البحث

عبارات مقترحة:

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

هكذا فليكن يومك في رمضان

العربية

المؤلف محمد بن مبارك الشرافي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. فضل الطاعة في رمضان .
  2. وصف عمل يوم من رمضان .
  3. الحث على اغتنام رمضان .

اقتباس

احْرِصْ فِي سَائِرِ الْيَوْمِ عَلَى الابْتِعَادِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ الصِّيَامُ أَنْ تَصُومَ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ، ثُمْ تُطْلِقْ لِنَفْسِكَ الْعَنَانَ فِي فِعْلِ مَا تَشَاءُ بِحُجَّةِ أَنَّكَ صَائِمٌ تُرِيدُ تَسْلِيَةَ نَفْسِكَ، فَهَذَا لا يَحِلُّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، فَالْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ حُصُولُ التَّقْوَى.

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الإِسْلَام، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الصِّيَام، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِمَامُ الصَّائِمِينَ وَقُدْوَةُ الْعَامِلِينَ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحَابَتِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الصَّائِمُونَ أَبْشِرُوا بِالثَّوَابِ الْكَبِيرِ وَالأَجْرِ الْعَظِيمِ مِنَ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْمَلَذَّاتِ طَاعَةً للهِ وَخَوْفَاً مِنْهُ وَمَحَبَّةً لَهُ، أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصِّيَامِ فَامْتَثَلْتُمْ، وَمَنَعَكُمْ فِي النَّهَارِ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ فَصَبَرْتُمْ، وَعَانَيْتُمْ حَرَارَةَ الْجُوعِ وَأَلَمَ الْعَطَشِ فَمَا غَيَّرْتُمْ وَلا بَدَّلْتُمْ، فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَكُمْ وَإِنَّ اللهَ لَنْ يُخَيِّبَ سَعْيَكُمْ.

إِنَّ الصِّيَامَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، فَالْمُؤْمِنُ يُعَامِلُ فِيهِ خَالِقَهُ الذِي يَرَاهُ وَيُرَاقِبُهُ، فَهُوَ لا يَرْجُو مِنْ أَحَدٍ جَزَاءً وَلا شُكُورَاً، وَلِذَلِكَ جَعَلَ اللهُ الصِّيَامَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَضَاعَفَ الأُجُورَ بِمَا لَيْسَ لِعَمَلٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" رَوَاهُ مُسْلِم.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ: احْذَرْ أَنْ يَكُونَ حَظُّكَ مِنَ الصَّوْمِ التَّعَبَ وَالنَّصَبَ، فَتُصِيبَكَ الْكَلال وَتُحْرَمَ الأَجْرُ، وَذَلِكَ حِينَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ النَّبَوِيَّ فِي الصِّيَامِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُمِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَيْفَ يَكُونُ صَوْمُنَا؟ وَكَيْفَ نَغْنَمُ شَهْرَنَا؟ وَكَيْفَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ يَوْمُنَا؟! إِنَّ الْجَوَابَ: هُوَ أَنْ نُتَابِعَ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَنَحْفَظُ صَوْمَنَا، وَنَسْتَغِلَّ يَوْمَنَا، فَاسْتَمِعُوا رَزَقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِح !

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَبْدَأُ فِي وَصْفِ اليَوْمِ الرَّمَضَانِيّ مِنَ السُّحُورِ: فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي اَلسَّحُورِ بَرَكَةً" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَاحْرِصْ عَلَى السَّحُورِ فَفِيهِ بَرَكَةٌ وَأَجْرٌ، وَهُوَ سَبَبٌ لِصَلَاةِ اللهِ عَلَيْكَ وَصَلِاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَلامُ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةٍ لِلْبَدَنِ وَتَقْوِيَةٍ لَهُ عَلَى الصَّوْمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

وَعَلَيْهِ فَالسُّحُورَ يَتِمُّ وَلَوْ أَنْ يَشْرَبَ الإِنْسَانُ مَاءً أَوْ عَصِيرَاً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ السُّحُورُ مُتَأَخِّرَاً قُبَيْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلاةِ. قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: قُلْت لِزَيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ثُمَّ بَعْدَ السُّحُورِ قُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلِّ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ وَالتَّهَاوُنَ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ لا فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ، فَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا دِيْنٌ وإِيمَانٌ، وَالتَّهَاوُنُ بِهَا نِفَاقٌ وَخُسْرَان.

ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ لا تَسْتَعْجِلْ فَاقْرَأْ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ وَأَذْكَارَ الصَّبَاحِ الْوَارِدَةِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ أَنْتَ تُنْصَحُ بِأَنْ تَبْقَى فِي مَكَانِكَ تَذْكُرُ اللهَ وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَهَذَا وَقْتٌ مُبَارَكٌ فَرُبَّمَا تَقْرَأُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ جُزْأَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ صَلِّ رَكَعْتَيْنِ لِتَفُوزَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

فَانْظُرُوا الأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْكَبِيرَ الذِي يَفُوتُ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ هُنَا نُنَبِّهُ أَنَّكَ لَا تُصَلِّي حَتَى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ، وَوَقْتُ الشُّرُوقِ الْمَكْتُوبُ في التَّقَاوِيمِ لا تَحِلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَالْوَاجِبُ الانْتِظَارُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، لِأَنَّهَا حِينَ تَطْلُعُ تَحْرُمُ الصَّلاةُ لِأَنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، فَانْتَظِرْ حَوَالِي عَشْرَ دَقَائِقَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

ثُمَّ إِنْ شِئْتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَابْقَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَرَاءَةِ أَوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ عَمَلٌ وَدَوَامٌ فَحَافِظْ عَلَيْهِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْتَذِرَ بِالصَّوْمِ فِي الإِخْلَالِ بِالْعَمَلِ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فَإِيَّاكَ وَالْخِيَانَة.

 ثُمَّ احْرِصْ فِي سَائِرِ الْيَوْمِ عَلَى الابْتِعَادِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ الصِّيَامُ أَنْ تَصُومَ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ، ثُمْ تُطْلِقْ لِنَفْسِكَ الْعَنَانَ فِي فِعْلِ مَا تَشَاءُ بِحُجَّةِ أَنَّكَ صَائِمٌ تُرِيدُ تَسْلِيَةَ نَفْسِكَ، فَهَذَا لا يَحِلُّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، فَالْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ حُصُولُ التَّقْوَى، وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الصِّيَامِ وَيَقُولُونَ نَحْفَظُ صِيَامَنَا.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ صِيَامِكَ وَفِطْرِكَ سَوَاء. رَوَاهٌ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثُمَّ إِذَا جَاءَ وَقْتُ الإِفْطَارِ فَاحْرِصْ عَلَى الدُّعَاءِ قَبْلَهُ، وَاسْأَلْ رَبَّكَ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرْ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

ثُمَّ بَادِرْ بِالإِفْطَارِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مُبَاشَرَةً، وَأَفْطِرْ عَلَى رُطَبٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهَورٌ، عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْطِرُ على رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فعلى تَمَرَاتٍ، فإن لم تكن تَمَراتٌ حسا حسوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

فَاحْرِصْ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفُزْ بِإِذْنِ اللهِ بِالأَجْرِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً !

أَمَّا بَعْدُ: فَبَعْدَ الإِفْطَارِ صَلِّ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَغْرِبَ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ الْبَقَاءَ فِي الْمَسْجِدِ لِقَرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ فِي كِتَابِ تَفْسِيرٍ مَوْثُوقٍ كَتَفْسِيرِ الشَّيْخِ ابْنِ سَعْدِيٍّ -رَحِمَهُ اللهُ- فَافْعَلْ فَهَذَا الْوَقْتُ وَقْتٌ مُبَارَكٌ وَيَغْفُلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.

ثُمَّ احْرِصْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَلْتَكُنْ فِي مَسْجِدِ حَيِّكَ الذِي أَنْتَ سَاكِنٌ فِيهِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْحيِّ، وَأَحْفَظُ لِقَلْبِ إِمَامِ مَسْجِدِكَ، لَكِنْ لَوِ انْتَقَلْتَ لِمَسْجِدٍ آخَرَ لِسَبَبٍ فَلا بَأْسَ، ثُمَّ احْرِصْ عَلَى إِتْمَامِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَإِيَّاَك وَالتَّنَقُلَّ وَتَضْيِيعِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ وَاصِلْ ذَلِكَ إِلَى نِهَايَةِ رَمَضَانَ لِيُكْتَبَ لَكَ قِيَامُ رَمَضَانَ وَيُغْفَرَ ذَنْبُكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ثُمَّ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ السُّنَّةُ أَنْ لا تَسْهَرَ، ثُمَّ اسْتَيْقِظْ قَبْلَ السُّحُورِ وَصَلِّ مَا تَيَسَّرَ لَكَ وَاقْرأِ الْقُرْآنِ وَأَكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ الرَّحْمَنِ فَهَذَا وَقْتٌ مُبَارَكٌ وَالدُّعَاءُ فِيهِ حَرِيٌّ بِالإِجَابَةِ.

أَعَانَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمُ عَلَى طَاعَتِهِ وَعَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

 اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّءَ الأَخْلاقِ لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْت !

اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ !

 اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ !