القابض
كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
وَالْإِنْسَانُ بِلَا عَمَلٍ وَلَا إِنْجَازٍ لَيْسَ إِلَّا رَقَمًا بَشَرِيًّا، مِثْلُهُ مِثْلُ أَيِّ قِطْعَةٍ مِنَ الْأَثَاثِ. وَفِي الْبَشَرِ أُنَاسٌ عَمَّرُوا حَتَّى جَاوَزُوا الماِئَةَ، وَحَصَدُوا أَرْقَامًا قِيَاسِيَّةً فِي كَوْنِهِمْ أَطْوَلَ النَّاسِ عُمُرًا فِي وَقْتِهِمْ أَوْ بَلَدِهِمْ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ إِنْجَازٍ يُذْكَرُ، وَلَا يُعْرَفُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّهُ عُمِّرَ طَوِيلًا، وَعُمُرُهُ لَيْسَ بِيَدِهِ وَلَا مِنْ سَعْيِهِ وَكَدِّهِ.
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ؛ أَمَرَ بِالسَّعْيِ وَالْكَسْبِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ كَسْبَ الْإِنْسَانِ لَهُ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [النَّجم: 39]، نَحْمَدُهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى جَزِيلِ عَطَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْقُلُوبَ مَحَلَّ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، وَالْأُنْسِ وَالْوَحْشَةِ، وَالضَّيْقِ وَالسَّعَةِ؛ فَمَنْ سَعِدَ قَلْبُهُ فَلَنْ يَشْقَى وَلَوْ عُذِّبَ بَدَنُهُ، وَمَنْ شَقِيَ قَلْبُهُ فَلَنْ يَسْعَدَ وَلَوْ نُعِّمَ بَدَنُهُ: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، كَانَ قَبْلَ هِجْرَتِهِ يَكْسِبُ رِزْقَهُ بِعَمَلِهِ وَعَرَقِهِ، وَبَعْدَ هِجْرَتِهِ جُعِلَ رِزْقُهُ تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِهِ، فَعَمِلَ لِلدُّنْيَا مَا يُقِيمُ أَوْدَهُ، وَعَمِلَ لِلْآخِرَةِ بِمَا يُنَاسِبُ مَنْزِلَتَهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمَلُوا لِدُنْيَاكُمْ مَا يُغْنِيكُمْ عَنْ غَيْرِكُمْ، وَفَرِّغُوا لِلْآخِرَةِ قُلُوبَكُمْ، وَابْذُلُوا لَهَا جُهْدَكُمْ؛ فَإِنَّهَا الْبَقَاءُ، وَإِنَّ الدُّنْيَا فَنَاءٌ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ) [فاطر: 5].
أَيُّهَا النَّاسُ: خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الْجِنْسَ الْبَشَرِيَّ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْخَلْقِ مَوْجُودًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَشَرِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، فَلَمَّا قَدِمَ لِلْحَيَاةِ حَمَلَ اسْمًا وَعُرِفَ وَذُكِرَ، وَمَعَ الْأَيَّامِ يَتَّسِعُ ذِكْرُهُ بِاتِّسَاعِ مَعَارِفِهِ وَعَلَاقَاتِهِ. ثُمَّ إِذَا مَاتَ فَإِمَّا بَقِيَ ذِكْرُهُ فِي النَّاسِ وَإِمَّا مَاتَ ذِكْرُهُ بِمَوْتِهِ.
وَالْإِنْسَانُ -أَيُّ إِنْسَانٍ، وَمِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ- هُوَ مَذْكُورٌ بِأَعْمَالِهِ وَمُنْجَزَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ، حَتَّى لَوْ قِيلَ: الْإِنْسَانُ إِنْجَازٌ، لَكَانَ صَحِيحًا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِمَا أَنْجَزَ، وَلَا يُذْكَرُ إِلَّا بِمَا عَمِلَ.
