اللطيف
كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
إذا تقرر ذلك -أيها الإخوة- وعُلم ما في إطلاق البصر بالنظر من الخطر على الناس رجالاً ونساء؛ فإن المحنة بذلك شديدة في هذا العصر، والبلاء به عظيم؛ إذ إن من أكبر سمات هذا العصر: كثرة النساء السافرات المتبرجات، وانتشار ظاهرة العري والاختلاط في الأرض، ولو قيل: إن أكثر معصية يقع فيها الناس
الحمد لله الخلاق العليم؛ خلق البشر ومطلع على ما تكن صدورهم وما يعلنون (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19] نحمده على نعمه، ونشكره على مننه؛ فهو خالقنا ورازقنا وكافينا وممدنا، خلقنا في أحسن تقويم، وركب فينا الحواس والعقول، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [السجدة:7-9] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ بيده أرزاقنا وآجالنا، ويملك أسماعنا وأبصارنا، ويدبر أمورنا، ولا قوة لنا إلا به، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله تعالى حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه، واعلموا أنه قادر عليكم، عالم بكم، أقرب شيء إليكم (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ) [ق:16].
أيها الناس: نعمة الأبصار من النعم العظيمة التي امتن الله تعالى بها على العباد مع نعمتي الأسماع والعقول؛ فبها ينظرون إلى عجائب قدرة الله تعالى وبديع صنعه في البر والبحر والأرض والسماء (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) [يونس:101] (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ) [العنكبوت:20]. وبها يبصر الناس العلوم والمعارف ويقرءونها، وبها يتمتعون بما أودعه الله تعالى في الكون من جمال الخلق.
والبصر قوة للمبصر، لا يحتاج معه إلى دليل في سيره، ويتقي به المخاوف، وبه يحرز ماله، ويدرأ عن نفسه، ولا يطمع فيه الأعادي واللصوص..
امتن الله تعالى به علينا، وأمرنا بشكره سبحانه على هذه النعمة العظيمة (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل:78] ولكن شكر هذه النعمة في الناس قليل (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [الملك:23].
ولعظيم نعمة الإبصار، وكثرة منافعها، وشده الحاجة إليها كان فقدها مصيبة كبيرة يعوض الله -تعالى- من صبر عليها الجنة؛ كما في حديث أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الله قال: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ يُرِيدُ عَيْنَيْهِ " رواه البخاري. فسميت العينان في الحديث حبيبتين لعظمة هذه النعمة وفخامتها.
ولكن هذه النعمة العظيمة تنقلب إلى نقمة حين يطلقها صاحبها فيما حرم الله تعالى عليه، فيكتسب بها آثماً كثيرة، ويحمل بسببها أوزاراً ثقيلة؛ ذلك أن العبد يُسأل يوم القيامة عن نعمة البصر فيم سخرها، وكيف انتفع بها، فإن سخرها فيما يرضي الله تعالى عادت عليه بالخير والأجر، وإن سخرها في معصية الله تعالى باء بالإثم والوزر، يقول الله تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36] وأخبرنا ربنا جل جلاله أن الأبصار تكون من الشهود يوم القيامة (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [فصِّلت:20] وثبت في الأحاديث أن العبد يُختم على فيه وتنطق جوارحه بأعماله السيئة، ومن جوارحه عيناه تشهدان عليه بما نظر إليه.
وجاء نهي صريح في القرآن عن الاغترار بزينة الدنيا، وإدامة النظر إلى المباح منها؛ لئلا تتعلق القلوب بها، فكيف إذن بالمحرمات؟! (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) [طه:131] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " يتناول النظر إلى الأموال واللباس والصور وغير ذلك من متاع الدنيا... وذلك أن الله تعالى يمتع بالصوركما يمتع بالأموال، وكلاهما من زهرة الحياة الدنيا، وكلاهما يفتن أهله وأصحابه، وربما أفضى به إلى الهلاك دنياً وأخرى. والهلكى رجلان: فمستطيع وعاجز؛ فالعاجز مفتون بالنظر ومدِّ العين إليه، والمستطيع مفتون فيما أوتي منه غارق قد أحاط به ما لا يستطيع إنقاذ نفسه منه " ا.هـ.
إن ربنا -تبارك وتعالى- محاسبنا على أعمالنا، ويجازينا بها، وقد أمرنا بغض أبصارنا عما حرم علينا، فخص الرجال بقوله -سبحانه-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30] وخص النساء بقوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:31] فكما أنه لا يجوز للرجل أن يقصد النظر إلى المرأة التي لا تحل له، فكذلك المرأة لا يجوز لها أن تقصد النظر إلى الرجال الأجانب عنها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب من الرجال بشهوة ولا بغير شهوة أصلاً ".
إن التلذذ بالنظر المحرم إلى النساء بالنسبة للرجال، أو للرجال بالنسبة للنساء سواء كان ذلك مباشرة أو في الأفلام أو في الصور أو غير ذلك - هو نوع زناً يقع فيه العبد لا محالة؛ لقوة الداعي، وضعف النفس، وغلبة الهوى، وتسلط الشيطان، وتعدد وسائل الإغراء والإغواء؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الله كَتَبَ على بن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تتمنى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ أو يكذبه " رواه الشيخان.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، وما ذاك إلا لعظيم افتتان الرجل بها قال العلماء: " معناه: الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها؛ لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً ".
وفتنة الرجل بالنساء أعظم من فتنته بأي شيء آخر، كما في حديث أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ " متفق عليه. وهي أول فتنة وقع فيها بنو إسرائيل كما جاء في الحديث.
والاستئذان إنما جعل لأجل النظر، ومن تلصص على الناس في بيوتهم فطعنه صاحب الدار فأذهب عينه فهو هدر، لا قصاص له ولا دية؛ لما جاء في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال أبو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: " لو أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بحصاه فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لم يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ " رواه الشيخان، وجعل الشارع الحكيم للطريق حقوقاً من أهمها غض البصر.
ولأجل هذا التشديد في غض البصر عن محارم الله تعالى كان السلف حذرين جداً من إطلاق أبصارهم، ويربون غيرهم على الاحتراز في النظر؛ طاعة لله تعالى، وشكراً له على هذه النعمة الجليلة، وتسخيراً لها فيما يرضيه سبحانه، وحذراً من اكتساب الآثام، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: " من أطلق طرفه كان كثيراً أسفه ". وقال له أخوه: " إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن، فقال: اصرف بصرك ". وكان في دار مجاهد رحمه الله تعالى عُلِّيَّةٌ قد بنيت -وهي الغرفة في الأعلى- فبقي ثلاثين سنة ولم يشعر بها. وذلك لمحافظته على بصره وعدم إطلاقه، وخرج حسان بن أبي سنان رحمه الله تعالى يوم عيد, فلما عاد قالت له امرأته: " كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: والله ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك " وقال خالد ابن أبي عمران رحمه الله تعالى: " لا تتبعن النظرة النظرة فربما نظر العبد نظرة نَغَلَ منها قلبه كما ينغل الأديم فلا ينتفع به ". أي: يفسد فساداً لا صلاح بعده. وقال العلاء بن زياد رحمه الله تعالى:" لا تتبع بصرك رداء امرأة فإن النظرة تجعل في القلب شهوة ". وسئل الإمام أحمد عن الرجل ينظر إلى المملوكة؟ قال: " إذا خاف الفتنة لا ينظر، كم نظرة قد ألقت في قلب صاحبها البلابل ". وقيل له رحمه الله تعالى: " رجل تاب وقال: لو ضُرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية غير أنه لا يدع النظر، قال: أي توبة هذه؟! ".
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: " وإنما بالغ السلف في الغض حذراً من فتنة النظر وخوفاً من عقوبته، فأما فتنته فكم من عابد خرج عن صومعته بسبب نظرة؟! وكم استغاث من وقع في تلك الفتنة؟! " ا.هـ.
نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعن المسلمين، وأن يهدي ضالنا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يرزقنا غض أبصارنا عما حرم علينا، إنه جواد كريم.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده على ما أعطى، ونشكره على ما أولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه في السر والعلن، واجعلوه أعظم الناظرين إليكم (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1] قال رجل لوهيب بن الورد: " عظني، قال: اتق أن يكون الله تعالى أهون الناظرين إليك ".
أيها المسلمون: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأَعَمَرُ طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " النّظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف: النظر سهمُ سمٍّ إلى القلب ".
وكان بعض السلف يحاسب نفسه على هفوة واحدة، ونظرة خاطفة، في حالة ضعف بشري؛ كما روى الأوزاعي رحمه الله تعالى قال: " إن غزوان وأبا موسى الأشعري كانا في بعض مغازيهم فكشفت جارية فنظر إليها غزوان فرفع يده فلطم عينه حتى نفرت فقال: إنكِ لَلَحَاظَّة إلى ما يضرك ولا ينفعك، فلقي أبا موسى فسأله فقال: ظلمت عينك فاستغفر الله وتب؛ فإن لها أول نظرة وعليها ما كان بعد ذلك ".
ومن الصالحين من أرجع عقوبة أصابته إلى النظر الحرام، قال عمرو بن مرة رحمه الله تعالى: " نظرت إلى امرأة فأعجبتني فكُفَّ بصري فأرجو أن يكون ذلك جزائي".
والعقوبة على إطلاق البصر في الحرام قد لا تقع إلا بعد حين قال أبو عبد الله بن الجلاء: " كنت واقفاً أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه فمر بي أبو عبد الله البلخي فقال: إيش وقوفُك؟ فقلت: يا عم، ما ترى هذه الصورة تعذب بالنار؟! فضرب بيده بين كتفي وقال: لتجدن غِبَّها ولو بعد حين، قال ابن الجلاء: فوجدت غبها بعد أربعين سنة أُنسيت القرآن ".
إذا تقرر ذلك -أيها الإخوة- وعُلم ما في إطلاق البصر بالنظر من الخطر على الناس رجالاً ونساء؛ فإن المحنة بذلك شديدة في هذا العصر، والبلاء به عظيم؛ إذ إن من أكبر سمات هذا العصر: كثرة النساء السافرات المتبرجات، وانتشار ظاهرة العري والاختلاط في الأرض، ولو قيل: إن أكثر معصية يقع فيها الناس في هذا الزمن هي إطلاق البصر في المحرمات لما كان ذلك بعيداً؛ إذ إن المحرمات تحاصر الناس في كل مكان؛ فالأسواق تعج بالمتبرجات المستعرضات اللائي يفتنَّ الناس، والمستشفيات فيها من سفور النساء واختلاطهن بالرجال ما لا يخفى على أحد، وفي المطارات والطائرات ما هو أكثر من ذلك، ومن سافر خارج البلاد فلا تكاد عينه تقع إلا على حرام، ولا تسلم من ذلك إلا في فترات النوم؛ إذ إن التكشف والعري هو صفة أكثر بلاد الدنيا.
وأعظم من ذلك أن معصية النظر إلى المحرمات قد تقحَّمت على الناس بيوتهم، وغزتهم في مجالسهم وفرشهم؛ حيث الفضائيات المليئة بأنواع النساء الرخيصات اللواتي يعرضن أجسادهن ومفاتنهن للمشاهدين في أغان ماجنة، وأفلام هابطة وغير ذلك، حتى أضحت صناعة الفتنة بالمرأة بضاعة رائجة في الفضائيات والمجلات وغيرها؛ لإفساد قلوب الناس، وزيادة آثامهم، والإمعان في إضلالهم، وكم من قلب سليم معافى راح ضحية لهذه الصور والأفلام؟! ففسد بعد الصلاح، وانتكس بعد الرشاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، ولا عصمة إلا به سبحانه أمام هذا البلاء الذي عمَّ وطمَّ في هذا العصر، فلم يسلم منه إلا النادر من الناس.
وأضحى كبح النفس عسيراً، وغض البصر ثقيلاً؛ فإن كثرة الإمساس أذهبت إحساس كثير من الناس، والواجب على العباد مجاهدة نفوسهم على غض الأبصار، ومجانبة ما يُظَنُّ فيه كثرة الحرام قدر المستطاع، مع دوام التوبة والاستغفار، وعدم اليأس والاستسلام للشيطان؛ فإنه إن ظفر اليوم بإصرار العبد على إطلاق بصره في الحرام، والتلذذ به؛ قاده غداً إلى الفاحشة الكبرى، نعوذ بالله تعالى من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ونسأله العصمة لنا وللمسلمين أجمعين..
وصلوا وسلموا على نبيكم....