الآخر
(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | إسماعيل القاسم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
رَحَل عنَّا بعد أن عشنا أجمل أيامِ عامِنا، طاعةً وعبادةً، وقربةً وإيمانًا، في نهاره صيامٌ، وفي ليلِه قيامٌ، رقَّت فيه القلوبُ للطاعات، وانصرفت النفوس عن الوقوع في الآثام، وعطفت النفوسُ فيه على المساكين، وبُذِلت الأموالُ للمحتاجين، فيا لله ما أجملها من أيام، ويا لله ما أنفسَها من ليالي.
الخطبة الأولى:
الله أكبر (9 مرات)
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
الحمد لله الذي جعل لنا في أيامنا عيدًا، ووهب لنا فيه أجرًا مزيدًا، مَنَّ به علينا بإكمال شهر رمضان.
ووفقنا فيه بالصيام والقيام، والصدقةِ، والإحسانِ، وتلاوةِ القرآن، وسائرِ الأقوال والأعمال، فالحمد لله على صيامه وإتمام أيامه، فلك الحمد ربنا أولاً وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا.
ونصلي ونسلم على خير خلق الله، محمدِ بنِ عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
في يوم العيد تختلط الأفراحُ بالأتراح، وفي العيد يفرح من حَفِظ صومَه، وقام بالعبادة لمولاه، ويندم من ضيعه ولم يَقْدُرْه قدْرَه.
رَحَل عنَّا بعد أن عشنا أجمل أيامِ عامِنا، طاعةً وعبادةً، وقربةً وإيمانًا، في نهاره صيامٌ، وفي ليلِه قيامٌ، رقَّت فيه القلوبُ للطاعات، وانصرفت النفوس عن الوقوع في الآثام، وعطفت النفوسُ فيه على المساكين، وبُذِلت الأموالُ للمحتاجين، فيا لله ما أجملها من أيام، ويا لله ما أنفسَها من ليالي.
الله اكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
مَنَّ الله علينا بأعظم مِنَّة لولاها لما أَدينا الواجبات، ولا انتهينا عن المحرمات، عَبَدْنا الخالقَ، وتراحمت الخلائق، هي نعمة الإسلام، فاحفظوا لهذه النعمة قدرَها، فهي أساسُ بقاءِ بقيةِ النعم، قال -سبحانه-: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ)[آل عِمرَان: 164].
شرَّفك الله بهذا الدين العظيم، فابذل له وقتَك وجهدَك ومالَك في سبيل نشر تعاليمِه السمحة، وشريعتِه الغراء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه، لا يَنقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا"(رواه مسلم).
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الإسلام يأمر بإخلاص العبادة، وينهى عن الشرك والبدعة والضلالة، يأمر بالمحافظة على الصلوات في الجماعة، حيث تجتمع القلوبُ والأبدانُ للقاء ربها خمسَ مرات في اليوم والليلة، قال الله -عز وجل-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البَقَرَة: 238].
فمن حافظ عليها فهو محفوظ، ومن ضيعها فهو خاسر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا وبرهانًا ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبي بنِ خلف"(رواه الإمام أحمد).
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
يأمر الإسلام بحسن الخلق مع القريب والبعيد، وخص منهم صاحبيِّ الفضلِ والجميل، فقال -سبحانه-: (وقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسرَاء: 24]، وقد فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- برَّهما على الجهاد في سبيل الله، سأل ابن مسعود -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها، قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله"(متفق عليه).
في العيد تتقارب القلوب على المحبة، وتجتمع على الألفة والمودة، فرصة للتزاور والتهادي، ومجالٌ رَحْب للتلاقي.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وسائرَ الأعمال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر (7 مرات)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
شهرُ رمضانَ تصرمت أيامُه، وطُويت صحائفُه، إلا أن العمر لا يزال فيه بقية، وقد ندبكم نبيُّكم -صلى الله عليه وسلم- لصيام ست من شوال "من صامها مع رمضان، كان كمن صام الدهر كله"(رواه مسلم).
وقد كان عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- دِيمةً -أي دائمًا غيرَ منقطع- إذا عمل عملاً حافظ عليه، وواظب عليه، وقد سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي العمل أحب إلى الله؟ قال أدومه وإن قَل"(رواه مسلم).
بعد شهر رمضان اجعل وِرْدًا تقرأ فيه كلامَ ربك، وركعاتٍ يسيرةً في كلٍّ ليلة، واجعل لسانَك رطبًا من ذكر الله، ويدَك بالخير باذلة.
في خطبة العيد وجَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- موعظةً خاصةً بالنساء، فهن عماد الأسرة، وساعدٌ رئيسٌ في التربية والصلاح، فبصلاحهن صلاحٌ للأسرة وللمجتمع.
أمرهن رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بتقوى الله في أنفسهن وأزواجهن، وأن يحفظن حدودَهن، "فمن صلَّت خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ"(رواه أحمد).
استمسكي بحجابِك، وليكن ساترًا، وربِّي من استرعاكِ الله عليه، فهي وقايةٌ، وحماية، وعبادة.
أيام العيد أيامُ فرحٍ مباح، وسعادةٌ مشرقة، وإظهارٌ لشكر المُنعِم -سبحانه- بدون إسراف، ولا تبذير، ولا تباهٍ.
ابتهجوا بعيدكم، وأدخلوا السرور على والدَيكم، وصِلُوا أرحامَكم، وأَفْشُوا السلام، وأطعموا الطعام، تنالوا رضا الرحمن.
ومن هديه -عليه الصلاة والسلام- إذا كان يومُ العيد خالفَ الطريق بين الذهاب والإياب.
أعاد الله علينا وعليكم من بركات هذا العيد السعيد، وحشرنا وإياكم في زمرة أهل الفضل والمزيد، تقبل الله منا ومنكم الصالحات.
صلوا وسلموا على رسول البرية.