويخافون على آجالهم جراء وباء الخنازير الذي انتشر في سائر الدول، وفتك بمئات البشر.. إنهم في ترقب لآثار هاتين النازلتين الكبيرتين، وحُقَّ لهم أن يخافوا ..
الحمد لله العفو الرحيم، الجواد الكريم؛ سبقت رحمته غضبه فرحم عباده، وقضى عفوه على عقوبته فرفع العذاب عنهم..
الحمد لله رب العالمين، هو أهل الحمد، ويحب الحمد، وفرض حمده في كل ركعة نصليها، فله الحمد كالذي نقول وخيراً مما نقول.. نحمده على نعمة الإسلام، ونحمده على إدراك رمضان، ونحمده على الصيام والقيام، ونسأله القبول والثواب..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عزيز لا يضام، وجبار لا يرام، وقيوم لا ينام.. له معاقد العز والكبرياء، ومجامع العظمة والإجلال، خلق ملائكةً لعبادته فهم قُنُوتٌ رُكَّعٌ سُجَّدٌ لله تعالى مذ خُلقوا، فلما تجلى ربهم لهم ونظروا إليه لهجوا يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، فنتأسى بهم ونقول: سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك.. ومهما اجتهدنا فلن نقوم بحقك علينا، ولن نكافئ نعمك فينا، اللهم فاقبل عملنا، واغفر زللنا، وتجاوز عن جهلنا وخطئنا وغفلتنا فلا قوة لنا إلا بك، ولا ملجأ لنا منك إلا إليك.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ يلهمه الله تعالى في الموقف العظيم محامد لم تفتح لأحد قبله، فيسجد تحت العرش يحمد الله تعالى بها، ويشفع للناس فيقبل الله تعالى في ذلك الموقف العظيم شفاعته ويقول سبحانه: "يا محمد، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لك، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ " صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وعلى صحابته الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر؛ نصبت له أركان المؤمنين، الله أكبر؛ خشعت له قلوب المخبتين، الله أكبر؛ سحت له أعين المتقين، يرجون رحمته وثوابه، ويخافون غضبه وعذابه (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) [الإسراء:57] اللهم فلا تخيب رجاء الصائمين القائمين، ولا تحبط عملهم، ولا ترد سعيهم، اللهم بلغهم أملهم، وأعطهم سؤلهم، وأفض عليهم من خزائن جودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الناس: احمدوا الله ربكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ فإنكم لو عددتم ما تعلمون من نعمه عليكم لمضت أعماركم في عدها ولن تحصوها، وما جهلتم من فضل الله تعالى ونعمه عليكم أكثر مما علمتم (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا) [إبراهيم:34].
أنى لنا -يا عباد الله- بشكر ربٍ أوجدنا ولم نك شيئاً (أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) [مريم:67] وهدانا لدينه ولولاه لما اهتدينا (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) [البقرة:198] وخصنا بأحسن كتاب (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ) [الزُّمر:23] واختار لنا أفضل شريعة (صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً) [البقرة:138] وكتبنا في خير أمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران:110] وكل عمل صالح عملناه فبهدايته وتوفيقه وإعانته، ثم يجزينا عليه أعظم الجزاء وهو محض فضله علينا.
أنعم سبحانه علينا في أنفسنا وأهلنا وأولادنا وبيوتنا وبلادنا، وما من شأن إلا ونرى لله تعالى فيه علينا نعماً وآلاءً، وما جهلناه من نعمه علينا أكثر مما عرفناه!! فلله الحمد بكل نعمة أنعم بها علينا، لا نحصي ثناء عليه كما أثنى هو على نفسه.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الصائمون القائمون: إن كان الله تعالى قد أنعم عليكم فهداكم لصيام رمضان وقيامه، ووفقكم سبحانه لصلاته ودعائه وتلاوة كتابه، والتقرب إليه بأنواع البر والإحسان - فاشكروا الله تعالى على ذلك بقلوبكم وأقوالكم وأفعالكم، وواصلوا العهد بعد رمضان، فإن ربكم يعبد في كل زمان..
