البحث

عبارات مقترحة:

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

إيمانا واحتسابا

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. احذر مفسدات الصيام .
  2. حفظ العمل الصالح من المحبطات .
  3. أثر العبادات في صلاح القلوب .
  4. المعول عليه في أداء العبادة الصحيحة .
  5. كيف يصوم المسلم إيمانًا واحتسابًا؟ .
  6. فضل الإيمان والاحتساب في عمل المسلم .
  7. أسباب ضعف همة البعض عن العبادات في رمضان .

اقتباس

إِنَّ أَهَمِّيَّةَ اسْتِحْضَارِ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ تَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبَّهَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَذَكَرَهَا فِي الصِّيَامِ، وَذَكَرَهَا فِي الْقِيَامِ، وَذَكَرَهَا فِي قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَا يَلِيقُ بِمُؤْمِنٍ أَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ الْمُنَبِّهَةُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَيَسْمَعَهَا كُلَّ حِينٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، وَلَا يَسْأَلَ نَفْسَهُ لِمَاذَا كَانَ هَذَا التَّنْبِيهُ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ؟!

الخطبة الأولى:

 الْحَمْدُ للهِ الْمَعْبُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، الْمَذْكُورِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، إِلَيْهِ الْمَفْزَعُ فِي الشَّدَائِدِ، وَهُوَ الْمَلْجَأُ فِي الْعَظَائِمِ، يَفِرُّ الْعِبَادُ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَلَا مَنْجَا مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ الْمُذْنِبِينَ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ سُلْوَانُ الْمَكْرُوبِينَ، وَمَلَاذُ التَّائِبِينَ، وَأَنِيسُ الذَّاكِرِينَ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ بِذِكْرِهِ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَشْمَئِزُّ قُلُوبُ الْمُنَافِقِينَ، وَبِعُبُودِيَّتِهِ يَشْرُفُ الْمُسْلِمُونَ، فَلِلْعِبَادَةِ الْحَقَّةِ لَذَّةٌ لَا يَعْرِفُ طَعْمَهَا إِلَّا مَنْ ذَاقَهَا، وَلَا يَذُوقُهَا إِلَّا مَنْ ذَاقَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، وَلَا يَذُوقُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ إِلَّا مَنْ رَضِيَ بِاللهِ تَعَالَى رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، فَوَالَى للهِ تَعَالَى، وَعَادَى فِيهِ، وَأَحَبَّ فِيهِ، وَأَبْغَضَ فِيهِ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ فِي إِيمَانِهِ، وَأَخْلَصَهُمْ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَشَدَّهُمْ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدَهُ، وَأَكْثَرَهُمْ رَحْمَةً لِخَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَخْلِصُوا لَهُ أَعْمَالَكُمْ، وَأَقْبِلُوا عَلَيْهِ بِقُلُوبِكُمْ، وَصُونُوا صِيَامَكُمْ وَقِيَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَأَسْمَاعَكُمْ؛ فَإِنَّ مُخَرِّقَاتِ الصَّوْمِ فِي هَذَا الزَّمَنِ كَثِيرَةٌ، وَلَرُبَّ صَائِمٍ قَائِمٍ أَنْهَى رَمَضَانَ وَهُوَ مِنَ الْمُفْلِسِينَ، بِمَا يُبَدِّدُ مِنْ حَسَنَاتٍ، وَمَا يَكْتَسِبُ مِنْ أَوْزَارٍ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّ هَمَّ حِفْظِ الْحَسَنَاتِ مِنَ الضَّيَاعِ صَارَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْمَمْلُوءِ بِالشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْ هَمِّ اكْتِسَابِهَا، فَاحْفَظُوا صِيَامَكُمْ وَقِيَامَكُمْ وَأَعْمَالَكُمُ الصَّالِحَةَ عَمَّا يُذْهِبُهَا وَيُنْقِصُهَا؛ فَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُرِيدُ بِمَا يَفْرِضُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ صَلَاحَ قُلُوبِ النَّاسِ، وَزَكَاءَ نُفُوسِهِمْ، وَاسْتِقَامَةَ أَحْوَالِهِمْ.