وَالْإِنْسَانُ بِلَا عَمَلٍ وَلَا إِنْجَازٍ لَيْسَ إِلَّا رَقَمًا بَشَرِيًّا، مِثْلُهُ مِثْلُ أَيِّ قِطْعَةٍ مِنَ الْأَثَاثِ. وَفِي الْبَشَرِ أُنَاسٌ عَمَّرُوا حَتَّى جَاوَزُوا الماِئَةَ، وَحَصَدُوا أَرْقَامًا قِيَاسِيَّةً فِي كَوْنِهِمْ أَطْوَلَ النَّاسِ عُمُرًا فِي وَقْتِهِمْ أَوْ بَلَدِهِمْ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ إِنْجَازٍ يُذْكَرُ، وَلَا يُعْرَفُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّهُ عُمِّرَ طَوِيلًا، وَعُمُرُهُ لَيْسَ بِيَدِهِ وَلَا مِنْ سَعْيِهِ وَكَدِّهِ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعِيشُ سَنَوَاتٍ قَلَائِلَ فَيَمُوتُ فِي الثَّلَاثِينَ أَوِ الْأَرْبَعِينَ، وَلَكِنَّهُ حَفَرَ اسْمَهُ فِي ذَاكِرَةِ التَّارِيخِ، وَأَثْبَتَ سِيرَتَهُ فِي سِجِلِّ التَّرَاجِمِ الْبَشَرِيَّةِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ إِلَّا بِعَمَلٍ عَمِلَهُ خَلَّدَ ذِكْرَهُ، وَأَثْبَتَ فِي التَّارِيخِ الْإِنْسَانِيِّ وُجُودَهُ.
كَمْ يَعِيشُ فِي كُلِّ جِيلٍ مِنْ بَشَرٍ؟! وَكَمْ هُمُ الَّذِينَ تُدَوَّنُ تَرَاجُمُهُمْ، وَتُحْفَظُ سِيرَتُهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْبَشَرِ؟! سَوَاءٌ مِنَ الْقَادَةِ أَوِ الْعُلَمَاءِ أَوِ التُّجَّارِ أَوِ الشُّعَرَاءِ أَوْ مَنْ بَرَزُوا فِي أَيِّ مَجَالٍ مِنَ المَجَالَاتِ.. إِنَّهُمْ قَلِيلٌ جِدًّا مِنْ كَمٍّ كَثِيرٍ جِدًّا مِنَ الْبَشَرِ.
وَإِذَا كَانَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى لِتَخْلِيدِ ذِكْرِهِ، وَيُحِبُّ أَنْ يَدُومَ أَثَرُهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى لَهُ إِلَّا بِسَعْيٍ وَكَدٍّ وَجُهْدٍ وَتَعَبٍ وَعَمَلٍ.
وَمَعَاقِدُ تَخْلِيدِ الذِّكْرِ ثَلَاثَةٌ: الْعِلْمُ وَالْجَاهُ وَالمَالُ، وَأَعْلَاهَا الْعِلْمُ، وَهُوَ أَبْقَاهَا أَثَرًا، وَأَشَدُّهَا ذِكْرًا؛ لِأَنَّ تَدْوِينَ السِّيَرِ، وَحِفْظَ التَّرَاجِمِ إِنَّمَا يَكُونُ بِقَلَمِ الْعِلْمِ، لَا بِسَيْفِ الْجَاهِ، وَلَا بِبَرِيقِ المَالِ.
وَالْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَاضِرِ المُشَاهَدِ وَهِيَ عُلُومُ الدُّنْيَا بِشَتَّى أَفْرُعِهَا، وَعِلْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالمُنْتَظَرِ الْغَائِبِ وَهِيَ عُلُومُ الدِّينِ. وَعُلُومُ الدُّنْيَا تُخَلِّدُ ذِكْرَ أَصْحَابِهَا؛ فَالَّذِينَ بَرَزُوا فِي عُلُومِ الطِّبِّ وَالْهَنْدَسَةِ وَالْفَلَكِ وَالتَّارِيخِ وَالْحَضَارَةِ وَالنَّفْسِ وَالِاجْتِمَاعِ وَعُلُومِ الْأَرْضِ وَالْبِحَارِ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَرَزُوا فِي اللُّغَةِ وَالتَّرْجَمَةِ وَالْأَدَبِ وَالشِّعْرِ وَالنَّقْدِ، وَدَوَّنُوا تَجَارِبَهُمْ وَمُكْتَشَفَاتِهِمْ وَمُخْتَرَعَاتِهِمْ بَقِيَ ذِكْرُهُمْ بِبَقَاءِ مَا دَوَّنُوا وَأَفَادُوا بِهِ الْبَشَرِيَّةَ. وَالْكُتُبُ الَّتِي تَرْجَمَتْ لِلْمُبَرِّزِينَ فِي الْعُلُومِ المُخْتَلِفَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَبِلُغَاتِ الْعَالَمِ المُخْتَلِفَةِ، وَعُلُومُهُمْ تُدَرَّسُ فِي مَقَاعِدِ التَّعْلِيمِ، وَيُرْجَعُ إِلَى كُتُبِهِمْ وَأَبْحَاثِهِمْ، فَبِفَضْلِ إِنْجَازَاتِهِمْ بَقِيَ ذِكْرُهُمْ فِي النَّاسِ وَلَوْ مَاتُوا قَبْلَ قُرُونٍ، وَسَيَبْقَى إِلَى مَا شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا المُنْجِزُونَ فِي الْعِلْمِ الْغَائِبِ المُنْتَظَرِ وَهِيَ عُلُومِ الدِّينِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا كَتَبُوا عِلْمًا صَحِيحًا وَفِي دِينٍ صَحِيحٍ؛ فَيَبْقَى ذِكْرُهُمْ بِبَقَاءِ الدِّينِ الَّذِي كَتَبُوا فِيهِ مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَهُمْ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ فَرَفَعَ الْعِلْمُ بِاللهِ تَعَالَى ذِكْرَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا هُوَ أَعْظَمُ الشَّرَفِ، وَأَعْلَى المَنْزِلَةِ. وَيُلْحَقُ بِهِمُ الدُّعَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَةَ لَا يَكُونُ دَاعِيَةً إِلَّا بِأَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ، وَأَثَرُ الْعَالِمِ وَالدَّاعِيَةِ يَبْقَى بِمَا خَلَّفَا مِنْ عِلْمٍ وَدَعْوَةٍ، وَبِمَا رَبَّيَا مِنْ جِيلٍ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ وَالدَّعْوَةَ بَعْدَهُمَا، وَالْعِلْمُ وَالدَّعْوَةُ يَتَوَارَثُهَا الْعُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، فَيَحْمِلُهَا اللَّاحِقُونَ عَنِ السَّابِقِينَ، وَهَكَذَا إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا كَتَبُوا لَيْسَ صَحِيحًا كَأَهْلِ الْبِدَعِ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ يَكْتُبُونَ فِي دِينٍ غَيْرِ صَحِيحٍ كَسَائِرِ أَهْلِ المِلَلِ وَالنِّحَلِ سِوَى الْإِسْلَامِ، فَهَؤُلَاءِ يَبْقَى ذِكْرُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا كَتَبُوا، وَيُعَظَّمُونَ عِنْدَ أَهْلِ مِلَلِهِمْ وَنِحَلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، لَكِنَّ بَرَكَةَ الْعِلْمِ خَلَّدَتْهُمْ لَمَّا كَانُوا عَالِمينَ بِأَدْيَانِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ، فَبَقِيَ ذِكْرُهُمْ فِي أَتْبَاعِهِمْ، بِسَبَبِ عِلْمِهِمْ وَإِنْجَازِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْعَذَابُ مُضَاعَفًا عَلَيْهِمْ فِي أُخْرَاهُمْ بِسَبَبِ إِضْلَالِهمْ مَنِ اتَّبَعَهُمْ.
