البحث

عبارات مقترحة:

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

مظاهر الفرح والتجديد تعمُّ يوم العيد السعيد 1435هـ

العربية

المؤلف الحسين أشقرا
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. العيد يوم الفرح .
  2. مظاهر الفرح بالعيد .
  3. تذكر مآسي المسلمين في كل مكان .
  4. الحث على التواصل والتزاور .
  5. وصية لكل امرأة .

اقتباس

يا ليت دول المسلمين استفادت من دروس العيد، فتناست نزاعاتها، ووحدت كلمتها، وقللت بين شعوبها من قيود الحواجز بالحدود.. إن العيد فيه تجديد، تجديد للروابط الاجتماعية على أقوى ما تكون من المحبة والوفاء والصفاء، وفي العيد تجديد للمشاعر التي تضفي على النفوس الأنس والبهجة، وعلى الأجساد القوة والراحة، وفي العيد تجديد للتعايش والتسامح..

الخطبة الأولى:

الله أكبر ...[سبعًا] ... لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر يثيبُ الصائمين ويعاقب المجاهرين من العصاة المُفطرين، الله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، والذلة والهوان للشيطان وجنده من الكافرين، الله أكبر ما ازدحمت المساجد بالمصلين، ولنعمه التي لا يعدها إحصاء شاكرين، الله أكبر ما خرجوا يوم العيد مسرورين، يعلو محياهم الفرح بسنة سيد المرسلين / الله أكبر [ ثلاثًا].

الحمد لله الذي جعل العيد يوم الجائزة والثواب، يلبسُ فيه المسلمون أجمل الثياب؛ استعدادًا لزيارة الأهل والأحباب... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر المؤمنين بالتوسعة على العيال والتصدق من الحلال، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُه ورسوله بعثه بأشرف الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين وهم النماذج والمثال... الله أكبر [ثلاثًا].

عباد الله، هذا يوم الفرح! فيه يوفى الصابرون منكم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ... يباهي بكم ربكم الملائكة في السماء وأنتم في الصلاة خاشعون ... وعن اللغو والخنا والرفث معرضون ... (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، وما أعظم ما ينتظركم يوم يحزن الناس ويخافون وأنتم آمنون، ويُقال لكم: سلام عليكم طبتم، أنتم من باب الحنة (الريان) داخلون... ووجوهكم آنذاك مسفرة ضاحكة مستبشرة! فهل يستوي مُسلم أطاع ربه وصام وقام إيمانًا واحتسابًا، مع من تقاعس وعصى، وملأ الأرض إثمًا وسبابًا؟!

إن الله –تعالى- قد شرع العيد، ليفرح الصائمون بتمام أعمالهم الصالحة، ويجتمعوا لنيل أقساطهم من تجارة مع الله رابحة، تعد كانت الطريق المتبعة أمامهم واضحة.. الله أكبر [ثلاثا]

عباد الله! إن للعيد عند المسلمين معاني جليلة، فهو مظهر من مظاهر الإسلام التي تشفي الصدور وتملأها بالثقة، فتلتقي فيه القلوب والأرواح قبل التقاء الأجساد والأشباح، فتجد المصلين في مُصلاهم قد أخذوا زينتهم في جميع أنحاء البلاد، يكبرون ويهللون، وترى عليهم أثر النعمة من رب العباد، صفوف بها أغنياء وفقراء، رجال ونساء جاءوا من كل وادٍ.

نعم أيها المؤمنون! جاءوا لمصلى العيد بعد أن أخرجوا زكاة الفطر، فكانت طُهرة لهم وطعمة لفقرائهم.

وفي العيد خروج عن رتابة العادة والدخول إلى مجال نشاط النفس واسترواحها بالمباح من أنواع المرح (وأكل وشرب وذكر لله).

وفي العيد يسعد الأبناء وتترسَّخ ُلديهم مبادئ قلَّما يدركون معانيها لولا فرصة العيد: كاجتماع ذوي الأرحام على الصلة، والبر والتقوى، وتبادل الهدايا المسببة للمحبة والتآلف، وكذا اجتماع عامة المسلمين: جيرانًا، وأصدقاء وقد حققوا إشباع رغبة التزاور والتسامح، فترى من باعدت بينهم انشغالاتهم بمطالب العيش والحياة، وهم يتبادلون التهاني والمصافحة مستحضرين قول نبيهم -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَر".

ويدعو بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنكم"، وفي العيد فرصة ليتناسى الناس ما يباعد بينهم، فتنشرح الصدور بعد انقباض، وتبتسم الوجوه بعد الوُجوم ...

ويا ليت دول المسلمين استفادت من دروس العيد، فتناست نزاعاتها، ووحدت كلمتها، وقللت بين شعوبها من قيود الحواجز بالحدود؛ امتثالاً لأمر الواحد المعبود: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 102- 103]، ويحققوا الخيرية التي وصف الله بها أمة التآخي والتآزر والتعاون على البر والتقوى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].. الله أكبر [ثلاثًا].

إن العيد فيه تجديد، تجديد للروابط الاجتماعية على أقوى ما تكون من المحبة والوفاء والصفاء، وفي العيد تجديد للمشاعر التي تضفي على النفوس الأنس والبهجة، وعلى الأجساد القوة والراحة، وفي العيد تجديد للتعايش والتسامح بعد أن تحقق للأرواح ما به تتآلف، فترى أفراد المسلمين كأعضاء للجسد الواحد في التراحم والتعاطف، إذا اشتكى منهم عضو تداعى له الباقون بالسهر والحمى ....وهذا كله بفضل الله تعالى ورحمته (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].

فتزاوروا -أيها المسلمون-، وصلوا أرحامكم، وعودوا مرضاكم فإنهم في ضيافة الله -تعالى- ينتظرون ...جاء في الحديث القدسي: "يَا ابْنَ آدَمَ ! اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ اسْتَطْعَمْتَنِي وَلَمْ أُطْعِمْكَ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ كُنْتَ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ، فَلَوْ كُنْتَ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، أَوْ وَجَدْتَنِي عِنْدَهُ".. الله أكبر [ثلاثًا].

عباد الله، إن العيد يوم جمال وجلال وتواصل واتصال وأكل وشرب وذكر لله على كل حال، وينبغي أن تسود فيه مظاهر الفرح وإن كانت بعض المآسي والأحزان مما يضيق به الصدر في بعض البلدان، فلا ننسى الدعاء للشهداء من أمة الإسلام بالرحمة والغفران، وللمرضى بشفاء الأرواح والأبدان..

ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا العيد بداية أمن واستقرار وأمان .... فاهنئوا -أيها المسلمون- بيوم فطركم، وأطيعوا الله ربكم، واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأدخلوا السرور إلى بيوتكم تفوزوا في العيد بمرادكم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..

الخطبة الثانية:

الله أكبر [سبعًا] ... الحمد لله الذي هدانا لأفضل الملل والأديان، وأمرنا بطيب الأقوال وصالح الأعمال في كل زمان وكل مكان، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

عباد الله، ليس العيد يومًا يبتدئ بطلوع الشمس، وينتهي بغروبها. وإنما هو يوم يبدأ بالطاعة لله بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة، ثم الإقبال على الذكر والصلاة بمظاهر الزينة وثياب المسرات، وإظهار ما يوجب محبة الله -عز وجل- الذي يقول: "وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين في، والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ"، ولا يُحرم من فرحة العيد وفضل الله فيه إلا شقي، فمن أعرض عن ذكر ربه وتولى، واتخذ القرآن مهجورًا وبالمعاصي تسلى، وبالسهرات الفارغة تملَّى، فقد جعل بذلك حاجزًا بينه وبين عفو المولى ... إلا من ندم على ما فات وتخلى، وعاد إلى رشده وبالفضائل وتحلى، فإن عفو الله الكريم سيتجلى ...( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].. الله أكبر [ثلاثًا].

عباد الله! إن أكبر مشكل يعترض سبيل المسلمين: ذنوبهم، ومعاصيهم! وما من فساد اجتماعي أو صحي أو بيئي أو أسري ... أو ضنك في العيش إلا ومن ورائه معصية لله ظاهرة أو باطنة ... والمعصية يشترك فيها الذكور والإناث، فتصيبهم بالعمه في هذه الحياة (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[الحج: 46].

وعلى الشباب بالخصوص أن يعتبر، وأن يبحث عن سبل الهداية بالطاعة لله ورسوله والبر بالوالدين، واجتناب كل مظاهر الغلو والإفراط أو التفريط، والوقوف موقف الشبهات، ومرافقة أهل الضلال من رفقاء السوء.. حتى ينعم في هذه الحياة الفانية بطيب ما فيها، ويستظل في الآخرة بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ...

وعلى نساء المسلمين، بنات وأمهات، زوجات وأخوات عجائز وشابات أن يتقين الله في أنفسهن، ويحفظن حدوده، ولا تغريهن وتلهيهن زخارف زائفة، فالعمر قصير والسفر طويل والزاد قليل، وليلتزمن الطاعة لربهن بالستر والعفاف، وأحسن لباسهن الأدب والحياء، ولا إيمان لمن لا حياء له. وليبتعدن عن مواطن الشبهات، ولتهنأ كل واحدة منهن بتبشير الرسول -صلى الله عليه سلم- بقوله: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت".

ولتحرص الأم وهي المدرسة الأولى، على حسن تربية أبنائها تحفظ لهم بها دينهم ودنياهم، وإن من أفضل الأعمال التي لا تنقطع بعد الرحيل "ولد صالح يدعو لوالديه"...

الدعاء والتهنئة بالعيد السعيد..