إِنَّ صَلَاحَ الْقُلُوبِ بِالْعِبَادَةِ أَهَمُّ مِنْ مُجَرَّدِ أَدَائِهَا بِالْجَوَارِحِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي أَدَاءِ الْعِبَادَةِ الصَّحِيحَةِ: الْإِخْلَاصُ فِيهَا، وَاحْتِسَابُ أَجْرِهَا؛ وَلِذَا جَاءَ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ تَعْلِيقُ الْمَغْفِرَةِ بِالْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالْإِذْعَانُ وَالِانْقِيَادُ؛ فَيَصُومُ الصَّائِمُ حِينَ يَصُومُ إِقْرَارًا بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ، وَأَنَّهُ الْعَبْدُ الْمَخْلُوقُ، وَأَنَّ عُبُودِيَّتَهُ للهِ تَعَالَى حَتْمٌ لَا مَفَرَّ لَهُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يَشْرُفُ بِهَذِهِ الْعُبُودِيَّةِ وَيُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا، وَيَفْرَحُ بِهَا، وَأَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ وَقِيَامَهُ وَقِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ هَذِهِ الْعُبُودِيَّةِ.

وَيُقِرُّ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ شَرَعَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ عَلَى لِسَانِ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَعَ إِقْرَارِهِ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ، وَأَنَّهُ رَابِعُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ الصِّيَامَ بِلَا عُذْرٍ فَقَدِ ارْتَكَبَ ذَنْبًا عَظِيمًا، وَإِثْمًا مُبِينًا، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِإِيمَانِهِ، وَهُوَ شَرْطُ نَجَاتِهِ.

فَإِنْ كَانَ يَجْحَدُ فَرْضَ الصَّوْمِ، أَوْ يَجْحَدُ أَنَّ رَمَضَانَ هُوَ مَوْضِعُ الفَرْضِ، أَوْ أَنَّ أَحَدًا يَسَعُهُ أَنْ لَا يَصُومَ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا إِنْ تَرَكَ الصَّوْمَ مَعَ الْإِقْرَارِ بِهِ فَقَدْ أَتَى بِالْإِقْرَارِ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِالِانْقِيَادِ فَهُوَ عَاصٍ للهِ تَعَالَى، مُرْتَكِبٌ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ.

وَيُقِرُّ بِأَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ وَقِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِوَجْهٍ أَخَصَّ فَضِيلَةٌ، وَزِيَادَةٌ فِي الْأَجْرِ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْقِيَامَ فَقَدْ حَرَمَ نَفْسَهُ خَيْرًا كَثِيرًا.

وَيُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفَضَائِلِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَفَضَائِلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَكُلُّ مَا صَحَّ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ يُقِرُّ بِهِ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَصِحُّ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ يُنْكِرُهُ، فَهَذَا هُوَ الْإِقْرَارُ، بِحَيْثُ يَكُونُ إِقْرَارُهُ تَبَعًا لِمُرَادِ اللهِ تَعَالَى الشَّرْعِيِّ مِنْهُ، وَلَيْسَ تَبَعًا لِهَوَاهُ وَلَا لِهَوَى أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ كَائِنًا مَنْ كَانَ.

 وَلَكِنَّ الْإِقْرَارَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي، فَقَدْ يُوجَدُ مَنْ يُقِرُّ بِذَلِكَ كُلِّهِ لَكِنَّهُ لَا يَعْمَلُ، إِمَّا امْتِنَاعًا عَنْ أَدَاءِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَاسْتِكْبَارًا عَنِ الْخُضُوعِ للهِ تَعَالَى، وَإِمَّا اسْتِثْقَالًا لِلصِّيَامِ. فَلَا بُدَّ لِيَتَحَقَّقَ الْإِيمَانُ بِصِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ مِنَ الِانْقِيَادِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ مَا أَقَرَّ بِهِ.

 وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: فَهُوَ لَا يَصُومُ حِينَ يَصُومُ، وَلَا يَقُومُ حِينَ يَقُومُ؛ تَقْلِيدًا لِآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَلَا مُسَايَرَةً لِأُسْرَتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ، وَلَا إِرْضَاءً لِمَخْلُوقٍ يُحِبُّهُ أَوْ يَرْجُوهُ أَوْ يَخَافُ مِنْهُ، وَلَا يَصُومُ لِحِفْظِ بَدَنِهِ مِنْ كَثْرَةِ الطَّعَامِ، بَلْ يَصُومُ وَيَقُومُ مُخْلِصًا للهِ تَعَالَى، بِحَيْثُ لَوْ سَافَرَ فَلَا يَرَاهُ مَنْ يَعْرِفُهُ لِمَا أَخَلَّ بِالصِّيَامِ وَلَا بِالْقِيَامِ، وَلَوْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فِي أَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ لَصَامَ وَحْدَهُ وَقَامَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ مُذْعِنٌ مُنْقَادٌ، فَهَذَا هُوَ الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ إِيمَانًا؛ وَلِذَا كَانَتِ النِّيَّةُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّوْمِ، فَلَوْ أَمْسَكَ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا صَوْمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ إِيمَانًا وَانْقِيَادًا.  

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "النِّيَّةُ هِيَ رَأْسُ الْأَمْرِ وَعُمُودُهُ وَأَسَاسُهُ وَأَصْلُهُ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا رُوحُ الْعَمَلِ وَقَائِدُهُ وَسَائِقُهُ، وَالْعَمَلُ تَابِعٌ لَهَا، يَصِحُّ بِصِحَّتِهَا وَيَفْسَدُ بِفَسَادِهَا، وَبِهَا يُسْتَجْلَبُ التَّوْفِيقُ، وَبِعَدَمِهَا يَحْصُلُ الْخِذْلَانُ، وَبِحَسَبِهَا تَتَفَاوَتُ الدَّرَجَاتُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ".اهـ

وَأَمَّا الِاحْتِسَابُ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ فَأَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَجْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ الْعِقَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى تَرْكِهِ أَوِ الْإِخْلَالِ بِهِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ يَصُومُ وَيَقُومُ رَاجِيًا خَائِفًا، رَاجِيًا رَحْمَةَ اللهِ تَعَالَى وَعَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ، خَائِفًا مِنْ غَضَبِهِ وَعَذَابِهِ وَانْتِقَامِهِ.

فَلَا يَقُولُ: إِنَّمَا أَصُومُ وَأَقُومُ مَحَبَّةً للهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا لَهُ فَقَطْ، لَا خَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ، وَلَا رَجَاءً فِي ثَوَابِهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُحْتَسِبًا؛ لِأَنَّ مَنْ عَبَدَ اللهَ تَعَالَى بِالْحُبِّ وَحْدَهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ فَهُوَ خَارِجِيٌّ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُرْجِئٌ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى وَصَفَ المُؤْمِنِينَ بِأَوْصَافِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ مَعَ الْحُبِّ وَالتَّعْظِيمِ (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء: 57]، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَدْحِ بَعْضِ رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) [الأنبياء: 90]، وَالرَّغَبُ وَالرَّهَبُ هُوَ رَجَاءُ الرَّحْمَةِ وَالْخَوْفُ مِنَ النَّارِ، فَطَلَبُ الْجَنَّةِ مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ مَرْضِيٌّ لَهُ، وَطَلَبُهَا عُبُودِيَّةٌ لِلرَّبِّ، وَالْقِيَامُ بِعُبُودِيَّتِهِ كُلِّهَا أَوْلَى مِنْ تَعْطِيلِ بَعْضِهَا.

وَذِكْرُ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ بِلَا عَمَلٍ إِيمَانٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا حُجَّةَ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِهِ سُبْحَانَهُ.

إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى بِنَا، وَمِنْ نُصْحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى قَضِيَّةِ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ.