وَأَمَّا الْجَاهُ فَإِنَّهُ يُخَلِّدُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ إِنْ أَنْجَزَ بِجَاهِهِ عَمَلًا، كَالْقَادَةِ الَّذِينَ قَادُوا المَعَارِكَ الْكُبْرَى، وَفَتَحُوا الْفُتُوحَ، وَسَخَّرُوا الْجَاهَ وَالْقِيَادَةَ فِي نَفْعِ النَّاسِ، وَأَنْجَزُوا لِبُلْدَانِهِمْ مَا لَمْ يُنْجِزْهُ غَيْرُهُمْ؛ فَإِنَّ ذِكْرَهُمْ يَبْقَى فِي النَّاسِ وَلَوْ مَاتُوا، كَمَا قَدْ دُوِّنَتْ سِيَرُ المُنْتِجِينَ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَالمُلُوكِ وَالْقَادَةِ عَبْرَ الْقُرُونِ.
وَأَمَّا المَالُ فَإِنَّهُ يُخَلِّدُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ بِمَا يُوقِفُ مِنْ أَوْقَافٍ، وَمَا يَطْبَعُ مِنْ كُتُبٍ وَمَصَاحِفَ، وَمَا يُؤَسِّسُ مِنْ مَسَاجِدَ وَمَرَاكِزَ لِلْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ. بَلْ حَتَّى الْكَافِرُ يُخَلَّدُ ذِكْرُهُ بِإِحْسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، كَمَنْ يُنْفِقُ مَالَهُ عَلَى المَصَحَّاتِ أَوْ رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ وَالْأَرَامِلِ وَالْفُقَرَاءِ، وَمَنْ يُوصِي بِتَرِكَتِهِ لِمَجَالٍ مِنَ المَجَالَاتِ الَّتِي تَنْفَعُ النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَحْمَدُونَهُ بِذَلِكَ، وَيَذْكُرُونَهُ بِهِ.
وَلَيْسَ الذِّكْرُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الذِّكْرِ وَالشُّهْرَةِ مَذْمُومٌ، وَلَكِنَّهُ نَتِيجَةٌ لِمَا يُنْجِزُهُ الْإِنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ أَعْمَالٍ، وَإِنَّمَا المَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْءِ طُمُوحٌ يَرْتَفِعُ بِهِ عَنْ مُجَرَّدِ الْعَيْشِ لِأَجْلِ الْعَيْشِ، وَالمُؤْمِنُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْعَى جُهْدَهُ لِأَنْ يُخَلِّفَ أَثَرًا يَبْقَى نَفْعُهُ بَعْدَ المَوْتِ: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ) [يس: 12].
إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَيْسَ لَهُ هَدَفٌ فِي الْحَيَاةِ إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَتَمَتَّعَ بِالمَلَذَّاتِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ، وَلَيْسَ لَهُ إِنْجَازٌ، وَلَا يَطْمَحُ إِلَى أَنْ يُنْجِزَ شَيْئًا يَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَنْفَعُ النَّاسَ.
وَبِمَا أَنَّ الزَّمَنَ هُوَ وِعَاءُ الْعَمَلِ، وَهُوَ إِنَاءُ المُنْجَزَاتِ؛ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ اسْتِثْمَارِهِ فِي ذَلِكَ.. وَلِلْإِنْجَازِ لَذَّةٌ يَجِدُهَا أَهْلُ الْعَمَلِ، وَلِلْقُعُودِ وَالْكَسَلِ حَسْرَةٌ تُحِيطُ بِأَهْلِ الرَّاحَةِ وَالْبَطَالَةِ.
وَأَسْعَدُ يَوْمٍ فِي حَيَاةِ الْوَاحِدِ مِنَ النَّاسِ هُوَ يَوْمٌ ازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَالْأَعْبَاءُ، فَضَاعَفَ جُهْدَهُ حَتَّى أَنْجَزَهَا كُلَّهَا، فَلَا يُخْلِدُ إِلَى فِرَاشِهِ فِي اللَّيْلِ إِلَّا وَهُوَ فَرِحٌ مُغْتَبِطٌ بِمَا أَنْجَزَ، قَدْ أَنْسَتْهُ حَلَاوَةُ الثَّمَرَةِ مَرَارَةَ التَّعَبِ.