يا أهل رمضان.. يا قراء القرآن.. يا أصحاب الليل والتهجد والدعاء.. إياكم أن تتركوا لذة المناجاة بعد رمضان؛ فإن ربكم -عز وجل- يتودد إليكم في كل آن، فتقربوا إليه بصالح الأعمال، فلا غنى لكم عنه، ولا حاجة له إليكم، واعلموا أن الدنيا إلى زوال، ولا يبقى لكم إلا ما عملتم فيها (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197].
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إن لله تعالى مع خلقه سنناً لا تتبدل، وله -سبحانه- عادات لا تتغير، فيجزي الطائعين إحساناً ويزيدهم من فضله، ويعذب العاصين بما كسبت أيديهم .. لكنه -عز وجل- يملي لهم ويمهلهم، فإذا أخذهم لم يفلتهم، وعذابه حين ينزل يكون بغتة (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ العَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [العنكبوت:53] ويكثر في القرآن لفظ بغتة في الإخبار عن العذاب الدنيوي أو عن قيام الساعة.
إن من استعرض آيات القرآن يجد فيها أحوال المعذبين وكيف جاءهم العذاب، ويعرف سنة الله تعالى في إنزال عقوباته (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) [الأعراف:4] (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) [النحل:46] (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) [النحل:47].
إنهم بشر قبلنا عذبوا فقص الله تعالى علينا أخبارهم؛ لنعتبر بما جرى لهم، ولكيلا نغتر بما أفاض الله تعالى علينا من النعم، وما دفع عنا من النقم .. إن عذاب الله تعالى أنواع، وجنده كثير يسلط من جنده ما شاء على من شاء فيكون عذابهم..
إن من سنته سبحانه في العقوبات أنه يمس عباده بشيء من عذابه؛ ليتوبوا إليه، ويتضرعوا بين يديه، ويستكينوا لعظمته، ويذلوا لجبروته، لكنهم إن أصروا على استكبارهم، وتمادوا في غيهم أهلكهم بعذابه، وأبدل بهم غيرهم؛ كما وقع لفرعون وجنده؛ فإن الله تعالى أنذرهم بالآيات، وذكرهم موسى -عليه السلام- بالمثلات، وخوفهم بالعقوبات.
لقد مسهم الله تعالى في اقتصادهم ومعايشهم بالنقص لعلهم يرجعون (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف:130] ثم أرسل الله تعالى عليهم جملة من آياته يخوفهم وينذرهم (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالجَرَادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ) [الأعراف:133] لكنهم لم يرجعوا إلى ربهم، ولم ينتهوا عن غيهم، فأرسل الله تعالى عليهم الرجز وهو عذاب أشد من الآيات الأولى، فانتشر فيهم وباء عظيم أهلك في يوم واحد منهم سبعين ألفاً، حتى أمسوا لا يتدافنون من كثرة الموتى، فلجئوا إلى موسى عليه السلام يسألونه أن يدعو ربه عز وجل برفع الرجز، وأعطوه مواثيقهم على الإيمان برسالته إن عافاهم الله تعالى من الوباء، وأزاله عن ديارهم، فرفعه الله تعالى عنهم، ولكنهم نكثوا عهدهم، وأخلفوا وعدهم، وعادوا إلى غيهم واستكبارهم فحق عليهم عقاب الله تعالى فأغرقهم وقد أعذرهم وأنذرهم (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي اليَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) [الأعراف:134-136].
إن حال البشر اليوم يشبه حالهم آنذاك.. يرسل الله تعالى عليهم الآيات تلو الآيات، وينذرهم ويخوفهم، وقليل منهم من يتذكر..
