الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | عبدالله بن عياش هاشم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
وخير أيام الأسبوع يوم الجمعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ" رواه مسلم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله...
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه أن جعلكم في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- خير الأمم، فهم آخر الأمم في الدنيا، ولكنهم في الآخرة أول الناس "يُقْضَى بينهم، وأَوَّلُهم دُخولًا الجنة" رواه مسلم.
لقد قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "نَحْنُ الآخِرُونَ، السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ كُلُّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتينَا مِنْ بَعْدِهِمْ؛ فَهذَا الْيَوْمُ الَّذي اخْتَلَفُوا فِيهِ؛ فَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى" متفق عليه...
فنحمدك -يا ربنا- أن جعلتنا في خير الأمم، ونسألك -يا الله- أن تتم نعمتك علينا فتبعثنا في خير الأمم يوم القيامة.
وخير أيام الأسبوع يوم الجمعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ" رواه مسلم.
وإنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه-: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:3].
قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ" رواه البخاري.
عباد الله: إنَّ يوم الجمعة عيد الأسبوع؛ لذلك يستحب لها التنظف والتطهر والاغتسال والتطيب، واللبس من أحسن الثياب، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ هَذَا يَوْم عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلْيَغْتَسِلْ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ" رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وقد قال بوجوب الاغتسال لصلاة الجمعة جمعٌ من أهل العلم، واستدلُّوا بحديث الصحيحين عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ"، وفي رواية قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طيبًا، إِنْ وَجَدَ".
وعامة أهل العلم على أن الغسل والتطيب يوم الجمعة سنة مستحبة، لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ" رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وأحمد وغيرهم.
أيها الأحبة: إن التبكير لصلاة الجمعة من أعظم سننها، ففي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ".
وعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى" متفق عليه.
أيها المسلمون: إنَّ الله أوجب حضور صلاة الجمعة على كل مقيم في بلد من المسلمين، وحرَّم الاشتغال عن صلاة الجمعة بالبيع والشراء أو غيره، فقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة:9-10].
وتوعَّد النبي -صلى الله عليه وسلم- من تخلف عنها أشدَّ الوعيد فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ" رواه مسلم عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة y.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِىِّ.
بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- همَّ بأمر عظيم جدًا، ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ".
أحبتي: أوجب الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على من حضر صلاة الجمعة أن يكون حريصًا على سماع خطبتها، راغبا في الانتفاع منها، واستيعاب ما فيها من عِلْم وذِكْر وفقه، وحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من التشاغل عنها بأدنى شغل، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَة ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا" رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
بل منع فعل بعض الواجبات أثناء الخطبة، كالنصيحة، ففي الصحيحين، عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ".
ومن دلائل نيل فضل الجمعة، وتحصيل أجرها، الحرص على سماع الخطبة، والإنصات لها، بالحرص على الصفوف الأُوَل، حتى يكون قريبًا من الإمام، فينصت له بصمت واهتمام، فيعي ما يقول، جاء في مستدرك الحاكم وسنن أبي داود، وحسَّنَه الألباني، من حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "احْضُرُوا الذِّكْرَ، وَادْنُوا مِنَ الْإِمَامِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ دَخَلَهَا".
عباد الله: في يوم الجمعة ساعة يستجيب الله -تعالى- دعاء من دعاه، ففي الصحيحين، عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: "فيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا".
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لاغتنامها، والفوز بفضلها.
الخطبة الثانية:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب على من دخل المسجد في أي وقت، أن يشرع في الصلاة قبل أي شيء، ففي الصحيحين، عن أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ".
فتحية المسجد ركعتان يؤديهما المسلم إذا دخل المسجد، حتى لو كان في وقت خطبة الجمعة، فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَخْطُبُ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ قَدْ خَرَجَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" متفق عليه.
وعنه -رضي الله عنه- أيضًا قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَقَالَ: "أَصَلَّيْتَ؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" متفق عليه.
وفي رواية عند مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله -رضي الله عنه-، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: "يَا سُلَيْكُ، قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا"، ثُمَّ قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا".
عباد الله: يقول حبيبكم -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا من الصلاة علي فيه، فإن صلاتكم يوم الجمعة معروضة علي" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه واللفظ له وصححه الألباني.