وَأَتْعَسُ يَوْمٍ يَمُرُّ عَلَى الْإِنْسَانِ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَغْرُبُ شَمْسُهُ وَلَمْ يُنْجِزْ فِيهِ شَيْئًا لَا مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ، وَإِذَا تَتَابَعَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَحَاطَتْ بِهِ التَّعَاسَةُ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِهَا، وَأُصِيبَ بِأَمْرَاضِ الِاكْتِئَابِ وَالمَلَلِ وَالسَّأَمِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَفِقْدَانِ الذَّاتِ، وَالْإِحْسَاسِ بِأَنَّهُ هَامِشٌ فِي الْحَيَاةِ، وَأَنَّ حَيَاتَهُ لَا تَعْنِي لَهُ وَلَا لِلْآخَرِينَ شَيْئًا. وَهُوَ مَا يَحُسُّهُ أَكْثَرُ شَبَابِ الْيَوْمِ وَفَتَيَاتِهِمْ، فَرَغْمَ مَا يَرْفُلُونَ فِيهِ مِنَ النِّعَمِ وَالْخَيْرِ فَهُمْ كَثِيرُو التَّضَجُّرِ وَالتَّأَفُّفِ وَالمَلَلِ وَالشِّكَايَةِ، لَا يَدْرُونَ مَاذَا يُرِيدُونَ، وَلَا مَاذَا يَفْعَلُونَ، وَلَا لِمَاذَا يَعِيشُونَ؟! إِنَّ هَذَا الشُّعُورَ فَتَّاكٌ بِقُلُوبِهِمْ، قَتَّالٌ لِآدَمِيَّتِهِمْ.
إِنَّ الْإِسْلَامَ عَلَّمَنَا أَنْ تَكُونَ حَيَاتُنَا جُمْلَةً مِنَ الْأَعْمَالِ، المُنْجَزَاتُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنَ الْأَعْمَارِ، وَتَأَمَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ الْعَظِيمَ فِي الْحَثِّ عَلَى الْإِنْجَازِ إِلَى آخِرِ لَحْظَةٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ المُفْرَدِ.
مَا المُفِيدُ فِي غَرْسِ نَخْلَةٍ وَالسَّاعَةُ تَقُومُ إِلَّا التَّعَوُّدُ عَلَى الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ إِلَى آخِرِ لَحْظَةٍ، وَاحْتِسَابُ الْأَجْرِ فِي ذَلِكَ؟! وَعَلَى هَذَا سَارَ نَبِيُّ الْأُمَّةِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ جَعَلَ يُوصِي بِوَصَايَا لَمْ يُلْهِهِ المَوْتُ عَنْهَا، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ آخِرَ وَصَايَاهُ، وَعُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَطْعُونٌ، وَجِرَاحُهُ تَنْزِفُ بِغَزَارَةٍ وَيَنْتَظِرُ المَوْتَ فَيُعَلِّمُ غُلَامًا أَنْ يَرْفَعَ ثَوْبَهُ وَلَا يُسْبِلَهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ -وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ المَوْتِ- يُعَلِّمُ مَنْ حَضَرُوا احْتِضَارَهُ إِسْنَادَ حَدِيثٍ، فَمَاتَ بَعْدَ أَنْ قَالَهُ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ جِدًّا وَهُوَ فِي المَوْتِ يُعَلِّمُ ابْنَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَفَّارِ تَابِعِيٌّ وَلَيْسَ صَحَابِيًّا، وَالنَّمَاذِجُ فِي ذَلِكَ غَزِيرَةٌ جِدًّا، فَخَلَّدَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرَهُمْ بِمُنْجَزَاتِهِمْ مَعَ مَا لَهُمْ مِنْ مَوْفُورِ الْأَجْرِ وَالْجَزَاءِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَمَاتَ غَيْرُهُمْ فَنُسُوا وَمَا عُرِفُوا وَلَا ذُكِرُوا.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَعْمِلَنَا فِيمَا يُرْضِيهِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا مَا يُسْخِطُهُ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحينَ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: أَهَمُّ مَا فِي تَرَاجِمِ الْأَعْلَامِ مُنْجَزَاتُهُمْ، وَلَوْلَاهَا لَما تُرْجِمَ لَهُمْ أَصْلًا وَلَا عُرِفُوا، فَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفُوا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا وَلَمْ يُنْجِزُوا. وَفِي المُذَكِّرَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي يَكْتُبُهَا بَعْضُ المَشَاهِيرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَهَمُّ شَيْءٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ فِيهَا مُنْجَزَاتُهُمْ، وَالْعَقَبَاتُ الَّتِي تَجَاوَزُوهَا فِي سَبِيلِ ذَلِكَ. بَلْ لَمْ يَكْتُبُوا مُذَكِّرَاتِهِمْ إِلَّا لِأَجْلِ تَجَارِبِهِمْ وَمُنْجَزَاتِهِمْ.
تَأَمَّلُوا لَذَّةَ الْإِنْجَازِ وَحَلَاوَتَهُ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ عِبَادَةٍ يُؤَدِّيهَا المُسْلِمُ؛ فَفِي الصَّلَاةِ يَفْرَحُ إِذَا أَدَّى الْفَرِيضَةَ فِي وَقْتِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَيَفْرَحُ إِذَا بَكَّرَ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَيَفْرَحُ إِنْ أَنْجَزَ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ وَقِيَامَ اللَّيْلِ وَالْوِتْرَ، وَفِي الصِّيَامِ فَرْحَةٌ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْجَزَ صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَفِي المَنَاسِكِ لَا يَعْدِلُ لَذَّةَ الْقُفُولِ مِنْ مَكَّةَ لَذَّةٌ بَعْدَ أَدَاءِ النُّسُكِ. وَمُتَعَلِّمُ الْقُرْآنِ يَفْرَحُ إِذَا أَنْهَى سُورَةً فَأَتْقَنَهَا، فَإِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَا تَسَلْ عَنْ فَرْحَتِهِ بِمَا أَنْجَزَ. وَقَارِئُ الْكِتَابِ يَتَمَلَّكُهُ السُّرُورُ وَهُوَ فِي آخِرِ صَفْحَةٍ مِنْهُ، وَالْبَاحِثُ حِينَ يُقَدِّمُ بَحْثَهُ لِلْمُنَاقَشَةِ أَوْ لِلطِّبَاعَةِ يَجِدُ لَذَّةً بِمَا أَنْجَزَ تَفُوقُ أَيَّة لَذَّةٍ، وَالطَّالِبُ إِنَّمَا يَفْرَحُ بِالنَّجَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَنْجَزَ دُرُوسَ ذَلِكَ الْعَامِ وَاجْتَازَهُ، حَتَّى الصَّانِعُ وَالْبَنَّاءُ وَالسَّبَّاكُ وَالْكَهْرَبَائِيُّ وَصَاحِبُ كُلِّ حِرْفَةٍ وَعَمَلٍ صَغُرَ الْعَمَلُ أَمْ كَبُرَ، إِذَا أَنْجَزَ مَا بَدَأَ بِهِ فَرِحَ بِمَا أَنْجَزَ.
وَمِنْ شِدَّةِ تَعَلُّقِ الْإِنْسَانِ بِالمُنْجَزَاتِ أَنَّ الْكُلَّ يَنْتَسِبُ لِلْإِنْجَازِ، وَلَا يَنْتَسِبُ أَحَدٌ لِلْإِخْفَاقِ أَوْ لِلْكَسَلِ وَالْبَطَالَةِ، وَكَثِيرًا مَا يُحِبُّ الْإِنْسَانُ أَنْ يُنْسَبَ لَهُ إِنْجَازُ شَيْءٍ أَوِ المُشَارَكَةُ فِي إِنْجَازِهِ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ.
مَنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْأَلُ نَفْسَهُ مَاذَا أَنْجَزَ فِي هَذَا الْأُسْبُوعِ مِنْ أَعْمَالٍ، سَوَاءً كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَاتِ أَمْ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، ثُمَّ حَاسَبَ نَفْسَهُ عَلَى كَسَلِهِ وَإِهْمَالِهِ وَتَقْصِيرِهِ؟!
إِنَّنَا الْآنَ نَعِيشُ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَجْوَاءَ إِجَازَةِ الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّهَا تَخْلُو مِنَ المُنْجَزَاتِ؛ فَنَهَارُهَا نَوْمٌ، وَلَيْلُهَا سَهَرٌ فِي لَهْوٍ. وَفِي كُلِّ عَامٍ هَكَذَا.. لَا تُسْتَثْمَرُ لَا فِي عَمَلٍ أُخْرَوِيٍّ وَلَا عَمَلٍ دُنْيَوِيٍّ، وَهِيَ مِنْ عُمُرِ الْإِنْسَانِ.
إِنَّ عَلَى الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْحَيَاةَ بِلَا إِنْجَازٍ فَهِيَ لَا شَيْءَ، وَأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَمْضِي مِنَ الْعُمُرِ لَا يُنْجِزُونَ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ خَسَارَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الرِّفْعَةَ الَّتِي يَنْشُدُونَها، وَالمَنْزِلَةَ الَّتِي يَتَمَنَّوْنَهَا، وَالِاحْتِرَامَ وَالتَّوْقِيرَ الَّذِي يَحْلُمُونَ بِهِ لَنْ يَكُونَ إِلَّا بِإِثْبَاتِ وُجُودِهِمْ فِي أُسَرِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ، وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا بِإِنْجَازَاتٍ تَرْفَعُهُمْ، وَلَا إِنْجَازَاتٌ بِلَا عَمَلٍ وَكَدٍّ وَسَعْيٍ وَعَرَقٍ، وَأَنَّ لَذَّةَ الْإِنْجَازِ تُنْسِي كُلَّ تَعَبٍ وَسَهَرٍ، وَأَنَّ حَلَاوَةَ اللَّهْوِ سَتَعْقُبُهَا مَرَارَةُ عَدَمِ الْإِنْتَاجِ وَالْإِنْجَازِ، فَيُبَارِحُ الْوَاحِدُ مَكَانَهُ وَقَدْ سَبَقَهُ أَقْرَانُهُ.
وَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَالمُرَبِّينَ وَالمُرَبِّيَاتِ أَنْ يَغْرِسُوا أَهَمِّيَّةَ الْإِنْجَازِ فِي الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ، وَأَنْ يُخْبِرُوهُمْ أَنَّ مَرْحَلَةَ الشَّبَابِ مَرْحَلَةٌ ذَهَبِيَّةٌ لِلْإِنْجَازِ؛ حَيْثُ اجْتِمَاعُ الْقَلْبِ، وَتَوَقُّدُ الذِّهْنِ، وَنَشَاطُ الْجَسَدِ، وَفَرَاغُ النَّفْسِ، وَأَنَّ المُنْجِزِينَ مِنَ الْبَشَرِ مِنْ شَتَّى الِاتِّجَاهَاتِ وَالمِلَلِ اسْتَثْمَرُوا شَبَابَهُمْ وَفَرَاغَهُمْ فِيمَا يَنْفَعُهُمْ، وَجَانَبُوا أَقْرَانَهُمْ فِي لَهْوِهِمْ، فَفَرِحُوا بِمُنْجَزَاتِهِمْ، وَحُفِظَتْ سِيَرُهُمْ، وَتُلِيَتْ أَخْبَارُهُمْ، وَبَقِيَ فِي النَّاسِ ذِكْرُهُمْ، بَيْنَمَا نُسِيَ إِخْوَانُهُمْ وَأَقْرَانُهُمْ وَزُمَلَاؤُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَحْذُوا حَذْوَهُمْ.
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا) [الإسراء: 84].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...