لقد انتشر الظلم والبغي بين الأفراد والدول، وأُكلت الحقوق، وضُيعت الأمانات، وجاهر كثير من الناس بالمحرمات، وضيقوا سبل الحلال، وعمَّ الكسب الخبيث دور الاقتصاد والمال، وحُوربت شرائع الله تعالى في أكثر البلدان، وتالله إن بعض ذنوب البشر اليوم لموجبة لأشد العقوبات، ولكن الله تعالى غفور حليم، يملي لعباده ويمهلهم، ولا يعجل عقوبتهم مع قدرته عليهم (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون:95] فما نحن إلا عبيده، أسرى بين يديه، خاضعون لملكه وجبروته (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا) [الإنسان:28].
إن البشر الآن في كل الدول والأمم يخشون أمرين عظيمين، ويحاذرون من آثارهما، ويراقبون نتائجهما: يخافون على معايشهم من الأزمة المالية، ومن بوادر الكساد الاقتصادي الذي يلوح في الأفق، ويخافون على آجالهم جراء وباء الخنازير الذي انتشر في سائر الدول، وفتك بمئات البشر.. إنهم في ترقب لآثار هاتين النازلتين الكبيرتين، وحُقَّ لهم أن يخافوا؛ لتعلقهما بأرزاقهم وآجالهم، ولكن أهل الإيمان يسترشدون فيما يعرض لهم بهدي الكتاب والسنة، ويعلمون أن ما أصاب البشر فبسبب ذنوبهم، ولا يظلمهم الله تعالى شيئاً، وكما أنهم يؤمنون أنه ما نزل بلاء إلا بذنب فإنهم كذلك يوقنون أنه لا يرفع إلا بتوبة.
إن أهل الإيمان هم المؤهلون لرفع العذاب عن البشرية جمعاء بإيمانهم وتوبتهم ودعائهم، وقد رفع الله تعالى العذاب عن كفار مكة بوجود مؤمنين مصلين قانتين داعين في أوساطهم (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الفتح:25] وفي شأن الدعاء (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ) [الفرقان:77] وفي شأن التوبة والاستغفار (وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال:33].
فاحذروا غضب الجبار سبحانه ونقمته فإن ربكم يستعتبكم فأعتبوه، ويستخرج دعاءكم وتضرعكم فاضرعوا له، ولا تكونوا كالذين أخبر الله تعالى عنهم بقوله سبحانه: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون:76].
ادرءوا عذاب الله تعالى عنكم بالاستغفار، وارفعوه بالتوبة، وادفعوه بالدعاء؛ فإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، مع الأخذ بالأسباب المادية المشروعة؛ فإن كل ذلك بقدر الله تعالى وتحت قهره.
إن أهل الإيمان موقنون أن الأرزاق والآجال بيد الله تعالى لا يزيدها حرص حريص، ولا يُنقصها تفريط مفرط، وأن الحذر لا ينجي من القدر، وأن النفع والضر لا يملكهما أحد إلا الله تعالى، وأن ما شاء سبحانه كان، وما لم يشأ لم يكن، فتستروح قلوبهم للتسليم بالقدر، وترتاح عقولهم من التفكير في المصير، مُسَلِّمين أمرهم لله رب العالمين (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام:17].
اللهم فارزقنا الإيمان بقدرك، وارفع الغلاء والوباء عنا وعن المسلمين، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء مكروه يا رب العالمين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيتها المرأة المسلمة.. أيتها الصائمة القائمة: إن مكر الأعداء على الإسلام وأهله كبير، وإن كيدهم عظيم، وقد رأوا أن المرأة هي بوابتهم لإفساد الشرق المسلم، وصبغه بصبغة الغرب المتحلل.. إنهم يريدون رقها باسم تحريرها، ويطمعون في عرضها وعفافها باسم تكريمها..
يريدون رفع ولاية الآباء عن البنات، وإلغاء قوامة الأزواج على الزوجات تحت شعار إلغاء وصاية الرجل على المرأة، وإذا تخلى الولي عمن تحته من النساء طمع فيهن أغراب الرجال وأراذلهم، ونالوا مبتغاهم منهن رغباً أو رهباً، ومن رأى المجتمعات التي سبقت في ميدان إفساد المرأة باسم تحريرها تبين له أن المرأة استقوت على أهلها وأوليائها لكنها استُضعفت عند الأغراب حين غاب حاميها، فأهانوها وأذلوها، ودنسوا كرمتها، وانتهكوا حرمتها، وتركوها أسيرة همومها وأحزانها..