 وَكُلُّ الْأَعْمَالِ لَا تُقْبَلُ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْإِيمَانِ أَوِ الِاحْتِسَابِ، وَلَكِنْ جَاءَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا مَظِنَّتُهُ ذُهُولُ الْعَبْدِ عَنِ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِيهِ؛ فَجَاءَ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الْمَصَائِبِ الَّتِي لَا يَدَ لِلْإِنْسَانِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغِيبُ عَنْهُ اسْتِحْضَارُ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ الْمُفْضِي إِلَى الرِّضَا وَالصَّبْرِ، وَعَدَمِ الْجَزَعِ وَالسَّخَطِ.

 وَجَاءَ التَّنْبِيهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي تَشْيِيعِ جَنَازَةِ الْمُسْلِمِ وَدَفْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْضُرُهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَإِنَّمَا مَحَبَّةً لِلْمَيِّتِ، أَوْ حَيَاءً مِنْ قَرَابَتِهِ، أَوْ خَوْفًا مِنْ مَذَمَّةِ النَّاسِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ، فَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 وَنَبَّهَ عَلَى نِيَّةِ الِاحْتِسَابِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَذْهَلُ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ وَاجِبٌ اجْتِمَاعِيٌّ يَقُومُ بِهِ كُلُّ النَّاسِ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ؛ فَإِلْفُ ذَلِكَ وَاعْتِيَادُهُ قَدْ يَمْحُو أَثَرَ الِاحْتِسَابِ، فَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَغْفَلَ عَنْهُ الْمُؤْمِنُ فَيَفُوتَهُ الْأَجْرُ.

 كَمَا نَبَّهَ عَلَى شَرْطِ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ وَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ سِرٌّ بَيْنَ اللهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْعَبْدِ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِطَبْعِهِ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ حَيْثُ سَارُوا، وَلَمَّا كَانَ الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ مَظْهَرًا مِنْ مَظَاهِرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ دُوَلِ الْإِسْلَامِ، بَلْ حَتَّى عِنْدَ الْجَالِيَاتِ الْمُسْلِمَةِ فِي الدُّوَلِ الْكَافِرَةِ، وَالنَّاسُ تَسْتَعِدُّ لَهُ، فَقَدْ يَذْهَلُ الصَّائِمُ وَالْقَائِمُ عَنْ نِيَّةِ الِاحْتِسَابِ، وَيَغْفُلُ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْأَجْوَاءِ الرَّمَضَانِيَّةِ الَّتِي يَصْعُبُ عَلَى الْمَرْءِ فِيهَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ نَسَقِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، فَيَقَعَ فِي الْمَحْذُورِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَصُومُ لِأَنَّ النَّاسَ يَصُومُونَ، وَيَقُومُ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ التَّخَلُّفَ عَنْهُمْ.

 وَقَدْ لَا يَشْعُرُ بِهَذَا الْفَسَادِ فِي نِيَّتِهِ وَاحْتِسَابِهِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ لِزَامًا عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ شَرْطَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَيُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ سِوَاهُ لَمَا تَرَكَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ فِي رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ يَصُومُ وَيَقُومُ إِيمَانًا بِمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَاحْتِسَابًا لِمَثُوبَةِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ فِي صِيَامِنَا وَقِيَامِنَا وَجَمِيعِ أَعْمَالِنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَصُومُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَقُومُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَأَجْزِلْ مَثُوبَتَنَا، وَأَعْظِمْ أَجْرَنَا، وَارْفَعْ دَرَجَاتِنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَوَالِدِينَا وَأَهْلَنَا وَأَوْلَادَنَا وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتَ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.

 وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَحْضِرُوا النِّيَّةَ الطَّيِّبَةَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُونَ؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَهَمِّيَّةَ اسْتِحْضَارِ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ تَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبَّهَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَذَكَرَهَا فِي الصِّيَامِ، وَذَكَرَهَا فِي الْقِيَامِ، وَذَكَرَهَا فِي قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَا يَلِيقُ بِمُؤْمِنٍ أَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ الْمُنَبِّهَةُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَيَسْمَعَهَا كُلَّ حِينٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، وَلَا يَسْأَلَ نَفْسَهُ لِمَاذَا كَانَ هَذَا التَّنْبِيهُ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ؟!

فَإِنَّهُ إِنِ انْتَبَهَ لِذَلِكَ، كَانَ حَرِيًّا أَنْ يَسْتَحْضِرَ الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَإِذَا اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ، وَذَكَّرَ نَفْسَهُ بِهِ كُلَّ حِينٍ فَإِنَّهُ سَيَجِدُ نَشَاطًا عَجِيبًا فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَمَحَبَّةً لِرَمَضَانَ يَمْتَلِئُ بِهَا قَلْبُهُ، فَلَا يُحِبُّ رَمَضَانََ إِلَّا لِأَنَّهُ مَوْسِمٌ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَالْقُرْبِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَسَيَجِدُ لَذَّةً لِلْقُرْآنِ وَللِصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَسَائِرِ الذِّكْرِ وَالْإِحْسَانِ، وَلَنْ يَمَلَّ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ مَهْمَا تَكَاثَرَتْ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْرَقَتْ وَقْتَهُ، وَلَنْ يَجِدَ فِي قَلْبِهِ مَحَلًّا لِلْغَفْلَةِ وَالْهَوَى وَالتَّرْوِيحِ، وَلَا فِي وَقْتِهِ سَعَةً لِمَجَالِسِ الْبَاطِلِ وَاللَّهْوِ وَالزُّورِ؛ لِأَنَّ رَاحَتَهُ فِي عُبُودِيَّتِهِ للهِ تَعَالَى، وَالِانْتِصَابِ لَهُ، وَقَضَاءِ الْوَقْتِ كُلِّهِ فِي طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَامَ حِينَ صَامَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَقَامَ حِينَ قَامَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ نِعْمَةٍ لِمَنْ أَدْرَكَهَا، وَمَا أَوْسَعَهُ مِنْ بَابٍ لِلْحُبُورِ وَالسَّعَادَةِ وَالْفَرَحِ بِاللهِ تَعَالَى وَبِطَاعَتِهِ لِمَنْ فُتِحَ لَهُ فَوَلَجَهُ، وَتِلْكَ وَاللهِ جَنَّةُ الدُّنْيَا الَّتِي مَنْ دَخَلَهَا حَظِيَ بِالْمَنَازِلِ الْعَالِيَةِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ.

وَكُلُّ ضَعْفٍ وَثِقَلٍ فِي الْعِبَادَةِ فِي رَمَضَانَ فَمَرَدُّهُ إِلَى ضَعْفِ الْإِيمَانِ أَوْ ضَعْفِ الِاحْتِسَابِ، فَلْيُفَتِّشْ كُلُّ وَاحِدٍ قَلْبَهُ، وَلْيَتَفَقَّدْ إِيمَانَهُ وَاحْتِسَابَهُ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَجَمِيعِ أَعْمَالِهِ، وَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَلَنْ يَبْلُغَ عَبْدٌ دَرَجَةَ التَّقْوَى حَتَّى يُحَقِّقَ الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ.

وَمَنْ صَامَ فَصَانَ الصِّيَامَ مِنَ الْآثَامِ رُجِيَ أَنْ يُحَقِّقَ الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ فِي صِيَامِهِ، وَمَنْ قَامَ فَأَحْسَنَ الْقِيَامَ، وَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ مِنَ التَّرَاوِيحِ رُجِيَ أَنْ يَكُونَ قَامَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، فَلَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ هَذَا الْخَيْرَ الْعَظِيمَ، وَخُذُوا حَظَّكُمْ مِنْ عَطَايَا اللهِ تَعَالَى لَكُمْ؛ فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ فَضْلَ اللهِ تَعَالَى وَرَحْمَتَهُ وَعَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ.

 وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...