إن الله -عز وجل- ما شرع المحرمية للمرأة، وجعل الرجل لها ولياً وعليها قواماً إلا لحمايتها وصيانتها، وليس لإهانتها وعبوديتها كما يزعم الأفاكون من الكفار والمنافقين..
هل يخالج الشكَّ امرأةٌ مؤمنة بالله تعالى أن الله -تعالى- أرحم بها من والديها وأهلها والناس أجمعين؟! بل هو سبحانه أرحم بها من نفسها، وهو العليم الخبير، وهو أحكم الحاكمين، وأعدل المشَرِّعين، وهو من شرع المحرم للمرأة، وجعل الرجل وليَّاً لها وقيِّماً عليها.. هل يليق بمؤمنة أن تترك شرع الله تعالى وتنبذه وراءها ظهرياً وتتجه لأقوال أهل الجهالة وعبيد الشهوة من الكفرة والمنافقين..
كيف؟! وقد ثبت للمرأة أنهم حين وسعوا عملها، وأقحموها في كل ميدان وخلطوها بالرجال كانوا هم المتسلطين على عفافها.. يبتزونها في عرضها، ويساومونها على حجابها ودينها، ويريدون عريها وانحلالها، وحوادث ابتزاز العاملات مع الرجال ما باتت تخفى على أحد..
فهل تفرط مسلمة في تكريم الله تعالى لها، وتنبذ شريعته لتستبدل بها إهانة الرجال لها، وتسلطهم عليها وعلى عفافها.. لا يرضى بمثل هذا إلا من استبدلت الإهانة بالكرامة، والذلة بالعزة، والفساد بالصلاح، والله لا يصلح عمل المفسدين..
فإياك يا أمة الله أن تُخدعي بدعاواهم، أو ينطلي عليك تزويرهم فإن الله تعالى قد وصف المنافقين بأنهم إن قالوا سُمع لقولهم، وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته " كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمَ اللِّسَانِ " وما أكثرهم في زمننا هذا لا كثرهم الله تعالى..
حفظ الله تعالى نساء المسلمين بحفظه، وأفاض عليهن من بره، وأسبغ عليهن ستره، وكفاهن شرَّ المفسدين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: ابتهجوا بعيدكم في حدود ما أحل الله تعالى لكم، فبروا والديكم، وصلوا أرحامكم، وأحسنوا إلى جيرانكم، واحنوا على صغاركم، وأدخلوا السرور على أسركم فإن اليومَ يومُ عيد لهم، فاحتسبوا اللهو المباح معهم والتوسعة عليهم عبادة تتقربون بها إلى الله تعالى كما تقربتم له بالصيام والقيام؛ فإن العيد شعيرة من شعائر الله تعالى، وإن الفرح مظهر من مظاهره، فافرحوا بنعمة الله تعالى عليكم، وهدايته لكم، وأظهروا السرور والحبور بهذا اليوم العظيم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين..
وتذكروا في عيدكم إخواناً لكم جرت عليهم أقلام المقادير بما يحول بينهم وبين الفرح بالعيد: منهم الزمنى والمرضى، ومنهم المحاصرون والمسجونون والأسرى، ومنهم المشردون واللاجئون، ومنهم أيامى ويتامى لا يجدون بلغة من عيش، فلا تنسوهم في يوم فرحكم.. أعينوهم في نوائبهم، وشاركوهم همومهم، وخصوهم بدعائكم، وتصدقوا عليهم فإن الله يجزي المتصدقين..
وأتبعوا رمضان بصيام ستة أيام من شوال؛ فإن من صامها مع رمضان كان كمن صام الدهر كله كما جاء في الحديث..
أعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى أمة الإسلام جمعاء باليُمْنِ والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال..
إن الله وملائكته يصلون على النبي...